اليوسفي: الحالة الجزائرية هي نتيجة لمواقف «المسيرين» الجزائريين وتأخرهم في دمقرطة البلاد

TT

عاش عبد الرحمن اليوسفي الوزير الاول المغربي والامين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، منذ سنوات الاستقلال الاولى في قلب الصراع من أجل الانتقال بالمغرب الى الديمقراطية، وقد دفع من أجل ذلك ضريبة الكفاح التي اقتسمها مع رفاقه في الحزب، فعاش في المنفى زهاء 30 سنة بعد أن كاد ان يصدر في حقه حكم بالاعدام. وفي السنوات الاخيرة عندما اراد العاهل المغربي الراحل الملك الحسن الثاني ان ينصب اول حكومة سياسية لم يجد غير اليوسفي كشخصية تاريخية تختزل جزءا كبيرا من تاريخ المغرب المعاصر بانتكاساته وخيباته، لقيادة أول تجربة فريدة من نوعها في العالم العربي، فأسندت الى اليوسفي ادارة أول حكومة تناوب في تاريخ المغرب المستقل قبل اربع سنوات ونصف السنة، وتزامن ذلك مع انتقال المغرب من عهد الملك الحسن الثاني الى عهد الملك محمد السادس. واختتمت هذه التجربة باجراء اول انتخابات في العهد الجديد يتطلع المغاربة الى أن تكون نزيهة، وأن تشكل قطيعة مع تاريخ طويل ومرير من الخيبات التي اخرت انطلاق المغرب 40 سنة.

«الشرق الأوسط» التقت اليوسفي وحاورته حول ابعاد هذه التجربة ورهاناتها ومخاطرها ايضا:

* ماذا تمثل بالنسبة لك انتخابات 27 سبتمبر (ايلول) الجاري؟

ـ انتخابات 27 سبتمبر تمثل بالنسبة للمغاربة جميعا تاريخا حافلا ونقطة تحول في مسار الحياة السياسية في المغرب، فبلدنا وان كان قد عرف الانتخابات والحياة البرلمانية منذ عام 1963، ورغم توالي الانتخابات البرلمانية والجماعية (البلدية) في المغرب منذ ذلك التاريخ باستثناء فترة حالة الاستثناء (دامت من 1965 حتى 1975)، إلا أن ما كان يشوب تلك الانتخابات من تجاوزات خلق لدى الشعب المغربي خيبة أمل كبيرة، حتى ان آخر انتخابات عرفها المغرب عام 1997 عرفت عزوفا قياسيا، لان المواطن المغربي بات لا يكترث بالانتخابات ولا يوليها أية مصداقية، لذلك فان هذه الانتخابات التي وعدنا بسلامتها ونزاهتها في تصريحنا الحكومي (البيان الحكومي)، والتي اعتبرنا انها ستكون نقطة تحول، وتشكل قطيعة مع الماضي، لا أبالغ حينما ادعي انها تشكل الانجاز الاساسي بالنسبة للاصلاحات التي باشرناها طيلة الاربع سنوات ونصف السنة الماضية، فما انجز وبالرغم من كونه محسوساً وواقعياً ومؤثراً في تطور المغرب، فان ما يزكيه هو اجراء انتخابات نزيهة.

ولو أردنا ان نحقق ما نبتغيه وهو استمرار التطور الديمقراطي، وتعبئة المواطن ليستمر في دعم هذا المسار، فلا بد من هذه الحقنة من الحماس والاطمئنان، والشعور بأن المغرب تغير ويتغير.

* يبدو ان رهانك الاكبر كان وما زال على هذه الانتخابات، فهل وضعت في الحسبان ان الرهان يمكن ان يربح كما يمكن ان يخسر؟

