بوش: أسمع نصائح شتى لكن هدف إدارتي يبقى تغيير النظام في بغداد * أنان: مجلس الأمن هو الوحيد المخول بإعطاء شرعية لأي تحرك عسكري

TT

فيما اعلن الامين العام للامم المتحدة كوفي انان امس ان مجلس الامن وحده «مخول بالتحرك في حال واجه السلام والامن الدوليان تهديدا»، اكد الرئيس الاميركي جورج بوش ان هدفه يبقى «تغيير النظام» في بغداد، في الوقت الذي اكد فيه كبار المسؤولين في ادارته ان واشنطن ستتحرك انفراديا ان لزم الامر لتحقيق هذا الهدف.

وقال بوش في مقابلة مع شبكة تلفزيون «سي.بي.اس» الاميركية اذيعت مساء امس، انني اتلقى نصائح شتى، وانا اصغي الى تلك النصائح واقدر اهمية المشاورات وسنتشاور مع اناس كثيرين، لكن سياستنا لم تتغير». واوضح مسؤول كبير في ادارته ان بوش يحتفظ بحق التحرك من طرف واحد، اذا لم تتصرف الاسرة الدولية. اضافة الى ذلك، تعهد نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني بان بلاده ستتخذ «كل التدابير اللازمة» لصد التهديد المتمثل بالعراق. وقال في شريط فيديو موجه الى معهد الدراسات الاستراتيجية والدولية ان «وجود اسلحة دمار شامل في ايدي شبكة ارهابية او في يدي دكتاتور دموي او في ايدي الاثنين معا، تشكل تهديدا خطيرا». وكان تشيني الغى مساء اول من امس لاسباب امنية كلمة كان من المفترض ان يلقيها امام هذا المعهد، الذي يحتفل بذكرى تأسيسه الاربعين. واكد تشيني ان «العالم اجمع يجب ان يعلم ان الولايات المتحدة ستتخذ كل التدابير اللازمة للدفاع عن حريتنا وامننا». وحذر من انه «بحيازته اسلحة الرعب هذه وسيطرته على 10 في المائة من الاحتياطي العالمي للنفط قد يسعى صدام حسين الى السيطرة على كل الشرق الاوسط، ويستولي على جزء كبير من الطاقة العالمية ويهدد مباشرة اصدقاء اميركا في كل المنطقة ويضع الولايات المتحدة او اي دولة اخرى امام تهديد نووي». من جهته، قال انان في مقابلة مع هيئة الاذاعة البريطانية «بي.بي.سي» امس، انه «لا بديل من التوجه الى مجلس الامن. فهو وحده مخول التحرك في حال واجه السلام والامن الدوليان تهديدا». وتابع «لن يكون في وسعنا احتواء (التهديد الارهابي) وحرمان الارهابيين من ملاجئهم الا بواسطة تعاون دولي وجهود منسقة». واقر بانه «من البديهي، حتى في شرعة الامم المتحدة، ان حكومات تملك الحق الجوهري في الدفاع عن نفسها عندما تتعرض للهجوم». لكنه قال «ان التعاون الدولي امر اساسي لاحتواء الارهاب بفعالية. وفي حدود ما يتسع التهديد، نحتاج الى الامم المتحدة لنكون فعالين». واضاف «علينا ايضا ان نحفظ في اذهاننا ان في العالم اوضاعا تولد هذا النوع من الارهاب. ان تجاهل الاسرة الدولية لافغانستان في التسعينات هو الذي سبب انتشار القاعدة (التنظيم الارهابي) فيها». ولكن في حديث للمحطة الاذاعية ذاتها امس، رأى مساعد وزير الخارجية الاميركي جون بولتون ان قرارا جديدا يصدر عن مجلس الامن الدولي لا يشكل «بالتأكيد واجبا قانونيا» قبل شن هجوم وقائي على العراق. واعلن بولتون الذي وصل امس الى موسكو لاجراء محادثات يتصدر مواضيعها العراق ان «معرفة ما اذا كان الرئيس جورج بوش يسعى الى الحصول على قرار جديد من مجلس الامن الدولي هي مسألة قرار سياسي وليست بالتأكيد ضرورة قانونية». وقال «ان لشرعيتنا مصدرها في آليتنا الدستورية». وقال «في ما يتعلق (بانتقادات) الاسرة الدولية، فان لنا الحق البديهي بالدفاع الذاتي الوارد في المادة 51 من شرعة الامم المتحدة». واوضح بولتون ايضا «في حالة العراق تحديدا، نحن في وضع يقوم فيه العراق منذ 10 أعوام بانتهاك فاضح لقرار مجلس الامن رقم 687 ما يعطينا الحجة للتحرك». ودافع ايضا عن فكرة شن هجوم وقائي، معلنا ان «الناس تتفهم انه عندما تكون مهددا، لا يتوجب عليك انتظار سحابة انفجار ذري للتحرك بالشكل الملائم».

