بيروت تتحرك لتجنب «حرب إسرائيلية» ولتأكيد حقها في استغلال مياه الوزاني

TT

بدأ لبنان تحركاً دبلوماسياً واسعاً لحفظ حقه في مياه نهر الوزاني وفي مواجهة التهديد الاسرائيلي بـ«حرب» لمنعه من استغلال مياهه التي تنبع من الاراضي اللبنانية وتصب في بحيرة طبريا. وتزامن هذا التحرك مع تحرك اميركي مماثل بين لبنان واسرائيل لتحقيق «التهدئة وضبط النفس». وقد تواصلت على الحدود الاشغال الخاصة بجر مياه الوزاني من الجانب اللبناني والحشود العسكرية من الجانب الاسرائيلي. فقد باشرت ورش الاشغال التابعة لمجلس الجنوب العمل في المرحلة الثانية من مشروع الاستفادة من مياه الوزاني عبر مد قساطل من النبع، مروراً بتلة الحمامص، الطرف الجنوبي لسهل مرجعيون، تل النحاس، كفركلا وصولا الى بلدة الطيبة حيث مشروع تجميع المياه. ويمتد مشروع مد القساطل على 18 كيلومترا وسيستغرق العمل فيه زهاء 25 يوماً. وعملت صباح امس جرافات ورافعات لبنانية على حفر جوانب الطرق لمد القساطل، وفي وقت سجل استنفار عسكري اسرائيلي ملحوظ في الجهة المقابلة، اذ جابت لاول مرة ملالتان من نوع «ام113» بمواكبة 3 سيارات «هامر» الخط الفاصل المحاذي لاشغال ورش مجلس الجنوب. كما لوحظ ان عدداً من الجنود الاسرائيليين اتخذوا مواقع قتالية في محيط معمل الحمضيات في مستوطنة المطلة، وصوبوا اسلحتهم الرشاشة باتجاه الاراضي اللبنانية. كذلك تواصلت الاشغال عند نبع الوزاني. وعمل عدد من العمال اللبنانيين على تأهيل الغرفة المحاذية للنبع حيث سيتم تركيب مضختين. وتولت جرافة تنظيف محيط النبع من الاحجار والصخور.

وقالت مصادر امنية لبنانية في الجنوب ان الجيش الاسرائيلي ادخل الليلة ما قبل الماضية تعزيزات عسكرية ضخمة الى منطقة مزارع شبعا المحتلة وسط استنفار وتغطية جوية امنتها الطائرات الحربية والمروحيات. وضمت التعزيزات التي ادخلتها اسرائيل مدافع ميدان بعيدة المدى وعشرات الدبابات والآليات، فيما انتشر عشرات الجنود في نقاط المراقبة على طول خط الحدود مع لبنان بعدما عززت هذه النقاط بأجهزة كاشفة وبآليات نصبت عليها كاميرات مراقبة.

وعرض رئيس الجمهورية اميل لحود، ورئيس مجلس النواب نبيه بري في لقائهما الاسبوعي في قصر بعبدا، امس، «التهديدات الاسرائيلية المتجددة في ما خص قضية مياه الحاصباني والوزاني». وطلب الرئيس لحود اعداد رسالة عاجلة تتضمن كل التفاصيل المتعلقة بهذا الموضوع وتبرز حق لبنان في الاستفادة من مياه الحاصباني والوزاني، وقال بري ان هذه الرسالة «ستعمم على كل البعثات اللبنانية في الخارج وعلى المحافظ الدولية في تحرك واسع يحفظ حق لبنان الذي تضمنه الاعراف والمواثيق والاتفاقات الدولية». واضاف: «ان لبنان سيواصل التحرك على الصعيدين الاقليمي والدولي للحصول على حقوقه من مياه الحاصباني والوزاني، وهي اضعاف اضعاف ما يحصل عليه الآن، ففي حين ان اسرائيل تستولي على 150 مليون متر مكعب، لا يحصل لبنان الا على 7 ملايين متر مكعب، وحصته من نهر الحاصباني الذي ينبع من اراضيه يجب ان تكون مضاعفة مرات عدة».

وبعد عودته الى مقر المجلس النيابي التقى بري السفير الاميركي في بيروت فنسنت باتل بناء على طلبه. واشارت مصادر بري الى ان هذا التحرك قابله تحرك اميركي لدى المسؤولين الاسرائيليين. وقالت المصادر ان باتل نقل الى بري «رسالة من الادارة الاميركية في شأن موضوع المياه تدعو الى التهدئة وضبط النفس». وخلال اللقاء اجرى بري اتصالا بالمسؤولين في مجلس الجنوب الذين اكدوا له ان المياه التي يجري العمل لجرها الى القرى هي للاستخدام المنزلي ولا تتجاوز جزءاً من 15 من حصة لبنان.

وفي الاطار نفسه، كلف رئيس مجلس الوزراء رفيق الحريري الامين العام لوزارة الخارجية السفير محمد عيسى استدعاء سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي وابلاغهم رسمياً احتجاج الحكومة اللبنانية على التهديدات التي اطلقها رئيس الحكومة الاسرائيلية ارييل شارون ضد لبنان وتأكيد حق لبنان في مياهه ودحض المزاعم الاسرائيلية المختلقة والتنبيه من مخاطر التهديدات الاسرائيلية المتواصلة.

ودعا وزير الطاقة والمياه محمد عبد الحميد بيضون الى اخذ التهديدات الاسرائيلية «على محمل الجد». وقال: «رغم ان موضوع التهديدات الاسرائيلية هو موضوع زيادة حصة لبنان من استخدامه لمياه الوزاني، فان هذا الموضوع بسيط جداً. فلبنان يستفيد بـ5000 م 3 يومياً من البلدات في المنطقة وهذا امر طبيعي لا يؤثر على اسرائيل ولا على مياه اسرائيل».