عباس الفاسي: نتمنى ألا ينتصر المال على الديمقراطية وحزبنا استهدف في جميع الانتخابات التي عرفها المغرب

أمين عام «الاستقلال» المغربي ينفي لـ«الشرق الأوسط» وجود خلافات شخصية مع عبد الرحمن اليوسفي

TT

في رده عن سؤال يتعلق بالحديث الهامس في المغرب حول رغبته في تعيين الوزير الأول المقبل من حزب الاستقلال المغربي في حالة تصدر الحزب لنتائج الانتخابات التشريعية المقبلة، كان جواب عباس الفاسي أمين عام حزب الاستقلال، الذي يتولى حاليا منصب وزير للتشغيل والتضامن الاجتماعي، مباشرا «ان الملك محمد السادس هو من يعين الوزير الأول كما ينص على ذلك الدستور بوضوح، وطبعا في ضوء نتائج الانتخابات». وأضاف قائلا «اذا اختار العاهل المغربي في ضوء نتائج الانتخابات الوزير الأول المقبل من حزب الاستقلال، فسيكون ذلك قرارا عادلا جدا، ويطوي جميع ممارسات الماضي التي تعرض لها الحزب في الانتخابات السابقة»، مبرزا استعداد حزبه على مستوى البرنامج والأجندة وكذلك على مستوى تغيير التحالفات مع الاحتفاظ بدور «الكتلة الديمقراطية».

وفي حوار شامل أجرته «الشرق الأوسط» مع أمين عام حزب الاستقلال كشف الفاسي تفاصيل حول مسار تجربة حكومة التناوب التوافقي الذي قادها الاشتراكي عبد الرحمن اليوسفي، وحقيقة ما يتردد حول وجود خلافات بينه وبين اليوسفي.

وفي ما يلي نص الحوار:

* ما هو البرنامج الذي ستقدمه لناخبيك في دائرة مدينة العرائش (شمال المغرب) التي خضت فيها سابقا معارك انتخابية لم تكن دائما موفقة؟

ـ لدي تاريخ طويل مع مدينة العرائش وتاريخها، فقد كنت منسقا لحزب الاستقلال بالاقليم منذ سنة 1969، وكنا قد قاطعنا في حزب الاستقلال وحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية انتخابات عام 1970، وعندما بدأ الملك الراحل الحسن الثاني مسلسل الانفتاح سنة 1975 شاركنا في انتخابات عام 1977 وتقدمت كمرشح في هذه الدائرة وكان نمط الاقتراع أحاديا، وأؤكد بأنني كنت فائزا بها آنذاك، لكن ثقافتنا المعارضة جعلتني أركز في حملتي على قضايا حقوق الانسان ومناهضة عمليات انتزاع الأراضي الزراعية من صغار الفلاحين، وهو ما جعل السلطات تحاربني وتزور النتائج.

* ومن كان ينافسك آنذاك في تلك الدائرة؟

ـ من الطريف أن الذي فاز بالدائرة هو عضو في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية غادر حزبه عندما تقرر في استفتاء شعبي تحديد ولاية البرلمان في ست سنوات بدل أربع سنوات، وقاطع كافة نواب الاتحاد الاشتراكي البرلمان لأنهم كانوا يطالبون بتطبيق مقتضيات التعديل الدستوري على المجلس التشريعي اللاحق وليس المجلس النيابي الذي انتخب سنة .1977 وكان نائب العرائش الفائز بالمقعد هو النائب الوحيد الذي لم يلتزم بقرار المقاطعة.

* وكيف استمرت علاقتك بمنطقة العرائش بعد عدم توفقك في الانتخابات؟

ـ واصلت اتصالي المباشر يوميا ودوريا مع اقليم العرائش، ومن بين المناسبات التي لا أتآخر عنها باعتباري عضوا في اللجنة التنفيذية للحزب، حضور مناسبة ذكرى معركة وادي المخازن ( معركة تاريخية شهيرة ضد الاستعمار البرتغالي)، وعندما كنت وزيرا للسكنى واعداد التراب الوطني أنجزت بالمنطقة مشاريع وقرى نموذجية، وعندما توليت منصب وزير الشؤون الاجتماعية والصناعة التقليدية سنة 1981، أنجزنا مركبا للصناعة التقليدية يليق بحضارة وتاريخ المدينة. وفي سنة 1984 تم انتخابي نائبا للمدينة في البرلمان.

