11 سبتمبر عام على الزلزال

مشاهير عرب وأجانب يتحدثون عن مشاعرهم حين علموا بهجمات سبتمبر

TT

من منا ينسى أين كان وبماذا شعر وكيف عرف بتفجيرات واشنطن ونيويورك في 11 سبتمبر (أيلول) الماضي؟

المشاهير، بشكل خاص، لا ينسون كيف علم الواحد منهم بخبر انطلق قبيل التاسعة بقليل من صباح نيويورك الباكر وطوى الكرة الأرضية بثوان معدودات عبر الاذاعات والشاشات الصغيرة وهي تستعرض سلسلة الهجمات بطائرات انتحارية مكتظة بالركاب والوقود ارتطمت بأهدافها في نيويورك وواشنطن، وتركت مع الرماد ما تغيّر به العالم، لذلك سألتهم «الشرق الأوسط» عن تلك اللحظة، وعن مشاعرهم فيها، وكيف علموا بالخبر.

والى جانب اتصالها المباشر بالمشاهير، وجميعهم تحدثوا بالهاتف، فقد اطلعت «الشرق الأوسط» أيضا على أرشيف حكومي أميركي خاص عن التفجيرات، ضم معظم تفاصيلها منذ عام الى الآن، وضم أيضا مقتطفات مختصرة عن تصريحات أدلى بها مشاهير آخرون، عرب وأجانب، عن المكان الذي كانوا فيه حين حدث ما حدث، وكيف علموا بالخبر، ومنهم كوندوليزا رايس، مستشارة الرئيس الأميركي، لشؤون الامن القومي، وكذلك العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والامين العام للأمم المتحدة كوفي أنان، والأمين العام لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، وغيرهم الكثير، ممن يدفع الفضول الانساني لمعرفة ما انتابهم من مشاعر وهم يتابعون ما جرى، كمستشارة الرئيس الأميركي، التي كانت أول من سمع بالنبأ من المسؤولين الأميركيين الكبار، أي بعد دقيقتين من ارتطام أول طائرة بمركز التجارة العالمي في نيويورك.

* اعتقدناها طائرة صغيرة بمحركين

* تذكر كوندوليزا رايس مثلا أنها كانت ذلك الصباح في مكتبها «وعند الساعة 47،8 أخبرني مساعد لي أن طائرة ارتطمت بمبنى في مركز التجارة العالمي بنيويورك، ولا أدري كيف انتابني شعور غريب من الخبر بسرعة، لذلك اتصلت بالرئيس مباشرة، وكان في ذلك اليوم بفلوريدا، وأخبرته بما حدث، فقال: «هذا غريب، غريب فعلا» لكني أعلمته بأني سأتصل ثانية اذا ما طرأ جديد. ثم انهالت عليّ تقارير متسارعة، أشار معظمها الى أن الطائرة صغيرة، وذات محركين، فظننت الكارثة حادثا من الارتطامات الغريبة» كما قالت.

تمضي رايس في روايتها وتذكر أنها نزلت من مكتبها لعقد اجتماع روتيني صباحي بالبيت الأبيض، كالعادة كل يوم «وهناك فوجئت بمساعد آخر يسلمني ورقة عادية، وكان يبدو مشغول البال مضطربا، وقرأت عليها جملة صغيرة عن أن طائرة ثانية ارتطمت بالمبنى الثاني من مركز التجارة الدولي، فشهقت وقلت: «أوه.. يا الهي، هذا عمل ارهابي» ثم أسرعت لعقد اجتماع لمسؤولي الأمن القومي، من دون أن يكون معنا باول (وزير الخارجية كولن باول) لأنه كان ذلك اليوم يزور البيرو» وفق تعبيرها.

وتذكر رايس أنها راحت خلال الاجتماع تتصل بوزير الدفاع الأميركي، دونالد رامسفيلد، لكنها لم تجده. الا أن دقائق مرت، وصل بعدها خبر عن طائرة ثالثة ارتطمت بوزارة الدفاع (البنتاغون) وبعدها بدقائق اتصل بها أحدهم من وكالة المخابرات المركزية (سي.آي.إيه) ليخبرها أنه يبدو أن هناك طائرة رابعة مخطوفة «لذلك طلب مني النزول الى القبو المحصّن، لأن خاطفيها قد يكونون عازمين على تفجيرها في ذلك المبنى بالذات، لذلك اتصلت بالرئيس وأخبرته، فقال إنه قادم الى واشنطن، ووجدت نفسي انتفض على الهاتف، لأحاول منعه، وقلت: «أوه.. يا الهي. لا تأت.. ابق مكانك، لأن واشنطن مستهدفة أيضا» وهكذا بقي هناك.

