مدير إدارة تخطيط السياسة بالخارجية الأميركية: لا ندير حملات إعلامية ضد السعودية

ريتشارد هاس : ندرس موضوع إعادة بعض معتقلي غوانتانامو إلى بلدانهم لمحاكمتهم

TT

يدير ريتشارد هاس ادارة تخطيط السياسة الخارجية الاميركية وهو المدير الـ20 لهذه الادارة منذ تأسيسها عام .1947 وهاس ايضا مستشار لوزير الخارجية كولن باول في العديد من قضايا السياسة الخارجية. وهو من مواليد 1951 وحاصل على شهادة الدكتوراه. وتقلد هاس مناصب عدة منها مساعد خاص للرئيس جورج بوش الاب ومسؤول برامج الامن القومي وايضا مجلس العلاقات الخارجية. وزار هاس اخيرا السعودية حيث التقته «الشرق الأوسط» وفي ما يلي نص الحديث معه:

* ما هي طبيعة عمل مكتب تخطيط السياسة في الخارجية الاميركية؟

ـ تم تأسيس المكتب مباشرة بعد الحرب العالمية الثانية وعمله الاساسي تقديم افكار عن التحديات على المدى البعيد لوزير الخارجية، وهو الامر الذي كان بشكل خاص بعد الحرب العالمية الثانية حينما وجدت الولايات المتحدة نفسها امام فرص عظيمة لتشكيل المؤسسات الدولية في المجالات الاقتصادية والسياسية والعسكرية. ويقدم المكتب ايضا افكارا مستقلة لوزير الخارجية عن هذه التحديات الاساسية وكيفية تعامل الولايات المتحدة معها، كما ان المكتب يقدم لوزير الخارجية الرأي حول ما يحصل عليه من توصيات ونصائح من عدد من اقسام وزارة الخارجية، ونكتب ايضا الاحاديث ونسافر حول العالم نحمل عددا متنوعا من الحوارات مثل العمل الذي اقوم به الان خلال جولتي الحالية في المنطقة، ومثل هذه الرحلات تتيح لنا فرصة النقاش ليس عما يمكن ان نفعله اليوم او غدا وانما عن قضايا كبيرة وكيفية مواجهتها.

* ما هي أهداف زيارتكم إلى السعودية ودول المنطقة؟

ـ نهدف لمناقشة مواضيع اقليمية حول الوضع في العراق والقضية الفلسطينية وقضايا الاصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للوصول الى فهم افضل عما يجري. فقد اشار البعض الى فحص للافكار والدوافع وبحث عن الذات واريد ان اصل الى معرفة افضل لطبيعة النقاشات التي تتم ولما يقال ولما يتم التفكير به. واريد ايضا ان اعرف بشكل جيد لما يمكن ان تقوله وتفعله الولايات المتحدة من اجل مساعدة هذه العملية وايضا ربما الاشياء التي لا يجب على الولايات المتحدة ان تقولها من اجل عدم تعقيد ما يجرى.

* ما هي العناصر الاساسية في مشروع القرار الاميركي ـ البريطاني للامم المتحدة حول العراق؟

ـ ما استطيع قوله الان هو ان العناصر الاساسية تؤسس لقاعدة لارغام العراق لتنفيذ التزاماته الدولية خاصة في مجال نزع الاسلحة ومضمون القرار الجديد هو للافصاح بشكل مفصل عن المعنى المقصود من عبارة التفتيش غير المشروط وللتحديد بشكل دقيق لما يجب على العراق ان يفعله لاعادة طمأنة المجتمع الدولي من انه لا يخفي ولا يطور اسلحة دمار شامل، سواء كيماوية او بيولوجية او نووية او صواريخ ذات مدى معين.

* يبدو من تصريحات كبار المسؤولين في واشنطن مثل وزير الدفاع دونالد رامسفيلد ان الادارة الاميركية عاقدة العزم على ازاحة نظام الرئيس العراقي صدام حسين من الحكم..

ـ ليس سرا ان الادارة الاميركية ليست الحالية فقط وانما السابقة ايضا توصلت الى نتيجة مفادها ان الشعب العراقي وشعوب هذه المنطقة وشعوب العالم ستكون في وضع اكثر ارتياحا اذا كانت الحكومة التي تقود العراق مستعدة لاحترام حقوق الشعب العراقي ولديها الاستعداد في التعايش السلمي مع جيرانها بدلا مما حدث من حرب مع ايران وغزو للكويت ومستعدة لعدم تطوير اسلحة دمار شامل، لذلك فالاجابة هي: نعم، نحن نؤمن بانه من الافضل وجود عراق مختلف. ودعني اقول شيئاً آخر، العراق يملك ثروات هائلة سواء كانت معدنية او نفطية او غازا او مياها وايضا ثروة بشرية. والمأساة الحقيقية ان العراق في ظل قيادته الحالية اصبح دولة فقيرة. والمأساة هنا ان هذه القيادة بددت ثروة هذا البلد وحرمت اهله من الحرية والاستفادة من هذه الثروات.