* وما هو الجديد الذي تحمله للمنطقة التي تواجه مشاكل حادة في مقدمتها البطالة والهجرة السرية؟

ـ لقد تلقى سكان المنطقة بأمل قرار انشاء وكالة انعاش التنمية بشمال المغرب التي أنجزت مشاريع عديدة، كما ساهمت وزارة التجهيز (يتولاها وزير استقلالي) بدورها في تشييد الطرق والبنيات التحتية وتعميم خدمات الكهرباء والماء الصالح للشرب في اقليم العرائش وفي مختلف مناطق البلاد، وقد نوه بذلك الوزير الأول عبد الرحمان اليوسفي في تقرير حصيلة الحكومة الذي قدمه أخيرا أمام البرلمان. ويجب أن نستمر في هذا المجهود.

* هل توافق الرأي القائل ان توليك وزارة التشغيل كان بمثابة قنبلة موقوتة بالنسبة لك؟

ـ لا أوافق هذا الرأي، ولا أعتقد أنها كانت لغما، ولا شيئا مقصودا. ان وزارة التشغيل وزارة مهمة وأساسية وقد تحملت مسؤوليتي فيها، وأود التنويه بأن كافة المعطلين في البلاد أبدوا تجاوبهم معي، ولدي رسائل عديدة من مختلف هذه الأوساط التي تنوه بخلقي وبسياسة الحوار التي انتهجتها، وهي سياسة كان لها أثر ايجابي في التخفيف من خطورة هذه المشكلة وتداعياته في شوارع كبريات المدن المغربية.

وقلت منذ أول يوم تسلمت فيه مسؤولية الوزارة من سلفي، ان وزارة التشغيل لا تخلق مناصب العمل، وكل ما لديه هو وظائف يحددها القانون المالي (الموازنة).

* وما هي الفرص التي أتاحتها لك الموازنة؟

ـ لم يتجاوز عدد الوظائف التي أتاحتها موازنة عام 2001، فرصتي عمل، وعشر وظائف في موازنة السنة الحالية. وقد وضعت هاته الفرص المحدودة للأسف رهن اشارة العاطلين من حاملي الشهادات العليا.

* ما هو اذن دور وزارة التشغيل في ظل تراجع الدولة عن دورها في توفير الوظائف بينما تتنامى نسبة العاطلين؟

ـ منذ توليت وزارة التشغيل أعطيت هذا المركز الحكومي دوره الحقيقي المتمثل في تقديم الاقتراحات للوزير الأول ولعدد من الوزراء لخلق فرص العمل، من خلال مبادرات واقتراحات تتعلق بالاستثمار.

* وهل كانت الأمور تسير بشكل جيد مع الوزير الأول، وما مدى تجاوب الوزراء مع اقتراحاتك؟

ـ اقترحت أولا تشجيع الاستثمار الذي يتسم بالضعف في بلادنا سواء الاستثمار الوطني أو الأجنبي، وما حصل هو التخصيص الذي لا يمكن اعتباره استثمارا بل هو عملية بيع لحصص الدولة في مؤسسات عامة للخواص، ولا ينتج عنه خلق فرص عمل جديد، بل العكس هو ما يحدث في غالب الأحيان، لأن الشركات التي تشتري حصص الدولة تنزع في غالب الأحيان نحو تقليص الوظائف.

لقد اقترحت أربعة اصلاحات أساسية وضرورية لتشجيع الاستثمار، أولها محاربة الفساد والرشوة والبيروقراطية في الادارة، ثانيا اصلاح القضاء حتى يطمئن المستثمر والمواطن على استقلال ونزاهة القضاء، ثالثا تنفيذ اصلاح جبائي. ولا بد من التأكيد على أن تشجيع الاستثمار سيكون له فوائد مباشرة على الطبقة العاملة.

* فلماذا لم يتحقق السلم الاجتماعي خلال فترة وجودك على رأس وزارة التشغيل، ولماذا تأخر صدور مدونة (قانون) الشغل الجديدة؟

