إسرائيل تستعد لتوسيع الحرب في غزة وواشنطن تطالبها بالتريث انتظارا لنتائج تحركات فلسطينية

TT

اكدت مصادر عسكرية وسياسية في اسرائيل، امس ان جيش الاحتلال بدأ استعداداته لاعادة احتلال المدن والبلدات والمخيمات الفلسطينية في قطاع غزة، وهو الامر الذي كان يمتنع عنه حتى الآن خوفا من المقاومة الشديدة المتوقعة.. وما يعيق تنفيذ هذه العملية هو طلب اميركي بالتروي، بانتظار صدور «خطة سياسية فلسطينية جديدة مثيرة للاهتمام».

وقالت تلك المصادر ان معارضي اعادة احتلال غزة في المؤسسة الاسرائيلية الحاكمة بدأوا يتضاءلون، وذلك لانهم كانوا قد حذروا في الماضي من خطورة احتلال نابلس وجنين. وثبت ان تحذيراتهم لم تكن في محلها. والمقاومة الفلسطينية لم تصمد سوى بضعة ايام قليلة والخسائر الاسرائيلية رغم انها غير قليلة لكنها جاءت اقل بكثير من التقديرات السابقة. وعليه فلا بد من تنفيذ العملية في غزة لكي تصفي البنية التحتية للارهاب الفلسطيني على حد قولهم هناك وخصوصا «حماس»، اقوى تنظيم فلسطيني مسلح في القطاع.

ويؤكد انصار هذه النظرية في القيادتين السياسية والعسكرية الاسرائيلية انه بتحديد موعد الهجوم الاميركي على العراق في يناير (كانون الثاني) او فبراير (شباط) يفسح المجال امام اسرائيل لتوجيه ضربتها في غزة «ففي مثل هذه الظروف يفضل توجيه ضربة للارهاب الفلسطيني، قبل الحرب، لكي لا يتمكن هذا الارهاب من استغلال الحرب ليشن هجمات ارهاب على اسرائيل فيفتح عليها جبهة جديدة بالتنسيق مع جبهة اخرى يفتحها حزب الله في الشمال اضافة الى التهديدات العراقية بقصف اسرائيل».

يذكر ان رئيس الوزراء الاسرائيلي، ارييل شارون، لمح اول من امس الى أنه يؤيد اعادة احتلال قطاع غزة. ورد لاول مرة على السؤال الذي يطرح عليه بالحاح في الاشهر الاخيرة من الصحافة الاسرائيلية وبعض السياسييين ومضمونه: «معروف لك ان «حماس» و«الجهاد» هما اللذان تنفذان اكبر عدد من العمليات الفلسطينية، فماذا لا تعتقل قادتها الكبار وتركز هجومك على الرئيس ياسر عرفات ومساعديه؟ ولماذا تمتنع اسرائيل عن توجيه ضربات قاسية لحركتي «حماس» و«الجهاد» بينما قامت بتدمير كل مباني اجهزة الامن الفلسطينية ومعظم سياراتها وقتلت العشرات من قادتها، وقامت باغتيال زعيم الجبهة الشعبية، ابو علي مصطفى»؟ وجاء جواب شارون ان الجيش الاسرائيلي سيوجه قريبا الضربات لحماس.

وجاءت عملية التوغل امس في حيي الشجاعية والزيتون في مدينة غزة ومقتل 9 فلسطينيين تنفيذا لوعد شارون.

واما الخطة الفلسطينية التي يتحدث عنها الاميركيون فهي مبادرة فلسطينية تتبلور منذ عدة اشهر في حركة «فتح» هدفها اعلان هدنة لمدة 3 اشهر، يتم خلالها انسحاب اسرائيل من المدن الفلسطينية مقابل تعهد السلطة الفلسطينية بتوقف كل عمليات العنف وحل جميع التنظيمات العسكرية لجميع الفصائل الفلسطينية (بما فيها تنظيمات «حماس» و«الجهاد» و«فتح»). وحسب مصادر فلسطينية فان الصيغة النهائية لهذه الخطة اعدت خلال سلسلة لقاءات تمت في بيت محمود عباس (ابو مازن)، امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، وسلمت الى الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، مرفقة باقتراح تعيين رئيس حكومة فلسطيني.