ـ صحيح، وفي الحياة يجب ان يراهن الانسان، وان يتحلى بالشجاعة والجرأة، لان هذا الميدان الذي نعمل فيه صعب، وهناك تراكمات وعراقيل واصحاب بعض الارادات التي لا تتمنى نجاح هذه التجربة. انا اراهن على رغبة المغاربة في ان يحيوا حياة ديمقراطية، وأراهن على ما تذوقوه حتى الساعة من ديمقراطية وحريات، وأراهن على الضمانات التي تقررت. فقد أدى حرصنا على توفير ضمانات لنزاهة الانتخابات المقبلة، الى رسم قطيعة مع نمط ونظام الاقتراع السابق. وبفضل الاسلوب الجديد للاقتراع سيجد المواطن نفسه امام برامج احزاب تمثل خيارات سياسية حقيقية يستطيع ان يميز من بينها الاحزاب التي لها ما تقدمه من تجارب ورصيد وانجازات. والشعب المغربي الذي اظهر نضوجا مهما اثناء هذه التجربة، واثناء انتقال المغرب من عهد الى عهد في مرحلة صعبة ودقيقة محليا واقليميا ودوليا، والاستقرار الذي عرف المغاربة كيف يحافظون عليه، والسلوك الراقي الذي تحلى به المواطن المغربي عند كل منعطف مهم في تاريخ المغرب، كل هذه الامور تجعلني اعتقد ان المواطن المغربي سيتحلى بالنضج الكافي والتبصر الكامل عندما سيتوجه غدا الى صناديق الاقتراع لاختيار مستقبل بلاده. وأنا واثق من أن المغاربة جميعا سيساعدون على نجاح هذه التجربة ليخوضوا تجارب أحسن في المستقبل.

* عندما توليت منصب الوزير الاول قبل اربع سنوات ونصف السنة، هل كنت تعتقد ان التجربة ستستمر حتى نهايتها؟

ـ من السهل ان اقول لك اليوم انني كنت متأكدا من ذلك، لكن الحقيقة انني لم اكن متأكد سوى من امر واحد، وهو صعوبة التجربة، ومع ذلك فقد كان يساورني نوع من التفاؤل اعتمادا على ثقة المواطن المغربي، وترحيب الشعب المغربي بالتجربة مما كان يدفعني الى التفاؤل بنجاحها. لكن ماذا كان سيقع، وما مصير ارادتي وإرادة زملائي في الحكومة، هذه هي الاشياء التي لم اكن متأكدا من الوصول الى النتائج التي وصلنا اليها اليوم، رغم اني كنت متفائلا، وعازما على بذل كل ما في مستطاعي لانجاح التجربة. ان قيادة حكومة بأغلبية جديدة وبتركيبة غريبة عما عهدته التجارب الحكومية في المغرب، لم يكن بالامر السهل وليس نجاحها بالامر السهل ايضا، فبالاحرى ان يطمئن اليه المرء ويقدم عليه بدون خوف. لكن لا أخفيك ان من بين العناصر التي زادت ثقتي في نجاح مهمتي، وما ساعد على ازاحة كل المخاوف من طريقي، هو الدعم الذي كنت اعرف اني سأتمتع به من طرف جلالة الملك، وانه اذا حصلت لي اية اشكالية او صعوبة غير منتظرة، كنت سأجده الى جانبي، وسيساعدني على تذليل كل الصعاب، فهذا كان من بين عوامل الثقة والتفاؤل التي كنت استند اليها.

* عشية نهاية ولاية حكومة التناوب، هل يمكن القول إن هذه التجربة استنفدت مهامها؟

ـ اعتقد ان التجربة قامت بكل ما كان بامكانها القيام به، ويمكن ان اضيف انها تغلبت على العديد من الصعاب الداخلية والخارجية، وانها وصلت بالمغرب الى مرحلة مرضية سواء في مجال الحريات او في مجال الاوراش الاقتصادية والاجتماعية التي دشنتها، او في مواجهة المعضلات الاقتصادية والمناخية والدولية وقلة الموارد التي عاقت سيرها. اعتقد ان هذه التجربة استطاعت ان تذلل الكثير من الصعاب، وان تقدم الحصيلة التي قدمتها امام البرلمان ومن خلاله الى الرأي العام المغربي، والتي اعتقد انها كانت بالنسبة للكثيرين مفاجئة، لأنهم لم يكونوا على اطلاع كاف بما انجز وما بذل من جهد.

* خلال تجربة حكومة التناوب وجه الكثير من النقد للحكومة ولكم شخصيا باعتباركم قائدها، ما هي اكثر الانتقادات التي تراها موضوعية، وما هي تلك التي آلمتك كثيرا؟

ـ الانتقادات التي كانت موضوعية، ولا ادري هل اسميها موضوعية، هي تلك التي تنطلق من اسباب طبيعية، فأنا اتفهم كون البعض كان يعتقد ان مجرد مجيء حكومة من هذا النوع يقودها حزب «الاتحاد الاشتراكي» ويرأسها شخص كان يحظى باحترام وتقدير المغاربة، كان كفيلا بايجاد حلول لمشاكلهم المباشرة بسرعة، كما ان هناك انتقادات اخرى لا اعطيها اية اهمية سواء بسبب مضمونها او الاشخاص الصادرة عنهم.