ـ اود ان اوضح اولا ان موضوع مدونة الشغل يمطط منذ سنة 1980، ثانيا لقد كان للحكومة الحالية الفضل في اعداد مشروع القانون الجديد والموافقة عليه من قبل مجلس الوزراء (يرأسه الملك)، ولكن بقيت خمسة فصول من القانون معلقة، وكان الاتحاد المغربي للشغل (اتحاد عمالي مستقل) مقاطعا للحوار حول مشروع القانون. وعندما عرض المشروع على مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان) اقتضى القانون اعادة مناقشة القانون برمته (565 بندا)، وحصل أن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل (اتحاد عمالي)، التي كانت قريبة آنذاك من حزب الوزير الأول، طلبت ابانها تأجيل مناقشة مشروع القانون، وقبل سلفي خالد عليوة (وزير التشغيل السابق) التأجيل، الأمر الذي اعتبرته الاتحادات العمالية نقطة ضعف في رد فعل الحكومة. وعندما عينت وزيرا للتشغيل (سنة 2000) انضم الاتحاد المغربي للشغل للحوار، واستمر الحوار الى حين قرب موعد الانتخابات، وحدث تباعد بين الكونفدرالية الديمقراطية للشغل وحزب الوزير الأول، وتم تسييس الموضوع. وأنا أقول انه لمصلحة المغرب أن تكون الحكومة المقبلة حكومة قوية، ولتحقيق ذلك اتمنى من الشعب المغربي أن يمنح ثقته لثلاثة أحزاب يشكلون أغلبية قوية.

* كيف سيحدث ذلك في هذه الانتخابات التي يخوضها 26 حزبا، بينما كان عددها في الانتخابات السابقة 16حزبا فقط ونتجت عنها غالبية مؤلفة من سبعة أحزاب؟

ـ أجل يمكن أن تظهر أغلبية من ثلاثة أحزاب تتكون منها حكومة قوية ويكون في المعارضة حزبان أو ثلاثة أحزاب. وفي هذه الحالة يصبح بالامكان اعتماد قوانين في قضايا مهمة مثل قانون العمل والقانون المنظم للاضراب، وسيحدث ذلك بسرعة بفضل الأغلبية التي ستستند اليها الحكومة، وهي أغلبية ستكون لأول مرة غير مزورة. * وما هو تقييمك لمجريات الاستعدادات للانتخابات وهل أنت مطمئن لعدم تزويرها؟

ـ ان الانتخابات التي يشهدها المغرب يوم السابع والعشرين من هذا الشهر مصيرية بالنسبة للبلاد، أولا بسبب تفشي الفقر و البطالة التي يبلغ معدلها 19 في المائة في المدن، و12.5 في المائة كمعدل وطني. مع انها تراجعت بنقطة واحدة في السنة الأخيرة.

ولدينا ضمانات شدد عليها الملك محمد السادس في خطاب العرش عندما أكد ضرورة الحرص على نزاهة الانتخابات. وقال «انني أتمنى انتصار الديمقراطية»، ولحد الآن أسجل بارتياح الأجواء التي تسير فيها الانتخابات، وأن الادارة ووزارة الداخلية محايدة. ولكننا نسجل ان استعمال المال يبدأ دائما كما حدث في الماضي، بكيفية محدودة ثم يتسع في المرحلة الأخيرة للاقتراع. ونحن نتمنى في يوم 27 سبتمبر (أيلول) أن لا ينتصر المال على الديمقراطية.

* هل يخوض حزب الاستقلال الانتخابات الحالية وهو يحاول أن يثأر للنتائج التي سجلها في الانتخابات السابقة؟

ـ لا يوجد في قاموس حزب الاستقلال كلمة ثأر، وانما هناك كلمة في قاموسنا هي الوطنية، نحن نعتبر ان حزبنا استهدف منذ سنة 1963 في جميع الانتخابات التي شهدتها البلاد.

* ولماذا استهدافكم؟

ـ لأننا نمثل المبادئ والثوابت الوطنية والمرجعية الاسلامية، اسلام التسامح والتقدم والتضامن وحقوق الانسان وحقوق المرأة والتعايش والسلم. وثانيا، لتمسكنا بالملكية الدستورية سواء كنا في المعارضة أو الحكومة، وثالثا، الوحدة الترابية. ثم التعادلية كمنهج اقتصادي واجتماعي لمعالجة الاختلالات والظلم الاجتماعي الكبير وتفاوت طبقي، وقد سجل ذلك الملك محمد السادس في خطاب العرش عندما دعا الى اعادة توزيع الثروة.

* وكيف ترى حظوظ حزب الاستقلال في الانتخابات في ظل كثرة الأحزاب المشاركة فيها؟

ـ لا تزعجني كثرة الأحزاب، ورغم صعوبة نمط الاقتراع وتعقيد شكل بطاقة التصويت بالنسبة لأوساط الأميين الذين سيجدون صعوبة في فهم الرموز. وبدل اختيار نمط الاقتراع باللائحة النسبية لتشجيع الأحزاب التي لها حضور مستمر وواسع عبر التراب الوطني، وقع الاختيار على أكبر بقية بدل أكبر معدل، كما تم اختيار معدل 3 في المائة بدل 5 في المائة كحد أدنى لحضور الأحزاب. ويبدو لي أنه نمط لا يشجع الأحزاب التي لها حضور أوسع، ومع ذلك لا أتصور حزب الاستقلال إلا في صدارة ترتيب الأحزاب الأولى في الانتخابات، ونحن متفائلون عموما.

