شيراك يغامر بالسلم الأهلي وبسياسة فرنسا العربية إذا قبل المشاركة في الحرب على العراق

TT

دعا نويل مامير، المرشح الرئاسي السابق وزعيم حزب الخضر في فرنسا الرئيس جاك شيراك والحكومة الفرنسية الى الامتناع عن المشاركة في حملة عسكرية ضد العراق «حتى مع وجود ضوء اخضر من قبل مجلس الامن الدولي».

وحذر مامير، وهو نائب حالي وعضو لجنة الشؤون الخارجية من ان مشاركة فرنسا العسكرية في المغامرة الاميركية في العراق، من شأنها «تهديد السلم الاهلي الداخلي» في فرنسا وضرب «سياسة فرنسا العربية» والمس بمصالحها في منطقة واسعة من العالم. جاءت تصريحات مامير الى «الشرق الأوسط» على خلفية الموقف الجديد للسلطات الفرنسية التي تركت الباب مفتوحا امام مشاركة عسكرية في عملية ممكنة ضد العراق تحت راية الامم المتحدة وبعد صدور قرار جديد عن مجلس الامن الدولي يمهل بغداد اياماً معدودة لقبول عودة المفتشين الدوليين فورا ودون شروط، تحت طائلة التعرض لعملية عسكرية.

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» اعتبر مامير ان اللجوء الى مجلس الامن «ليس إلا ذريعة لواشنطن» ومسعى لاعطاء الحرب على العراق شرعية دولية، مضيفا ان الرئيس بوش «آخذ بتدمير الامم المتحدة والهيئة المناط بها ضمان قيادة جماعية لشؤون العالم». ورأى مامير ان الرئيس الاميركي «رهينة اللوبي النفطي الاميركي» فيما «المغامرة» العراقية ليس لها سوى هدف واحد هو «ضمان الهيمنة الاميركية على الثروات النفطية للمنطقة».

واتهم بوش بانه «لا يسعى للسلام ولكنه يحضر لبذور حروب اخرى في المنطقة»، محذرا من تفتيت العراق من خريطة اقليمية واسعة حيث ان تفكك العراق سيفتح شهية دول مجاورة لمحاولة الحصول على حصة لها من العراق، في اشارة الى ايران وتركيا وسورية والى انعكاسات المسألة الكردية على صورة المنطقة المقبلة. ووفق ما يراه زعيم الخضر الفرنسيين، فان بوش يدفع الشرق الاوسط الى «وضع يصعب التحكم به بل الى اشعال الشرق الاوسط».

واعرب مامير عن تخوفه من ان اسقاط نظام الرئيس صدام حسين الذي وصفه بـ«الدكتاتور» الذي «يمارس الارهاب اولا ضد شعبه» سيفضي الى تنصيب «دمية» اميركية على شاكلة ما حصل في افغانستان، حيث تسلم السلطة حميد كرزاي، ولكن دون ان تتجاوز صلاحياته حدود كابل.

وفي ما يخص النتائج «الداخلية» المترتبة على مشاركة فرنسا في حملة عسكرية ضد العراق، اعرب مامير عن تخوفاته ازاء «السلم الاهلي في فرنسا» التي تحتضن 4 ـ 5 ملايين مسلم، خصوصا ان النزاع الفلسطيني ـ الاسرائيلي ترك بصمات واضحة على تعايش الجاليات والاديان المختلفة في فرنسا. وحذر زعيم الخضر من قيام «هوة حقيقية» بين شرائح المجتمع الفرنسي ناهيك عن انقسامات ستضرب الطبقة السياسية يمينا ويسارا ويمكنها «ان تهز الحكومة والاكثرية واليمين واليسار على السواء».

واعرب المرشح الرئاسي السابق عن اسفه لغياب نقاش حقيقي في فرنسا حول هذه المسألة، عكس ما هو حاصل في بريطانيا والمانيا.

واعلن مامير ان رئيس الجمهورية الفرنسي «يخاطر، في حال قبل بارسال قوات فرنسية، بتدمير سياسة فرنسا العربية»، معربا عن دهشته لان هذه السياسة ارسى اسسها الجنرال الرئيس الاسبق ومؤسس الحركة الديغولية شارل ديغول التي ينتمي اليها جاك شيراك.

واعتبر مامير ان الموقف الصحيح هو الذي اعلنه المستشار الالماني غيرهارد شرودر، المتميز بوضوحه وبرفض الحرب باية صيغة كانت وليس موقف شيراك «الغامض» على حد تعبير زعيم الخضر الفرنسيين.