وقالت رايس إنها لملمت بعض الملفات ومضت معظم ذلك اليوم لتبقى في القبو المحصن أسفل البيت الأبيض، ومعها كان هناك أيضا ديك تشيني، نائب الرئيس الأميركي، وكذلك كان معهما نورمان مينيتا، وزير النقل «وبعد ذلك تسارعت الأحداث وأنا في القبو، حيث ما كنت أقفل الخط الهاتفي مع أحدهم الا وأتسلم اتصالا من آخر، لذلك حفرت المأساة في ذاكرتي ما لن أنساه طوال الحياة، وسيذكره أولادي وأحفادي من بعدي بالتأكيد، ولا أعتقد أن الذاكرة ستخونهم أبدا».

* وزير الدفاع السوري: فعلها الموساد

* ومن بيته في دمشق تحدث وزير الدفاع السوري، العماد مصطفى طلاس، عبر الهاتف الى «الشرق الأوسط» وقال إنه كان نائما في قيلولة بعد الظهر بتوقيت سورية ذلك اليوم «وفجأة هزتني زوجتي أم فراس، وراحت توقظني وتقول: «قوم، قوم شوف شو صار بأميركا» فنهضت طبعا وقمت، وعرفت أنها كانت جالسة تتابع البرامج العادية عبر التلفزيون حين علمت بخبر التفجيرات، ومنها عرفت به أنا أيضا» كما قال.

وروى العماد طلاس أنه تابع القليل على التلفزيون، ثم التفت الى بعض أولاده وأخبرهم أن ما يرونه هو تواطؤ اسرائيلي ـ أميركي «قلت ذلك، وما زلت أقوله الآن أيضا، لأن ما حدث لا يمكن أن يقوم به شخص، خصوصا بن لادن، لأنه يقيم في كهف بأفغانستان، والعملية خطط لها الموساد وغلاة اليمين الأميركي بالتأكيد، وهذا ما كنت أؤكد عليه أمام ضباط الأركان عندنا في كل مرة» كما قال.

وشرح العماد طلاس أن مقر وزارة الدفاع الأميركية «محاط بمدافع رشاشة من طراز «فولتر» متطورة جدا، وتعمل بايعاز من رادارات الكترونية، بحيث تنشط تلقائيا ضد أي هدف يقترب من المقر عبر الجو مسافة 3 كيلومترات، ورأينا أن هذه المدافع لم تقذف طلقة واحدة نحو الطائرة الثالثة التي قالوا إنها ارتطمت بالمقر».

وقال العماد طلاس «إن الطائرة المدنية المصرية التي قيل إنها سقطت في 31 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2000، واتهموا قائدها بالتعمد في اسقاطها قرب نيويورك «هي أيضا أسقطت من قبل الموساد الاسرائيلي، صاحب المصلحة الوحيدة بذلك، فعليها كان 31 عسكريا، بالاضافة الى عالم نووي مصري.. أسقطوها بالتحكم الأرضي، وبالتعاون مع الأميركيين أنفسهم، ممن لم يزودوا المصريين للآن بالتفاصيل الكاملة»، وفق تعبيره.

