غور يحذر من أسلوب «رعاة البقر» في سياسة بوش الخارجية ويتهمه بالتركيز على العراق للتغطية على فشله في ملاحقة بن لادن

هاجم جوانب عديدة من حملة مكافحة الإرهاب داخل أميركا معتبرا أنها «تتعدى المنطق وغير أميركية»

TT

ادان نائب الرئيس الاميركي السابق آل غور بعنف السياسة الخارجية للرئيس جورج بوش وتوجهه لشن الحرب على العراق، قائلا انها اضعفت المعركة ضد الارهاب ويمكن ان تجعل العالم اكثر خطرا. واشار غور الذي كان يستخدم لغة حادة غير عادية بل ويتحدث بلهجة ساخرة، الى ان بوش يستغل التوتر مع العراق لمكاسب سياسية ولصرف النظر، كما قال، عن فشل الادارة في القبض على المسؤولين عن هجمات 11 سبتمبر (ايلول) ومعاقبتهم.

وقال غور في انتقادات وضعته في مرتبة بعيدا عن باقي المرشحين لاختيار مرشح الحزب الديمقراطي في انتخابات الرئاسة «لا اعتقد اننا يجب ان نسمح لانفسنا بالانصراف عن هذه المهمة الصعبة، لانها، ببساطة، اثبتت انها اكثر صعوبة واطول مما كان متوقعا. ان الامم العظيمة تثابر ثم تسود. ولا تقفز من مهمة غير منتهية الى مهمة اخرى». واضاف «ان بوش بمضيه وحده في اسلوب رعاة البقر في مجال الشؤون الدولية، يخاطر بمزيد من العداوات في الخارج، وان بعض الخطوات التي اتخذت باسم الامن في الداخل ومن بينها اعتقال المشتبه فيهم بدون تمثيل قانوني، تتعدى المنطق وغير اميركية». وقال غور «يمكننا الدفاع عن انفسنا بفعالية في الداخل والخارج بدون ان نضعف من مبادئنا الجوهرية. واعتقد ان نجاحنا في الدفاع عن انفسنا يعتمد على وجه الخصوص على عدم التنازل عما ندافع عنه».

تجدر الاشارة الى ان ملاحظات غور المكتوبة في 7 صفحات ونصف صفحة في نادي الكومنولث في سان فرانسيسكو، كانت ابتعادا دراميا عن الانزواء والاختفاء عن الاضواء الذي تبناه منذ فوز بوش في انتخابات الرئاسة التي اثارت جدلا عام .2000 ففي الاسابيع القليلة الماضية كان هو الشخص الوحيد من المرشحين الديمقراطيين المحتملين للانتخابات الرئاسية المقبلة الذي التزم الصمت بخصوص المواجهة مع العراق. وعندما تحدث، كانت حدة لهجته، والوسيط الذي اختاره ـ خطبة اذيعت على شبكة اذاعية وطنية ـ قد ساهمتا في تزايد التكهنات عما اذا كان سيحاول الترشح مرة اخرى في عام .2004 واغاظ غور الجمهور بقوله انه سيتخذ قراره في نهاية العام اعتمادا على «العديد من الحسابات المعقدة»، التي يشار اليها عادة علميا بـ «الشعور الداخلي».

وعندما صعد نائب الرئيس السابق الى المنصة انشدت مجموعة تجلس في الصف الرابع مقاطع من «عاش الرئيس» ـ وابتسم غور ـ وقد قوطع الخطاب الذي استمر 45 دقيقة اكثر من مرة بتصفيق الحاضرين. ووجه اليه السؤال الحتمي في نهاية خطبته، حول ما اذا كان سيسعى للحصول على ترشيح الحزب الديمقراطي لمنافسة بوش في انتخابات 2004، فرد بقوله انه سيتخذ قراره في ديسمبر (كانون الاول). وبالرغم من ذلك فإن احداث ذلك اليوم كانت تبدو مثل حملة انتخابية ورد فعل سريع من اللجنة القومية للحزب الجمهوري في واشنطن.