* هل هدفكم صراحة هو الفوز بالرتبة الأولى للأحزاب؟

ـ كل الأحزاب تطمح لذلك.

* لكنك تحدث عن كون حزب الاستقلال كان مستهدفا وانتزعت منه مقاعد كثيرة في الانتخابات السابقة؟

ـ طبعا نحن نتمنى صدارة ترتيب الأحزاب في النتائج، لأن حزبنا كان فعلا مستهدفا في انتخابات 1997، وكان هناك شهود حاضرون في مكتب ما عندما حصل حزبنا على 77 مقعدا لكنها تحولت الى 31 مقعدا فقط. وفي سنة 1963 كان هناك فقط حزب الاستقلال والاتحاد الوطني للقوات الشعبية والحركة الشعبية، ووضعنا في موقع الأقلية.

* وهل يمكن القول ان الانتخابات الحالية هي الأولى التي يشارك فيها حزب الاستقلال دون تشكيك في وزارة الداخلية؟

ـ الضمانة الأولى هي الملك، وخطابه واضح عندما قال لتنتصر الديمقراطية. ووزارة الداخلية ملتزمة بالحياد وأتمنى أن يكون حيادها ايجابيا أكثر في محاربة استعمال المال.

* توليت أمانة الحزب عشية تشكيل حكومة التناوب، وكان الحزب يعيش مخاضات متعددة على مستوى القيادة والقاعدة، فهل انت راض عن الوضعية الآن. أم أنك تعتبر أن برنامج عباس الفاسي داخل حزب الاستقلال لم يحقق اهدافه وأنتم على أبواب مؤتمر جديد؟

ـ لقد اجتاز حزبنا فترة انتقالية لم تكن ضائعة. أولا، لقد اتضح للشعب المغربي أن الأمين العام للحزب على اتصال مباشر ودائم بالقاعدة في مختلف أقاليم البلاد، وبرنامجي الدائم هو الاتصال الدائم مع فروع الحزب واعضائه، والتواصل مع الرأي العام في كل منطقة، وقد لمست ان هنالك تجاوبا ملحوظا بيننا وبين القاعدة والرأي العام والنخب الاجتماعية والثقافية. وبتواضع اعتبر ان المناسبات التي تواصلت فيها مع الرأي العام عبر وسائل الاعلام أكدت أن هنالك تجاوبا ملحوظا. وقد وجهنا جهودنا في اتجاه تركيز تنظيمات الحزب وعقدت منظماتنا الموازية مؤتمراتها وحدث تجديد في قياداتها.

وبادرنا الى انشاء شبكة من الروابط القطاعية المتفرعة عن الحزب واقتدت بها جل الأحزاب، ودعمنا دور هيئات المجتمع المدني.

* وكيف جرى التفاعل بين شباب الحزب الذين صعدوا لمواقع قيادية ورموزه التاريخية الذين استحدثت لهم هيئة مجلس الرئاسة؟

ـ لقد كان دور الشباب أساسيا، ويحتفظ الجيل الأول بدوره، رغم أنهم للأسف لم يحضروا اجتماعات هذه الهيئة خلال أربع سنوات الا نادرا.

* هل تعتقد ان تحقيق حزب الاستقلال لفوز بين في انتخابات 2002 من شأنه أن يساعد على اعادة دور الحزب في تأطير بعض فئات الشباب التي يستقطبها الاسلاميون؟

ـ اعتقد ان ذلك سيساهم كثيرا في معالجة هذه الظاهرة، لأن حزبنا له خطاب مقبول والشعب المغربي يريد الاعتدال الذي يتميز به الاسلام.

* وما هو تقييمك لتجربة حزب الاستقلال في حكومة عبد الرحمن اليوسفي؟

ـ لقد كانت مشاركتنا فيها ضعيفة، فقط من خلال أربع وزارات وليس ضمنها الوزارات الاقتصادية الأساسية باستثناء وزارة التجيهز التي يتولاها وزير استقلالي.

