منظر تنظيم «القاعدة» يروي تفاصيل صراع الحمائم والصقور في التنظيم حول أسلحة الدمار الشامل

كتاب لهاشم مكي يؤكد حدوث قطيعة بين زعيم طالبان الملا عمر وأسامة بن لادن

TT

آثر هاشم المكي منظر «القاعدة» ومفكرها الاول، ان يكون كتابه الاخير «صليب في سماء قندهار» متزامنا مع الذكرى الاولى لاحداث الحادي عشر من سبتمبر (ايلول) الماضي، ليحكي فيه «قصة العرب من الدخول الى الخروج الاخير من افغانستان».

ويكشف المكي الذي يعد من ابرز مفكري «القاعدة» ويصنفه البعض بأنه منظرها الاول، نوعا من التباين الشديد في موقف «الحمائم» و«الصقور» في «القاعدة» من قضية حيازة واستخدام أسلحة الدمار الشامل، ثم التباين الذي انعكس على المقريبن من اسامة بن لادن عند عرض سبل المواجهة مع اميركا، قبل الاحداث الارهابية الاخيرة التي ضربت نيويورك وواشنطن.

ويحكي بالتفصيل نقلا عن شهود عيان محاولة القوات الخاصة الاميركية اقتحام بيت الملا عمر في قندهار في الايام الاولى التي اعقبت الغارات الجوية على كابل وقندهار في اكتوبر (تشرين الاول) الماضي.

ويتحدث المكي كذلك عن أهم الضربات التي تلقاها العرب في تلك الحرب، من مقتل القائد العسكري لـ«القاعدة» أبو حفص المصري، إلى مطاردة الهليكوبترات الاميركية لعدة عائلات عربية من نساء وأطفال وقتلهم جميعاً في الصحراء. وكتاب «صليب في سماء قندهار» يتكون من اربعة اجزاء ونحو 400 صفحة من القطع المتوسط، وهو سرد وتحليل يعتمد على المعايشة المباشرة للقصة كاملة منذ بدايتها عبر الاحتكاك القريب مع الشخصيات المؤثرة في الاحداث مثل بن لادن زعيم «القاعدة» وايمن الظواهري زعيم تنظيم «الجهاد» المصري، وابو حفص المصري المسؤول العسكري لـ«القاعدة» (قتل في الغارات الاميركية بكابل اكتوبر الماضي)، وابو عبيدة البنشيري مسؤولها العسكري الاول الذي قضى نحبه غرقا في بحيرة فكتوريا، والمكي هو قيادي اصولي مصري يعتبر من ابرز مفكري «القاعدة» الذين عارضوا بن لادن وانشقوا عنه قبل فترة وجيزة من الاحداث الارهابية التي ضربت الولايات المتحدة.

وحسب اصوليين مصريين عاشوا في افغانستان فان المكي يعتبر من كبار قادة «القاعدة» الذين كانوا يتمتعون بمكانة خاصة لدى الملا عمر حاكم طالبان، ومدير مكتبه مولوي محمد طيب اغا الذي يجيد التحدث بالعربية.

ومن ابرز فصول الكتاب الفصل الثالث الذي حمل اسم «من جبل السراج إلى نيروبي ودار السلام»، وفيه يتحدث المؤلف كيف تحمل الملا عمر الصدمات وخيبة الأمل من بن لادن التي انتهت بالقطيعة بينهما. ويتحدث في ذلك الفصل ايضا عن محاولة اغتيال الملا عمر في قندهار بواسطة شاحنة مفخخة، واحتمالات تواطؤ لجهاز أمن قندهار في هذه المحاولة التي تحمل بصمات باكستانية، وفي هذا الفصل تهطل صواريخ كروز الاميركية على معسكرات خوست كعقاب على تفجير بن لادن لسفارتي الولايات المتحدة في أفريقيا. وقد وعد موقع «المحروسة نت» على الانترنت نشر فصول الكتاب قريبا. ويتطرق المؤلف الى خفايا قضية الأفيون في أفغانستان، ودور حركة طالبان والعائد عليها من تلك الزراعة، ودور اميركا وما تجنيه من أرباح، ويزعم أن مسألة الأفيون كانت الحاسمة في تحديد موعد الحرب بل ومسرح العمليات؟ ثم يتحدث عن اغتيال القائد احمد شاه مسعود وكيف تحول الشمال الأفغاني إلى مصيدة موت لقوات طالبان في الحرب الأخيرة.

