انتهاك حقوق الإنسان والسعي لتطوير وحيازة أسلحة الدمار الشامل يهيمنان على تقرير توزعه الإدارة الأميركية ضد صدام حسين

اتهامات بتحويل الكلور إلى مادة عسكرية وشراء أحواض الألومنيوم لتخصيب اليورانيوم

TT

قبل ان يدلي الرئيس الاميركي جورج بوش ببيانه امام الجمعية العامة للامم المتحدة في دورتها العادية السابعة والخمسين، قدمت ادارته تقريرا من 22 صفحة عن انتهاكات نظام الرئيس العراقي صدام حسين لقرارات مجلس الامن خاصة القرارات التي تحظر بموجبها حيازة اسلحة الدمار الشامل وكذلك انتهاكات حقوق الانسان.

وشكل التقرير محاولة لاقناع المجتمع الدولي، خصوصا حلفاء الولايات المتحدة من الدول الاوروبية وغيرها، بجدوى الحملة العسكرية التي تمهد لها الادارة الاميركية من اجل اطاحة الرئيس صدام حسين، ومن اجل سد الطريق على الدول التي تطالب بتفويض من مجلس الامن لشن اي عمل عسكري ضد العراق.

وعنونت الادارة الاميركية تقريرها «عقد من الانتهاكات والخداع لقرارات الامم المتحدة»، واعتبر خلفية مناسبة لخطاب الرئيس بوش. واستعرض واعتمد التقرير على مصادر متنوعة منها تقارير مجلس الامن والامم المتحدة والتقارير الاستخباراتية، اضافة الى تقارير صادرة عن المنظمات الدولية للدفاع عن حقوق الانسان الى جانب معلومات قدمتها مصادر المعارضة العراقية.

وخصص الجزء الاول من التقرير لانتهاكات بغداد لقرارات مجلس الامن ذات الصلة التي يبلغ عددها 19 قرارا صدرت عن المجلس وضعت اغلبها تحت الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة وهو (فصل العقوبات).

وركز هذا الجزء على القرارات الاساسية; منها القرار رقم 687 الذي ثبت شروط وقف اطلاق النار والذي فوض الدول الاعضاء استخدام كل الوسائل بما فيها القوة العسكرية لضمان تنفيذ بنود هذا القرار الذي حدد آليات التخلص من اسلحة الدمار الشامل التي بحوزة الحكم العراقي لقاء رفع العقوبات الاقتصادية والتجارية عن العراق. وقد انشأت بموجب هذا القرار لجنة المفتشين الاولى الخاصة (اونسكوم). ثم استعرض هذا الجزء القرارات الاخرى ذات الصلة بعمل اللجنة الخاصة والوكالة الدولية للطاقة الذرية، واخيرا انتهى التقرير الى ذكر قرار مجلس الامن الشامل 1284 الذي شكلت بموجبه لجنة الامم المتحدة للرصد والتحقق والتفتيش على برامج العراق العسكرية (انموفيك) البديل عن اللجنة الخاصة.

واتهم التقرير حكومة الرئيس صدام حسين باعادة انتاج اسلحة الدمار الشامل. واعتمد التقرير على معلومات سربها منشقون عن النظام العراقي كانوا يعملون في البرامج العسكرية واتهم بغداد باعادة انتاج الاسلحة الجرثومية. واستند التقرير بشكل خاص الى شهادة المنشق المهندس عدنان احسان سيد الحيدري الذي قام بأكثر من عشرين زيارة سرية لمواقع ذات صلة بالاسلحة الكيماوية والجرثومية وببرنامج العراق النووي. ويؤكد التقرير ان الحيدري قد دعم معلوماته بصور من عقود الحكومة العراقية التي تضمنت معلومات تقنية محددة، وادعى ان العراق يستخدم الشركات بموافقة الامم المتحدة وبصورة سرية يستخدم المواد التي يستوردها للاغراض العسكرية.

واعتمد تقرير الادارة الاميركية نصا على تقارير سابقة قدمتها اللجنة الخاصة فيما يخص الاسلحة الجرثومية وعلى تقارير وزارة الدفاع الاميركية التي اتهمت العراق بتحويل طائرات التدريب الحربية الى حاملات للاسلحة الكيماوية والجرثومية، واتهم التقرير السلطات العراقية بتحويل مصنع الدورة للاغذية وانتاج أمصال مكافحة الحمى القلاعية الى مصنع لاعادة انتاج الاسلحة الكيماوية. واتهم التقرير العراق بمحاولاته المستمرة لانشاء مختبرات متحركة يمكن ان تستخدم للبحوث ولتطوير الاسلحة البيولوجية.

