المعارض الليبي عمر شنيب: مسؤول منشق في الاستخبارات الليبية أبلغني بمسؤولية طرابلس عن اختفاء الصدر وجهات استخباراتية عربية استغلتني لترويج هذه الكذبة

سفير ليبيا السابق في عمان يؤكد استعداده لإبلاغ جميع الوقائع والأسماء والتواريخ لأسرة الزعيم اللبناني

TT

رغم مضي 24 عاماً على اختفاء رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى في لبنان، رئيس منظمة أمل الشيعية الامام موسى الصدر إثر زيارة له إلى ليبيا نهاية أغسطس (آب) عام 1978، إلا أن ملفه لا يزال مفتوحاً وقضيته ما زالت عالقة بعنق الحكم الليبي الذي حاول مراراً وتكراراً نفض يديه وتبرئة نفسه. «الشرق الاوسط» حاورت مطولا سفير ليبيا الأسبق لدى الاردن والمعارض عزيز عمر شنيب، الذي سبق ان كشف لها اول من امس عن دور أجهزة الاستخبارات العراقية والاردنية في تمرير معلومات غير حقيقية عن دور ليبيا في اختفاء الصدر إليه، وأنه تم استخدامه من قبل تلك الأجهزة دون أن يدري في ترويج «كذبة كبرى»، بشأن اختفاء الصدر. و في ما يلي نص الحوار:

* في فترة عملك سفيرا لليبيا لدى الاردن هل شاركت في العلاقات والتقاطعات السياسية والمؤامرات؟

ـ أنا كنت في الأردن كسفير لليبيا لكن أيضاً كنت أغطي العراق وسورية ولبنان ولا املك سراً اني كنت سأنتقل فوراً من عمان الى دمشق بعد انتهاء عملي في العاصمة الأردنية فقبل تقديم استقالتي من عمان كان مقرراً أن أنتقل فوراً الى دمشق.

* لماذا قدمت استقالتك من العمل سفيراً لليبيا في عمان؟

ـ لا أعتقد أن الوقت مناسب للكلام في هذه المواضيع ولكن في ذلك الوقت اختلفت مع القيادة السياسية في ليبيا وكانت الخلافات قوية وشديدة وكثيرة، مما أدى الى أن قدمت استقالتي والالتحاق بالمعارضة.

* هل كانت خلافات حول الأساليب أم خلافات في السياسات؟

ـ خلافات في سياسات.

* هل هذه الاختلافات السياسية لم تكتشفها إلا فجأة، خاصة بانك تعلم انك ستنتقل الى سورية بعد ذلك؟ هل ظهرت بشكل مفاجئ أم كان لها مقدمة؟

ـ كانت الخلافات مفاجئة 100 في المائة ولم أستطع الاستمرار في العمل.

* ألم تنضم الى المعارضة في تلك الفترة؟

ـ انضممت الى الجبهة الوطنية الليبية للانقاذ ولكن قبل 7 سنوات انسحبت منها بالكامل.

نعود الى القصة الخاصة بالامام موسى الصدر الذي اختفى في أغسطس عام 1978 واتهمت ليبيا باخفائه كيف بدأت قصتك أنت مع هذه القضية؟

ـ أنا شاركت في مراحل الحادثة الى حد كبير بطريقة غير مباشرة وغير مقصودة، بمعنى عندما كنت في رومانيا عام 80/81 تقريباً أبلغني بعض السفراء العرب وبعض القادة العسكريين ان هناك مؤامرة قامت بها ليبيا للقضاء على موسى الصدر.. نفس الكلام سمعته من جماعات وقادة سياسيين ووزراء عرب آخرين في عمان ونجحوا في تمريره الي، وفي الأخير تبين انه غير صادق اطلاقاً فقد أبلغوني معلومات كان الغرض منها ان يستخدموني كمعارض في يوم من الأيام للتشهير وتفجير المواضيع ضد ليبيا.