* كيف ترون شكل المنطقة أو مستقبلها بعد ازاحة نظام الرئيس العراقي صدام حسين، فبعض التقارير تتحدث عن سيناريوهات يمكن أن تحدث في المنطقة مثل تقسيم العراق أو بعض دول المنطقة؟

ـ لا يوجد شخص مسؤول يمكن ان يتحدث عن تقسيم العراق او اية دولة اخرى. نرغب في ان نحافظ على عراق متماسك موحد ولا نريد ان نرى العراق كساحة معركة سواء لشعبه او جيرانه. يكفي الشعب العراقي أنه عانى ولحق به الكثير من الاذى وما نريده هو عراق طبيعي وان يبقى موحداً وان نرى عراقا يصبح اكثر انفتاحا سياسيا واقتصاديا. ونريد ان نرى العراق جزءا من المنطقة لا مصدر تهديد لها. ولذلك ما تسمعه فهو مجرد اشاعات ليست صحيحة. والولايات المتحدة ليست لديها الرغبة في ان ترى العراق مقسما، وهذا الامر ليس في اجندتنا.

* الادارة الاميركية تركز حالياً على المسألة العراقية اكثر من اهتمامها بالصراع الاسرائيلي ـ الفلسطيني. فهل ترى الولايات المتحدة ان حل القضية العراقية سيفسح المجال امام حل الصراع الاسرائيلي ـ الفلسطيني؟

ـ لا اعتقد باننا نقضي وقتا اكثر في الاهتمام بالجانب العراقي، ولكننا نعطي انواعا مختلفة من الاهتمام. فالتهديد الذي يمثله صدام حسين نحو المنطقة يعتبر حاجة ملحة وايضا عدم السماح له في تطوير او الحصول على اسلحة نووية وكذلك هناك حالة طارئة فيما يتعلق بالوضع الفلسطيني. انظر الى ما قمنا به الاسبوع الماضي فقد امضينا وبشكل واضح وقتا دبلوماسيا كبيرا لتحسين الوضع، إذن فالمسألة ليست كما لو انها جولة من المنافسة، فنحن نستطيع ان نتعامل مع القضية الاسرائيلية ـ الفلسطينية، ونستطيع ان نتعامل مع القضية العراقية ونستطيع ان نتعامل مع العديد من القضايا الاخرى حول العالم سواء كانت من اجل محاولة منع نشوب حرب بين باكستان والهند حول كشمير او محاولة مساعدة الحكومة الكولومبية لمواجهة التهديد الذي يمثله المتمردون او محاولة مساعدة دول مختلفة للتعامل مع تهديد مرض نقص المناعة الايدز. فليست لدينا الرفاهية لأن ننهمك في واحدة او اثنتين.

* السعودية دولة صديقة لاميركا، ألا تعتقد بانها تعرضت لحملة ظالمة في وسائل الاعلام الاميركية؟

ـ شعوري الاول كلما سمعت عبارة حملة اعلامية هو ان الافراد الذين يقودونها لا يفهمون بشكل حقيقي الولايات المتحدة الاميركية، لا توجد لدينا حملات اعلامية. قد يوجد لدينا افراد سواء كتاب مقالات او افتتاحيات الصحف او برامج في التلفزيون يعبرون عن وجهات نظرهم وهم احرار في التعبير عنها. ولدينا ايضا افراد يعبرون عن وجهات نظر تكون مختلفة، ولذلك لا توجد حملات اعلامية ضد السعودية او اي شخص آخر. فالاعلام في الولايات المتحدة بحكم طبيعته غير مركزي وتوجد الالاف من وسائل الاعلام المختلفة من صحف ومحطات اذاعية وتلفزيونية ومواقع انترنت ولذلك لا يوجد جهد تنظيمي، وباعتقادي ان الاشخاص هنا احيانا يتعمقون كثيرا في آراء فردية لصحافيين او كتاب ويرون شيئا غير موجود، ومعظم الاشخاص يتفهمون اهمية السعودية واهمية العلاقات الثنائية معها ويفهمون ان معظم علاقات الدول يوجد فيها اختلافات ومعيار العلاقات الجيدة ليس غياب الاختلافات، لكن معيار العلاقات الجيدة هو القدرة على العمل رغم الاختلافات وهذا هو الامتحان والتحدي للولايات المتحدة والسعودية.

* ما يحدث للمعتقلين في غوانتاناموا يلقي بظلال من الشك على الصورة المعروفة عن الولايات المتحدة من أنها دولة العدالة والقانون وحقوق الانسان، ماهو تعليقك؟

ـ نحن في حالة حرب على الارهاب وما نريد ان نفعله هو ان نوازن بين التزامنا بالحماية القانونية للسجناء مع ضرورة حماية انفسنا، من خلال جمع معلومات استخباراتية لحماية انفسنا من التهديد من النوع الذي قتل اكثر من ثلاثة آلاف اميركي في 11 سبتمبر (ايلول) من العام الماضي. فنحن في حالة كفاح يومي للتوازن مع مبادئنا من أجل المحافظة على مجتمع منفتح يحمي حقوق الافراد، ولكن في نفس الوقت علينا ان نحمي انفسنا اجمالا. وما نراه في غوانتانامو هو احد السبل في الوقت الحالي لتنظيم هذا التوازن ومع مرور الوقت اتوقع ان يسمح لبعض من هؤلاء ان يعودوا الى بلدانهم لمواجهة التهم وبعضهم سيقدمون للمحاكمة في الولايات المتحدة، سنعمل على معالجة هذا الامر. ومرة اخرى، اعتقد انه من المهم الموازنة بين حماية هؤلاء الناس مع حماية الولايات المتحدة وهذا ما نحاول ان نفعله.