وذكر وزير الدفاع السوري أن الولايات المتحدة «توصلت في 1990 الى تطوير جهاز تحكم أرضي بالطائرات، مدنية وعسكرية، تستطيع بواسطته تعطيل عمل الطيار الآلي في الطائرة، ومنع الطيار في قمرة القيادة من التحكم بأي جهاز فيها، بطريقة يمكن معها من الأرض تحويل مسارها نحو أي هدف تريده، وهذا ما فعلوه في نيويورك وواشنطن.. إنها تركيبة من الموساد الاسرائيلي وغلاة اليمين الأميركي لالصاق التهمة بالعرب والمسلمين.. قلت هذا أيضا لكل من زارنا هنا في سورية، وفي مقدمتهم وفود عسكرية من أميركا وفرنسا وباكستان، ممن يزورون بعض الدول من حين لآخر ضمن برنامج خاص بهم، والوفد الأميركي بالذات وافقني على الشروحات حين قلت لبعض أعضائه أنني أضع أمامهم مليار دولار لتمويل عملية شبيهة، وليختاروا دولة غير الولايات المتحدة للقيام بها، كالصومال اذا أرادوا، فوافقوني على أن خطف 4 طائرات واستخدامها كقذائف هو من من أصعب ما يكون»، كما قال.

وذكر أنه تأمل جدا بالطائرة الثانية التي ارتطمت بمركز التجارة «رأيتها تنحرف نحو هدفها بشكل مثير، لا يستطيعه أكبر طيار مدني أو عسكري محترف.. أنا كنت طيارا ببداية حياتي العسكرية، وزميلا مع الرئيس الراحل حافظ الأسد، قبل أن يستمر هو في سلاح الجو وأنتقل أنا الى الدبابات، وأؤكد أن أحدا من الطيارين لا يمكنه القيام بذلك الانحراف من مسافة قصيرة، ولو بطائرة عسكرية، فكيف بمدنية وطراز جامبو ضخمة»؟

وأنهى طلاس يقول: «الجواب على ذلك، هو ما يتربصون به الآن ضد العرب.. أنظر مثلا كيف تقتل اسرائيل عشرات الفلسطينيين كل يوم، من دون أن يهتز الاعلام الأميركي، ومن دون أي احتجاج غربي.. ذلك كان شعوري وأنا أتابع التفجيرات، وهو شعوري الآن أيضا».

* كوفي أنان: ظننتها غلطة من الطيار

* كوفي أنان، الأمين العام للأمم المتحدة، كان في بيته بنيويورك، ويستعد للذهاب الى مكتبه في المنظمة الدولية بعد أن تناول طعام الافطار مع زوجته «حين جاءني اتصال من جهاز الأمن بالأمم المتحدة، ليطلب مني أحدهم عبر الهاتف بأن أبقى في منزلي ولا أغادره حتى اشعار آخر. طبعا أردت معرفة السبب، فأخبرني بارتطام طائرة بمركز التجارة العالمي، وأن الجميع يعملون على معرفة السبب. أما أنا فظننتها غلطة طيار، وفتحت جهاز التلفزيون لأتابع الأخبار على شاشة «سي.إن.إن» وعبرها رأيت الطائرة الثانية بعد دقائق وهي تنحرف وترتطم بالمبنى الآخر، فأدركت ما أدركه غيري بسرعة، من أن ما حدث لم يكن سوى عملية ارهابية، لذلك بقيت مع زوجتي في البيت، وفي داخلي اختلجت مشاعر كثيرة ومتناقضة، ولا أعرف كيف أختصرها لأصفها تماما».

* الملك عبد الله: كنت نائما في الطائرة

* كذلك أدلى العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، بروايته عن التفجيرات، وقال إنه كان قد طار من لندن بعد ظهر ذلك اليوم بالتوقيت البريطاني، عائدا الى الأردن «وكنا قريبين على ما أعتقد من أجواء نوفا سكوتيا، عندما جاء أخي وأيقظني»، وقال: «أنظر.. هناك مشاكل في أميركا. يبدو أنه انفجار، أو لعلها طائرة ارتطمت بمبنى في نيويورك فاتصلت بالسفير الأميركي بعمان لأعلم منه المزيد، لكني وجدته لا يعرف أكثر مما أعرف».

ويقول العاهل الأردني إن عقيلته، الملكة رانيا، اتصلت به من عمان وهو في الأجواء البريطانية لتقول له: «إرجع، ألم تعرف»؟ فأجابها: «عرفت، عرفت. لكنه مجرد حادث». لكنها تابعت وقالت: «لا. يبدو أنك لم تعرف بعد تماما، فهناك طائرة ارتطمت بالمبنى، وهي كارثة مروعة، وأنت بالهاتف لن تستطيع الالمام تماما بما حدث». عندها مضى العاهل الأردني الى قمرة القيادة في طائرته الخاصة، وهناك استمع عبر الاذاعة البريطانية الى ما كان يستمع اليه مئات الملايين في العالم «لذلك عدنا الى قاعدة برايز نورتون، ومنها بعد ساعات حلقنا عائدين الى الأردن»، كما قال.