* المعلومات في البداية كانت من قبل بعض الدبلوماسيين العرب وفي بوخارست بعد اختفاء الامام الصدر ثم ماذا؟

ـ ثم معلومات أخرى أضيفت لي وسمعت بها في عمان من قبل ساسة ووزراء عرب أحتفظ بأسمائهم لنفسي ومستعد استعداداً كاملاً لأن أقول هذه الأسماء وهذه الأشياء لأسرة الصدر المنكوبة باعتبارها المتضررة الوحيدة الآن من هذه القضية وأقول لهم: إن من بلغني في رومانيا كان فلانا وفلانا ومن بلغني في الأردن هم فلان وفلان وفلان، ولا أريد أن أشهر بالموضوع وأجعل منه موضوعاً كبيراً وأن أذكر أسماء الآن.

* الوزراء أو السفراء العرب من أية دول؟

ـ أستطيع أن أقول ان الاخوة العراقيين كانوا مسؤولين عن تبليغ بعض المعلومات لي وكذلك بعض الأردنيين.

* بعض المسؤولين الأردنيين؟

ـ المسؤولون من عسكريين ومن ساسة أيضاً، خاصة بعد ما عرفوا أني قدمت استقالتي وأرادوا أن يستغلوني.

* اذن الجزء الأكبر من معلوماتك وصل اليك بعد الاستقالة؟

ـ بالفعل كان فيه تأكيدات في البداية من وزراء وسفراء في بوخارست وعمان تشير الى اتهام ليبيا بأنها وراء الموضوع.

* هل كانت لديك وسائل معلومات أو مصادر أخرى غير المعلومات العراقية والأردنية؟

ـ لا .. كانا هما المصدرين الأساسيين.

* هل حصلت على معلومات من داخل ليبيا؟

ـ أولاً أبلغني مسؤول كبير في الاستخبارات الليبية، اتضح بعدها أنه كان يعمل مع المعارضة واعتقد أن ليبيا اختطفته وأعادته الى ليبيا ولا أعرف مصيره.

* ما هي طبيعة المعلومات التي سربت اليك في تلك الفترة؟

ـ تم تسريب بعض الأخبار تفيد بأن الصدر كان في ليبيا في تلك الفترة بالذات، وأنه قتل هناك وأن موضوع نقله الى ايطاليا كان عبارة عن مسرحية غير صادقة، وأن الذي قام بهذا العمل هو القيادة الليبية أو المسؤولون، وأنا كنت في تلك الفترة متحاملا جداً كمعارض أؤدي دوري في كشف حقائق جديدة.

* متى اكتشفت ان الموضوع دسيسة وخداع؟

ـ في أحد اللقاءات وعلى مرحلتين، في المرحلة الأولى كنت في بغداد وكان ذلك يوم وفاة ميشيل عفلق في فندق الرشيد، وفي تلك الفترة بالذات كان هناك بالصدفة مصطفى الخروبي عضو مجلس قيادة الثورة الليبية وبالطبع لم ألتق به.

* بأي صفة كنت في بغداد؟

ـ أنا أحمل جواز سفر اردنيا سياسيا كسفير في الخارجية الأردنية، وأحمل جواز سفر عراقيا كسفير عراقي في الخارجية وبحكم هذين الجوازين كنت أستطيع دخول العراق والأردن كما أريد. في تلك الفترة التي توفي فيها ميشيل عفلق كنت في فندق الرشيد وقال لي بعض السفراء الذين كانوا زملاء لي «استخدمناك استخداما ممتازاً جداً جداً وانت نجحت الى حد كبير في التمرير وتشهير واثارة الأقاويل حول الموضوع» وقد حز ذلك في نفسي كثيراً وهو ما كان يسبب لي عذاب ضمير.

* هذا كان من قبل السفراء العرب أم العراقيين؟

ـ من العراقيين وهم أسماء معروفة، ومستعد أن أقول أسماءهم لأسرة الصدر بالذات وبعض العسكريين العراقيين الذين كانت تربطني بهم علاقات خاصة جداً بحكم دراستي معهم في كلية الأركان وقبل قيام الثورة في العراق عام 1958 وتولوا بعد ذلك القيادات المختلفة في العراق هم أنفسهم نصحوني بأن ارتاح من السياسة لأن كل ما تم بخصوص موضوع الصدر شربته وبلعته ليبيا حينذاك وشعرت بانني وقعت فريسة للعبة استخبارات قذرة «وسخة» كنت مستغلا فيها استغلالا سيئاً للغاية لأداء دور معين.

