لندن تحذر صدام حسين من أن حكمه «سيسقط» إذا لم يمتثل لقرارات الأمم المتحدة ومعلومات تشير إلى أن أدلتها المرتقبة ضد بغداد تتضمن معلومات عن «علاقات» مع «القاعدة»

TT

في اقوى تحذير حتى الآن من لندن الى صدام حسين حذر وزير الخارجية البريطاني جاك سترو الرئيس العراقي من ان حكمه «سيسقط» اذا لم يمتثل لقرارات مجلس الامن الدولي وتخلص مما لديه من «اسلحة الدمار الشامل». وقال سترو في تصريحات لمحطة «سكاي نيوز» التلفزيونية البريطانية امس «اما ان يتخلص (صدام) من اسلحة الدمار الشامل هذه او ان حكمه سينتهي». وتابع «عليه ان يقرر وليس امامه وقت طويل ليقرر». وذكرت صحيفة «صنداي تلغراف» الاسبوعية البريطانية الصادرة امس ان الملف ضد العراق الذي وعدت به الحكومة البريطانية سيكشف علاقات بغداد بشبكة القاعدة التي يتزعمها اسامة بن لادن واول دليل يثبت ان الرئيس صدام حسين سمح لأبرز زعماء تنظيم «القاعدة» الارهابي بالتدريب في اراضيه. وتتضمن اول مسودة للملف معلومات مفصلة حول الطريقة التي تدرب بها زعيمان في القاعدة، ابو زبير ورافد فتاح، في معسكرات في العراق وهما لا يزالان على علاقة بالحكم العراقي، حسب الصحيفة. واضافت ان ابو زبير، هو ضابط استخبارات عراقي تدرب على استخدام الارهاب ضد الاكراد في شمال العراق. وقالت ان فتاح عمل ايضا معه ضد الاكراد. وقيل بعد ذلك انهما وحدا الصفوف مع اسامة بن لادن.

ومن المتوقع ان ينشر رئيس الوزراء البريطاني توني بلير هذا الملف في 24 سبتمبر (ايلول )، موعد مناقشة البرلمان المسألة العراقية ويبدو ان النقاش سيكون متوترا. واشارت الصحيفة الى ان الملف سيحتوي ايضا على تفاصيل حول البرنامج النووي العراقي وخصوصا الانشطة السرية لمصنع لانتاج الاورانيوم في بلدة تقع على بعد 256 كلم غرب بغداد. وسيكشف الملف ايضا ان صدام حسين اعاد بناء ثلاثة مصانع لانتاج الاسلحة الكيماوية والجرثومية. واعلنت الاجهزة الامنية التي ساهمت في وضع الملف ان لديها ادلة على وجود «نشاطات مقلقة» في هذه المواقع رصدها قمر صناعي اميركي في الاسابيع الماضية. وردا على سؤال للصحيفة، قال احد المسؤولين في الاجهزة الامنية «ان الصور التي التقطها القمر الاصطناعي تظهر بوضوح نشاطا مقلقا لاعادة بناء هذه المصانع التي نعرف انها استخدمت لانتاج اسلحة كيميائية وجرثومية». واشار هذا المسؤول الى ان قرار وضع هذه الصور في الملف لم يتخذ بعد. وأشارت الصحيفة الى ان المصانع الثلاثة التي يعاد بناؤها تقع في الدورة قرب بغداد والتاجي والفلوحة على بعد 16 و18 كلم على التوالي شمال غرب العاصمة العراقية.

الى ذلك، توقع سيلفيو برلسكوني رئيس وزراء ايطاليا بعد لقائه اول من امس مع الرئيس الاميركي جورج بوش في كامب ديفيد ان يتم القيام بعمل ضد العراق في اوائل عام 2003 اذا واصلت بغداد منع دخول مفتشي الاسلحة التابعين للامم المتحدة. وكانت هذه اوضح اشارة حتى الان من احد زعماء العالم بشأن الجدول الزمني لاي تحرك ضد بغداد، ولكن برلسكوني قال انه واثق من ان الرئيس العراقي صدام حسين سيرضخ في نهاية الامر لطلبات الامم المتحدة بعودة مفتشي الاسلحة الى بغداد بدلا من مواجهة هجوم. وأردف برلسكوني قائلا في مؤتمر صحافي بعد الاجتماع مع بوش في كامب ديفيد» لكن اذا ثبت خطأي غدا ولم يمتثل العراق للامم المتحدة..حينئذ اعتقد بان بامكان المرء ان يفكر في مسألة القيام بعمل في يناير (كانون الثاني) او فبراير (شباط)». وتحث ادارة بوش الامم المتحدة على اصدار قرار صارم جديد في الاسابيع المقبلة بهدف ارغام بغداد على الامتثال للتعهدات السابقة بفتح برامج اسلحتها امام المفتشين من الخارج. وفي هذا الصدد قال برلسكوني «على صدام ان يقبل القرار الذي تصدره الامم المتحدة. سيكون هذا في مصلحته». وأضاف ان صدام حسين «رجل عملي» لا يريد ان يغامر بفقد السلطة.

