ريتر: لا علاقة لأسلحة الدمار الشامل بالحرب الأميركية ضد العراق

المفتش الأميركي السابق اتهم في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» بلاده بالسعي لبسط هيمنتها على العالم

TT

أكد سكوت ريتر، مفتش الأسلحة الاميركي السابق في العراق، ان بوسع توني بلير رئيس الوزراء البريطاني، ايقاف الحرب المحتملة ضد العراق. واضاف الميجور الاميركي المتقاعد انه «اذا اعلنت لندن عدم استعدادها للاشتراك في الحملة المرتقبة، فان ذلك سيضعف كثيرا موقف الصقور الاميركيين الذين اتهمهم منذ سنوات لبسط السيطرة الاميركية على العالم وتريد ان يكون العراق اول مثال على نجاح سياستها هذه».

وشدد ريتر، نائب رئيس فريق المفتشين التابعين للأمم المتحدة في العراق بين 1991 و1998، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» في بلاكبول (شمال غرب انجلترا) على هامش مؤتمر حزب العمال الحاكم بان بغداد لا تملك اسلحة دمار شامل، وسخر من «ملف الأدلة» الذي نشره بلير أخيرا بهدف إدانة بغداد بتطوير اسلحة من هذا النوع، معتبرا ان الملف «لا يستند الى أدلة حقيقية، بل هو مجرد كلام بكلام».

وقال ريتر ان «الحرب (المتوقعة) لن تشن بسبب اسلحة الدمار الشامل، بل بهدف تغيير النظام العراقي، وهذا عمل يمثل انتهاكا للقانون الدولي». وأردف انه من المنطقي القول «اننا لا نعرف تماما ما اذا كان لدى العراق اسلحة دمار شامل، فنحن لم نر أدلة قاطعة على ذلك حتى الآن». واعتبر ان عددا من زملائه السابقين قد جندوا بغرض تكذيبه، وخصوصا ريتشارد بتلر، رئيس لجنة التفتيش السابقة «أونسكوم». وقال ان «بتلر بدلا من ان يشوه الحقائق ينبغي ان يخضع للمساءلة كقبطان سفينة (اونسكوم) غرقت». واضاف ان هؤلاء المفتشين السابقين يتحدثون بثقة لافتة عن وجود هذه الأسلحة في حوزة بغداد، بيد ان «أحدا لم يسألهم اين هو الدليل، فكل ما يقولونه لم يذكر بتاتا في اي تقرير للأمم المتحدة». واتهم بتلر بأنه «كان المسؤول عن التلاعب (الاميركي) بنظام التفتيش، وهذا التلاعب هو الذي أدى الى فشل مهمة أونسكوم».

ووصف سكوت «ملف الأدلة» البريطاني بأنه عبارة عن «معلومات قديمة وبيانات طنانة وسرد تاريخي لا يستند برمته الى الحقائق، ولا يقدم اثباتا قاطعا على تورط بغداد بتطوير اسلحة تدمير شامل»، واعتبر ان «من حق المواطنين ان يسألوا زعماءهم عن السبب الذي دفع بهم الى اطلاق تصريحات صاخبة خالية من الجوهر أو الأدلة الأكيدة»، واعتبر ان «القضية ضد العراق لا تزال بحاجة الى اثبات».

وحذر ريتر من ان عواقب العمل العسكري الاميركي المنفرد ضد العراق ستكون وخيمة، واوضح ان «الأميركيين سيتكبدون خسائر فادحة»، بيد انه اردف «قد يقتل ألف اميركي او اكثر في منطقة بغداد» لأن النظام سيستميت بالدفاع عن نفسه. وقال ان الاميركيين سيحرصون على انزال خسائر مضاعفة بالعراقيين «لاثبات اننا اقوى دولة في العالم واننا نمتلك آلة القتل الأشد قدرة من اي كان وان جيشنا هو الاكفأ، وهنا المشكلة اثبات هذه السيادة الاميركية».

ومن جهة ثانية، توقع ريتر بأن «النتائج السياسية للحرب ستتخطى حدود العراق». وقال «اذا انحصرت التداعيات العسكرية بالعراق، كما اتوقع، فان الانعكاسات السياسية ستشمل مناطق اخرى اوسع بكثير من ذلك البلد». وعما اذا كان من الممكن تغيير النظام من دون اراقة دماء اوضح ريتر «ان بوسع العالم التخلص من نظام اعتبره سيئا للغاية». واضاف ان اطاحة الرئيس العراقي صدام حسين ممكنة من خلال «تعزيز وتقوية الطبقة المتوسطة العراقية (سواء كان افرادها من الاكراد او الشيعة او السنة) لأن هذه الطبقة هي مهد الديمقراطية في اي مجتمع انساني». وشدد ايضا على «ضرورة رفع العقوبات عن الشعب العراقي حتى يصبح بامكانه ان يتنفس هواء الحرية». وقال ان «سياسة الاحتواء قد نجحت حتى الآن، ومن الممكن تعزيزها»، مؤكدا ان هناك «خيارات كثيرة لمكافحة النظام العراقي، من دون شن حرب ستلحق خسائر جسيمة بالمدنيين العراقيين الابرياء».

وعما اذا كان يبذل كل ما في وسعه لاجهاض الحملة المرتقبة ضد العراق بسبب حرصه على اميركا وديمقراطيتها اولا، اكد ريتر انه يتعاطف مع العراقيين وغيرهم من الأجانب بيد ان رغبته في حماية بلاده هي السبب الرئيسي لنشاطه هذا، وقال «احب العراقيين واحب العالم كله ولا أريد لأحد ان يصاب بالأذى، بيد انني احب عائلتي اكثر من الجميع». وأبدى قلقه الشديد من ان القيام بالعمل العسكري المتوقع «سيؤدي الى تصاعد الارهاب، وسنعاني ضربات ارهابية كالتي يواجهها الاسرائيليون حاليا لجهة تفجير الحافلات وغيرها».