وزير الداخلية المغربي: إقتراع 27 سبتمبر كان شفافا وأفرز نخبة جديدة تتميز بالكفاءة والحنكة

TT

أكد ادريس جطو، وزير الداخلية المغربي، أن الديمقراطية المغربية هي الفائز الكبير في الانتخابات التشريعية التي جرت يوم 27 سبتمبر (أيلول) الحالي، مبرزا ان «هذا الاستحقاق يشكل منعطفا مهما في التاريخ السياسي المغربي باعتباره يؤسس لثقافة جديدة في مجال الحريات والديمقراطية وحقوق الانسان».

وأكد جطو في كلمة ألقاها الليلة قبل الماضية، وأعلن من خلالها امام الصحافيين، النتائج النهائية للانتخابات التشريعية، أن «الشعب المغربي عبر خلال هذا الاستحقاق عن رأيه بكل حرية وديمقراطية وتمكن من إسماع صوته والتعبير عن اختياراته بكل شفافية ونزاهة مستجيبا بذلك لنداءات وطموحات العاهل المغربي الملك محمد السادس الذي أبى إلا أن يشمل هذه الاستشارة الاولى من نوعها في عهده بعناية خاصة».

وأضاف جطو أن «محطة 27 سبتمبر التي حققت وعودها ستبقى محطة حاسمة على جميع المستويات كما توخاها مختلف الشركاء السياسيين وشرائح واسعة من المجتمع منذ أن استوعب الجميع الاشارات المطمئنة الصادرة في الخطب الملكية السامية المتتالية ومنذ أن قدمت الحكومة والادارة الدليل على الالتزام الصارم باجراء انتخابات نظيفة حرة نزيهة وديمقراطية».

وأوضح جطو أن «أهمية هذا الاستحقاق تتجلى أيضا في حجم الرهانات التي ينطوي عليها بالنسبة لمستقبل المغرب»، مشيرا الى أنه كان من المنتظر «أن تكرس هذه الانتخابات قيم الديمقراطية وتبدد الشكوك وتدعم مشهدنا السياسي وتبرز المدلول الحقيقي للتعددية الحزبية وتقر بفرض ما تفرزه صناديق الاقتراع».

وقال وزير الداخلية المغربي ان «هذه الإنتخابات قدمت الدليل على مدى استعداد المغرب لمواجهة مختلف التحديات المستقبلية سواء منها الداخلية المرتبطة بالميادين الاقتصادية والاجتماعية أو الخارجية المتعلقة بتأهيله للدخول في منطقة التبادل الحر أو مواجهة رهانات التنافسية والعولمة التي يفرضها الاقتصاد العالمي».

وأضاف جطو قائلا ان «الملك محمد السادس حرص كل الحرص على إجراء هذه الانتخابات في موعدها المحدد على الرغم من الصعوبات والاكراهات الزمنية حتى تتمكن الهيئة المنتخبة الجديدة من الانعقاد وتباشر انتدابها في الاجال الدستورية طبقا لمقتضيات القانون الاسمى للبلاد». وشدد جطو على «أن الادارة عملت على اتخاذ كافة التدابير الكفيلة بضمان أحسن الظروف لاستقبال الناخبين وتسهيل عملية التصويت وتوفير كل شروط الحفاظ على النظام العام».

وأبرز وزير الداخلية المغربي أنه «بفضل هذه التدابير من جهة، والتزام جميع الأطراف باحترام التصويت الحر والنزيه من جهة أخرى، لم يتم تسجيل أحداث تخل بالسير العادي لهذه العملية على الرغم من أن هذا الاقتراع تميز بمنافسة حادة». وقال «يجب الاقرار أن مواجهة انتخابية من هذا الحجم لا يمكن أن تمر دون عقبات».

و أشار جطو الى أنه تم تسجيل أحداث جد محدودة خالية من أي تأثير كمواصلة الحملة الانتخابية يوم الاقتراع أو محاولة الضغط على ارادة الناخبين أو اصطدامات بسيطة بين مناضلي الاحزاب المتنافسة، موضحا أن الأمر يتعلق بحالات متفرقة سجلت بالدار البيضاء ـ أنفا، وبن جرير، وجرادة، والمحمدية.