* وليد جنبلاط: شعرت بشماتة بأميركا

* وبالهاتف من بيروت روى الزعيم السياسي والنائب اللبناني، وليد جنبلاط، وهو رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي أيضا، أنه كان في بيته بالعاصمة اللبنانية تلك اللحظة منتظرا أن يزوره المنسق الخاص للأمم المتحدة، تيري رود لارسن، وكان يزور بيروت وقتها كمفوض شخصي من كوفي انان، الأمين العام للأمم المتحدة، وبرفقته استيفان دوميستورا، ممثل مفوضية الأمم المتحدة «وفي لحظة من اللحظات أخبرني أحد العاملين بالبيت أن شيئا ما حدث في نيويورك، فرحت لأتابع الأمور على التلفزيون» وفق ما قاله الوزير اللبناني السابق، المعتاد على التجول في حديقة بيته ببيروت بعد الظهر تقريبا.

وحدّث جنبلاط «الشرق الأوسط» عن مشاعره حين رأى المبنى الأول من مركز التجارة الدولي مشتعلا بالنار من أثر الارتطام «وفي اللحظة التي بدأت أرى فيها طائرة ثانية ترتطم بالمبنى الآخر وصل لارسن ودوميستورا قادمين من زيارتهما للرئيس إميل لحود، وكانت أولى كلماتي لهما بعد الترحيب البديهي هو اخبارهما بما لم يكونا عارفين به، باعتبار أنهما كانا في طريقهما بالسيارة لزيارتي، فجلسنا معا نتابع الحدث، ثم علمنا بالطائرة الثالثة التي هاجمت البنتاغون، ومن بعدها رأينا انهيار المبنيين بنيويورك، فشعرت بشماتة سياسية بالولايات المتحدة، لا من تفجير مركز التجارة الدولي، بل لأنها دولة عظمى وتلقت ضربة في عقر الدار العسكري، أي مقر وزارة الدفاع فيها»، وفق قوله.

وقال جنبلاط: «أتذكر الآن شعورا آخر خالجني وأنا أتابع ما جرى، ومعه تمنيت أن لا يكون هناك عربي أو مسلم وراء ذلك كله، لأني كنت أعرف مسبقا ما سيحدث للعرب والمسلمين، خصوصا الفلسطينيين منهم. وأنا حقيقة لم أكن أفكر ما اذا كان بن لادن أو سواه وراء ما حدث، اذ ما زالت هناك علامات استفهام كثيرة الى الآن حول مسؤوليته تماما، والغموض حول دور الرجل ما زال يحيط به الى الآن أيضا، ومن منا يمكنه أن ينسى أنه اختراع أميركي، وتم استخدامه بنجاح لطرد السوفيات من أفغانستان»، كما قال.

وذكر جنبلاط، الذي لم يتحدث كثيرا الى لارسن ودوميستورا خلال المتابعة على التلفزيون «أنهما كانا على شيء من الذهول والاحباط، ربما من صدمة الخبر». لكنه قال: «أريد أن أبوح بشيء أيضا، وهذا للتاريخ، فقد عادت ذاكرتي بي وأنا جالس أتابع التفجيرات، الى سنة مضت، حين كنت في يوليو (تموز) من عام 2000 بموسكو، وقابلت يفجيني بريماكوف، أحد كبار المختصين بقضايا الشرق الأوسط ورئيس الوزراء السابق والمسؤول طوال 5 سنوات عن أجهزة الاستخبارات الخارجية بجهاز «كي.جي.بي» في مرحلة معينة سابقا، وأخبرني عن شارون بأنه قادم للحكم وسيحتل الضفة الغربية، وحين زار شارون المسجد الأقصى بعدها بشهرين، أي يوم 27 سبتمبر (أيلول) من عام 2000، وما تبع ذلك من انتفاضة فلسطينية رائعة بدأت في اليوم التالي تماما، تذكرت بريماكوف، وها هو شارون اعاد احتلال الضفة، لذلك جال كلام بريماكوف ثانية في ذاكرتي وأنا أتابع التفجيرات، فقلقت وما زلت قلقا على العرب والمسلمين الى الآن».