* وكيف تفسر مواقفك النقدية من حين لآخر لحكومة اليوسفي وأنت مشارك فيها، وماذا ستقولون للناخبين هل تدافعون عن حصيلة هذه الحكومة أم تنتقدها صراحة؟

ـ أولا لا بد من التأكيد بأنني كنت من السعداء عندما عين الملك الراحل الحسن الثاني عبد الرحمن اليوسفي وزيرا أولا، لأنني أعرفه شخصيا وهو زميل محام، اضافة لرصيده النضالي ودفاعه عن حقوق الانسان.

* لكن هنالك أوساطا تحدثت عن فتور في علاقاتك بالرجل؟

ـ أحيانا بعض الصحف تريد تشخيص الأمور، ولا يوجد خلاف شخصي أبدا بيني وبين اليوسفي، وعندما نكون في جلسات خاصة يكون التجاوب مطلق فيما بيننا.

* وكيف جرت الأمور في مسار تجربة الحكومة، ولماذا ظهرت انتقاداتك من حين لآخر؟

ـ الذي حصل أنه منذ تعيين اليوسفي بدأ يتكلم كاتحاد اشتراكي وليس ككتلة ديمقراطية (تحالف بين أربعة أحزاب يضم حزب الاستقلال والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وحزب التقدم والاشتراكية ومنظمة العمل الشعبي) انخرطت في (اليسار الاشتراكي الموحد)، وقد كان لذلك وقعه السلبي لدى حزب الاستقلال الذي شعر أن عواطفه مست، وخصوصا لدى الذين شاركوه بصفه فعالة حتى في الوصول لهذا المركز.

* من تقصد تحديدا؟

ـ أعني بصورة خاصة أعضاء مجلس رئاسة حزب الاستقلال، ولا سيما الأخ محمد بوستة الأمين العام السابق للحزب الذي لعب دورا كبيرا في تحقيق التناوب. لكن عندما عين الوزير الأول من الكتلة، وأعني اليوسفي، اصبح يتحدث فقط باسم حزب الاتحاد الاشتراكي ويقول ان الحكومة يقودها هذا الحزب بمفرده. وصراحة لقد تأثر حزبنا بهذه المسألة، ومع ذلك شاركنا كحزب في تشكيلة الحكومة باخلاص ودون تردد.

* وماذا عن حصيلتها؟

ـ بعد سنة وسنتين بدأنا نلاحظ البطء في التغيير، وهذه مشاعر الشعب المغربي وقد نقلتها للأخ اليوسفي. ونحن نعتبر ان كل ما جاء في خطاب الحصيلة الذي قدمه الوزير الأول أمام البرلمان، صحيح في أرقامه ومنجزاته، ونتبناه. وهذا ما نقوله باستمرار وسنستمر في قوله خلال الحملة الانتخابية، ولا يمكننا قول غير ذلك لأن الحصيلة حصيلتنا كلنا. لكنني أقول باخلاص ان هنالك مظاهر اتساع الفقر وتفشي البطالة وتفاوت اجتماعي كبير، وقد قدمت اقتراحاتي كأمين عام لحزب الاستقلال، ثم كوزير، ولم أجد أذنا صاغية.

* وماذا كانت اقتراحاتك التي لم تقبل؟ ـ اقترحت التقاعد المبكر، والوقت الجزئي بالنسبة للسيدات العاملات كي نساعد على تخفيف العبء عليهن وفتح المجال لتشغيل العاطلين، كما اقترحت تخصيص كل الامتيازات الجديدة في العمل لفائدة العاطلين، مع احترام الحقوق المكتسبة للموظفين. و اقترحت اعتماد سياسة أجور متوازنة، لأن بلادنا تفتقد لسياسة أجور، ويصل الفرق بين الحد الأدنى للأجور والأجر الأعلى واحد في المائة على الأقل أي بين 1800 درهم مغربي (180 دولار) 180وألف درهم (18 آلاف دولار). بينما لا يتجاوز الفرق بين الأجر الأدنى والأعلى في معظم الدول واحد من عشرة. وقد مرت خمس سنوات ولم أجد تجاوبا مع اقتراحي. لقد أيدنا حصيلة الحكومة، لكننا قلنا ان هنالك مشاكل حقيقية في ميادين العدل الاجتماعي وتخليق الحياة العامة، وقد وضع مولاي محمد الخليفة وزير الوظيفة العمومية والاصلاح الاداري (عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال) مشروع قانون للتصريح بالممتلكات من قبل المسؤولين ومعاقبة من لا يصرح بممتلكاته وتكليف هيئة نزيهة بمراقبة هذا الأمر، لكن المشروع لم ير النور.

