الحريري: حملة إسرائيل واليمين الأميركي على الرياض لن تنجح... لأن المملكة قيادة وشعباً متمسكة بنهجها

TT

اتهم رئيس مجلس الوزراء اللبناني رفيق الحريري «اللوبي» الاسرائيلي واليمين المتطرف في الولايات المتحدة الاميركية، بالوقوف وراء الحملة التي تعرضت لها المملكة العربية السعودية لتغيير موقفها الداعم للقضية الفلسطينية والمعارض لضرب العراق. واستبعد ان تكون لهذه الحملة اي تأثيرات «لأن واشنطن تعلم تماماً ان المملكة هي ركن اساسي للاستقرار في المنطقة». واكد ان قيادة المملكة وشعبها «متمسكان بنهجهما بالوقوف الى جانب الشعب الفلسطيني والمحافظة على التراث الاسلامي والحكم الاسلامي في المملكة العربية السعودية».

وقال الحريري، في حديثين ادلى بهما الى تلفزيون «الشرق الاوسط» (ام. بي. سي) وقناة «الجزيرة» القطرية في الذكرى السنوية الاولى لاحداث 11 سبتمبر (ايلول) رداً على سؤال حول الحملة التي تعرضت لها الرياض في الصحافة والاعلام الاميركيين في الآونة الاخيرة: «هناك محاولة لتغيير موقف المملكة العربية السعودية من امرين اساسيين. الاول هو القضية الفلسطينية والموقف الذي وقفته المملكة منها. وكل ما نراه هو تداعيات لهذا الموقف الوطني الذي وقفته المملكة قبل احداث سبتمبر (ايلول)، والذي استمرت به بعد احداث سبتمبر والذي ظهر في وضوح في مبادرة الامير عبد الله حول السلام في منطقة الشرق الاوسط، هذه المبادرة التي رفضتها الحكومة الاسرائيلية، لانه من الواضح ان الادارة الاسرائيلية الحالية ترى في السلام خطراً عليها... الامر الثاني هو موقف المملكة العربية السعودية من ضرب العراق. كذلك في هذا الامر، من الواضح ان اسرائيل هي المستفيدة الاساسية من الضربة. وموقف المملكة هذا جعل اليمين المتطرف في الولايات المتحدة يوجه اتهامه الى المملكة وشعبها. واعتقد ان هذه مرحلة ستمر لان الشعب السعودي متمسك وقيادته متمسكة بنهجها وتراثها ودينها. وبالتالي فإن كل هذه الامور لن يكون لها تأثيرات. والادارة الاميركية تعلم تماماً أن المملكة هي ركن اساسي للاستقرار في المنطقة، اضافة الى دول اخرى. وبالتالي لا اعتقد ان هذا الامر ستكون له تأثيرات كبيرة على الوضع داخل المملكة العربية السعودية».

واستبعد الحريري ان يكون لما حصل تأثير على العلاقات بين واشنطن والرياض. وقال: «الرئيس (الاميركي جورج) بوش قال ان ليس هناك تأثير. وفي اي حال، فان الايام المقبلة ستظهر هذا الامر. ولكن من دون شك فإن قيادة المملكة وشعب المملكة متمسكان بنهجهما وبالوقوف الى جانب الشعب الفلسطيني، من جهة، وبالمحافظة على التراث الاسلامي والحكم الاسلامي في المملكة العربية السعودية، من جهة ثانية».

وسئل الحريري عما اذا كانت هناك مطالب اميركية خاصة من لبنان فاجاب: «من دون شك إن 11 سبتمبر انتج زلزالاً في العالم وفي اولويات الولايات المتحدة الامنية. وما نراه الآن هو انعكاس لاحداث الحادي عشر من سبتمبر. واصبحت الاولويات الامنية للولايات المتحدة مختلفة عن السابق، حين كانت الولايات المتحدة تعتبر نفسها جزيرة بعيدة عن كل مشاكل العالم، وهي تساهم في حلها او بتصعيدها من دون ان يكون لها انعكاسات عليها. والآن، اصبحت لدى المسؤولين الاميركيين نظرة مختلفة، فهم يعتبرون اي حدث في العالم او اي منطقة في العالم تؤثر على امنهم الداخلي. وهذا بالطبع امر خطير جداً. وانعكس على كل دول العالم تقريباً. ونحن في لبنان لسنا استثناء. تعاملنا مع الادارة الاميركية هو تعامل جيد. وانعكاس هذا الامر على لبنان كان في حده الادنى، ومختلف كثيراً عن كثير من الدول الاخرى، عربية كانت ام اجنبية».

وعما اذا كان يلمس رضى اميركياً حيال تجاوب لبنان مع بعض المسائل التي يطرحها الاميركيون، قال الحريري: «لا يوجد عدم رضى اميركي». ولفت الى«ان هناك تعاوناً بين الولايات المتحدة وسورية، علماً ان هناك اختلافاً في وجهات النظر في العديد من المسائل. ولكن لا يوجد عدم رضى».

وسئل الحريري ايضاً: ثمة من يقول ان هناك تأثيرات سلبية على لبنان في الفترة اللاحقة، فهل ان هذا الامر وارد نتيجة لما يسمى الحرب الاميركية على الارهاب؟ فاجاب: «لبنان من دون شك بلد عربي في قلب العالم العربي، ويؤثر ويتأثر بما يحصل في العالم العربي. ولكن حرب الولايات المتحدة على الارهاب والتي يساهم لبنان في المساعدة عليها قبل ان تشن الولايات المتحدة هذه الحرب. ونحن اصلاً من اوائل الدول التي حاربت الارهاب. وبلا شك، ان الاحداث في المنطقة ستكون لها تأثيرات على كل الدول العربية، ومنها لبنان. ولكن لبنان هو الاقل تأثراً بين معظم هذه الدول من الاحداث التي يتوقع حصولها».