وفيما واصل الرئيس بوش مشاوراته مع زعماء العالم حول الملف العراقي فان دعوته لـ«تغيير النظام» لقيت ردود فعل متباينة. فقد انضم الرئيس المكسيكي فيسينتي فوكس، أحد الاصدقاء المقربين للرئيس بوش بين زعماء العالم ، الى قائمة الذين يحثون الولايات المتحدة على السعي للحصول على موافقة الامم المتحدة قبل شن هجوم عسكري على العراق. والمكسيك احد الاعضاء غير الدائمين في مجلس الامن التابع للامم المتحدة واتصل بوش هاتفيا بفوكس ليناقش معه المسألة العراقية. وقال ديوان الرئاسة المكسيكية في بيان «اثناء المحادثة أكد الرئيس فوكس اهمية ان يتبنى مجلس الامن التابع للامم المتحدة الاجراءات اللازمة للتوصل لحل دائم للمسألة العراقية». وفي مدريد ، اشارت تقارير صحافية امس الى ان رئيس الوزراء الاسباني خوسيه ماريا ازنار ابلغ بوش في اتصال هاتفي بان بلاده ستؤيد الهجوم الاميركي على العراق اذا رفض الرئيس صدام حسين عودة مفتشي الاسلحة التابعين للامم المتحدة. لكن متحدثا باسم ازنار قال، ان رئيس الوزراء الاسباني نقل لبوش تأييد اسبانيا «للحرب الدولية ضد الارهاب»، مشيرا الى ان «التدخل العسكري لم يبحث بشكل ملموس» خلال الاتصال الهاتفي. غير ان المتحدث حرص على ان يوضح انه لا ينفي صحة ما اوردته الصحف الاسبانية قائلا ان تقاريرها تتضمن «تفسيرا معقولا».

وجاءت هذه التصريحات غداة افتتاح الجمعية العامة السابعة والخمسين للامم المتحدة اعمالها رسميا مساء الثلاثاء في نيويورك التي تهيمن عليها مخاطر نشوب حرب جديدة في العراق. وبعد دقيقة صمت، انتخب المشاركون وزير الخارجية التشيكي يان كافان رئيسا لهذة الدورة . كما وافقوا بعد ذلك، برفع الايدي، على انضمام سويسرا الى الامم المتحدة بصفتها العضو الـ190 في المنظمة الدولية. وارجأت الجمعية بعد ذلك اعمالها الى اليوم، اذ خصص امس لاحياء ذكرى اعتداءات 11 سبتمبر (ايلول)، التي اوقعت اكثر من 3000 قتيل في نيويورك وواشنطن وبنسلفانيا. وسيتعاقب 50 رئيس دولة وحكومة وحوالي 130 وزير خارجية على منبر الجمعية حتى 20سبتمبر لالقاء كلماتهم. ولا شك ان خطاب الرئيس الاميركي جورج بوش اليوم سيكون المحطة الابرز خلال هذه الدورة.

الى ذلك، اعتبر وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف ان على الولايات المتحدة ان تمتثل لرأي «الغالبية العظمى» من اعضاء الامم المتحدة حول المسألة العراقية، في مقابلة اجرتها معه وسائل الاعلام الروسية وبثتها امس. وقال ايفانوف في المقابلة التي اجرتها معه شبكة «او.ار.تي». الروسية من نيويورك حيث يحضر اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة ان «روسيا، شأنها شأن الغالبية الكبرى من الدول الاخرى، تضاعف الجهود من اجل عودة المفتشين الدوليين الى العراق، وهم يستطيعون ان يجزموا ما اذا كان ثمة اسلحة دمار شامل في العراق ام لا». وتابع انه «لا يمكن لاي عمل قوة ان يرد على هذا السؤال (..) والخيار العسكري لا يمكن ان يحقق الهدف الذي حدده مجلس الامن الدولي».