وفي الفصل الاول الذي حمل اسم «العرب في افغانستان» يسرد قصة نجمي فترة الجهاد الافغاني من العرب وهما القياديان التاريخيان عبد الله عزام، وبن لادن، واهم نشاطات وتوجهات ومشاريع كل منهما، ثم أهم معارك العرب في تلك الفترة، او تلك المعارك التي شاركوا فيها وساهمت في تكوينهم العسكري والتنظيمي. ويتحدث هذا الفصل عن قضية التدريب العسكري لدى العرب وكيف عملوا على حلها، ثم قصة الضابط المصري الاميركي الذي قفز عالياً بالنشاط التدريبي لـ«الافغان العرب» (محمد علي ابو السعود) وكنيته ابو عمر صاحب فكرة الطائرات الانتحارية، الذي أدخل فقرات في التدريبات لم يكن أحد في حاجة إليها وقتها مثل خطف الطائرات والاغتيالات، ثم ظهر الضابط نفسه في قضية تفجير سفارتي اميركا في نيروبي ودار السلام.

وفي نفس الفصل يتناول المؤلف قضية اغتيال الدكتور عبد الله عزام وملابساتها والغموض الذي أحاط بها وفي نهاية تلك المرحلة كيف عصفت الفوضى بالنشاط العربى، وكيف تورطوا في القتال الداخلي بين الأفغان، كما فشلت مشاريعهم في تلك الفترة التي انتهت برحيلهم الجماعي من أفغانستان.

وفي الفصل الثاني الذي جاء تحت عنوان «العودة الى الوطن الأفغاني» وفيه يتحدث الكتاب عن عودة بن لادن إلى أفغانستان مع عدد محدود من مساعديه، ثم تعرفه الأول على جبال تورا بورا، وإعداده هناك بيانه الشهير الخاص باعلان «الجهاد على الأميركيين». ثم يتطرق المؤلف الى الحوارات التي دارت هناك حول كيفية تلك المواجهة، والآراء التي تعارضت حول تلك القضية، ثم الطرح الخطير وقتها لقضية أسلحة الدمار الشامل واحتمالات استخدامها من جانب الطرفين في الصراع القادم، وموقف «الحمائم» و«الصقور» حول تلك القضية الخطيرة، وموقف بن لادن منها. وخصص المؤلف فصلا بالكامل تحت عنوان «من الحرب إلى الهزيمة» للحديث عن الحرب الاميركية على أفغانستان وأخطاء العرب وطالبان التي أدت إلى هزيمتهم، ثم يتحدث عن مراحل تلك الحرب ويقسمها إلى ثلاث مراحل. ويتحدث عن كل منها بشيء من التفصيل الذي يوضح ملامحها فيتحدث مثلا عن رواية شهود عيان لمحاولة القوات الخاصة الاميركية اقتحام بيت الملا عمر وعن فشل المحاولة وخسائرها. وكذلك فشل الخطة الاميركية في إحداث إنقلاب في جلال آباد، ثم يتحدث عن التساقط المتلاحق للمدن الأفغانية وعن الدور الكبير للمجاهدين الأوزبك في تلك الحرب وقتالهم الباسل في معارك الشمال والجنوب ومقتل قائدهم العسكري الكبير جمعة باي.

ووصف سقوط طالبان بانه انتصار للغرور الفردي المسلح بالمال على التواضع المتدين المسلح بالسلطة السياسية. وقال: «عندما تراكمت أخطاء العرب على أخطاء الطالبان، سقطت (الامارة الاسلامية) وأيقنت بأن حركة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كانت متضخمة، في جانب المظاهر والسلوكيات العامة، وغائبة تماماً عن جوانب السياسة وشؤون الدولة.. حيث عشش الرأي الواحد، المحاصر بذئاب السلطة الجائعين لشهوة الحكم. وعندما سقطت (الإمارة الإسلامية).. تحققت من أهمية (المبادرة الشخصية) ليس فقط في مشاريع بناء الأمم ولكن أيضاً في مشاريع إسقاطها».

ويقول: «عندما بدأت اميركا حربها على أفغانستان (في 7 أكتوبر 2001)، فوجئت، مثل كثيرين بأن أحداً لم يستعد لهذه الحرب».