«العدالة والتنمية» الأصولي يستعمل لهجة هادئة ويقدم نفسه كحزب منفتح بشعار «نحو مغرب أفضل»

رشح سيدة غير محجبة.. والعثماني يقول «لسنا حزبا طائفيا»

TT

بدت لهجة قيادة حزب العدالة والتنمية الأصولي المغربي أكثر إعتدالاً وهم يقدمون مرشحيهم للانتخابات التشريعية الليلة قبل الماضية.

فقد شدد الدكتور سعد الدين العثماني، نائب امين عام الحزب على أنهم وبسياسة إرادية قرروا تقليص حجمهم السياسي، وذلك بان تقتصر ترشيحاتهم على 56 دائرة من بين 91 دائرة تضم في مجموعها 325 مقعداً.

وخلال مؤتمر صحافي كان جميع قياديي الحزب يرتدون زياً أوروبياً عصرياً، وبعضهم كانوا في كامل أناقتهم. بدأ المؤتمر بحفل شاي متواضع، وفي الجانب الآخر من فندق حسان الواقع وسط الرباط، حيث عقد المؤتمر الصحافي، كان زبناء الفندق يستمعون الى تسجيل لصوت المغني الاسباني خوليو إيغلسياس وهو يصدح بصوت شجي بأغنية عاطفية، ولم يتحرج أحد أعضاء الحزب في إبداء إعجابه بالأغنية.

لم يضع الحزب نفسه في موضع الدفاع إزاء انتقادات شديدة حول ما أثير بشأن «الخطر الأصولي» لكنه اختار بدلاً من الرد على تلك المخاوف محاولة طمأنة الجميع بان الحزب «يراعي المصالح العليا للبلاد». وقال الدكتور العثماني، وهو في الاصل طبيب للأمراض العقلية والنفسية «نحن لا نحتكر مجال الاسلام ولا نشكك في إسلام احد». وكان لافتاً أن هذا الحزب الذي تتولى قيادته مجموعة شابة من الأطر والمتعلمين قرر أن يرشح سيدة غير محجبة وهي ثريا غربال ضمن لائحته الوطنية للنساء، حيث خصصت 30 مقعداً تتنافس عليها لوائح نسوية من جميع الاحزاب على مستوى المغرب. وفي مجال تفسير هذه الخطوة قال العثماني «نحن لسنا حزباً طائفياً». كما كان لافتاً اللغة الهادئة والمرنة التي استعملها الحزب في خطابه السياسي، فعندما طرح على قيادة الحزب سؤال حول كيف يحددون علاقات المغرب مع اميركا في حالة مشاركتهم في الحكومة أجاب عبد الإله بن كيران الذي ينظر إليه على نطاق واسع باعتباره «المنظر الايديولوجي» للحزب «لنكن واضحين قرار العلاقات مع اميركا ليس في يد أية حكومة»، ولم يقل بن كيران ان مثل هذه الامور بيد الملك، لكن الاشارة كانت واضحة.

وبشأن توقعاتهم حول نتائج الانتخابات تملص العثماني بلباقة من السؤال حين قال «لسنا منجمين لنحدد عدد المقاعد منذ الآن».

بيد أن بعض التقديرات في الأوساط السياسية تمنح هذا الحزب ما بين 20 الى 30 مقعداً في أحسن الأحوال. ورغم أن العثماني نفى نفياً قاطعاً أي تنسيق مع «جماعة العدل والإحسان» الأصولية المتشددة في معرض رده على سؤال حول إمكانية مساندة الجماعة لمرشحي الحزب، وقال في هذا السياق «لقد اكدوا بانهم لن يشاركوا في الانتخابات» بيد أن تكهنات تقول ان أعضاء الجماعة ربما يصوتون لصالح مرشحي «العدالة والتنمية».

وتشير بعض التحليلات السياسية الى أن الحزب سيبقى في المعارضة كما هو شأنه حالياً وكانت بعض الاستنتاجات المتسرعة اشارت الى أن حزب الاستقلال ربما يتحالف بعد الانتخابات مع «العدالة والتنمية» لكن قيادياً استقلالياً قال لـ «الشرق الأوسط» «هذا الامر ليس وارداً على الاطلاق لقد اتخذنا قراراً لا رجعة فيه بانه اذا كان هناك تحالف فسيكون مع الاتحاد الاشتراكي أو احزاب الكتلة الديمقراطية فقط».

ويخوض «العدالة والتنمية» الانتخابات تحت شعار «نحو غد أفضل» وترى قيادته ان الحاضر كما هو الشأن بالنسبة للأمس كان معتماً، إذ أن المغرب يحتل حالياً المرتبة 123 بالنسبة لمعدلات التنمية، على حد قولهم.

وقال أحد القياديين «تقلص الاستثمار في السنة الماضية بنسبة 90 بالمائة ... المستثمرون لا يأتون الى بلد الا إذا كانوا سيضمنون الربح لكن لن يأتينا مستثمر وهو يعرف بانه سيخسر».

ويحمل 50 بالمائة من مرشحي «العدالة والتنمية» درجتي الدكتوراه والماجستير، ومن الواضح أن الحزب اعتمد في برنامجه على مجموعة نشطة من التكنوقراط الذين يعملون داخل الادارات المغربية. والثابت أن الحزب قرر أن ينتقل بتدرج من حزب «نخبة» الى حزب «جماهير» دون أن يثير حساسية أحد.

هل يفلحون؟