* وما هو الشيء الذي تتمنى ان يذكره التاريخ، ويحسب لصالح هذه التجربة؟

ـ اعتقد ان المؤرخين هم سادة تحليلهم، ومنظارهم يختلف عن منظاري، لكني اظن ان المؤرخ الموضوعي سيسجل انه في هذا البلد نودي على زعيم المعارضة لإدارة دفة الامور، وان المغرب دخل في عهد من الحريات غير مسبوق، وان هذه التجربة تزامنت مع ظروف تاريخية مهمة، عرفت فيها البلاد مرحلة انتقال من عهد الحسن الثاني الى عهد محمد السادس، وان هذه الفترة كانت غنية بالنقاش والحوار، واختتمت بتنظيم أول انتخابات نزيهة وشفافة فتحت الامال امام المغاربة ليطمحوا الى ان يروا بلدهم عضوا في نادي الدول الديمقراطية.

* عايشت ثلاثة ملوك، وبالتالي عاصرت ثلاث مراحل انتقال رئيسية في تاريخ المغرب المعاصر، ما هي في نظرك ميزة كل مرحلة من هذه المراحل؟

ـ يمكن ان اقول انه في جميع المراحل كانت هناك صعاب، فعهد الملك محمد الخامس كان بالنسبة لنا امتحانا، لانه كان بداية تبلور موقفنا من تنظيم الدولة وضرورة دمقرطتها، وكان من الصعب علينا في السنوات الاولى من الاستقلال، وقد خرجنا للتو من المعركة مع المستعمر وبعض المتحالفين معه، أن تفترق بنا الطرق، ونصبح وكأننا خصوم، ونذاق طعم القمع في الشهور الاولى من الاستقلال، تلك كانت ظروف صعبة ولم نكن نتمناها لانفسنا ولبلدنا. كذلك عهد الملك الحسن الثاني لم يخل من صعوبات، فليس من السهل ان يشارك المرء في معركة قوية وصريحة من اجل تنظيم البلاد وتصحيح مسارها واعطائها مؤسسات حقيقية واقرار حقوق الانسان بها حتى يعترف بها كما هو متعارف عليه دوليا. تلك ايضا كانت مدة اطول تطلبت كفاحات كثيرة، واختبارات عديدة، وقد ادينا خلالها واجبنا وتحملنا ضريبة كفاحنا. اما المرحلة الثالثة التي تزامنت مع عهد الملك محمد السادس فقد واجهتنا المشاكل الموضوعية الناجمة عن التسيير والبحث عن الموارد، ومشاكل ارضاء الرأي العام ومواجهة الخصوم السياسيين على اختلاف الوانهم، فهذه المرحلة هي الاخرى ليست سهلة وان كانت اكثر نشاطا.

* امام الصعاب التي تحدثت عنها والتي واجهت تجربة حكومة التناوب، ومع ضغط العمل واكراهات الظروف، الم ينتابك الشعور لحظة واحدة لحزم حقائبك احتجاجا او يأسا من تطويع عناد واقع عصي عن كل تغيير؟

ـ سبق لي ان حزمت حقيبتي احتجاجا مرة سابقة (ضاحكا) وكانت تلك اشارة ايجابية ومقصودة، لاني اعتقدت ان اصدار بيان او كتابة افتتاحية نارية احتجاجا على ما حصل (تزوير انتخابات 1993) كان غير كاف. لذلك كان لا بد من دق ناقوس الخطر، واشعار الجميع ان الوضع الذي كان سائدا لا يمكنه ان يستمر وكنت سعيدا، لان رسالتي تلقاها الشعب المغربي وتلقتها الاوساط المعنية كما يجب. ان عملية الاحتجاج تلك لم تكن تعبيرا عن تعب او تخليا عن ما يشعر به الانسان كواجب ومسؤولية.

* من خذلك اكثر، الرفاق داخل الحزب، ام الحلفاء داخل الغالبية الحكومية؟

ـ أتردد في الاجابة عن هذا السؤال، لانه يصعب تمييز الحلال من الحرام في هذا الموضوع. فقد وقعت اشياء يمكن أن أقول إن الشخص او الاشخاص الذين قاموا بها انما فعلوا ذلك بناء على حسن نية او بدافع فعل الخير، ولا أعتقد ان ما حصل يمكن وصفه بالخطورة. هذه اوصاف يطلقها الصحافيون وهم احرار في تقييمهم للاشياء. اما بالنسبة لي شخصيا فلم اشعر اني طعنت من الخلف مرة، وما انا مقتنع به هو صعوبة العمل والمهمة واختلاف طبائع البشر.

