الحريري يعود من باريس بثلاثة «تطمينات» وشيراك يزور لبنان رسميا قبل القمة الفرنكوفونية

TT

عاد رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري ليلاً من باريس الى بيروت بعد زيارة خاصة الى فرنسا دامت ثلاثة أيام بمجموعة من «التطمينات» عكستها تصريحاته عقب اللقاء المطول ليل السبت ـ الأحد مع الرئيس الفرنسي جاك شيراك.

وأول هذه «التطمينات» الموجهة الى الرأي العام اللبناني يتمثل في تأكيد الحريري، في باحة قصر الاليزيه، ان القمة الفرنكوفونية المقررة في الثامن عشر من الشهر المقبل ستعقد في موعدها في العاصمة اللبنانية. والجدير بالذكر ان هذه القمة كانت مقررة العام الماضي في الفترة نفسها، غير انها أجلت بسبب احداث 11 سبتمبر (ايلول) 2001 والتحضيرات للحرب على افغانستان.

وسعى رئيس الحكومة اللبنانية للاجتماع بالرئيس الفرنسي بسبب الدور النشط الذي تلعبه فرنسا في ما يخص المسألة العراقية وكذلك بسبب الدور الرائد لشيراك على صعيد ضمان انعقاد القمة الفرنكوفونية في بيروت. وقد حرص قصر الاليزيه على الاعلان عن «زيارة رسمية» للرئيس الفرنسي الى بيروت قبل يوم واحد من القمة وهو ما يراد منه التشديد على حرص فرنسا على ان تعقد القمة الفرنكوفونية في موعدها.

وجاء «التطمين» الثاني من جانب الحريري وهو ايضاً موجه للبنانيين، عن طريق تأكيد انعقاد مؤتمر باريس ـ 2 للدول والهيئات المالية الشريكة للبنان «قبل نهاية هذا العام». وأكد الحريري كذلك انه بحث مع شيراك في الترتيبات الجارية لضمان انعقاد هذا المؤتمر الذي يعول عليه لبنان من أجل تخفيف وطأة الأزمة المالية التي يعاني منها.

وكان قصر الاليزيه قد أعلن قبل اشهر ان هذا المؤتمر سيعقد في الخريف فيما اكد الحريري ان انعقاده «قبل نهاية العام». ويعكس هذا التباين في التواريخ وجود عوامل خارجة عن ارادة فرنسا ولبنان وتتعلق بتطور الأوضاع الاقليمية وخصوصاً بشأن المسألة العراقية ومدى استعداد عدد من الأطراف مثل الولايات المتحدة ودول أخرى في مجموعة الدول الصناعية الاهتمام بالملف اللبناني فيما تكون اولوياتها بعيدة عنه آنذاك. وذهب الحريري الى تهدئة مخاوف اللبنانيين من الانعكاسات المترتبة على لبنان من جراء عمليات عسكرية اميركية أو دولية على العراق. ورغم اعترافه بأن الوضع «دقيق جداً وصعب» لمنطقة الشرق الأوسط، غير انه سارع الى التأكيد على ان لبنان «هو الأقل تأثراً بسبب بعده عن الحدود العراقية». كذلك قلل الحريري من المخاوف التي اثارتها تصريحات نائب وزير الخارجية الأميركي ريتشارد ارميتاج، التي قال فيها ان «دور حزب الله آتٍ» وانه على «لائحة الأهداف الأميركية وحرب واشنطن على الارهاب».

وبموازاة ذلك، أعلن الحريري انه تناول مع الرئيس شيراك التهديدات الاسرائيلية للبنان بخصوص مياه الحاصباني كجزء من الوضع العام والنزاع مع اسرائيل ككل مضيفاً ان موضوع التهديدات «قيد المعالجة بشكل جيد لمصلحة لبنان».

وأفادت مصادر فرنسية ان الموضوع العراقي واستحقاقاته على مستوى مجلس الأمن الدولي وانعكاساته الاقليمية في الشرق الأوسط كانت لها الأولوية في اجتماع شيراك ـ الحريري الذي يندرج في اطار مشاورات فرنسا غير المنقطعة مع الأطراف العربية. وكان شيراك التقى في الأيام الماضية نائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام ووزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل.

وتريد فرنسا ان تتعرف على ما يمكن ان يكون عليه الموقف العربي في حال رفض العراق عودة المفتشين الدوليين وفي حال أقر المجلس، بقرار جديد، اللجوء الى القوة لالزام العراق على التخلي عن أسلحة الدمار الشامل.

وعلى هذا الصعيد أعلن الحريري ان لبنان «لا يؤيد استعمال القوة ضد العراق». غير انه اضاف ان لبنان «يؤيد القرارات الدولية (وضرورة) احترامها».

وينتظر ان تلعب باريس دوراً هاماً في صياغة القرارين الدوليين المتوقعين بشأن العراق، فيما تريد بغداد منها ان تلعب دور الوسيط مع الأمم المتحدة والولايات المتحدة لتسهيل قبول بغداد عودة المراقبين الدوليين مقابل «ضمانات» فرنسية بعدم مهاجمة العراق من قبل الولايات المتحدة الأميركية.