وحسب مصادر اسرائيلية فان هذه الخطة معروفة للاميركيين وشارك في اعدادها الاوروبيون كما ان الحكومة الاسرائيلية على علم بها، وان هناك قبولا لها في اوروبا. والاميركيون يؤيدون اعطاءها فرصة، لكن الاسرائيليين لا يوافقون عليها ويثيرون الشكوك حولها ويقولون ان اخطر عنصر فيها هو الابقاء على مكانة عرفات رئيسا.

ولفت مصدر في وزارة الخارجية الاسرائيلية الانتباه الى ان الادارة الاميركية بدأت تنتقد اسرائيل بسبب موقفها هذا. وتدعو الى اعطائها فرصة وعدم عرقلة تنفيذها في هذه المرحلة الدقيقة. بل ان الخارجية الاسرائيلية نفسها تشجع هذه المبادرة خصوصا بعد الكشف ان مستشار عرفات لشؤون الامن القومي، العقيد محمد دحلان، كان قد حذر قادرة «حماس» و«الجهاد» من الاستمرار في العمليات التفجيرية. وقال لهم: «دم عرفات في رقبتكم. واذا حدث له مكروه من جراء عملياتكم، فانتم ستتحملون النتيجة كاملة». واعتبرت الخارجية الاسرائيلية هذا الموقف من دحلان اشارة ايجابية للغاية.

من جهة ثانية كشف مصدر في وزارة الدفاع الاسرائيلية، امس ان الوزير بنيامين بن اليعزر، اتصل بمبادرة منه مع كل من الرئيس المصري، حسني مبارك، ورئيس الحكومة الاردني، علي ابو الراغب، ليوضح لهما الموقف الاسرائيلي. وقال لهما انه هو الذي بادر الى محاصرة عرفات في «المقاطعة» وهدم المباني حول مكتبه، وذلك بعد ان اطلع بنفسه على نتائج عملية تل ابيب يوم الخميس الماضي. ودعاهما لزيارة اسرائيل ومشاهدة حافلة الركاب التي انفجرت. وقال لهما: «لقد امرت بأن لا تغسل الدماء عنها، لكي اقترح عليكما مشاهدتها». وابلغهما انه مستعد «لارسال شريط الفيديو الذي تظهر فيه هذه الحافلة ساعة وقوع الانفجار وكيف تطايرات اشلاء القتلى والجرحى».

يذكر ان اسرائيل ما زالت متمسكة بموقفها حول استمرار حصار عرفات في المقاطعة والامتناع عن فك الحصار الا اذا تم تسليم المطلوبين، الذين ارتفع عددهم من 19 الى 53 مطلوبا الان. وابلغت اسرائيل السلطة الفلسطينية رفضها اقتراحا اوروبيا بنقل المطلوبين الى سجن فلسطيني في اريحا (مثل قاتلي الوزير الاسرائيلي، رحبعام زئيفي) او في غزة. بينما رفض الفلسطينيون اقتراحا اسرائيليا بالفصل ما بين الرئيس عرفات والمطلوبين.

وتحاول جهات غربية التوصل الى حل وسط يقضي باسقاط اسم رئيس جهاز المخابرات الفلسطينية في الضفة الغربية، توفيق الطيراوي، ورئيس الحرس الرئاسي وغيرهما من اصحاب المراكز المرموقة من قائمة المطلوبين والاكتفاء باعتقال بعض المطلوبين «الصغار». الا ان الموقف الاسرائيلي او الفلسطيني الرسمي ازاء الاقتراح لم يعرف بعد.