باول يدافع عن خيار الضربة الوقائية في التعامل مع العراق

قال إنه لا يشعر بالعزلة داخل إدارة بوش وأكد تلقيه «كل الدعم» من الرئيس

TT

دافع وزير الخارجية الاميركي كولن باول عن سياسة الرئيس جورج بوش بتوجيه ضربة وقائية للدول التي تهدد الولايات المتحدة.

وفي الوقت الذي بدأت ادارة بوش مشاورات لاقناع زعماء دول العالم بضرورة اطاحة الرئيس العراقي صدام حسين، اصر باول على ان البعض بات يعتبر، وبشكل غير منصف، ان الولايات المتحدة تتبنى سياسة انفرادية ومعارضة للمعاهدات الدولية.

واعرب باول، الذي كان يتحدث لصحافيين رافقوه على متن طائرته الخاصة خلال عودته من افريقيا، عن عدم موافقته على الطرح الذي يقول ان تبني الرئيس بوش فكرة توجيه ضربة وقائية ضد دول تشكل تهديدات يعد تخلياً عن السياسة التقليدية. وقال ان «اسلوب الضربة الوقائية ظل دائما متاحا كأداة للسياسة الخارجية او للنهج العسكري»، موضحا انه، ومع ذلك، فان سياسة الضربة الوقائية احتلت منذ 11 سبتمبر (ايلول) الماضي «مرتبة اعلى الى حد ما ضمن الخيارات المتاحة» نتيجة لخطورة تهديدات من تصفهم الولايات المتحدة بالإرهابيين. واضاف باول «انه خيار متاح لاي رئيس او قائد، ولا بد من اللجوء اليه بحذر وحكمة شديدين وبادراك جلي للالتزامات التى نتحملها كدولة مسؤولة في المجتمع الدولي».

وبدت على باول علامات الثقة وهو يستعد لجولة جديدة من العمل الدبلوماسي بهدف اطاحة صدام حسين. وقال انه لا يشعر بالعزلة في اوساط الادارة الاميركية وانه لم يكن موضع انتقاد الصقور في الحكومة الاميركية لحثه الرئيس بوش على حشد التأييد الدولي للحملة ضد الارهاب. واضاف «ألقى ما احتاجه من التاأيد من زملائي في الحكومة، وبالتأكيد فانني ألقى كل التاييد الذي احتاجه من الرئيس بوش».

وكان باول قد اختلف مع وزارء ومستشارين في الادارة الاميركية بشأن عدد من القضايا، الى حد معلن في كثير من الاحيان، الامر الذي جعل هذه القضايا موضع الخلاف جزءا من الجدل الدائر بشأن قضية العراق. وقد اعترف باول بوجود هذه الخلافات، إلا انه في الايام الاخيرة سعى لتخفيف حدتها قائلا «ان بعضها حقيقية والبعض الآخر يمكن استنتاجه لكن البعض مبالغ فيه».

وقلل باول من اهمية التقارير التي تحدثت في الآونة الاخيرة عن وجود خلاف بينه وبين كبار مستشاري الرئيس بوش للشؤون الخارجية، وخاصة نائب الرئيس ديك تشيني ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد. وقال انهم لا يفضلون دائما القيام بعمل فردي، كما انه شخصيا لا يعارضه دائما.

واوضح باول أنه يسعى من اجل اقناع الرأي العام الاميركي والمجتمع الدولي بان الحملة ضد الارهاب يجب ان تستمر. وقال ان الادارة الاميركية تجادل بانها تخوض «نوعا مختلفا من الحرب» ضد عدو، لا يمكن ان ينتهي بـ «غارة تنفذها طائرات توماهوك او بمعركة واحدة».

ووصف باول الذي سبق له ان شغل منصب مستشار الامن القومي في ادارة الرئيس الاسبق رونالد ريغان ثم منصب رئيس هيئة الاركان في عهد الرئيس الاسبق جورج بوش الاب، تجاربه في العمل الحكومي بانه يشبه الفصول الختامية لحدثين عظيمي الاهمية، وهما نهاية الحرب الباردة وبداية الحملة ضد الارهاب. واوضح «ان احداث 11 سبتمبر الماضي غيرت طبيعة الدبلوماسية الاميركية، بأن برهنت على الحاجة للتخلي عن نزاع القوى العظمى على الطريقة القديمة، عندما كانت الاشياء تقاس وفقا لرؤية لوحة الشطرنج التي تضمنت في احد جانبيها اللون الاحمر ممثلا للشيوعية وفي الجانب الآخر اللون الازرق ممثلا للديمقراطية الغربية». واضاف ان هجمات سبتمبر قضت على افتراضات الحرب الباردة المتعلقة بعلاقات اميركا مع الصين وروسيا، وفتحت الباب للتعاون بين القوى النووية المتنافسة لمواجهة الخصم المشترك المتمثل في الارهابيين الذين لا دولة لهم ويسعون للحصول على اسلحتهم البيولوجية والنووية الخاصة بهم.

ويبنما يشعر العديد من السياسيين بان العلاقة التي تربط طرفي المحيط الاطلسي باتت تشهد تدهورا وسط مشاعر الغضب الناتجة عن معارضة ادارة بوش لمحكمة الجرائم الدولية ولغيرها من المعاهدات التي تحظى بشعبية واسعة في اوروبا، اصر الوزير باول على ان مثل هذه التوترات لم تكن جديدة ولا تتهدد تحالف الولايات المتحدة مع اوروبا. وقال باول «لم اشهد على الاطلاق، خلال الخمسة عشر عاما الماضية او حتى قبل ان امر بتجاربي، فترة لم تشهد بعض التوتر بين الولايات المتحدة واوروبا». واضاف «تستطيع ان تنظر الى اوروبا لتجد خلافات بارزة بين دول اوروبا. لكن لا احد يتهم فرنسا بانها انعزالية اذا ما اختلفت مع بقية دول اوروبا بشان قضية محددة».

واصر الوزير باول على ان الانتقادات التي تتعرض لها السياسات الخارجية لادارة بوش غالبا ما تستند الى افتراضات باطلة بشأن عدم ترحيب واشنطن بالعمل في اطار التحالفات.

وخلال زيارته لبعض الدول الافريقية تلقى باول بعض الانتقادات من وزراء خارجية تلك الدول بشأن الفترات القصيرة لزياراته التي استغرقت يومين فقط في ثلاث دول. لكن الوزير باول قال ان المخاوف المتعلقة بالارهاب لم تكن سببا في جعل وزارة الخارجية الاميركية تفقد اهتمامها بقضايا مثل الشرق الأوسط وحقوق الانسان ومرض نقص المناعة (الايدز) والتجارة.

وردا على سؤال حول الانتقاد الذي تتعرض له اميركا باعتبارها «شرطياً للعالم»، قال باول «سجلاتنا وتاريخنا لا تشير الى اننا من النوع الذي يسعى لاثارة المشاكل، ولسنا من النوع الذي يوجه الضربة الوقائية بهدف الاستيلاء على اراضي شخص آخر او اراضي شعب آخر، او لفرض ارادتنا على شخص آخر. تاريخنا وتقاليدنا يشيران الى اننا دائما ندافع عن مصالحنا».

* خدمة «نيو يورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»