مسؤول لبناني يتوقع الضربة الأميركية للعراق أواخر السنة الجارية ويدعو إلى خطاب سياسي عربي جديد إزاء واشنطن والغرب

TT

رجح مسؤول لبناني رفيع ان تبدأ الولايات المتحدة حملتها العسكرية ضد العراق في اواخر السنة الجارية وبعد انتهاء شهر رمضان اي عند مطلع ديسمبر (كانون الاول) المقبل، وذلك اعتقاداً منه ان واشنطن مصرة على هذه الحملة على رغم كل ما تتخذه القيادة العراقية من خطوات ومبادرات بالقبول بعودة المفتشين الدوليين على اسلحة الدمار الشامل في العراق او بغيرها.

واذ يقول هذا المسؤول انه لا يمكن التكهن بما سيحصل نتيجة هذه الحملة في المنطقة، فإنه يعتقد، في المقابل، ان على لبنان والعرب بعد احداث 11 سبتمبر (ايلول) 2001 ان يعيدوا النظر في خطابهم السياسي ازاء الولايات المتحدة الاميركية ليتمكنوا من مواجهة «اللوبي» الصهيوني الذي مكّن اسرائيل من تصوير العرب على انهم اعداء لها في حين ان الواقع ليس بهذه الدقة من التوصيف.

ويقول المسؤول اللبناني نفسه لـ«الشرق الأوسط» ان الولايات المتحدة الاميركية «دولة هجينة». وهي واقعة تحت تأثير «اللوبي» الصهيوني الذي صوّر لها ان اسرائىل هي الدولة المعتدى عليها وان العرب هم الذين يعتدون عليها، في حين ان القاصي والداني يعرف ان قضية العرب هي القضية المحقة «ولكن لا يكفي ان نقول اننا على حق وان قضيتنا محقة اذا لم نعمل على شرح هذا الحق، وبالتالي الحصول على الدعم والتأييد له».

ويضيف المسؤول ان الولايات المتحدة واوروبا تؤيدان اسرائيل منذ نشوئها على ارض فلسطين عام 1948، وان قلة من الدول الاوروبية غيرت موقفها والسبب ليس حبا بالعرب، وانما لوجود جاليات عربية واسلامية كبيرة فيها بات ابناؤها يحملون جنسيتها ويشاركون في انتخاباتها الرئاسية والتشريعية ويأتي في مقدمها فرنسا والمانيا، علماً ان النواب الذين ينتخبون اعضاء في مجلس النواب الاميركي عن ولاية ميشيغان في الولايات المتحدة يؤيدون العرب. ومرد هذا التأييد العدد الكبير للاميركيين المتحدرين من اصل عربي في هذه الولاية. وفي فرنسا التي يبلغ عدد سكانها 60 مليون نسمة هناك نحو سبعة ملايين عربي، وفي المانيا يوجد نحو خمسة ملايين تركي.

ويقول المسؤول ان في امكان العرب ان يفعلوا الكثير لنصرة قضاياهم في الدول الغربية. ويعتبر ان الثروة العربية التي يخاف عليها العرب لا تبدو من القيمة الكبيرة اذا ما قورنت بموازنات الدول والشركات العالمية، فموازنة الدفاع الاميركية تبلغ وحدها 500 مليار دولار سنويا، في حين ان العائدات النفطية العربية السنوية لا تتجاوز المئة مليار دولار. ولفت الى ان شركة «فرانس تليكوم» التي تعد من اكبر شركات الاتصالات في العالم تعاني من ديون تبلغ 70 مليار دولار، فيما لبنان ستبلغ ديونه العامة 30 مليار دولار نهاية السنة الجارية.

وينطلق هذا المسؤول من هذه الارقام ليؤكد ان على العرب ان يدركوا مدى اهمية تعزيز حضورهم الدولي وشرح قضاياهم المحقة وان يعملوا فعلاً على صياغة خطاب سياسي جديد يخاطبون الغرب به، لان ما كان قبل احداث 11 سبتمبر (ايلول) 2001 لم يعد موجوداً، فقبل هذا التاريخ كانت واشنطن تعطي لحلفائها وحتى للانظمة التي تقيم علاقات صداقة معها ان تتخذ مواقف سياسية تصل احياناً الى حدود مهاجمتها او اتخاذ مواقف مغايرة لمواقفها خصوصاً في قضايا الارهاب. اما الآن فباتت الادارة الاميركية لا تقبل بهذا الامر. وتصر على ان يكون الخيار واضحاً ويماشي خيارها، بدليل ما ردده الرئيس الاميركي جورج بوش مراراً من ان من لا يتخذ موقفاً مناهضاً للارهاب فإنه يكون في الطرف الآخر من المعركة ضد هذا الارهاب.

لذا يقول المسؤول اللبناني لـ«الشرق الأوسط» ان على العرب ان يعملوا بقوة على رد تهمة العداء لأميركا التي رسختها اسرائيل في العقل الاميركي وان يظهروا للولايات المتحدة الاميركية ان العرب ليسوا اعداء لها وان يحققوا حضوراً قوياً لهم في مركز القرار الاميركي. فإذا كانت اسرائيل تعمل دائماً على وضع العرب في مواجهة مع الولايات المتحدة، فإن على العرب ان يعملوا العكس عبر اظهار احقية قضيتهم، فواشنطن، وكذلك اوروبا، تدركان فعلاً ان الموقف العربي ازاء قضية المنطقة هو المحق، ولكن اسرائيل تعمل ولا تزال في اطار استراتيجية وضعتها منذ نشوئها على اظهار العرب على انهم ضد كل ما هو اوروبي واميركي وغربي، الامر الذي مكنها من الحصول على الدعم الدائم في مواجهتهم. ولكن بعد احداث 11 سبتمبر ينبغي ان يستفيد العرب والمسلمون مما حصل ومن حال العداء التي قامت ضدهم في الغرب لكي يزيلوا هذه الحال وذلك عبر تأطير الحضور العربي والاسلامي في اطار واحد تكون غايته اظهار احقية الموقف وكشف زيف اسرائيل وادعاءاتها والتأكيد للغرب ان العرب والمسلمين منفتحون على العالم وليسوا في موقع العداء لأحد وان قضاياهم هي قضايا حق وليست قضايا اغتصاب او عدوان.