فرنسا تتجه للمشاركة في العمليات العسكرية وبريطانيا تنفي نشر قوات بالكويت

TT

يجتمع وزير خارجية فرنسا دومينيك دو فيلبان اليوم في نيويورك بنظيره العراقي ناجي صبري الحديثي، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وافادت مصادر دبلوماسية فرنسية بأن الوزير الفرنسي سيسعى لاقناع صبري بأن لا خيار امام العراق سوى قبول «العودة غير المشروطة» للمفتشين الدوليين على الاسلحة الى الاراضي العراقية، وان أي موقف آخر يصدر عن السلطات العراقية او أية محاولة لكسب الوقت والغموض والابهام والتلاعب على تباين وجهات النظر بين الأعضاء الخمسة الكبار في مجلس الأمن «سيكون من شأنها توفير ذريعة للولايات المتحدة لضرب العراق واسقاط النظام القائم في بغداد». وفيما تعتبر باريس خطاب الرئيس الأميركي جورج بوش بمثابة «مكسب» لها وللاتحاد الأوروبي وللأمين العام للأمم المتحدة، لأنه يعني تخلي واشنطن عن مبدأي «الحرب الوقائية» والمبادرة الأحادية الجانب في ما يخص الملف العراقي، فان الهدف الذي تسعى اليه الدبلوماسية الفرنسية هو توفير اجماع داخل مجلس الأمن للتعاطي مع هذا الملف. واكدت المصادر الفرنسية ان هذا الاجتماع سيكون موضع اختبار في الايام القليلة القادمة التي ستشهد، في مرحلة أولى، بلورة مشروع القرار الدولي الجديد الذي سيعطي العراق مهلة محددة لن تزيد عن اربعة اسابيع لاعلان قبوله غير المشروط لعودة المفتشين. وتتوقع المصادر ان تكون «المساومات» بين الأعضاء الخمسة الكبار حول بنود القرار الجديد قوية وجادة خصوصا مع الصين وروسيا.

الى ذلك اعلنت وزارة الدفاع البريطانية أمس ان تدريبات «لوجستية» عسكرية يشارك فيها 6 آلاف فرد والف آلية ستبدأ غدا في بريطانيا. ونفت الوزارة اي انتشار للقوات البريطانية في الكويت كانت صحيفة «ديلي تلغراف» تحدثت عنه. ونقلت الصحيفة عن مصادر في وزارة الدفاع ان دفعة اولى من القوات البريطانية ستنتشر في الكويت في الايام الخمسة عشر المقبلة من اجل الاستعداد لهجوم على العراق.

قد يؤدي الى استنفار حوالي ثلاثين الف جندي بريطاني.

وذكرت ان الانتشار سيبدأ بعد جلسة المناقشات الاستثنائية في مجلس العموم حول العراق المقررة في 24 سبتمبر (ايلول) الجاري.

من جهته اكد وزير المالية البريطاني غوردون براون في حديث لصحيفة «فايننشال تايمز» أمس انه يدعم تماما رئيس الوزراء البريطاني توني بلير في ما يتعلق بالعراق.

وتصر باريس، كما اعلن الرئيس الفرنسي جاك شيراك هذا الاسبوع، على صدور قرارين عن مجلس الأمن، الأول يطلب العودة الفورية للمفتشين ويعطي مهلة محددة للعراق، والثاني يجيز اللجوء الى العمل العسكري ضد بغداد. وحجة باريس ان التعاطي بهذا الشكل يوفر الشرعية اللازمة ويبعد الغموض ويساهم في توفير الاجماع بين الخمسة الكبار.

وتقول المصادر الفرنسية ان «كلمة السر» في نجاح مجلس الأمن تتمثل في كيفية صياغة مشروع قرار أول وثان تؤيده روسيا والصين او على الاقل تمتنعان عن معارضته. وتفيد المعلومات الفرنسية بأن «المساومات» بين واشنطن وكل من موسكو وبكين قطعت شوطا بعيدا، وان البلدين المعنيين مستعدان للتخلي عن النظام العراقي مقابل «ضمانات» أميركية بالحفاظ على مصالحهما الاقتصادية والتجارية في العراق نفسه، وفي علاقاتهما مع الولايات المتحدة.

واذا سارت الامور الى اعلان الحرب على العراق «تحت المظلة الدولية» فان باريس تريد ان تصر عند صياغة بنود القرار الدولي الجديد، على تعريف وتحديد الأهداف المتوخاة من العملية العسكرية بأكبر قدر من الدقة. ورغم اعلان باريس انها توافق أميركا وبريطانيا على «تقويم المخاطر التي يمثلها العراق»، الا انها مصرة على حصر الاهداف بعودة المفتشين وبنزع اسلحة الدمار الشامل العراقية. وتقول باريس انها «لن تمشي» في عملية يكون غرضها قلب النظام العراقي.

وتؤكد المصادر الفرنسية ان القرار الدولي يجب ان لا يعطي «شيكا على بياض» للادارة الأميركية تستغله على هواها.

غير ان الاوساط الفرنسية تعترف سلفا بصعوبة التحكم بمسار الحرب عندما تنطلق وبما يمكن ان تفعله القيادة الأميركية بعد حصولها على غطاء دولي من مجلس الأمن، خصوصا اذا لم تكن هناك قيادة عسكرية دولية للتحكم بشؤون الحرب. وترى باريس ان واشنطن يمكنها ان تستقوي بالقرار الدولي الذي سيتيح استعمال القوة العسكرية للتخلص من النظام العراقي تحت حجة الزام بغداد باحترام تعهداتها الدولية ونزع اسلحتها.