ملك البحرين يمنح الجمعيات الوطنية حق العمل السياسي

TT

أصدر ملك البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة أمس أمرا باجراء تعديل في قانون مجلسي الشورى والنواب يرفع بموجبه الحظر عن الجمعيات في مباشرة دعم المرشحين والدعاية لهم، مما يعطي للجمعيات الحق في العمل السياسي في مرحلة الانتخابات كمرحلة انتقالية ويوكل للمجلس الوطني المقبل اتخاذ ما يراه مناسبا من اجراءات قانونية لتنظيم عمل التنظيمات السياسية.

ويأتي هذا القرار قبل يوم من فتح باب الترشيح للانتخابات النيابية التي تنتظرها البحرين منذ 27 عاما عندما حل المجلس الوطني في عام 1975 وعمره عامان. وسيتنافس المرشحون للمجلس المقبل على 40 مقعدا.

وصدر القرار أمس في أعقاب لقاء أجراه ملك البحرين بقصر الصافرية ظهر أمس مع ممثلي الجمعيات السياسية الـ15 العاملة في الساحة المحلية، حيث عبر الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة عن شكره وارتياحه للقرار الذي اتخذته هذه الجمعيات بالمشاركة في الانتخابات النيابية. وقال انه «في ضوء هذه الرؤية السليمة لجمعياتنا الوطنية التي اتخذت هذا القرار المسؤول وتجاوبا مع المخلصين من ابناء الوطن وانطلاقا من روح ميثاق العمل الوطني والتفاف هذه القوى حوله، فقد أمرنا باجراء تعديل في قانون مجلسي الشورى والنواب بإلغاء ما يمنع الجمعيات من القيام او المشاركة في الدعاية الانتخابية لأي مرشح».

وأشاد الشيخ حمد بن عيسى بكل من أعلن عن ترشيح نفسه للانتخابات المقبلة، سواء بدعم من الجمعيات الوطنية أو بشكل مستقل، مؤكدا أن «المشاركة في الانتخابات النيابية سوف تسهم بشكل إيجابي في دعم المشروع الإصلاحي وتعزيز مسيرة الديمقراطية في مملكتنا الفتية باعتبارها الطريق الأمثل لتحقيق ما نتطلع إليه جميعا بكل ثقة وأمل لتعزيز مكانة البحرين بين مصاف دول العالم المتقدمة».

وأكد ملك البحرين ان بلاده ستشهد في المرحلة المقبلة المزيد من خطوات التحديث والتطوير ستشمل بناء المؤسسات ودولة القانون ومشاركة شعب البحرين في اتخاذ القرار السياسي من خلال مبادئ الميثاق والدستور.

وبالرغم من أن الأوساط ثمّنت تراجع السلطة في مسألة منع الجمعيات السياسية واعتبرته رغبة حقيقية في التواصل مع القوى الفاعلة في المجتمع، الا أن الجمعيات الأربع التي أعلنت في السابق مقاطعتها للانتخابات المقبلة للانتخابات وهي الوفاق الوطني الاسلامية، والعمل الاسلامي (تمثلان التيار الشيعي الديني) وجمعية العمل الاسلامي (تحت التأسيس) بالاضافة الى التجمع القومي الديمقراطي (تمثلان التيار الليبرالي القومي) قالت في أعقاب اللقاء مع الملك أنها ما زالت ترى في تعديل بند دستور 2002 الذي جعل مجلس النواب المنتخب ومجلس الشورى المعين يقتسمان السلطة التشريعية، مطلبا أساسيا، وسببا أساسيا أيضا لمقاطعة الانتخابات. وقال رئيس جمعية الوفاق الوطني الاسلامية لـ«الشرق الأوسط» في أعقاب اللقاء مع الملك ان «موقفنا بالمقاطعة مرتبط بالتعديلات الدستورية. ما زلنا نرى أنه لا يوجد توازن بين السلطات الثلاث، فلا يزال هناك نفوذ للسلطة التنفيذية على السلطة التشريعية».

أما جمعية العمل الوطني الديمقراطي فقال رئيسها، عبد الرحمن النعيمي «ما زلنا نعتقد أن التشريع هو من صلاحية المجلس المنتخب فقط»، وأضاف «لقد قدمنا اقتراحا بأن يناقش المجلس المنتخب تعديل الدستور خلال الشهور الستة الأولى». ولم يتضح في الحال أي تغيير طرأ على موقف الجمعيات «المقاطعة»، التي لم تر أي اشارات خلال لقائها مع الملك لأي امكانية تراجع بشأن التعديلات الدستورية. ووفقا للجمعيات الأربع المقاطعة كان مقررا أن تعقد اجتماعا لها مساء أمس لتصدر بيانا مشتركا فيما بعد على ضوء التطورات الأخيرة. وعلق مصدر مسؤول على موقف هذه الجمعيات قائلا لـ«الشرق الأوسط» ان التعديل وارد، لكن من خلال مجلس النواب، اذ لا يمكن لأي جهة التغيير من الخارج. وقال «ان التوافق والاختلاف هما من سمات الديمقراطية، وكل مواطن حر في اتخاذ الموقف الذي يراه مناسبا له، لكن المشروع الاصلاحي بحاجة لدعم الجميع»، في اشارة لأهمية مشاركة الجميع في الانتخابات البرلمانية المقبلة.

والمعروف أن الجمعيات السياسية على الساحة تتخذ ثلاثة مواقف متفاوتة من الانتخابات المقبلة، فالى جانب الجمعيات الأربع المقاطعة والتي تشكل ثقلا كبيرا لأنها تضم «الوفاق»، ذات الحضور الأكثف على الساحة، أعلنت عشر جمعيات مشاركتها في الانتخابات، ولم تبد الى جانب ذلك أي تحفظات على التعديلات الدستورية، وبينهما تقع جمعية «الوسط العربي الاسلامي الديمقراطي» التي أعلنت مشاركتها في الانتخابات ولكنها تتحفظ على التعديلات الدستورية وتطالب باستعادة مكتسبات دستور .1973 يشار الى أن الجمعيات المقاطعة أكدت على جماهيرها أهمية نبذ العنف وعدم التظاهر، وقال رموز المعارضة «ان لديهم برامج بديلة عن التظاهر والكتابة على الجدران تتناسب مع خصوصية المرحلة وحساسيتها». وتنوي الجمعيات المقاطعة للانتخابات إعداد دراسة قانونية عن التغييرات الدستورية وستعمل على توزيعها على نطاق واسع حتى توضح وجهة نظرها التي بني عليها قرارها بمقاطعة الانتخابات.

جدير بالذكر أنه لا يمكن اغفال قرار تأثير الجمعيات السياسية الاربع على المشاركة الشعبية في الانتخابات، اذ لم يزد عدد من أعلنوا نيتهم للترشيح للانتخابات المقبلة حتى الآن عن 120 مرشحاً مقارنة مع 306 مرشحين للانتخابات البلدية التي أجريت في مايو (أيار) الماضي. وعلق المصدر المسؤول على هذا التفاوت قائلا ان الاختصاصات البلدية تختلف عن الاختصاصات النيابية.

ومن المتوقع أن يجعل بيان الجمعيات الأربع المقاطعة، الذي من المقرر أن تصدره في ساعة متأخرة بعد اجتماع الليلة الماضية الرؤية أكثر وضوحا، اذ يعتقد أنه سيقود اتجاه الشارع البحريني نحو المشاركة أو المقاطعة التي ستتضح في 24 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، يوم الانتخابات المقبلة.