بوش عزز موقفه تجاه الكونغرس بعد خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة

المشرعون الأميركيون أصبحوا أكثر استعدادا لدعم عمل عسكري ضد صدام

TT

اثار خطاب الرئيس الاميركي جورج بوش امام الجمعية العامة للامم المتحدة اول من امس زخما جديدا داخل الكونغرس الاميركي بشأن عمل عسكري ضد العراق كما زاد ايضا من احتمالات إجراء تصويت قبل انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل على استخدام القوة لإطاحة الرئيس العراقي صدام حسين. وقال اعضاء في الكونغرس من الحزب الديمقراطي ان الرئيس بوش لم يجب عن اسئلة رئيسية حول سياسته إزاء العراق او حول العمل الوقائي المرتقب ضد العراق. كما اعرب آخرون من ضمنهم السيناتور الديمقراطي ورئيس لجنة العلاقات الخارجية بالكونغرس، جوزيف بيدن، عن اعتقادهم بأن الادارة الاميركية يجب ألا تستعجل التصويت في الكونغرس قبل الانتخابات. بيد ان قرار الرئيس بوش بالتوجه الى الامم المتحدة والمطالبة بفرض قراراته الحالية ضد العراق، من شأنه ان يساعد الادارة الاميركية على المضي قدما في هدفها الرامي الى كسب مصادقة الكونغرس على عمل عسكري. من جانبه، قال رئيس الاغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ، توماس داشل، ان الكونغرس سيناقش قرارا بهذا الشأن قبل الانتخابات، واضاف ان «الرئيس بوش كلما تحدث عزز من موقفه»، واعرب داشل عن اعتقاده بأن الادارة الاميركية لم تطرح بصورة وجهة نظرها التي تبرر اتخاذ خطوة وقائية ضد العراق، لكنه اشار الى ان ذلك لا يعني عدم امكانية عرض وجهة النظر هذه. واشار كل من داشل وريتشارد جيبهارت، زعيم الاقلية الديمقراطية بمجلس النواب، الى ان لديهما اسئلة لم تجد اجابة حتى الآن، بما في ذلك وضع العراق في مرحلة ما بعد اطاحة صدام حسين قبل تحديد موعد للتصويت بشأن الخطوة المرتقبة ضد العراق. بيد ان جيبهارت حدد بوضوح الجانب الذي يعتمد عليه فيما يتعلق بجوهر القرار، اذ اشار في وقت سابق مطلع العام الجاري الى ان الولايات المتحدة «يجب ان تتحرك دبلوماسيا ما امكنها ذلك، وعسكريا اذا بات ذلك خيارا لا بد منه» للتخلص من صدام حسين.