وقال إن لحظة من الأرق انتابته لدقائق في الليل قبل أن ينام «وفكرت بما حدث، خصوصا أنني أتأخر عادة لأخلد الى النوم بسبب المطالعة الليلية ومتابعة الأحداث عبر التلفزيونات.. شعرت ببعض الأرق لأني تذكرت أحدهم وهو يرمي بنفسه من المبنى بنيويورك قبل أن ينهار، لكني من بعدها نمت بشكل عادي» كما قال.

* بيريس: لم أصدق

* وذكر وزير الخارجية الاسرائيلي، شيمعون بيريس، وفق ما ورد في الأرشيف الأميركي الخاص بالتفجيرات، إنه لم يصدق ما سمعه من الراديو أولا، وما أسرع ليشاهده من بعدها عبر الشاشة الصغيرة «فقد كانت الصور الأكثر صعوبة على الادراك في حياتي.. كدت لا أصدق ما أرى، وعندما صدقت شعرت بالفطرة أنني أميركي، وأنني مرتبط بشكل ما بما يحدث، ومرتبط أكثر بأولئك الذين سقطوا ضحايا» كما قال.

* غازي القصيبي: تمنيتهم أن يكونوا من الصرب

* أما السفير السعودي في لندن، الدكتور غازي القصيبي، فأحب أن يكتب عن تلك اللحظة بقلمه، لذلك ارسل الى «الشرق الأوسط» عبر الفاكس عن مشاعره وأين كان وكيف علم بالخبر، فكتب يقول: «في يوم 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001 كنا، زوجتي وأنا، قادمين بالطائرة من البحرين، حيث كنا نقضي شطرا من الاجازة السنوية، الى لندن. وأثناء حدوث التفجيرات كنا في الجو، ولم نسمع شيئا عن ما حدث.. لم نكن نشاهد أي محطة اخبارية، ولم يعلن قائد الطائرة شيئا».

وكتب متابعا: «بمجرد وصولنا لاحظت حركة عادية، ومضيفات بقرب الطائرة يرددن اعتذارات عن استحالة السفر الى الولايات المتحدة، ولم أعرف بما حدث الا عند وصولي الى سيارتي، وكانت الساعة السادسة بتوقيت لندن».

يمضي القصيبي بروايته فيقول: «أول فكرة خطرت ببالي، اللهم لا تجعلهم عربا أو مسلمين.. قلت لزوجتي: «أتمنى أن يكونوا من الصرب، فلدى الصرب ظلامة ورغبة في الانتقام من أميركا». وظللت أكرر الدعاء. وقبيل الوصول الى المنزل فاجأتني فكرة عنيفة، هي أن العمل من تخطيط بن لادن، لأني كنت أعرف «هوس» أسرة بن لادن بالطيران، فأبوه المعلم محمد بن لادن، رحمه الله، مات في طائرة، قيل إنه كان يقودها بنفسه. والابن الأكبر سالم، رحمه الله، مات بدوره في حادث طيارة، فخفت أن تكون فكرة استخدام الطائرات سلاحا متفجرا من ذهن بن لادن، وللأسف الشديد صح ما كنت خائفا منه».

* نبيل شعث: لولاها لزار عرفات دمشق

* أما الدكتور نبيل شعث، وزير التخطيط والتعاون الدولي في السلطة الفلسطينية، فقال إنه كان في دمشق ذلك اليوم «في زيارة هي الأولى رسميا. وكان الرئيس عرفات يستعد لزيارة العاصمة السورية في اليوم التالي، متخذا بذلك أهم خطوة انفتاح بيننا وبين السوريين منذ 19 سنة على حد تعبيره».