واعتمد التقرير على تقارير اللجنة الخاصة في ما يتعلق بالاسلحة الكيماوية، خصوصا انتاج الغازات السامة و«في اكس» وغاز الخردل، واعرب عن اعتقاده ان مصنع الفلوجة الذي يستخدم لتنقية المياه ينتج كميات كبيرة من مادة الكلور، هي اكبر من الحاجة المدنية لتنقية المياه، وان هناك مؤشرات على تحويل مادة الكلور الى اغراض عسكرية.

اما بالنسبة لاتهام العراق باعادة تنشيط برنامجه النووي، فقد اعتمد تقرير ادارة الرئيس بوش على تقرير المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية الذي صدر الاثنين الماضي، واستنتج بأن العراق قادر على بناء القنبلة الذرية خلال شهور اذا تمكن من الحصول على المواد المطلوبة. وذكر التقرير ان العراق خلال اكثر من سنة يسعى الى شراء آلاف من احواض الالومنيوم ذات التصميم الخاص. ويعتقد المسؤولون انها تستخدم لتخصيب اليورانيوم. ومن ثم تطرق التقرير الى الخبرات الفنية والعلمية المتخصصة في البرنامج النووي واخيرا اتهم التقرير حكومة العراق بتطوير صواريخ باليستية يتجاوز مداها 150 كيلومترا، وافاد ان العراق ما زال يواصل تطوير صواريخ «سكود» منها صاروخ «الصمود» و«أبابيل». واشار الى موقع «الرفاه» لاختبار محركات للصواريخ ومعدات اخرى، واتهم التقرير العراق باعادة تصاميم صواريخ «سكود» التي دمرتها اللجنة الخاصة وانه اعاد تصميم محركات صاروخ «البدر».

وخصص تقرير الادارة الاميركية الجزء الثالث لانتهاكات حقوق الانسان في العراق، وقد استند الى قرار مجلس الامن 688 الذي اكد حماية الاكراد في الشمال والشيعة في الجنوب، وهو القرار الوحيد الذي لم يستند الى الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة (فصل العقوبات). وقد اعتمد التقرير في هذا الجزء على تقارير المفوض الخاص لحقوق الانسان للامم المتحدة وعلى تقارير لجنة الامم المتحدة لحقوق الانسان التي مقرها جنيف وكذلك على تقارير المنظمات الدولية الاخرى ومعلومات قدمتها فصائل المعارضة العراقية، خصوصا المؤتمر الوطني العراقي والمجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق، وتحدث عن القتل الجماعي وانتهاكات حقوق المرأة واعتقال وقتل المعارضين السياسيين. وذكر التقرير ان نظام الرئيس صدام حسين قد منع المواد الغذائية عن الاطفال الذين رفض ذووهم المشاركة في معسكرات التدريب واتهم النظام بسوء استخدام الاطفال لاغراض عسكرية. وانتقد تقرير ادارة بوش طريقة سوء استخدام برنامج «النفط مقابل الغذاء».

واتهم السلطات العراقية بدعم الارهاب واشار الى محاولة اغتيال الرئيس الاسبق جورج بوش وإلى حاولة اغتيال أمير الكويت. اشار كذلك الى توفير حماية «للجماعات الارهابية»، مشيرا في هذا الصدد الى حركة «مجاهدين خلق» الايرانية و«جبهة التحرير» الفلسطينية التي يرأسها ابو العباس، وكذلك اشار الى «تنظيم ابو نضال»، واخيرا الى دعم عائلات منفذي العمليات الانتحارية في الاراضي الفلسطينية المحتلة ضد الاسرائيليين.

وقد خصص الجزء الاخير من التقرير للبنود الخاصة بالاسرى والمفقودين الكويتيين والممتلكات الكويتية في قرار وقف اطلاق النار رقم 687 واعتمد هذا الجزء بصورة اساسية على تقارير الامم المتحدة وشدد على ضرورة اعادة الطائرات والمعدات العسكرية التي سرقت من الكويت. واختتم التقرير بالاشارة الى عمليات تهريب النفط العراقي خارج اطار برنامج النفط مقابل الغذاء واستخدام عائدات النفط المهرب لدعم البرامج العسكرية ولبناء القصور وتوزيع العائدات على الاشخاص المقربين منه.