* المرحلة الثانية متى كانت؟

ـ كنت في عمان لتجديد جواز سفر لي، وكان في تلك الفترة مضر بدران رئيسا للوزراء وكانت تربطني علاقات واسعة وقوية بأشخاص مختلفين وسياسيين وعسكريين.

* هل المصادر التي سربت لك المعلومات السابقة في عمان هي ذات المصادر التي نفتها؟

ـ نعم قالوا لي ان ليبيا ليس لها دور في الموضوع وكانوا هم انفسهم قد ذكروا لي ان ما تم كان مؤامرة وذكروا لي بالتفصيل أسماء وادوارهم.

* لماذا انتظرت 17 عاماً لتكشف عن هذه المعلومات؟

ـ الحقيقة كنت أريد الاطمئنان والأمان والسلام والبعد عن كل ما يتعلق بأية تيارات، وتأكدت أن الحقيقة لا بد أن تظهر في يوم من الأيام وفي نفس الوقت عادت العلاقات الليبية ـ المصرية الى أفضل صورها، لذا لم أود ان أثير أية قلاقل حول ذلك الموضوع.

* هل تتوقع أن تجد في المستقبل القريب مثلاً بعد هذا الاعلان وبعد هذا التاريخ أن يكون لديك شكل من أشكال الأعمال الخاصة مع ليبيا أو الثراء غير المتوقع لك ولعائلتك من دون أن تعود إلى ليبيا؟

ـ لم أكن انتهازياً في أي يوم من الأيام.. في الفترة الماضية من عام 83/84 حتى يومنا الحالي أعيش على اعانات من أشقائي في المعارضة وبعض العرب وليس لي أي دخل ولن يكون لي أي دخل والهدف هو وجه الحقيقة فقط. أما ما يدخل في الأعمال فان صحتي لا تسمح لي حتى بالحركة ولا بالمشي، وفي نفس الوقت أعد العدة لأن أدفن في مصر ولا نريد إلا وجه الله، وبالمناسبة جميع عماراتي وممتلكاتي في ليبيا تحت يد الحكم هناك ولم يحدث في يوم من الأيام أن غيرت اتجاهي أو بدلت رأيي في ما يتعلق بي من أجل أموال أو خلافة.

* هل ما زلت معارضاً للحكم في ليبيا؟

ـ نعم. ولكن هذا الاعلان منك الآن يخدم الحكم في ليبيا؟ ـ أنا أصحح خطأ أحاسب عليه أمام الله وخدمة لعائلة الإمام وحتى لا تضيع الحقيقة.

* اذن ستستمر معارضتك للنظام الليبي؟

ـ الاجابة نعم بكل ما أستطيع مع القوى الشريفة.

* لماذا لا تتوجه الى عائلة الصدر مباشرة بمعلوماتك هذه؟

ـ لا أعلم كيف.. فليس لي اتصال بهم بالذات ولا أعرف مع من اتكلم منهم ولكني أحمِّلك هذه المسؤولية. وبشكل عام أستطيع أن أتقدم اليهم وأبلغهم من هم هؤلاء الأشخاص الذين قالوا لي هذه الكذبة لأنني لا أثق الآن إلا بالعائلة، وهي المتضرر الوحيد.

* بحكم معرفتك بالتفاصيل من وراء اختفاء الصدر؟

ـ أنا لا أستطيع أن أتهم أحداً لأن تيارات مختلفة طويلة عريضة ومحاور مواقع لا تعرف أين قرارها والعالم الاسلامي مليء بالمحاور حتى يومنا هذا. لقد حاولت أن أقول كلمة واحدة فقط ولا أبغي الا وجه الله سبحانه وتعالى. الموضوع لا يخرج عن هذا الاطار لا نتوقع صفقة ولا نتوقع مالا ولا أي شيء أكثر من ذكر الحقيقة ولا ننسى موضوع الحرب العراقية ـ الايرانية والصراع اللبناني ـ اللبناني والصراع الاسرائيلي ـ العربي. هناك أكثر من سبب لأن تقضي العديد من الأطراف على الامام موسى الصدر.