وذكر أنه كان يراجع مع بعض المسؤولين السوريين (كان رئيس الوزراء اللبناني، رفيق الحريري، في دمشق أيضا تلك الساعة، ومجتمعا الى مسؤول سوري كبير حين علم بالخبر) يراجع معهم برنامج ومخطط الزيارة «عندما علمت بالحادث فجأة من احدى المحطات التلفزيونية، ومعها علمت أن العالم لن يعود كما كان، فالرئيس عرفات مثلا ألغى زيارته، لأنه لم يكن باستطاعته المغادرة الى دمشق في اليوم التالي، خصوصا أن اسرائيل ألغت بدورها كل رحلات الطيران وأغلقت أجواءها، وما كان لهم بالطبع أن يسمحوا له بالذهاب الى مصر بالسيارة، أو الى الأردن، ليغادر منه الى دمشق. كما أن الحكومة السورية ألغت كل الرحلات الجوية أيضا»، كما قال.

* عمرو موسى: حزنت وشعرت بامتعاض

* وتحدث الأمين العام للجامعة العربية، عمرو موسى، فقال إنه كان في البيت «وزوجتي جالسة تشاهد «سي.ان.ان» كيفما كان، وفجأة لفتت انتباهي لخبر طارئ بثته المحطة عن ارتطام طائرة بمبنى في نيويورك، فجلسنا نتابع الأمور أولا بأول» وفق تعبيره.

وقال عمرو موسى إنه ظن ما حدث تلك اللحظة نتاج خطأ ارتكبه الطيار «لكني عندما رأيت الطائرة الثانية ترتطم بالمبنى الآخر من مركز التجارة العالمي في نيويورك، التي عشت فيها لسنوات وأعرفها، علمت عندها أن المسألة ليست حادثا بالمرة، ولا هي غلطة طيار، بل عملية شعرت معها بشيء من الامتعاض والحزن. وأنا أذكر الآن أن صحافيا في القاهرة سألني مساء ذلك اليوم عن رأيي، فأدنت العملية، وقلت انني ما زلت أؤمن بأنها لم تكن طريقة مثالية للتعامل مع الأشياء، مهما كانت الأسباب والدوافع».

* سيف الإسلام القذافي: كنت متوجها إلى البحر

* وبالهاتف من طرابلس الغرب تحدث سيف الاسلام القذافي الى «الشرق الأوسط»، وقال إن تفجيرات واشنطن ونيويورك قطعت عليه نزهة مع أصدقاء له من النمسا، التي درس باحدى جامعاتها في السابق.

وروى نجل الزعيم الليبي، إنه كان متوجها بعد ظهر ذلك اليوم مع الأصدقاء النمساويين بسيارات، راغبين في السباحة عند شاطئ بطرابلس الغرب حين اتصل به عامل البدالة وأخبره أن طائرة ارتطمت بمبنى في نيويورك «فاعتقدته حادثا، ومضينا الى حيث كنا مزمعين».

وبعد ربع ساعة اتصل عامل البدالة من جديد، وكان سيف الاسلام وضيوفه قد وصلوا الى الشاطئ تقريبا، وطلب منه أن يبحث عن جهاز تلفزيوني لينظر عبره الى ما لم يصدقه سيف الاسلام في البداية، وهو أن طائرة ثانية ارتطمت بالبرج الآخر من المبنى «عندها شعرت بأن شيئا لا يسير على ما يرام في أميركا، فطلبت من العامل أن يوافيني بكل جديد. لكني ما ان أنهيت كلامي معه، الا وأخبرني أن طائرة ثالثة ارتطمت بالبنتاغون، فبدأت شكوكي تتحول في نفسي الى تأكيدات بأن هناك عملا ارهابيا ما، خصوصا مع ورود خبر عن طائرة رابعة مخطوفة، وتحوم بحثا عن هدف كما يبدو».

وقال سيف الاسلام، الذي يرأس مؤسسة القذافي العالمية للجمعيات الخيرية، إن شعوره تركز أولا حول من قام بالتفجيرات «لكني شعرت بأنهم من مجموعات متطرفة من الاسلاميين، فهم الراغب الوحيد بهكذا عملية، وهي تمت على طريقتهم، أي انتحارية تماما».