* عقب انتهاء الولاية التشريعية للبرلمان الحالي، كتبت احدى صحف المعارضة تقول ان الوزير الاول لم يكلف نفسه طوال عمر هذه الولاية الاجابة عن سؤال واحد داخل البرلمان، كيف تلقيت هذا الانتقاد؟

ـ هذه مغالطة سرمدية دامت طول هذه الفترة، وكأن كاتبي هذا النوع من الكلام لا يعرفون كيف تسير الامور، فجميع الاسئلة البرلمانية توجه للوزير الاول، وهو من يعين الوزراء الذين ينوبون عنه في الاجابة عن الاسئلة المطروحة. واغلب ان لم أقل كل الاسئلة التي تلقيتها كانت تعني قطاعات معينة، فلم اجد نفسي مرة امام سؤال يقتضي حضوري الشخصي امام البرلمان. فهذا تقييمي لجميع الاسئلة التي تلقيتها. ثم ان هناك بعض الاشياء التي لا أساس لها، فان يدعي نائب برلماني او مستشار انه طلب من الوزير الاول ان يأتي ليدلي بتصريح ورفضت القيام بذلك، فهذا شيء غير دستوري. الوزير الاول هو الذي يقرر الظرف والمناسبة للادلاء بتصريح امام البرلمان، وكلما اعتبرت انه يجب علي ان امثل شخصيا امام البرلمان قمت بذلك. فمثلا بعد مرور فترة من عمر هذه التجربة ادليت امام البرلمان بالتصريح الثاني، ولما كانت هناك اصلاحات جوهرية، مثل العودة الى التخطيط الخماسي مثلت امام البرلمان لتقديمه، وعندما اردت تقديم اصلاح التعليم والتكوين قمت بذلك بنفسي تحت قبة البرلمان، ولما جاء دور تقديم التغطية الصحية الاجبارية قدمته بنفسي امام البرلمان، واخيرا عندما حان وقت تقديم حصيلة حكومتي قمت بذلك امام البرلمان. والمفارقة ان بعض النواب كانوا يطالبون بتقديم حصيلة حكومة التناوب من باب التعجيز، ولما صادفت رغبتهم قراري وتوجهت الى البرلمان احتجوا وحاولوا ان يتغيبوا بعد ان فشلوا في منع تقديم تصريح الحصيلة. وكما تلاحظ فاغلب الانتقادات هي تعليلية لتبرير موقف ما، ولا ترتكز على اسس صحيحة.

* الصحافة المغربية هي الاخرى تشكو من قلة تواصلك معها، فكيف تفسر للصحافيين المغاربة ان وزيرهم الاول لم يكن يتواصل معهم بالطريقة التي كانت تستجيب لمتطلباتهم المهنية؟

ـ اعتبر اني قمت بواجبي عندما استقبلت الصحافة الوطنية، بل خلقت عادات جديدة كاستقبال الصحافيين بمناسبة رأس كل سنة جديدة. وكلما كانت لي مناسبة لاستقبال صحيفة وطنية استقبلتها. وأعتقد ان «الشرق الأوسط» لا يمكنها ان تشارك هذا الرأي لأني استقبلتك عدة مرات اثناء هذه الولاية. ايضا لما يزورني هنا بمقر الوزارة رئيس حكومة او مسؤول كبير تختتم اجتماعاتنا بمؤتمر صحافي، واكون حاضرا للاجابة عن جميع الاسئلة. وخلال ولاية حكومة التناوب عقدت الكثير من المؤتمرات الصحافية، كما انني خلال رحلاتي الخارجية التي يدعي الصحافيون انها كثيرة (يضحك)، كنت دائما اصطحب معي عددا من الصحافيين واجالسهم في البلاد التي ازورها، واحيانا داخل الطائرة. وكوني ايضا اخص الصحف الاجنبية بحوارات صحافية، فهذا من واجبي، لانه يصب في خدمة المغرب من اجل استقطاب الاستثمارات والتعريف بسمعة بلدي، فان تطلب كبريات الصحف والقنوات الفضائية محاورتي فهذا شيء يشرف بلادي ويخدمها. وكنت اتمنى ان يكون عند الصحافيين المغاربة نفس الشعور وان يرددوا اصداء تلك المقابلات في صحفهم، فنحن في صحافة حزبنا ننقل دائما كل ما ينشر في الخارج عن بلادنا.