كان هناك العديد من المتابعين الذين وضع لهم بوش حسابا، ومن اهم هؤلاء اعضاء الكونغرس عن الحزبين الجمهوري والديمقراطي الذين اعربوا في وقت سابق عن خيبة املهم إزاء النية الواضحة للادارة الاميركية في العمل من خلال الامم المتحدة او الكونغرس قبل التوصل الى سياسة تجاه العراق. ومن ضمن المؤشرات على التقدم الذي احرزه بوش في الكونغرس الرد الذي جاء من السيناتور الجمهوري تشاك هاغيل، الذي انتقد الادارة الاميركية. فقد قال هاغيل ان ذهاب بوش الى الامم المتحدة لعرض قضيته هو الاتجاه الصحيح، واضاف ان الكيفية التي سيرد بها العالم على تصرفات صدام حسين ستحدد ما اذا ستكون الحرب هي الخيار الذي ستدرسه الولايات المتحدة. الجمهوريون الآخرون الذين ظلوا يؤيدون اتخاذ الولايات المتحدة خطوة تجاه صدام حسين استغلوا حديث بوش امام منظمة الامم المتحدة للضغط على الجمهوريين للتصويت على مسألة العراق قبل انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. كما ان السيناتور الجمهوري جون ماكين، الذي ظهر مع رئيس الاقلية الجمهورية ترنت لوت، قال ان بوش عندما يجري مشاورات مع حلفاء الولايات المتحدة ويطرح قضية قوية بشأن نظام التفتيش عن اسلحة الدمار الشامل يجب ان يوضح لحلفاء واشنطن وللناس بصورة عامة ان الشعب الاميركي يقف الى جانبه. ويبدو ان بوش بدأ تعبئة لدعم استراتيجيته بطرحه القضية مفصلة على النحو الذي سعى له المشرعون وايضا من خلال الاتصال بزعماء العالم لبناء تحالف دولي مثلما فعل والده قبل ما يزيد على عشرة اعوام. اما اذا احجم معظم قادة الدول وبقيت بريطانيا وحدها مؤيدة لبوش بعد مداولات الامم المتحدة، فإن المشرعين يتوقعون ان يواجه كل من جيبهارت وداشل ضغوطا قوية من قواعد الحزب الديمقراطي لإعادة النظر في تأييد بوش. وترى نانسي بيلوسي، مسؤولة الانضباط والنظام في الحزب الديمقراطي بمجلس النواب، ان الادارة الاميركية اذا عرضت دليلا يثبت ان صدام حسين يشكل خطرا حقيقيا وانه متورط في هجمات سبتمبر (ايلول) 2001، فإن اعضاء المجلس سيتوصلون الى اتفاق بشأن الخطوة التي يجب اتخاذها ضد صدام حسين. من جانبه، قال السيناتور الديمقراطي راسيل فينغولد انه يشعر ببعض القلق إزاء تغير مبررات الادارة الاميركية لمواجهة صدام حسين، واضاف انه في هذه النقطة يؤيد أي قرار يدعو الى غزو بري للعراق. هناك بعض الديمقراطيين الذين اعربوا عن رغبتهم في التعامل مع أي قرار بشأن العراق عقب الانتخابات حتى لا يدخل في اجندة الحملة، بيد ان بعض الديمقراطيين يعتقد ان التصويت المبكر على هذه القضية قبل اجراء الانتخابات ربما يحقق هذا الهدف. وحث بيدن بوش على التحرك ووصف خطابه بأنه «رائع»، لكنه اشار الى انه «لا يجب اصدار إعلان للحرب قبل خطوة من جانب مجلس الامن. اما السيناتور الديمقراطي جون كيري، الذي يتوقع ان يشارك في الترشيح لانتخابات الرئاسة عام 2004، فقد اشاد بتوجه بوش الى الامم المتحدة، لكنه اشار الى ان مطالبة واشنطن للامم المتحدة بإصدار قرار يخول لها استخدام القوة ضد العراق يجب ان تسبقه خطوة من جانب مجلس الامن. ومن جانبه، اوضح مسؤول بارز مرافق للرئيس بوش للصحافيين ان «من الغباء ان يطالب الكونغرس باتخاذ خطوة في الامم المتحدة قبل اصدار قرار»، وتساءل قائلا: «لا افهم لماذا لا يناقش الكونغرس هذه المسألة على اساس وقائعها الموضوعية.. لماذا لا يتخذ الكونغرس خطوة». واضاف المسؤول ان الرئيس بوش يريد ان تناقش هذه القضية في الكونغرس قبل الانتخابات. واوضح مرشحان محتملان في معركة الرئاسة المقبلة هما السيناتوران الديمقراطيان جون ادواردز وجوزيف ليبرمان، ان القرار الخاص بتوقيت التصويت على الخطوة المرتقبة ضد العراق امر متروك للرئيس بوش. الجدير بالذكر ان ليبرمان معروف بموقفه المتشدد إزاء العراق، اما ادواردز فقد صرح يوم اول من امس ان مجلس الامن اذا منع من دعم هذه المساعي، فإن الولايات المتحدة يجب ان تعمل مع اكبر عدد من حلفائها للتأكد من تنفيذ العراق التزاماته تجاه قرارات مجلس الامن. ونقل عن مسؤول حكومي اميركي قوله من المحتمل ان ما تطلبه الادارة الاميركية في القرار غير واضح. ويتوقع لو ان شيئا مكتوبا يوضح تفاصيل القضية التي عرضها بوش امام الامم المتحدة والمصادقة على أي قوة ضرورية لإطاحة صدام حسين في حال عدم تجاوبه مع قرارات الامم المتحدة. الديمقراطيون من جانبهم لا يريدون إعطاء بوش شيكاً على بياض، فضلا عن انهم على استعداد للتفاوض بشأن اللغة، ولكن اذا امتنع الديمقراطيون بصورة ما عن مساندة قرار يسمح باستخدام القوة العسكرية لإطاحة صدام حسين، فإن الجمهوريين على استعداد لطرح صيغتهم الخاصة وحمل الديمقراطيين على التصويت.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»