* ومن عرقله برأيك؟

ـ لم ير النور، والله أعلم من المسؤول عنه. وقد اكتفي بحملة توعية في المدارس حول قيم تخليق الحياة العامة، وشخصيا كتبت رسالة لليوسفي، وطالبت بانشاء المحكمة العليا للعدل التي يخول لها النظر في جرائم المسؤولين والوزراء عندما يكونون في موقع المسؤولية. وعندما شاركنا في حكومة 1977 تم تكوين المحكمة مباشرة في البداية حسب مقتضيات الدستور، ولكنها توقفت منذ سنوات. وطالبنا بعودتها عندما جاءت حكومة التغيير منذ سنة 1998، لكنها لم تر النور. وعموما فان ما لم ينجز ضمن حصيلة هذه الحكومة، وضعناه في برنامج حزب الاستقلال الانتخابي.

* وما هو ردك حول حديث هامس يدور في المغرب حول رغبة حزبك في قيادة الحكومة المقبلة؟

ـ أولا، في ما يتعلق بالحكومة ينص الدستور بوضوح أن الملك هو من يعين الوزير الأول، والوزير الأول بعد ذلك يقوم بمشاورات من أجل تشكيل الأغلبية. وشخصيا أؤمن باستمرار التناوب، والواقع أن الملاحظات التي قدمتها للرأي العام حول حصيلة الحكومة الحالية بايجابياتها وسلبياتها، قلته منذ أربع سنوات وليس بمناسبة أجواء الحملة الانتخابية.

واعتقد أن حزب الاستقلال له تاريخ وتجربة ممارسة في الحكم من خلال مشاركته في عدة حكومات منذ استقلال البلاد، وبقينا في المعارضة 27 سنة، واذا قرر العاهل المغربي في ضوء نتائج الانتخابات، تعيين وزير أول من حزب الاستقلال، سنعتبر أنه سيكون قرارا عادلا جدا لطي جميع الممارسات التي أجهضت حق الحزب في الانتخابات التشريعية السابقة، ولدينا الآن برنامج واضح وسنأخذ بتوجيهات الملك محمد السادس وفي مقدمتها التركيز على أولويات محددة، لأن الحكومة لا يمكنها أن تنفذ كل شيء في كل قطاع. لابد من أولويات وضمنها الوحدة الترابية وتدعيم الديمقراطية ومحاربة الفقر والبطالة، وسنقدم بتفصيل كيفية تمويل برنامجنا وأجندتنا الزمنية المفصلة لتنفيذ البرنامج الذي نقترحه.

* وهل انتهت الكتلة الديمقراطية بعد اخفاق مكوناتها في تقديم لوائح مرشحين مشتركة؟

ـ التقيت الأخ اليوسفي منذ شهرين ابان المشاورات حول نمط الاقتراع، واقترحت اعتماد نسبة تضم 20 دائرة تكون فيها اللوائح المشتركة بين حزبي الاستقلال والاتحاد الاشتراكي، ولكنه أرجأ في بداية الأمر الجواب لما بعد اتخاذ قرار بشأن التقطيع الانتخابي، وفيما بعد لم يرد علي بالايجاب. فنحن متمسكون بالعمل المشترك وبدور الكتلة الديمقراطية.

* وكيف ترد على القائلين بأن دور حزب الاستقلال الذي يتمسك بتحالفاته مع اليسار، يمكنه أن يكون أفضل للحالة السياسية العامة في البلاد لو اتجه نحو اليمين والوسط باتجاه احداث توزان في الخارطة السياسية؟

ـ يحظى حزبنا بالاحترام من قبل كافة الأحزاب ونحن حزب وسط يمكنه التوفيق بين الآراء بكيفية تمكننا من تشكيل أغلبية قوية، بحكم العلاقات الطيبة التي تربطنا مع الجميع. وبعد الاقتراع وعندما نسجل بارتياح مرور الانتخابات في النزاهة وانتصار الديمقراطية، سنعتبر آنذاك أنها لم تعد أي عقدة مع أي حزب في التشاور معه حول المستقبل.

وفي الخارج أيضا لحزبنا علاقات طيبة ومتوازنة مع اتجاهات مختلفة، في فرنسا مثلا تربطنا علاقات طيبة مع الحزب الاشتراكي والحزب الديغولي الذي يقود الأغلبية الحالية، وفي اسبانيا لدينا علاقات جيدة مع الحزبين الشعبي الحاكم والاشتراكي المعارض.