زوجة معتقل سعودي في غوانتانامو: أرغب في زيارته وأخباره انقطعت بعد مكالمة في مطار لاهور

قالت لـ«الشرق الأوسط»: إن عبد الله المطرفي كان يعمل بالإغاثة في أفغانستان ولا علاقة له بأحداث سبتمبر

TT

قالت زوجة السعودي عبد الله المطرفي مدير منظمة وفاء الخيرية المعتقل في قاعدة غوانتانامو الاميركية في كوبا، ان حجز زوجها في السجن حتى الآن من دون تقديمه للمحاكمة أو إثبات أنه متهم، يخالف الأعراف الدولية والقوانين والأنظمة المتعارف عليها. وذكرت أم عبد العزيز، وهي معلمة في مكة المكرمة، ان زوجها بريء من الأحداث التي وقعت في الولايات المتحدة، «حيث أنه درج على أعمال الخير ومساعدة الآخرين من خلال جمعيته التي أسسها قبل أربع سنوات في أفغانستان، وقبلها في أغاثة شعب البوسنة والهرسك». وقالت انها تأكدت من أعماله حينما رافقته هي وأولادها قبل الأحداث وشاهدت المساعدات الانسانية التي يقدمها للشعب الأفغاني هناك قبل أن تعود إلى المملكة بأسابيع من هجمات سبتمبر (ايلول) 2001. وأضافت أم عبد العزيز أنها تريد ان تذهب إلى غوانتانامو لزيارة زوجها متى ما أتيحت لها الفرصة ووجدت المحرم المرافق لها. وقالت انها تلقت منه أكثر من 20 رسالة منذ اعتقاله، وفيما يلي نص الحديث.

* قبل أحداث 11 سبتمبر 2001 أين كان عبد الله المطرفي؟

ـ من المعروف أن منظمة «وفاء» بدأت أعمالها في أفغانستان قبل أربع سنوات، وكان عبد الله يذهب إلى أفغانستان للقيام بالأعمال الإغاثية هناك، وبين فترة وأخرى كان يأتي إلينا ليقضي معنا بعض الأيام، وخاصة في المناسبات أواخر شهر رمضان وأيام عيد الفطر المبارك. وفي السنة التي حصلت فيها الأحداث وقبلها بحوالي ثلاثة أسابيع أو أكثر كان عبد الله معنا في السعودية حيث قام بإرجاعي وأبنائه إلى الوطن، لأن الإجازة المحددة لي قد انتهت، وكان يحب أن أعود لعملي (معلمة) فقام بإرجاعنا ومكث معنا أياما ثم غادر مرة أخرى إلى أفغانستان، وكان ذلك يوم 12 جمادى الثانية أي قبل الأحداث بثلاثة أسابيع أو أقل تقريبا.

* وهل لاحظت عليه أنه يتحدث عن أسامة بن لادن أو غيره؟

ـ كان أبو عبد العزيز منشغلا بعمله أكثر من انشغاله بأي أحد آخر ولذا كان دائما يتحدث معي حول رغبته في تسخير طاقته وجهده ووقته لمساعدة شعب أفغانستان المسلم، وكان متأثرا جدا بما يراه من واقعهم المؤلم ويحمد الله على أن يسر له خدمة إخوانه هناك في ظل ما يعيشونه من ظروف صعبة.

* ولكن ألم تلاحظي عليه مثلا توجهات فكرية أو آراء مخالفة ضد بعض الدول؟

ـ السؤال هذا يبنى على المرجعية التي كان يتبناها عبد الله في اتخاذ أي توجه فكري، والمعروف أن عبد الله كان يستند في توجهاته الى فتاوى وآراء علماء هذا البلد ولا يرى أن يبني الإنسان أفكاره بمنأى عن علماء المسلمين وخاصة علماء هذا البلد، ولذا فهو لا يرى تكفير أو محاربة أي جهة أو أي دولة عربية أو إسلامية ولا يتصرف كفرد إلا تحت راية علماء معتد برأيهم.

* وعندما قادت الولايات المتحدة الحرب ضد الإرهاب، هل كان عبد الله موجودا في أفغانستان؟

ـ عبد الله غادرنا ليكمل أداء دوره الذي تحمله على عاتقه قبل الأحداث في العاصمة كابل وقد زادت أعباؤه وهو يرى الأطفال والنساء يقتلون بلا ذنب وعندما كان يحدثنا بعد كل غارة أميركية كان يصف حجم الدمار والدور الذي يقومون به هناك لمساعدة الأطفال والنساء والشعب وتوفير الأساسيات لهم وصعوبة ذلك الدور في ظل الحصار وضعف الإمكانيات.

* وكيف عرفت أنهم قبضوا عليه؟

ـ تم القبض عليه عندما كان متوجها للسفر وبالتحديد في مطار لاهور يوم 26 رمضان العام الماضي، أما كيف عرفت فكنت كمن يبحث عن خيط في بحر. نعم فقد انقطعت أخباره عني بعد مكالمة تلقيتها منه عبر هاتفه الجوال في المطار، اذ أخبرني أنه على وشك الصعود للطائرة وأنه لم يفطر إلى ذلك الوقت لعدم تمكنه من الخروج من المطار لانتظاره موعد الرحلة وخشية ألا تفوته إذا قام بالخروج من المطار، فقام بتكليف أحد العاملين في المطار بإحضار بعض السندوتشات والعصير وأخبرني بأنه قد اشترى لبناته هدايا بمناسبة العيد في حقيبة يحملها لم يعرف مصيرها. وبعد تلك المكالمة انقطعت أخباره تماما وأصبحنا منشغلين عليه وقام والده برفع برقية للاستفسار عنه عن طريق وزارة الداخلية، ولكن اختفاء أبو عبد العزيز كان أغرب من فيلم يبحث فيه عن الأدلة والدلائل لمعرفة مصير المجني عليه أي أنه لم تخاطب الجهات الرسمية باحتجازه في مطار لاهور ولا بأي شيء من ذلك ولا اشعارهم بذلك ولم أعرف أنه تم القبض عليه إلا عن طريق الصحف التي نشرت بعد عيد الفطر بأسبوعين بأنه تم القبض على مدير منظمة «وفاء» بناء على مصادر في وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) وكم كانت صدمتي كبيرة عندما وصفوه بأنه أكبر مسؤول في تنظيم «القاعدة» يتم القبض عليه كعادتهم عند القبض على أي شخص من دون استناد لأي أدلة، وهذا كلام لا أساس له من الصحة.