وذكر أن والده، العقيد معمر القذافي، كان تلك اللحظات في منطقة «غريان» الجبلية، البعيدة 70 كيلومترا عن طرابلس الغرب وقد عرف بالخبر لحظة حدوثه بوسائله الخاصة طبعا. وقد اتصلت به حين غادرنا المنطقة البحرية، وأخبرني أنه عرف أيضا بالتفجيرات، أما أنا والأصدقاء فلملمنا أغراضنا وعدنا أدراجنا الى حيث كنا في المدينة، ومن دون أن نبل أجسادنا بقطرة، فضاعت علينا رحلة بحرية.. تلك كانت ساعة لا تنسى حقيقة».

* نوال الزغبي: انتابني إحساس غريب

* وعبر هاتف نقال سمعت «الشرق الأوسط» من المطربة اللبنانية، نوال الزغبي، روايتها المختصرة عن التفجيرات التي حدثت في الخامسة الا ربعاً بعد الظهر بتوقيت لبنان، فقالت المطربة إنها كانت في سيارتها مع والدتها وابنتها، تيا، وكانت في ذلك الوقت بعمر عامين ونصف العام تقريبا، وعندما اخترقت النفق المؤدي عند منطقة نهر الكلب الى مدينة جونية الواقعة الى الشمال من بيروت، متوجهة الى فيللتها الجديدة التي بنتها ذلك العام في منطقة أدما، قرب جونيه «اتصل بي الى هاتفي النقال سكرتيري، بيار أسمر، وسألني وهو يصرخ:

ـ عرفت شو صار؟

ـ شو، شو صار؟

ـ ضربوا أميركا، ضربوا طيارة بأعلى بناية بنيويورك.

ـ معقول؟ هيك بيعملوا؟ وبأميركا؟».

لكن المطربة التي كانت حاملا في شهرها الخامس ذلك اليوم، ورزقت بعدها بالتوأم، جورجي وجوي، لم تصدق ما قاله بيار أسمر في البداية «الا عندما أشغلت راديو السيارة ورأيتها جد بجد، فبدأت أقلق، وشعرت بامتعاض وباحساس داخلي غريب، خصوصا أن من ضمن برنامجي ذلك الوقت كان السفر بعد شهر الى كندا لاقامة بعض الحفلات» وفق تعبير المطربة التي خرجت منذ شهر بأغنية «اللي تمنيته» وهي أحدث أغانيها.

* أبو حمزة المصري: شعرت بفرح

* وبالهاتف من بيته في لندن قال الأصولي المصري، أبو حمزة المصري، انه كان قد رافق بعض أولاده من المدرسة الى البيت بعد ظهر ذلك اليوم، ثم مضى ليقابل عددا من الاشخاص كانوا بانتظاره في مكان ما. لكنه غيّر رأيه وصعد الى البيت قليلا ليحمل معه بعض الاحتياجات «وهناك فتحت جهاز التلفزيون لأسمع الأخبار بشكل عادي قبل ان اغادر، ففوجئت بما جعلني اجلس ساعات وساعات امام التلفزيون، بل وانسى اللقاء مع الأخوة الذين كانوا بانتظاري.. فوجئت صراحة بالنبأ المفرح» على حد تعبيره.

وقال أبو حمزة، الشهير بأنه كان لاعب كاراتيه بالاسكندرية قبل ان يغادرها ليدرس الهندسة المدنية في جامعة لندنية، انه شعر بفرح كبير وهو يرى الطائرة الثانية ترتطم بالمبنى الآخر من مركز التجارة العالمي «وكذلك من سماعي في الأخبار عن طائرة ثالثة ارتطمت بالبنتاغون.. الحقيقة ان شعوري بالفرح ناتج عن معرفتي بشرعية هذه العمليات الجهادية، فالذين كانوا في مركز التجارة العالمي او البنتاغون ليس من الأطفال او النساء، ونحن في حالة عراك مع أميركا بشكل عام، لذلك لم أدن هذه العملية الى الآن»، كما قال.

