الرئيس الأميركي يتجاوب مع الضغوط بشأن العراق ويقرر استخدام طروحات وزير خارجيته الدبلوماسية لتحقيق أهداف نائبه العسكرية

TT

ظلت إدارة الرئيس الاميركي جورج بوش ولعدة أشهر تتصارع مع خيارين لكليهما عيوبه: المضي قدما في اطاحة صدام حسين بالقوة، أو الضغط على الأمم المتحدة لفرض نظام عقوبات صارم لإزالة أسلحة الدمار الشامل في العراق. لكن الرئيس بوش قرر في الأسبوع الماضي تبني الخيارين معا.

وجاء الاتجاه الأميركي الجديد كرد فعل على الضغوط المحلية والدولية إضافة إلى سعي بوش لإنهاء الخلافات داخل الإدارة الأميركية. فهو يمزج بين الطروحات التي يتبناها وزير الخارجية كولن باول وراء الكواليس مع الأهداف الاستراتيجية التي حددها نائب الرئيس ديك تشيني ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد.

ويمكن اعتبار قرار بوش التوقف عند محطة الأمم المتحدة قبل التوجه الى بغداد تنازلا من رئيس كان غالبا يفضل السفر مباشرة. وما تغير في الأسبوع الماضي هو عدد محطات رحلاته قبل الوصول إلى بغداد. ويبدو أن الرئيس الأميركي الذي سيلقي الخميس المقبل كلمة في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، لم يغير قناعته في أن أفضل طريقة لتنفيذ نزع السلاح عن العراق هو إطاحة صدام الذي أمضى معظم فترة حكمه البالغة 23 سنة، في بناء أسلحة الدمار الشامل وفي استعمالها احيانا. وسيضغط بوش هذا الأسبوع لفرض نظام تفتيش دولي صارم على العراق. لكن إذا لم يتم التوصل إلى إزالة الأسلحة بسرعة فان قرع طبول الحرب سيبدأ مرة أخرى.

ولدعم موقفها أعدت الإدارة الأميركية ملفا عن خروقات الحكم العراقي لقرارات الأمم المتحدة، وهذا يشمل تجاوزات في ميدان حقوق الإنسان ضد شعبه وضد البلدان الجارة للعراق، وبعض من هذه العمليات يمكن أن يعاقب عليها كجرائم حرب. من كل ذلك يتضح ان نزع السلاح غير كاف في نظر ادارة بوش.

ويأمل الصقور داخل الإدارة الأميركية الذين ظلوا يحاججون ضد السعي للحصول على موافقة جديدة من مجلس الأمن الدولي لاتخاذ إجراء ضد العراق، في أن تكون انعطافة بوش نحو الأمم المتحدة قصيرة الأمد، لكن بعض المسؤولين في الإدارة الأميركية يصرون على أن المبادرة الدبلوماسية الجديدة ليست شكلية بل هي ذات مضمون حقيقي.

وقال مسؤول حكومي كبير: «إنه ليس عرضا مسرحيا فقط، إنه إدراك من الرئيس لضرورة التوجه إلى الأمم المتحدة إذا كنت تريد أن تبذل جهدا ما. إذ عليك أن تجمع الحلفاء والأصدقاء ذوي التفكير المشترك معك وأن تقنعهم بصحة أفكارك. هذه المبادرة ليست ورقة توت بل هي أكثر من انحناءة احترام للرأي العام العالمي».

ومن المؤشرات البارزة على جدية الإدارة الأميركية، تخطيطها لإرسال وفود أميركية من مسؤولين استخباراتيين ودبلوماسيين وعسكريين إلى 40 بلدا خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وتكون هذه الوفود مزودة بمعلومات استخبارية كثيرة لنقل مخاوف الإدارة الأميركية من برامج التسليح العراقية، حسب ما قاله بعض المسؤولين الأميركيين.

من جانبها قدمت وزارة الخارجية الأميركية عدة سيناريوهات السبت الماضي، بينها إمكانية انصياع الرئيس العراقي لقرارات الأمم المتحدة والسماح لمفتشي الأسلحة بالعودة إلى العراق لنزع السلاح فيه.

والسيناريو الذي يتوقع المسؤولون الأميركيون حدوثه، هو رفض العراق المباشر لعودة المفتشين. والاحتمال الآخر القبول بعودة المفتشين ووضع عراقيل أمام عملهم، وهذا سيمنح الولايات المتحدة وضعا أفضل كي تطلب الدعم الدولي لشن الحرب ضد العراق.

من جانب آخر، قد يجد صقور الإدارة الأميركية الذين حذروا سابقا من الرجوع إلى الأمم المتحدة، صعوبة في التكيف مع الاتجاه الجديد والتراجع عن أسلوب التهديد بالحرب. وفي هذا الصدد قال ويليام كريستول، محرر المجلة الأسبوعية المحافظة «ويكلي ستاندارد»: «ما زلت اعتقد أن بوش سيتبنى الحل العسكري. في يده الآن كل الوسائل التي تمكنه من الحصول على أكبر دعم ممكن. إنه يستخدم طرق باول للوصول إلى أهداف تشيني».

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»