* كيف تتوقع نتائج الانتخابات الحالية، الا تخشى من اكتساح اصولي لها؟

ـ ليست لدي اية توقعات بخصوص هذه الانتخابات، فما كان يهمني هو ان اساهم في تنظيمها وان تكون على الطريقة الجديدة التي اخترناها، وان يدرب المغاربة على هذا الاسلوب الجديد من الاقتراع، والباقي اعتمد فيه على نضج وتبصر الناخب المغربي.

* وماذا تتوقع لحزبك في هذه الانتخابات؟

ـ حزبي، اتمنى له دائما النجاح، وابذل كل جهدي حتى يحصل على اكبر عدد ممكن من المقاعد. وكما تعرف لا يمكن القياس مع الانتخابات السابقة، لانه كان دائما يتم العمل على تحجيم وزننا. سنرى هذه المرة كيف ستجري الامور، هل سيجازى «الاتحاد الاشتراكي» على ما قام به؟ هل سيكون موضوع سوء تفاهم؟ هل نمط الاقتراع الجديد لن يخدمه؟.. الى غير ذلك من الاسئلة التي لا يمكن الاجابة عنها حاليا.

* وهل ستقبل دعوة العاهل المغربي لإعادة تشكيل حكومة جديدة في حال فوز حزبك بالمرتبة الاولى؟

ـ لا أدخل في تنبؤ من هذا النوع، فكما سبق ان قلت فقد عبرت عن رغبتي ان لا أعود لتحمل المسؤولية الحكومية بعد هذه الفترة.

* وكيف ترى مستقبل المغرب بعد هذه الانتخابات؟

ـ اعتقد انه اذا تمت بالطريقة التي نتمناها جميعا، اي ان تكون نزيهة وشفافة، وان يكون المواطنون كلهم راضون عن نتائجها، فان ذلك سيعطي صورة جديدة عن المغرب، وسيرسخ الصورة الايجابية التي اصبحت ترتسم عن بلادنا عند الكثير من الملاحظين الموضوعيين. واعتقد ان نتائج الانتخابات سيكون لها اثر على المشهد السياسي الداخلي. وبالنسبة للخارج ستساعد على استقطاب الاستثمارات بصورة اكبر لأن عناصر الثقة والديمقراطية والاستقرار ستقنع شركاءنا في الخارج، وخاصة شركاءنا المباشرين مثل الاتحاد الاوروبي،الذين ينبغي ان نبين لهم ان لهم شريكا يقاسمهم نفس القيم ويشاركهم في نفس الممارسات. وباختصار فان نتائج الانتخابات المقبلة ستكون لها اثار جد ايجابية داخليا وخارجيا.

* ألا تخشى ان تتكرر الحالة الجزائرية في المغرب، في حالة فشل التجربة الحالية؟

ـ الحالة الجزائرية كانت نتيجة لمواقف المسيرين الجزائريين وقراراتهم المرتبكة وغير الواضحة، كما انهم تأخروا في دمقرطة البلاد حتى تكون لديهم تيار معاد للديمقراطية. اعتقد ان تجربتنا تختلف تماما عن التجارب الاخرى، فحكمة المسيرين في المغرب ونضج المحكومين من جهة اخرى، كلها امور ستساعد على ان تكون تجربتنا تجربة مغربية اصيلة. واجنح الى ايجابيتها قبل اي شيء آخر.

* الست نادما لان تطبيع العلاقات مع الجزائر لم يتحقق في عهد حكومتك؟

ـ هذا اكبر اسفي، وكنت اتمنى نظرا لما يربطني بالجزائر، ونظرا لعلاقاتي مع عدد من قادتها، وقناعاتي المغاربية المعروفة لديهم، كنت اتمنى ان يدخل هذا في الحسبان، وان اكون من العناصر المساعدة في انقشاع الازمة الجزائرية ـ المغربية، لكن لم تتح لي الفرصة، ولم اجن هذه الفائدة ولم تسجل في ايجابيات حكومة التناوب. وهذا ليس معناه انه ليست هناك علاقات بين الجزائر والمغرب، هناك علاقات دبلوماسية وتبادل للزيارات والرسائل. شخصيا لدي ملف كامل من الرسائل الشخصية التي تبادلتها مع رؤساء الحكومات الجزائرية خلال فترة حكومة التناوب، واعيد اليوم ما كان يتكرر في تلك الرسائل من اماني لعودة المغرب العربي الى استئناف نشاطه العادي في القريب العاجل.

* يعتب على المسؤولين المغاربة انهم لا يكتبون مذكراتهم، فهل عبد الرحمن اليوسفي يكتب مذكراته؟

ـ الله أعلم.