وجاءت تصريحات برلسكوني في سياق تحول كبير، اثر خطاب بوش الخميس الماضي، في مواقف بعض من اشد الدول الرئيسية في العالم معارضة لضرب العراق وفي مقدمتها روسيا وكذلك دول الاتحاد الاوروبي. فبعد يوم من خطاب بوش حذر وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف الجمعة الماضي العراق من انه سيواجه «عواقب وخيمة» اذا لم يتعاون مع قرارات مجلس الامن الدولي. وجاءت تصريحات ايفانوف صدى لتصريحات ادلى بها وزير الخارجية الاميركي كولن باول الذي عقد لقاءات مكثفة، ثنائية وجماعية، مع وزراء خارجية وبعض قادة دول العالم الموجودين في نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة. في السياق نفسه، قال الكسندر داونر وزير الخارجية الاسترالي انه يتوقع ان يقرر مجلس الامن الدولي ارسال مفتشي الاسلحة الى العراق في غضون اسابيع وليس خلال اشهر. وقال لمحطة تلفزيون «ايه بي سي» الاسترالية من نيويورك «اعتقد ان الجميع هنا او الى حد ما معظم الموجودين هنا في نيويورك يوافقون على انه سيحدث في غضون اسابيع وليس خلال اشهر». وقال داونر ان احد بنود مسودة قرار مجلس الامن الدولي التي يجري بحثها حاليا تتضمن جدولا زمنيا يتألف من «بعض الايام.. وبالتأكيد ليست شهورا» لجعل مفتشي الاسلحة يعودون الى العراق. واضاف «من غير المحتمل ان تكون اسابيع كثيرة جدا. اعتقد انهم سيتحدثون عن ايام ربما 15 يوما او 30 يوما». وقال داونر في كلمة امام الجمعية العامة ان استراليا لا تساورها شكوك تذكر بشأن عمل العراق على اعادة بناء اسلحته الكيماوية والبيولوجية منذ سحب مفتشي الامم المتحدة في عام .1998 وكان مقررا ان يلتقى داونر مع ناجي صبري الحديثي وزير الخارجية العراقي في الامم المتحدة بنيويورك امس لعرض وجهة النظر الاسترالية بشكل مباشر على الحكومة العراقية. وقال داونر في المقابلة التلفزيونية «اننا نقترح عرض وجهة نظرنا عليه بشكل قوي. ووجهة النظر هذه هي ضرورة امتثال العراق لقرارات مجلس الامن الدولي والسماح بعودة مفتشي الاسلحة وضمان تدمير أي قدرات في مجال اسلحة الدمار الشامل».

وواصلت المانيا وبعض الدول العربية الاعراب عن مخاوفها من اي هجوم على العراق. وأوضحت ماليزيا وكوبا معارضتهما للعمل العسكري وأبدت اليابان تحفظها في حين ان الاردن وسورية اعلنا انهما سيطرحان آراءما على الجمعية العامة التابعة للامم المتحدة امس. وأقرت المانيا بالحاجة الى استمرار مطالبة العراق بالسماح بعودة المفتشين الدوليين على الاسلحة والانصياع لمطالب الامم المتحدة الا انها عارضت اي لجوء فوري للحرب التي من شأنها زعزعة استقرار الشرق الاوسط وافساد الحرب ضد الارهاب. وقال يوشكا فيشر وزير الخارجية الالماني للجمعية العامة «حتى وان تعذر الأمر لا بد ان نبذل قصارى جهدنا للعثور على حل دبلوماسي». وقال رئيس الوزراء الياباني جونيتشيرو كويزومي انه ابلغ بوش الجمعة الماضي ان استخدام القوة سيكون الملاذ الاخير عندما تنفد كل الخيارات الاخرى». ووجه وزراء الخارجية العرب نفس الرسالة الى نظيرهم العراقي. وصرح وزير الخارجية اللبناني محمود حمود الذي تتولى بلاده حاليا رئاسة جامعة الدول العربية للصحافيين امس ان وزير الخارجية العراقي اجابهم بان بلاده مستعدة للسماح بعودة المفتشين اذا ارتبط ذلك بعودة السلام والاستقرار. وربط وزير الخارجية العراقي اية عودة لمفتشي الاسلحة بقضايا اخرى بما في ذلك رفع عقوبات الامم المتحدة ووقف التهديدات الاميركية بضرب العراق.