موضوع الدفاع عن الحريات الإعلامية يتفاعل في لبنان ودعوة لتظاهرتين واحدة مؤيدة للإعلام والأخرى للقضاء

TT

يعقد اليوم في نقابة الصحافة اللبنانية في بيروت، مؤتمر وطني للدفاع عن الحريات، بمشاركة عدد كبير من القوى السياسية والاحزاب والنقابات والتجمعات النيابية والمهنية، وذلك في اطار التحرك الواسع الذي انطلق استنكاراً لاقدام السلطة القضائية على اقفال محطة تلفزيون «MTV» و«اذاعة جبل لبنان» اللتين يملكهما النائب غبريال المر واللتين تعتبران ناطقتين باسم المعارضة المسيحية.

وتتبع المؤتمر الوطني غداً مظاهرة دعت قوى سياسية عدة للمشاركة فيها، على ان يتجمع المشاركون في ساحة البربير في بيروت للانطلاق نحو ساحة رياض الصلح في الوسط التجاري حيث مقر السراي الحكومي ومكتب الامم المتحدة (اسكوا). وفي المقابل اجتمع امس لقاء الاحزاب والقوى الوطنية والاسلامية وقرر تنظيم مظاهرة دعما للقضاء تتزامن مع المظاهرة التي ستنظمها الجهات المعارضة دعما للحريات الاعلامية غدا، وذلك في المكان والموعد نفسيهما.

وفيما اعربت قوى نيابية وسياسية مختلفة عن رغبتها بالمشاركة في المؤتمر الوطني في نقابة الصحافة اليوم، ولا سيما «اللقاء النيابي التشاوري» (المسيحي) الذي يضم 42 نائباً معظمهم ينتمي للكتل الحليفة للحكم اللبناني، فإن الدعوة للمشاركة في مظاهرة الغد والتي طلب الحزب الشيوعي اللبناني الترخيص لها، وردت من «المنبر الديمقراطي» الذي يرأسه النائب السابق حبيب صادق و«لقاء قرنة شهوان»(المسيحي المعارض) و«حركة التجدد الديمقراطي» التي يرأسها النائب نسيب لحود و«حركة الشعب» التي يرأسها النائب السابق نجاح واكيم، اضافة الى قوى سياسية ونقابية اخرى، وذلك تحت عنوان «شجب سياسة المس بالحريات الاعلامية».

وكان العاملون في تلفزيون «MTV» و«اذاعة جبل لبنان» قد تجمعوا في ساحة البرلمان اللبناني وسط بيروت مساء اول من امس. وعندما حاولت قوى الامن تفريقهم حصل صدام استعملت فيه خراطيم المياه لتفريق المعتصمين الذين وقع بعضهم ارضاً بفعل قوة دفق المياه، كما حصلت مناوشات بين الكثيرين من المحتجين وقوى الامن اسفرت عن اصابة عدد منهم برضوض. وذكرت مصادر ان عدد المصابين بلغ عشرة.

وفي هذا الاطار، اعلن «اتحاد النقابات العمالية للطباعة والاعلام في لبنان» انه تدارس داخلياً الوضع الناشئ عن قرار اقفال محطة «MTV» التلفزيونية ومحطة «اذاعة جبل لبنان» وتنفيذه بالشكل الزجري والمتسرع الذي تم فيه، واتخذ قراراً بالوقوف مع كل المتضررين من هذا القرار، واستنكار التعرض للحريات الاعلامية. وأكد أهمية المراجعة القضائية التي قدمت حسب الاصول لأنه يعتبر «ان القضاء يبقى وحده المرجع الصالح لإصدار الاحكام التي تصب في مصلحة الوطن».

واشار الاتحاد، في بيان له امس، انه «يعتبر ان حريات المواطنين وممتلكاتهم ورزقهم اموراً يجب ان لا تمس وان تبقى مصونة. وفي سبيل ذلك يعلن أنه سيكون مشاركاً مع كل العاملين في مؤسسات القطاع الاعلامي في الصحف ومحطات التلفزيون والاذاعات في كل موقف يتخذ دفاعاً عن الحقوق وعن الحريات، وفي طليعتها الآن حقوق العاملين في محطتي «MTV» و«اذاعة جبل لبنان» باستمرار عملهم وإنتاجهم وفي حق جميع الاعلاميين في التعبير عن آرائهم ومواقفهم بحرية». واستنكرت «حركة الشعب» في بيان اصدرته امس قرار اقفال الـ«MTV» واعتبرته «اعتداء يتكرر مرة اخرى بحق الحريات العامة وخاصة حرية الاعلام». ونبهت الى«ان المؤسسات الاعلامية والاعلاميين يدفعون ثمن الخلافات السياسية وتصفية الحسابات الشخصية».