* بعد طول هذه المدة في السجن هل تعتقدين أن زوجك متورط في أحداث سبتمبر؟

ـ بالتأكيد ليس له أي دور في ذلك ولا أقولها تعاطفا معه، ولكن لو أنه كان يعرف ما سيحدث لم يسافر قبلها بأسابيع قليلة ولم يظهر على شاشات قناة «الجزيرة» ليدعو أي جهة للتفتيش والتحقق من أعمال المنظمة، وكان جل اهتمامه منصبا على عمله، ولذا كان حريصا على سرعة الذهاب لإنجاز عمله وكان يقول لي دائما «يا أم عبد العزيز لو ترين ما أرى من حاجة الناس هناك لما نعمت بالراحة ساعة واحدة» أضف إلى ذلك أنه لم يكن يؤيد القيام بأي أعمال تفجيرية تزيد من قسوة تأليب الناس على المسلمين.

* هل راجعت الجهات الحكومية هنا لمعرفة تفاصيل قضيته؟

ـ اختفاء أبو عبد العزيز كان في ظروف غامضة شبيهة بحوادث الاختطاف من دون الالتفات إلى الأوراق الرسمية الثبوتية ومخاطبة الجهات المسؤولة في بلده أو حتى اشعار السفارة السعودية في باكستان. والدليل أن الجهات المسؤولة هنا لم تعلم بمصيره إلا بعد ذلك بأشهر. والسؤال هنا أوجهه للجهات الباكستانية: أين حقوق الناس؟ ألم يكن من اللائق إخطار السفارة السعودية لدى احتجازه في مطار لاهور باعتباره يحمل جواز سفر سعوديا قبل تسليمه للسلطات الأميركية، أم أنهم يعتبرونه أسير حرب وهو عائد بالطائرة إلى بلده. ورغم أنني لا أفهم في المسائل القانونية إلا أن أبسط قانون يقول (المتهم بريء حتى تثبت إدانته)، ولكن كما ترون ففي قضية عبد الله عومل بأنه (متهم حتى تثبت براءته) اي العكس تماما.

* كم رسالة تلقيت حتى الان من زوجك الموجود في غوانتانامو؟

ـ تلقيت 20 رسالة أولها أو أغلبها بالبريد وهناك ثلاث رسائل وصلت عن طريق وزارة الداخلية السعودية كانت معنونة برسائل الصليب الأحمر.

* ولكن هل أرسلت له أيضا رسالة؟

ـ نعم بعثت له بأول رسالة بمجرد وصول الرسالة الأولى التي تلقيتها منه وعلى نفس العنوان الذي جاء على ظهر الرسالة وقد وصلته كما أفادني في رسائل أخرى.

* هل تواجهكم مصاعب في المصاريف، خاصة أن المحتجز رب أسرة؟

ـ الله هو الرزاق ذو القوة المتين فلله الحمد نعيش وضعا ماديا جيدا بفضل الله ولا تنس أنني معلمة، ومن كان توكله على الله رزقه الله كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا.

* وبالنسبة للمجتمع صديقاتك وزميلاتك هل تواجهين مشكلة لكون أن زوجك متهم؟

ـ عن أي صعوبات تتحدث هل تقصد نفسيا باعتباره أسيرا أو مسجونا؟ هذا أمر أفتخر به فزوجي عبد الله وعمله وتاريخه كرجل محب لتقديم العون للمساهمين منذ أول يوم عرفته فيه أي بالتحديد منذ كان يعمل في الإغاثة لشعب البوسنة والهرسك إلى أن عمل في منظمة «وفاء» وهو رجل أنا أعتز وأفتخر بكوني زوجته حتى إن كان الثمن الذي دفعه باهظا.

* وأبناء عبد الله هل يحرجون من مواجهة الناس أو مقابلتهم؟

ـ أبناؤه يرسمون منه مثالا أعلى في كل تصرفاتهم فعبد العزيز ابنه الوحيد رغم صغر عمره الذي لا يتجاوز أربع سنوات وقصر المدة التي عاشها مع أبيه إلا أنني أشحذ همته ليسلك طريق أبيه المشرف في الإحساس بأمته المسلمة وما تعيشه من واقع مرير. ومها ومنال لا تزالان ترددان كلمته ومثله وقيمه التي غرسها فيهما. وأبناء كهؤلاء لا ولن يشعروا بإحراج في المجتمع فهم أبناء رجل نذر نفسه لخدمة الإسلام.

* إذا أتيحت لك الفرصة للسفر إلى غوانتانامو لزيارة زوجك هل تسافرين؟

ـ لم أتوقع أن أحدا يستطيع أن يقرأ أفكاري فكم فكرت في اليوم الذي يسمح لي بذلك فلن أتردد في ذلك إذا توفر المحرم.

* هل حققت معك السلطات الأمنية في السعودية لمعرفة تفاصيل عن عبد الله؟

ـ معي شخصيا لا لم يحصل.