وكان غور يقرأ خطبته مثل بيان للمدعي العام، وصوته يرتفع، وحث الكونغرس على رفض السلطات الموسعة والموافقة السريعة التي يطالب بها بوش في التعامل مع العراق، وقال انه يجب حث الرئيس «على اتخاذ الوقت الكافي لتجميع اكبر دعم دولي ممكن قبل ان يسعى لاية عمليات عسكرية». وتحدى غور النظرية الاستراتيجية التي اعلنها بوش في الاسبوع الماضي قائلا ان الحق المؤكد في تصرفات من طرف واحد ضد الارهابيين المشتبه فيهم او ضد الدول المارقة يمكن ان يشجع الاخرين على «ممارسة نفس الحق» وعندئذ «فإن حكم الخوف سيحل محل سيطرة القانون».

وبالرغم من تميز الخطاب بازدراء الرئيس، فإن خطبة غور تميزت ايضا بالفصل بينه وبين العديد من الديمقراطيين ومن بينهم شريكه في القائمة الانتخابية سناتور ولاية كونتيكت جوزيف ليبرمان، كما ان العديد من شخصيات الحزب الذين يفكرون في دخول الانتخابات ضد بوش، اعربوا عن تأييدهم، وإن بدرجات مختلفة، لسياسة الرئيس بخصوص العراق، او على الاقل يبدو انهم سيؤيدون موقف الادارة. والاستثناء الوحيد هو حاكم ولاية فيرمونت هورد دين، غير ان شكوكه تبدو مكتومة بالمقارنة بالهجوم الشامل الذي شنه غور اول من امس على بوش. وقد رفضت شخصيات ديمقراطية كبيرة التعليق على خطاب غور.

واوضح غور في خطابه انه لا يزال يعتبر صدام حسين مصدر تهديد لجيرانه في الخليج، لكنه لا يعتبره تهديدا وشيكا للولايات المتحدة. ولهذا السبب، قال غور، انه يعارض الهجوم من طرف واحد، لانه يمكن ان يؤدي الى تنفير حلفاء الولايات المتحدة ويضعف تأييدهم للحرب ضد الارهاب. واضاف «بالنسبة للعراق يبدو انتصار الولايات المتحدة وحدها اكثر صعوبة لكنه محتمل. وبالمقارنة، فإن الحرب ضد الارهاب تتطلب تعاونا دولية موسعا ومستمرا وقدرتنا على ضمان مثل هذا النوع من التعاون المتعدد يمكن ان تتعرض لاضرار من تصرف فردي ضد العراق». وقال ان بوش يوجه الشعب الاميركي نحو الحرب مع العراق للتعويض عن فشل البلاد في «الحرب ضد اسامة بن لادن». واستطرد قائلا «لا اعتقد انه يجب السماح بأي شيء يعمل على اضعاف تركيزنا على ضرورة الانتقام لثلاثة الاف اميركي قتلوا» في 11 سبتمبر (ايلول) و «تفكيك شبكة الارهابيين التي نعرف انها مسؤولة عن ذلك. ان حقيقة اننا لا نعرف اين هم يجب ان لا تدفعنا للتركيز على اعداء اخرين يمكن تحديد مواقعهم بسهولة».

وقال غور انه بالتحول نحو التركيز على العراق ـ قبل استقرار الوضع في افغانستان ـ فإن بوش «قضى على النوايا الحسنة الدولية ونشر المخاوف في العالم ليس في ما يتعلق بما ستفعله الشبكات الارهابية، ولكن ماذا سنفعله نحن». واضاف ان «تبديد كل تلك النوايا الحسنة واحلال القلق محلها في سنة يشبه تحويل فائض قيمته مائة مليار الى عجز قيمته 200 مليار دولار». واثارت هذه الملاحظة عاصفة من التصفيق من مئات من الحاضرين واغلبيتهم من انصار الحزب الديمقراطي.

واعتبر غور ان بوش حول الصراع مع العراق الى قضية سياسية لدعم فرص الحزب الجمهوري في الانتخابات التي ستجري في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل «لاسعاد هذا القطاع من قاعدته التي تقف الى اقصى اليمين».

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»