وذكر ان فرحه ناتج أيضا عما حدث قبل اسبوع من التفجيرات «حين كان مجلس الأمن يعقد جلسة لادانة اكيدة بحق اسرائيل، لكننا رأينا ممثل الولايات المتحدة في المجلس يمارس حق النقض، ويبطل كل شيء». مع ذلك، يرى أبو حمزة انه من السهل خطف طائرات للهجوم بها على أهداف «أما انهيار المبنيين فأعتقد انه نتاج تواطؤ أميركي ـ اسرائيلي.. كان عملية تفجير من الداخل بعد ارتطام الطائرتين بمركز التجارة، والثالثة بالبنتاغون، ليجعلونا نرى على الشاشات ما رأينا.. قد يكون بن لادن فعلها، لكن ارتطام الطائرتين لا يؤدي الى انهيار ذلك المبنى الضخم بالتأكيد، واسألني أنا، لأني متخرج بالهندسة المدنية من لندن كما تعلم». وذكر ان شبكة بن لادن «ربما كانت مخترقة، والأميركيون كانوا على علم مسبق بما سيحدث، فأضافوا للعملية دورهم، وقاموا باسقاط المبنيين هم بالذات»، على حد قوله.

* فدوى البرغوثي: مروان عرف مني بالتفجيرات

* ومن بيتها في رام الله تحدثت المحامية فدوى البرغوثي، زوجة مروان البرغوثي المعتقل في اسرائيل، فقالت عبر الهاتف انها كانت في مكتبها بالمدينة ساعة الغروب ذلك اليوم «وكنت أتابع نشرة الأخبار المحلية للاطلاع على ما يحدث في بلدنا من مآس على أيدي الاسرائيليين، فاذا بالمحطة تقطع نشرتها لتبث الخبر العاجل، فتابعته ومن بعدها اتصلت بمروان لأخبره، الا انه لم يأخذ كلامي على محمل الجد، الا عند ارتطام الطائرة الثانية بالمبنى في نيويورك واتصالي به من جديد» شارحة أن شعورها تلك اللحظة كان احساسا بالألم على من قضى «لأني أريد السعادة والفرح للجميع، واتمنى لكل انسان ان يسعى في حياته لتربية أبنائه وصياغة حياة انسانية راقية، وأنا اجمالا لا يسعدني أي ألم يصيب الانسان الآخر لأي سبب»، كما قالت.

وذكرت انها التقت بعد ساعات بزوجها مروان «فرأيته مصابا بذهول مما حدث، واذكر انه قال لي ان التفجيرات هي نتاج حالة عدم استقرار تسود العالم».

* هستيريا من النشوة والفرح انتابت بن لادن

* موقع مقرّب من تنظيم «القاعدة» يقول إن دقات قلبه كادت تتجمد من الخبر العاجل.

لو صدقت رواية بثها في 28 الماضي موقع «الجهاد» الانترنتي، المقرّب من تنظيم «القاعدة» عن شعور بن لادن وكيف عرف بالتفجيرات، لكان ذلك دليلا على أن زعيم التنظيم كان يعلم بها مسبقا، لأنه صلى ركعتين شكرا لله عند ارتطام الطائرة الأولى بمركز التجارة الدولي، في حين اختلطت الأمور، حتى على كبار المسؤولين الأمنيين الأميركيين، ومعظمهم ظن ما حدث خطأ ارتكبه قائد طائرة صغيرة، الا بن لادن الذي لم يشعر بأي خطأ من طيار على الاطلاق، ولا رآها حادثة، لذلك «سهر حتى الصباح ليلة 11 سبتمبر» وفقا للموقع، مع أن التفجيرات وقعت ساعة كان التوقيت فجرا بأفغانستان».

وذكر الموقع أن بن لادن تابع أخبار الهجمات من الاذاعة البريطانية «ثم انتقل الى الدش لمتابعة انهيار البرجين بنيويورك على التلفزيون» واصفا الحالة التي كان عليها زعيم «القاعدة» بطريقة بدا معها وكأن هستيريا من النشوة والاختلاجات المتنوعة انتابته، اذ قال إن أوصاله «توقفت وخيل لمحيطين به أن دقات قلبه تجمدت عندما قطعت المحطة بثها بخبر عاجل عن اصطدام طائرة بالمبنى النيويوركي». وذكر أنه كان يكبّر بأعلى صوته عقب اعلان مذيع المحطة عن الاصطدام، ثم صلى ركعتين شكرا لله. ووصف الموقع بن لادن وهو يتابع الهجمات بأنه «بكى فرحا، كما لم يبك في حياته قط، حتى أكتافه كانت تهتز وهو ساجد وجالس رافعا كلتا يديه، شاخصا ببصره الى السماء».