أوساط أميركية وإسرائيلية تحذر من استغلال شارون الحرب ضد العراق لتوجيه ضربة إلى الفلسطينيين

TT

إزاء المحاولات الاسرائيلية لاقحام السلطة الفلسطينية في الحرب الاميركية ـ العراقية والادعاء ان «العلاقات تتوطد بين العراقيين والفلسطينيين»، توجهت اوساط اميركية عليا وبعض العناصر السياسية والاعلامية في اسرائيل الى رئيس الوزراء، ارييل شارون، محذرينه من استغلال الحرب الاميركية المتوقعة ضد العراق من اجل توجيه ضربة حربية الى الفلسطينيين.

ولمحت تلك الأوساط الى ان هناك من يفكر في القيادات السياسية والعسكرية بتوجيه ضربة كهذه تقضي بواسطتها تماما على السلطة الفلسطينية «وتنهي تماما دور رئيسها ياسر عرفات». وتعتقد هذه الأوساط ان شن حرب اميركية على العراق هو الفرصة المناسبة لتوجيه ضربة كهذه خصوصا اذا تعرضت اسرائيل لهجوم صاروخي عراقي وخرج الفلسطينيون يحتفلون بذلك ويبتهجون. فعندها ترد اسرائيل على الضربة العراقية مباشرة وتجد الحجة للتذرع بها في توجيه الضربة الكبرى الى الفلسطينيين.

وقالت الأوساط الاميركية ردا على هذا التوجه ان الرئيس جورج بوش يريدها حربا من دون اي تدخل اسرائيلي بأي شكل من الاشكال. بل انه يطلب من اسرائيل ان تخفف، من الآن لهجتها ضد العراق وتهديداتها له. ويعتبر هذه التهديدات بمثابة مساس في الجهود الاميركية لتجنيد العالم العربي او جزء منه في الحرب على العراق. ونقل على لسان مسؤول اميركي توجه الى اترابه في تل ابيب قائلا: «لا تزيدوا الطين بلة بشأن العلاقات الاميركية ـ العربية. فالوضع متوتر اصلا، والرئيس يريد تخفيف حدة هذا التوتر».

واما الاسرائيليون الذين يعارضون في التوجه الحربي المذكور فقد دعوا حكومتهم الى اتباع اسلوب معاكس ـ «فاذا وقعت الحرب ضد العراق ستحتاج الولايات المتحدة الى تسوية القضية الفلسطينية حتى تحسن مكانتها في العالم العربي. وسيحتاج اعداء السلام الفلسطينيون الى تصعيد التوتر مع اسرائيل من اجل جرها الى الحرب وبذلك تخفيف الضغط عن صدام حسين». ولهذا، يدعو هؤلاء شارون الى ان يستبق الاحداث ويبادر الى تهدئة الأوضاع مع الفلسطينيين الى اقصى حد واعطاء دفعة قوية للمسيرة السلمية في هذا الوقت بالذات. «بذلك نقدم مساعدة حقيقية للادارة الاميركية».

وكان دعاة الحرب في المؤسسة العسكرية والسياسية الاسرائيلية قد خرجوا، امس باتهامات للسلطة الفلسطينية انها تعزز العلاقات التضامنية مع العراق. وادعوا ان العراق زاد من دعمه المالي لعائلات الضحايا الفلسطينيين ليصل الى 25 ألف دولار لكل عائلة (هذا الادعاء حول المبلغ نفسه قيل ايضا قبل شهرين). وان هناك اتصالات سرية بين السلطة والنظام العراقي تهدف الى «فتح جبهة قتال اخرى على اسرائيل في حالة شن الحرب على العراق».

ويذكر ان هذه الأنباء لم تؤكد من اي مصدر. لا بل ان الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية ابلغت الحكومة الاسرائيلية خلال جلسة المجلس الوزاري الامني المصغر، يوم الاربعاء الماضي، ان لديها معلومات موثوقة جدا عن انخفاض حاد لدى الفلسطينيين في رؤية العمليات التفجيرية كمقاومة شرعية. والمزيد من الفلسطينيين يقتنعون بأن هذه العمليات اضرت في قضيتهم بشكل خطير. ولهذا يجب ليس فقط وقفها، بل مقاومتها داخليا. واشارت، بهذا الصدد، الى بيان حركة «فتح» الصادر يوم الاثنين الماضي وتعلن فيه بشكل رسمي وواضح انها تعارض العمليات التفجيرية داخل اسرائيل او ضد المدنيين الاسرائيليين وانها ستعمل على وقف هذه العمليات ايا كان مصدرها.

الجدير ذكره ان الأوروبيين يحاولون بهدوء اقناع الحكومة الاسرائيلية بالعودة الى تطبيق مشروع غزة ـ بيت لحم اولا، وذلك بالانسحاب من قطاع غزة ومن الخليل في اسرع وقت، تجاوبا مع الجهود الامنية الفلسطينية الملموسة بوقف العمليات. إلا ان اسرائيل ترد بانه ما زالت هناك حاجة لمزيد من الضغط على السلطة الفلسطينية حتى تعمل لوقف العمليات. وتشير الى عمليات المقاومة المستمرة في قطاع غزة بالذات.

المعروف ان الاحتلال الاسرائيلي من جهته لم يوقف العمليات في قطاع غزة ولو ليوم واحد، رغم الاتفاق المذكور. بل انه يرسل قواته لاجتياح بعض الاحياء في مدينة غزة ومدينة رفح. وفي يوم امس غادرت قوات الاحتلال بيت لاهيا (شمال القطاع) ورفح (جنوب القطاع) بعد ان هدمت سبعة بيوت وجرفت عدة دونمات من الأراضي المغروسة بالنخيل المنتج للثمر واعتقلت 10 فلسطينيين.

وادعت قوات الاحتلال انها نفذت هذا الاجتياح من اجل مصادرة راجمات صواريخ قسام وزعمت انها عثرت على صواريخ مضادة للدبابات.

ولكن قوات الاحتلال لم تدخل فقط البلدات التي تشهد مقاومة. ففي الليلة قبل الماضية وفجر امس قامت بعمليات اقتحام واجتياح في كل من جنين وطوباس وبيتونيا وجبع في الضفة الغربية. واعلنت عن ضبط خلية من 3 فدائيين جاءوا من الضفة للقيام بعمليات تفجيرية داخل اسرائيل. إلا انها اعترفت بأن الثلاثة لم يكونوا مسلحين وتم تفتيش سيارتهم، فلم تعثر على اي شيء مشبوه. لكنها تعتقد أنهم خلية ارهاب لأن احدهم حاول الهرب لدى اعتقاله، فأطلقت الرصاص باتجاهه فأصيب بجراح.

وقالت الشرطة الاسرائيلية انها كانت قد تلقت معلومات مسبقة عن هذه الخلية. فاعلنت حالة استنفار طارئة في جميع المناطق الحدودية مع الضفة الغربية وكذلك في المناطق الشمالية وعندما القي القبض على الشبان الثلاثة الغيت حالة الاستنفار القصوى وعادت حالة الاستنفار الحذر لتسيطر على المنطقة.