وزير الخارجية السـوداني : نواجه ضغوطا للعودة إلى المفاوضات لكننا لن نقبل بلي الذراع

TT

قال وزير الخارجية السوداني الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل ان الحكومة السودانية تواجه ضغوطا شديدة للعودة الى طاولة المفاوضات، مشيرا الى ان الخرطوم لن ترضخ لأي حلول مفروضة وغير عادلة. وقال «اذا أراد أي طرف داخلي أو خارجي فرض وضع جديد لا يتناسب مع مبدأ السيادة السودانية أو يخرج عن نطاق مصلحة السودان فسيقابل بالرفض القاطع». واضاف «أي وسيلة ضغط لن تفيد ولن تجدي وسنقاوم كما قاومنا لسنوات طويلة كل المحاولات التي تحاول ليّ الذراع».

وأكد اسماعيل لـ«الشرق الأوسط»: «ان أهل السودان واجهوا الضغوط لسنوات طويلة، وتعودنا عليها، وعلى الجهات التي تلوح بالعصا ان تعي تماما ما حدث في السنوات الماضية حيث كنا في مواجهة مستمرة مع الادارة الاميركية وكنا في أوضاع أسوأ مما نحن فيه الآن سواء اقتصاديا أو سياسيا». واشار الى «ان الولايات المتحدة فرضت علينا العقوبات وتدخل دول الجوار وغيرها مما كان يحدث، وكل هذا لم يغير من الأمر شيئا، وهذا يؤكد اننا لن نرضخ لما يتعارض مع مصلحة الوطن». وقال اسماعيل ان «السودان استعاد الان علاقاته الخارجية وعادت كثير من القيادات المعارضة الى الداخل، وهناك كثير من المشاكل تجاوزناها، وهذه رسالة للذين يعتقدون ان الضغوط يمكن ان تثمر دون قناعاتنا».

وحول ما اذا كانت زيارته للولايات المتحدة الحالية سيشمل جانب منها بحث موضوع الانسحاب من المفاوضات، قال وزير الخارجية السوداني انه سيلتقي الادارة الاميركية كما سيلتقي عددا من اعضاء مجلس الشيوخ لشرح وجهة نظر الحكومة حول تعليق المفاوضات وعرض عدد من القضايا المهمة، مشيرا الى انهم سيبلغون الاميركيين أيضا ما هو المطلوب منهم عمله لاستئناف المفاوضات من جديد.

وفي اجابته عن سؤال ما اذا كانت هناك صقور وحمائم في أوساط النظام مما أدى الى خلافات حول اتفاق ماشاكوس، قال اسماعيل ان «ما يشاع حول وجود خلافات هو تكهنات لا أساس لها من الصحة، وكل ما هنالك اختلاف في جهات النظر وهذا امر وارد في اي مكان لكن هذه الاختلافات تحسم في اطار المؤسسات وبالاغلبية، وهذه الاختلافات واردة لا ننكرها ولكن بالوصول عبر المؤسسة الى رأي ناضج يحترمه الجميع».

وعن مساعي الحكومة لاحياء المسار الاريتري رغم رفضهم السابق، قال الوزير السوداني ان «مسؤولية الحكومة أكبر من غيرها في توحيد الجبهة الداخلية وجمع الصف الوطني»، وأضاف «أنا أفضل أن استخدم عبارة ـ الركض خلف الآخرين ـ حتى نصل الى كلمة سواء بيننا ولا يمكن ان توجه دعوة للحكومة للوفاق والحوار وان ترفضها مهما كانت نوايا الطرف الآخر، وعلينا ان نفترض النوايا الحسنة، خاصة ان الحكومة متيقنة تماما من ان مسؤولية السلام مسؤولية كبيرة، واذا نجحت الحكومة في ان تشرك كل القوى السياسية فهذا هو الأفضل، واذا لم تنجح ستسعى لاشراك أكبر قوى ممكنة».

وقال «عندما وجهت لنا الدعوة قبلنا، وعند لقائي محمد عثمان الميرغني اكدت له على الفور التزامنا باجتماع اسمرة من خلال مسعاها لانه من الخطأ ان تحس الحكومة انها في وضع يمكن ان تنفرد فيه بكل الامور في السودان، ومن الخطأ أيضا أن يظن الطرف الآخر بانه يمكن ان يستأسد بقوى خارجية على النظام خاصة ان هذا يباعد الشقة ويفتح المجال لتدخل اجنبي اوسع».

وحول ما اذا كان متفائلا بامكانية تحقيق السلام في السودان قال اسماعيل «نعم أنا متفائل جدا وهذا ينبع من ان الشعب السوداني يريد السلام ويريده سلاما عادلا، وان معظم القوى السياسية السودانية معارضة أو غير معارضة تقدم مصلحة الوطن علي المصالح الضيقة، كما ان هناك رغبة واصرارا أكثر من أي وقت مضى وكذلك المحيط الدولي والاقليمي يعمل لاحلال السلام في السودان، وهذا يؤكد ان هناك قناعة من الجميع بأن استمرار الحرب ولو ليوم واحد فيه اهدار للارواح وتدمير للبنيات التحتية للسودان».

وفي رده على سؤال حول الدور المصري في عملية السلام في السودان، قال وزير الخارجية السوداني ان هناك تنسيقا كاملا بين مصر والسودان خاصة بين المؤسسات التي تعالج ملف السلام والملفات الأخرى. وقال «هذا التنسيق يتم في السودان أو في مصر في اطار المشاورات المستمرة على المستوى الفني أو على أعلى مستوى»، واضاف أن «التنسيق هو البديل الأمثل لتجاوز أي خلافات بين البلدين حدثت أو يمكن ان تحدث»، مشيرا الى «ان هذا التنسيق يتم على مستوى القضايا الاقليمية والدولية والامن والسلام حتى عملية تسهيل حركة الانتقال».

وأشار الى انه بعد لقائه الرئيس المصري الاسبوع الماضي في القاهرة انتقل هو واحمد ماهر وزير الخارجية المصري الى مقر الخارجية المصرية وبدأ التنسيق، واعقبه لقاء آخر شمله هو واحمد ماهر والدكتور عبد السلام التريكي وزير الخارجية الليبية، وذلك في اطار التنسيق أيضا. وقال «في نيويورك سألتقي أيضا احمد ماهر وربما ينضم إلينا آخرون، وذلك لازالة ما يمكن ان يحدث من سوء فهم، ولأهمية الدور المصري».

وانتقد الوزير السوداني دور الاعلام العربي في القضية السودانية، مشيرا الى ان السودان ليست لديه الامكانيات لاقامة قنوات فضائية أو انشاء صحف تجوب العالم، وكان لا بد للاعلام العربي ان يلعب دورا ايجابيا في معالجة القضية السودانية، بدلا من الاعتماد على الاثارة الصحافية ويكون داعما لتوجه الوحدة في السودان وليس الشتات. وقال انهم حريصون ان تكون علاقة مصر جيدة مع ابناء الجنوب، ولا بد ان تكون هذه العلاقة متبادلة اذا كانت مصر تريد ان تلعب دورا في وحدة السودان. مطالبا بذلك الاعلام المصري او غير المصري بأن يعكس للجنوبيين والشماليين من ابناء السودان انه معهم ومع عدالة ومساواة كل ابناء الوطن الواحد.