وقال إنه لم يتم ضبط سوى حالتي اعتداء بالضرب والجرح طبقت بشأنهما الاجراءات الجاري بها العمل وتمت احالة مرتكبيها على القضاء.

وبخصوص التجاوزات المرتبطة بعملية التصويت، أكد جطو أنها كانت بدورها جد محدودة، وخص بالذكر منها حالة الافتتاح المتأخر لبعض مكاتب التصويت في اقليم الخميسات (مكتبان) واقليم بركان (مكتب واحد) بسبب نقص في أوراق التصويت، وفي وجرسيف اقليم تازة (مكتبان) بسبب اعتراض مجموعة من المواطنين أو بسبب تكسير أو محاولة سرقة صندوق التصويت في اقليم تاونات أو بسبب ضبط ورقة للتصويت تحمل خاتم السلطة المحلية في بلدة سيدي علال التازي (محافظة القنيطرة).

ولاحظ جطو أنه لم يكن لهذه الحالات المحدودة تأثير يذكر ولم تمس الجو العام للنزاهة الذي طبع سير عملية التصويت في عشرات الآلاف من مكاتب الاقتراع في مجموع التراب الوطني، مضيفا أن الهيئة الناخبة المغربية قدمت الدليل على مدى نضجها واندماجها في المنافسة الانتخابية الحرة وفي اطار الاحترام التام للقانون والنظام العام عملا بالمبادئ والمعايير الديمقراطية الدولية.

وأشاد جطو بالأحزاب السياسية المغربية وبمرشحيها، الذين قال بشأنهم «لقد أبانوا عن حس عال في الالتزام بالانضباط والمسؤولية واحترام مبادئ المنافسة الشريفة وتكريس قيم الديمقراطية بغض النظر عن الانفعالات التي تفرضها مواجهة مفتوحة كهذه».

وفي تعليقه على نتائج اقتراع يوم الجمعة الماضي، قال جطو «لقد عانت الأحزاب القديمة من مشكلة تشتيت الأصوات الناتج عن ظهور أحزاب جديدة على الساحة السياسية حرمتها من بعض الأصوات، فيما سجل حزب الاتحاد الدستوري تراجعا ملحوظا، وحصل كل من حزب التقدم والاشتراكية وجبهة القوى الديمقراطية والحزب الوطني الديمقراطي، على نتائج جد متوسطة مما يجعل دورها يقتصر على تحقيق التوازنات الائتلافية».

واضاف وزير الداخلية المغربي أن الأصوات والمقاعد القليلة التي حصلت عليها غالبية الأحزاب الجديدة تحد من الطموحات التي عبرت عنها، كما أن مشاركتها في هذه الانتخابات كان لها أثر سلبي على مصالح الأحزاب الكبرى خاصة تلك التي تعتبر قريبة من خطها السياسي.

وأردف قائلا: «ان هذه الانتخابات أفرزت عنصرا يعد مبعث افتخار واطمئنان على مستقبل المؤسسات التمثيلية في البلاد، ألا وهو نوعية الرجال والنساء من مختلف الأحزاب الذين حظوا بثقة الهيئة الناخبة». وأكد أن مجلس النواب المنبثق عن الاقتراع يتميز بكونه يضم كفاءات سياسية عالية وخبراء مرموقين ورجالات فكر ومعرفة وممارسين محنكين، مشيرا الى ان الفضل في ذلك يعود للأحزاب السياسية التي تمكنت من ابراز ما تتوفر عليه من كفاءات ونخب، مستجيبة بذلك للنداء الذي وجهه الملك محمد السادس في خطبه.

وأكد جطو أن اقتراع يوم الجمعة الماضي شكل لحظة قوية وتاريخية للديمقراطية المغربية، ولترسيخ دولة الحق والقانون، مبرزا أن الملك محمد السادس والمغرب حققا انتصارا كبيرا من خلال هذه التجربة الانتخابية.

وقال جطو انه «لا يمكن لأي كان أن يؤاخذ اليوم المغرب في الداخل والخارج على عدم احترامه لمبادىء الديمقراطية ولنتائج صناديق الاقتراع وللاختيار الحر لشعبه».