مصير خاتمي والإصلاحيين رهن لائحتين يدرسهما حاليا مجلس الشورى الإيراني

TT

قدم محمد علي أبطحي مساعد الرئيس الإيراني للشؤون القانونية والبرلمانية صباح أمس لائحة تحدد صلاحيات وحدود مسؤوليات رئيس الجمهورية إلى مجلس الشورى (البرلمان)، مؤكدا أن هذه اللائحة واللائحة السابقة التي قدمها إلى البرلمان قبل أسبوعين ـ المطالبة بإلغاء الرقابة الاستصوابية (الشاملة) التي يمارسها حاليا مجلس صيانة الدستور على عملية الانتخاب ـ ستعززان مسار الديمقراطية في إيران.

وكان الرئيس محمد خاتمي قد أعلن في مؤتمره الصحافي في أغسطس (آب) الماضي عن عزمه تقديم لائحة لإصلاح قانون الانتخابات ولائحة لتوسيع صلاحيات رئيس الجمهورية وتعزيز سلطته، إلى البرلمان. وقال خاتمي إن استمرار العمل في إطار الخرق الفاضح لسلطات رئيس الجمهورية وسيادة الشعب من قبل القضاء والأجهزة التي يديرها من وصفهم الرئيس الأميركي جورج بوش بالأقلية غير المنتخبة، بات غير ممكن.

تجدر الإشارة إلى أن الدستور الإيراني يعتبر رئيس الجمهورية أعلى سلطة في البلاد بعد المرشد، ويعطيه، إلى جانب رئاسته للبلاد، حقا خاصا لا يحظى به المرشد أو غيره، وهو حق مراقبة تطبيق الدستور ومنع خرقه من قبل بقية سلطات البلاد. وخلال السنوات الخمس الماضية وجه خاتمي عدة مرات تحذيرات مباشرة إلى رئيس السلطة القضائية المعين من قبل المرشد، وإلى أجهزة الأمن المتعددة التي تم تشكيها من قبل القضاء وإدارة المرشد بموازاة وزارة الأمن التي تخضع لإشراف الإصلاحيين بعد طرد عناصر علي فلاحيان وزير الاستخبارات الأسبق، وعزل دري نجف آبادي، الذي وقعت سلسلة الاغتيالات السياسية في عهده. غير أن تحذيرات خاتمي حول خرق الدستور والقوانين من قبل القضاء وأجهزة الأمن الموازية ومراكز أخرى تابعة للمرشد، ذهبت أدراج الرياح، مما تسبب في أن يهدد خاتمي بشكل غير مباشر في 28 أغسطس الماضي، بتقديم استقالته إلى الشعب ما لم يصادق البرلمان على اللائحتين المشار إليهما سابقا.

وفيما تشير المصادر القريبة من الرئاسة إلى أن خاتمي حصل على ضمانات من مرشد النظام بتأييد لائحة تحدد صلاحياته من قبل مجلس صيانة الدستور، بعد مصادقة النواب عليها، هناك مؤشرات تدل على أن لائحة إصلاح قانون الانتخابات ستواجه صعوبات لدى طرحها في مجلس صيانة الدستور، الذي ينتمي جميع أعضائه الـ12، ما عدا عضوا واحدا، إلى الجبهة المناهضة للإصلاحات (المحافظين).

وبموجب اللائحة الأولى فإن مجلس صيانة الدستور سيفقد صلاحياته غير المحدودة في قبول أو رفض المرشحين في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية. ولم يخول الدستور الإيراني أصلا المجلس بصلاحيات غير محدودة، بل يؤكد الدستور على أن للمجلس الدستوري رقابة عامة على الانتخابات بحيث أن من مسؤوليات وزارة الداخلية تحديد ما إذا كان المرشح مؤهلا لتولي الرئاسة والنيابة بعد استطلاع رأي وزارة الاستخبارات والسلطة القضائية والشرطة، غير أن مجلس صيانة الدستور بدأ يمارس رقابة شاملة بعد وفاة الخميني على المرشحين الذين نالوا موافقة وزارة الداخلية، ورفض صلاحية المئات منهم خلال الانتخابات البرلمانية والرئاسية منذ عام 1990.

وكان نائب طهران وأحد كوادر حزب جبهة المشاركة، نعيمي بور، قد أعلن قبل يومين أن لائحتي تحديد صلاحيات رئيس الجمهورية وإصلاح قانون الانتخابات، ستحددان مصير خاتمي والإصلاحيين، بحيث أن رفضهما من قبل مجلس صيانة الدستور لن يترك أمام خاتمي وفريقه الإصلاحي إلا خيار الخروج من الحكم. وحسب الدستور الإيراني فإنه في حالة رفض اللوائح البرلمانية المصادق عليها، من قبل مجلس صيانة الدستور، فإنه سيتم إرسالها إلى مجمع تشخيص مصلحة النظام الذي يرأسه علي اكبر هاشمي رفسنجاني لإعلان رأيه فيها، ورأي المجمع نهائي، ويمكن أن يكون متفقا مع البرلمان أو مع رأي مجلس صيانة الدستور.

وبالنظر إلى أن غالبية أعضاء المجمع هم من المحافظين، فإن الإصلاحيين لا يتوقعون تأييد اللائحتين من قبل المجمع لو رفضهما مجلس صيانة الدستور، رغم أن هاشمي رفسنجاني أعلن الاثنين الماضي ردا على سؤال بشأن تصريحات بعض النواب حول احتمال عدم مصادقة المجمع على لائحة تبين صلاحيات رئيس الجمهورية، إن «هذا الحكم المسبق إنما يقوم على أساس التكهن والظن فحسب» ولم يبد رفسنجاني رأيه بشأن لائحة إصلاح قانون الانتخابات مما زاد من تكهنات المصادر القريبة من خاتمي بأن لائحة إصلاح قانون الانتخابات سوف ترفض، فيما ستنال لائحة تحديد صلاحيات رئيس الجمهورية موافقة مجلس صيانة الدستور.