وامل الحريري في ان لا يتعرض العراق لضربة اميركية «لكن التحضيرات التي نراها، كلها تعطي، للاسف، انطباعا بأن الولايات المتحدة اتخذت قرارها، وان كان الرئيس بوش يقول انه حتى الآن لم يقرر بعد، ولكن التحضيرات جارية على قدم وساق». وعن مطالبة اميركا لبنان بالقضاء على «حزب الله» قال الحريري: «اعتقد ان تصريح ارميتاج اعطي في لبنان حجما اكبر مما هو. والكلام الاميركي ليس جديداً. ولكن يمكن ان ارميتاج هذا طبعه او طريقة كلامه مختلفة. ولكن الموقف الاميركي معروف منذ زمن وهم يعرفون موقفنا. وتقييمي للامر ان لا جديد في الموقف الاميركي. واعتقد ان الطريقة التي صيغ بها هي الجديدة، ولكن الكلام ليس جديدا». واكد الحريري انه لا يخشى ضربة اميركية لـ«حزب الله». وسئل الحريري عن الطريقة التي يتم بها التعاون بين لبنان والادارة الاميركية، التي تتهم لبنانياً بقيادة احدى الطائرات في هجمات 11 سبتمبر (اشارة الى زياد الجراح) وعما يقال من ان عناصر من «القاعدة» موجودون في لبنان، فأجاب: «اولا، ان وجود احد اللبنانيين لا يعني كل لبنان. فاللبنانيون منتشرون في الخارج بشكل كبير. ولبنان شجب هذا الامر وبالتالي لا يمكن القول ان وجود لبناني بينهم يعني ان للبنان علاقة بالامر. في الجانب الآخر، ان الادارة الاميركية والمسؤولين الاميركيين يعلمون مدى تعاون لبنان معهم في هذا الاطار. والشائعات حول هذا الامر مصدرها اسرائيل. وبالتالي، هناك مصلحة اسرائيلية بربط الدول العربية في استمرار بأعمال منافية للتوجهات الاميركية من اجل ان تكون الولايات المتحدة ضد لبنان وسورية وضد العرب... لهذا يقول لبنان في استمرار: اننا لن نسمح لاسرائيل بأن تستعمل الولايات المتحدة ضدنا. وبالتالي، علاقتنا بالولايات المتحدة نحددها نحن. ولن نسمح لاسرائيل بان تحددها لنا، ونحن تجمعنا علاقة جيدة على رغم الاختلاف في وجهات النظر حول قضايا كثيرة وآخرها موضوع العراق».

وسئل الحريري: اذا كان لبنان يقدم المعلومات المتوافرة لديه حول الارهاب، فأجاب: «من دون الدخول في التفاصيل. هناك تعاون بين لبنان والولايات المتحدة على مستويات عدة في ما يتعلق بمحاربة الارهاب».

وعما اذا كان سيتم تسليم اشخاص، قال: «هذا الامر يتوقف على نوعيته، ولكن القانون اللبناني لا يسمح بتسليم لبنانيين. اما في ما يخص غير اللبنانيين، فإن التعاون قائم. وليس هناك من اشكال في هذا الموضوع».

وعن موقف لبنان بصفته رئيسا للقمة العربية في مشروع الرئيس بوش لمهاجمة العراق واطاحة النظام العراقي قال الحريري: «موقفنا واضح وقد اعلناه مراراً وهو اننا لا نؤيد عملا عسكريا ضد العراق. ونعتقد ان العراقيين هم من يغيرون نظامهم وليس اي جهة اخرى، وهذا الموقف منسجم مع كل العالم تقريبا، ومع جزء من الاميركيين ومع الكونغرس. ولكن يبدو من خلال تسارع الاحداث ان هناك تصميما لدى الادارة الاميركية على السير في هذا الامر وهي تقوم بتسويق الفكرة لدى المجتمع الدولي ولدى المجتمع الاميركي والمؤسسات الاميركية ولدى الاعضاء في الامم المتحدة على رغم معارضة فرنسا وروسيا وايطاليا والمانيا وكثير من الدول، والأمر يدعو الى القلق من دون ادنى شك». ولفت الحريري الى ان «العرب يرفضون هذه الفكرة. لبنان يرفضها وكذلك سورية والاردن والسعودية ومصر». وسئل الحريري اخيرا اذا كان الفلسطينيون سيوطنون في لبنان، فاجاب: «لا توطين ابداً. وكل المجتمع اللبناني وكل القوى السياسية اللبنانية تعارض هذا الامر. وبصراحة: المسلمون قبل المسيحيين يعارضون هذا الامر. وقد قلنا هذا الكلام وابلغناه الى جميع المعنيين في العالم العربي وفي الولايات المتحدة والامم المتحدة والى الاتحاد الاوروبي. الجميع يعلم اننا نعارض هذا الامر. وعندما يعارضه جميع اللبنانيين من رئىس الجمهورية الى رئيس المجلس النيابي ورئيس الوزراء والنواب والقيادات، فكيف يحصل التوطين؟».