«البنتاغون» يبدأ حملة لتحذير الجيش العراقي من استخدام الأسلحة الكيماوية

TT

ذكر مسؤولون عسكريون واستخباراتيون اميركيون أن وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) تعد لحملة تهدف لثني الضباط العراقيين عن استخدام اسلحة كيماوية وبيولوجية في حال غزو تقوم به الولايات المتحدة. ويعتقد ضباط الاستخبارات الاميركية بأن الرئيس صدام حسين قد منح ضباطا ميدانيين سلطة مشروطة لاستخدام الاسلحة البيولوجية والكيماوية في حال شن هجوم على العراق.

وقال المسؤولون ان الجهود ستشمل اسقاط منشورات على مواقع عسكرية عراقية، وهو اسلوب استخدمته قوات الولايات المتحدة خلال حرب الخليج عام 1991، لكن قد تشمل الجهود ايضا أساليب سرية تضمن وصول رسالة الولايات المتحدة الى الضباط العراقيين. ومضى المسؤولون الى القول بأن السلطة النهائية في استخدام أسلحة الدمار الشامل هي في أيدي صدام حسين، لكن معرفة الرئيس العراقي بأن الولايات المتحدة ستسعى لضرب مراكز القيادة العراقية وانظمة الاتصالات عند بداية اية هجمة عسكرية تعني انه في الغالب منح سلطات استخدام الاسلحة الكيماوية والبيولوجية لاكثر قادته الميدانيين ولاءً. واضاف المسؤولون أن صدام حسين كان قد اصدر اوامر مشابهة قبل حرب الخليج.

وقالت المصادر ان «البنتاغون» يخطط لمناشدة هؤلاء الضباط مباشرة بالا يستخدموا اسلحة الدمار الشامل. وذكر مسؤولون في مجال الدفاع أن احد اكبر التحديات التي تواجه المخططين العسكريين هو تحديد الوحدات العسكرية التي يمكن تشجيعها على الانسحاب من القتال في حال غزو اميركي وكيف يمكن الاتصال بمثل هذه الوحدات. وقد وردت الاشارة لحملة «البنتاغون» هذه اخيرا على لسان وزير الدفاع دونالد رامسفيلد الذي قال في شهادته امام لجنة الخدمات العسكرية في الكونغرس «العراقيون الحكماء لن ينصاعوا لاوامر باستخدام اسلحة الدمار الشامل. وستوضح الولايات المتحدة بجلاء في البداية بأن هؤلاء الذين لم يرتكبوا انتهاكات يمكن ان يلعبوا دوراً في العراق الجديد لكن اذا ما استخدمت اسلحة الدمار الشامل فليس هناك فرصة كهذه». واضاف رامسفيلد انه اذا صدرت اوامر من صدام باستخدام الاسلحة الكيماوية والبيولوجية «فهذا لا يعني بالضرورة ان اوامره ستنفذ. قد لا يفقد شيئا باصداره اوامر كهذه لكن هؤلاء الذين يلونه مرتبة لا بد انهم سيفقدون الكثير». وقال مسؤول في «البنتاغون» ان تصريحات رامسفيلد «هي على الاقل البداية في ابلاغهم بأننا جادون».

وكان المحققون التابعون لقوات الحلفاء بعد حرب الخليج قد علموا بان صدام حسين كان قد قرر مسبقاً اعطاء قادته الاذن باستخدام الاسلحة الكيماوية إذا تعطلت الاتصالات مع بغداد. وقال مصدر في الادارة الاميركية ان الرئيس العراقي اصدر اوامر محددة باستخدام اسلحة الدمار الشامل إذا «انتصر الحلفاء في حرب برية وتعدوا الخط الواقع قرب مدينة العمارة» التي تقع على بعد 200 ميل جنوب بغداد. وقد تم ابلاغ قادة الوحدات العراقية ايضاً بأنه يجب عليهم استخدام اسلحة الدمار الشامل ضد القوات الايرانية إذا تعدت الخط خلال الحرب وتقدمت نحو نفس محافظة ميسان التي تقع فيها مدينة العمارة.

وبالرغم من ان القذائف والرؤوس الكيماوية للمدفعية العراقية كانت قد نشرت خلال الحرب الا انها لم تستخدم. ويعتقد المسؤولون الاميركيون الآن أن ذلك قد حدث نتيجة لأن الولايات المتحدة حذرت العراق مرارا قبل اندلاع القتال بأن استخدام هذه الاسلحة سيؤدي الى رد فعل مباشر وهائل الحجم قد يؤدي الى الاطاحة بصدام حسين.

وأحد الاسباب التي دفعت «البنتاغون» لتبني خطة ثني الضباط العراقيين عن تنفيذ اوامر صدام حسين باستخدام الاسلحة الكيماوية والبيولوجية هو قرار الادارة الاميركية بجعل ازاحة صدام حسين هدفا لاي هجوم عسكري. أما موضوع ما اذا كانت عملية ثني القادة العسكريين العراقيين عن استخدام اسلحة الدمار الشامل ستنجح ام لا فإنه يبقى موضوع خلاف بين الخبراء العسكريين. وقال احد كبار ضباط الاستخبارات السابقين «انهم سيواجهون مشكلة على المدى القريب او على المدى البعيد، قد نستهدفهم بعد انتهاء القتال لكن قد يكون هناك أحد الموالين لصدام يهدد احدهم مباشرة بسلاحه إذا لم ينفذ الاوامر». وقالت جوديث يافي المتخصصة في شؤون العراق في كلية الدفاع الوطني انه، في عام 1991، ووفقا للوثائق التي عثر عليها بعد الحرب، فإن صدام حاول اقناع قادته باستخدام اسلحة الدمار الشامل بحجة انهم سيقتلون لا محالة في كل الحالات. وقد وضع صدام ايضاً موالين له مع القادة الميدانيين لتدعيم ما يرغب في تحقيقه. وقالت يافي «السؤال هو هل مازالوا هناك؟».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الاوسط»