شرودر في لندن لتوسيط بلير من أجل إعادة كسب ود البيت الابيض

TT

وصل المستشار الالماني جيرهارد شرودر الى لندن مساء امس حيث اجرى مباحثات مع توني بلير رئيس وزراء بريطانيا. وقال متحدث بريطاني:«الاجتماع تطرق الى مجموعة من القضايا السياسية العالمية والاوروبية». واوضح ان شرودر الذي فاز الحزب الديمقراطي الاشتراكي الذي يتزعمه بالتحالف مع حزب الخضر باغلبية ضئيلة في الانتخابات الالمانية التي جرت يوم الاحد الماضي لم يجر مباحثات مع زعماء اخرين.

ويسعى المستشار الالماني لاصلاح خلاف دب بين الولايات المتحدة وحكومته خلال الحملة الانتخابية الالمانية.اذ عارض شرودر خلال حملته الانتخابية بشدة توجيه ضربة عسكرية اميركية للعراق، كما نسب لوزيرة العدل الالمانية هيرتا دويبلر جميلين قولها ان اساليب الرئيس الاميركي جورج بوش مع العراق تشبه تلك التي كان يستخدمها الزعيم النازي ادولف هتلر لابعاد الانظار عن القضايا الداخلية. واعلن المستشار الالماني امس الاول ان وزيرة العدل قررت الاستقالة.

وقال شرودر ان وزيرة العدل ابلغت زعماء الحزب خلال اجتماع عقد امس الاول انها لن تشارك في الحكومة الجديدة. وتنامت التكهنات بان وزيرة العدل التي اغضبت واشنطن لن تحتفظ بمنصبها في حكومة شرودر الجديدة وستكون هذه خطوة اولى على طريق المصالحة مع الولايات المتحدة.

لم يتلق مكتب شرودر من البيت الأبيض اكثر من تهنئة قصيرة بالفوز مررها وزير الدفاع الاميركي كولن باول الى نظيره يوشكا فيشر على الهاتف، ومن «سموم» بثها وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد في تصريحات له حول تدهور العلاقات بين البلدين.

وكان المستشار الالماني الالماني برقيات التهاني بالفوز في الانتخابات من قبل معظم قادة العالم «روتين» جار منذ عقود، ويشمل الدول الصديقة والعدوة على حد سواء، الا ان البرقية المنتظرة من بوش استعصت حتى على هذا الروتين.

ويبدو ان الخلاف حول مشاركة المانيا في الحرب المحتملة ضد العراق و«الطريق الالماني الخاص» والتنصل من «التضامن اللامحدود» مع الولايات المتحدة قد اتخذت أبعادا شخصية بين بوش وشرودر بالنظر الى «التفاهم التام» الذي يصف به فيشر علاقته بباول. فالرئيس الاميركي المتمسك بخيار الحرب على العراق يدير ظهره ببرود واضح الى المستشار الالماني الذي واصل بعد إعلان فوزه في الانتخابات، وان بنبرة أهدأ، سياسة رفض المشاركة في الحرب الاميركية على العراق.

ويرى المراقبون السياسيون ان حديث شرودر بعد الانتخابات عن عدم انقطاع «التضامن اللامحدود» مع الولايات المتحدة قد يشير الى أول بوادر التراجع في موقف المانيا الرافض للحرب ضد العراق. كما يتعذر تفسير عجلة شرودر في شطب اسم وزيرة العدل من الحكومة الاشتراكية ـ الخضراء القادمة، بسبب مقارنتها الرئيس الاميركي بهتلر، بغير محاولة كسب ود الرئيس الاميركي. هذا الود المفقود الذي يبدو ان بوش يشترط لاستعادته ان يكون الاعتذار عن مسبباته سريعا ومباشرا ومذلا للمستشار الاشتراكي.

وقالت مصادر غربية ان المستشار الالماني يجتهد حاليا في التقرب من رئيس الحكومة البريطانية توني بلير سعيا لتهدئة الامور وتحريك وساطة ممكنة حسب رأي مجلة «دير شبيجل». كما ينهمك وزير الخارجية الالماني حاليا في حزم حقائبه استعدادا لرحلة سريعة الى واشنطن بحثا عن حل ما مع صديقه كولين باول. ويقال ان المستشار الالماني نفسه قد يرافقه فيها اذا ما نجح بلير في ترتيب امور «الصلح» مع البيت الأبيض.

ويرى المراقبون الالمان ان الأيام المقبلة ستسفر عن حقيقة موقف المستشار جيرهارد شرودر من قضية الحرب ضد العراق: هل هي طريق الماني خاص بالتعامل مع المشاكل الدولية أم انها مجرد «كلام» صدر في اطار حملة دعائية سرعان ما تمحوها نتائج الانتخابات.