وطالبت الحركة المجلس الوطني للاعلام بـ«ان يكون المرجع الاول والاخير في ممارسة مهامه وحماية العاملين في المؤسسات الاعلامية وخاصة ان قرار الاقفال جعل مصير العاملين في محطة «MTV» مجهولاً في ظل الازمة الاقتصادية الاجتماعية التي تعيشها البلاد».

وأدانت الحركة «تعرض القوى الامنية للمعتصمين في الوسط التجاري امس (أول من امس) والاسلوب الذي مورس بحقهم». ودعت الى المشاركة في كل التحركات والنشاطات لحماية الحريات العامة وحرية التعبير ولا سيما المظاهرة التي ستنطلق غدا.

الى ذلك، اعتبر الرئيس الاسبق للجمهورية اللبنانية امين الجميل «ان ما يجري اليوم هو التحضير لمعركة كبيرة هي معركة الحريات في لبنان. وهي معركة كل لبنان وليست معركة المسلم ولا معركة المسيحي، ولا هي معركة الشرقية ولا الغربية. انها معركة الحرية».

وحذر الجميل الجميع من «عدم اللعب بالنار لأن النار تحرق الاصابع اولاً. وقد بدأ الكثير من الاصابع بالاحتراق». وقال النائب بطرس حرب، بعد زيارته البطريرك الماروني نصر الله صفير امس، ان البحث تناول موضوع الحريات الاعلامية، واضاف: «ليس هناك من مجال لمناقشة الحكم على الصعيد القانوني على الرغم من عدم قانونيته، فهذه القضية تشكل خطوة اولى لتغيير نظامنا الديمقراطي. وهذا اخطر ما يمكن ان نواجهه في الفترة الراهنة». وقال حرب ان جميع اللبنانيين كانوا قد راهنوا على عملية اطلاق الحوار السياسي برعاية رئيس الجمهورية. ولكنهم «فوجئوا بهذا التدبير الذي حصل والذي جاء وكأنه يعرقل عملية الحوار السياسي». وتمنى حرب على السلطة ان «ترفع يدها عن السلطة القضائية والا تستعمل السلطة القضائية لممارسة سياسة مواجهة المعارضين لسياستها. وهذه ليست المرة الاولى التي نشعر فيها ان القضاء خضع لرغبات سياسية في اصدار احكام تتعلق بالحريات العامة». وأصدر الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يرأسه النائب وليد جنبلاط بياناً امس اكد فيه «موقفه الدائم في الدفاع عن الحريات ورفض التعرض لها او المساس بها وفي مقدمها الحريات الاعلامية التي نعتبر صونها من ركائز الحياة الديمقراطية السليمة». واضاف الحزب: «وفي هذا الاطار يندرج موقف الحزب من مسألة اقفال محطة «MTV» والتي يجب ان تتم متابعتها بسلوك السبل القانونية عبر القضاء اللبناني وعبر العودة الى احترام المؤسسات والاصول الدستورية لايجاد الحل الذي بقدر ما يكفل حرية الاعلام والتعبير بعيداً عن اي ضغوط، يضمن الالتزام بسقف القانون وموجباته ومصلحة الوطن العليا. ولا يعطي الذريعة لبعض القوى المتطرفة لاثارة تشنجات وارباكات في الداخل اللبناني».

وأدان الحزب في بيانه «عمليات القمع» التي تعرض لها المتظاهرون امام مقر مجلس النواب مساء اول من امس والتي تعتبر انتهاكاً للحريات ولحق المواطنين في التعبير عن آرائهم وفي الوقت استنكر بعض الشعارات والهتافات التي صدرت عن بعض انصار القوى السياسية المشاركة سواء في هذه المظاهرة او في الاعتصام الذي سبقها امام محطة «MTV» والتي تضمنت مواقف عنصرية وتحريضية ضد الشعب الفلسطيني ومخيماته في لبنان اضافة الى الهتافات والنداءات المعادية لسورية. من جهته، رأى النائب بيار الجميل ان «هناك مخططاً لعزل الشعب المناضل وبالتحديد المسيحي في لبنان، وضمان مخطط لوضعنا بين خيارين، إما الانتحار او الركوع. ونحن اخترنا الخط الثالث وهو النضال مرفوعي الرأس».

وقال النائب اللبناني السابق طلال المرعبي: «نحن مع الحريات في المطلق. وطالما اننا نعيش في نظام ديمقراطي برلماني ويكرس الدستور حرية القول والمعتقد والفكر والعمل في اطار الانظمة والقوانين المرعية الاجراء، فلا بد من المحافظة على هذه الحريات».