وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية لـ«الشرق الأوسط»: نحن مستعدون لعقد مؤتمر سلم في لندن برئاسة بلير

TT

أكد مايك اوبرايان وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية، ان رئيس الوزراء توني بلير يرغب بلعب دور قيادي في مؤتمر جديد للسلام في الشرق الأوسط، بيد ان الوزير المكلف ملف الشرق الأوسط في الخارجية البريطانية، أشار في مقابلة أجرتها معه «الشرق الأوسط» على هامش مؤتمر حزب العمال الحاكم في بلاك بول بشمال غربي انجلترا، الى ان الحديث عن امكان عقد هذا المؤتمر قريباً في لندن لا يزال سابقاً لأوانه. وأوضح ان هناك احساساً عميقاً في أوساط حزب العمال الحاكم بأن الفلسطينيين تعرضوا للظلم لوقت طويل. وقال ان الأميركيين كانوا على علم مسبق بفقرات خطاب بلير الأخير المتعلقة بـ«مبادرته» حول عملية السلام بالشرق الأوسط. وأضاف ان الزعيم البريطاني يرغب في حصول اسرائيل على اعتراف جميع الدول العربية. وفي ما يلي نص المقابلة:

* صفق المشاركون في المؤتمر طويلاً لرئيس الوزراء عندما عبر عن شيء من التعاطف مع الفلسطينيين في كلمته قبل يومين، هل تعتقد ان ذلك يدل على ان الناشطين العماليين يريدون من زعيمهم ان يتحرك بمزيد من الحماس الذي أبداه حتى الآن، لإنصاف الفلسطينيين؟

ـ مرد هذا التصفيق هو الاحساس العميق للغاية في حزب العمال بالوضع الفلسطيني. وهناك عدد من الوفود التي أعربت عن قناعتها بأن الفلسطينيين تعرضوا للاجحاف ولوقت طويل، وان علينا ان نشهد قيام دولة فلسطينية. لكن من الواضح تماماً بالنسبة لرئيس الوزراء ولكل الوفود، ان التقدم على هذا الصعيد يجب ان يتم من خلال الاعتراف بضرورة وضع حد للارهاب وتوفير الأمن لاسرائيل التي يجب ان يتمتع مواطنوها بحقهم في العيش بسلام. و(الخطاب) عبّر عن ضرورة التعاطي مع المشكلة من خلال مسار ثنائي، ينال بفضله الفلسطينيون دولتهم المقنعة التي تستطيع ان تتطور وتزدهر، ويستطيع الاسرائيليون عن طريقه ان يعيشوا بأمن وسلام. ونحن الآن في حاجة الى جهود كبيرة لدفع عملية السلام الى الأمام، خصوصاً انها توقفت لزمن طويل، وقد عرقلها الارهاب الذي تسبب ايضاً بقدر كبير من الحقد. ومن الضروري حالياً ان نكسر هذه الحلقة ونبدأ بداية جديدة تفتح الطريق نحو السلام.

* لكن بلير ذكر في خطابه ان هذه البداية مرهونة بتطبيق العرب لقرارات الأمم المتحدة، فماذا يتوقع منهم ان يفعلوا بهدف تحقيق السلام، وهم جميعاً تبنوا في قمة بيروت المبادرة السعودية التي نصت بوضوح على استعدادهم للاعتراف بوجود اسرائيل ضمن حدود آمنة شرط ان تتخلى عن الأراضي التي احتلتها بصورة غير مشروعة لأكثر من 30 عاماً؟

ـ هو يريد من الدول العربية ان تعترف كلها بدولة اسرائيل، على ان يكون هذا الاعتراف جزءاً من تسوية شاملة. بعض الدول العربية فعل ذلك سلفاً. وهو يرغب بأن يقوم الجميع بذلك في سياق حل سلمي شامل. والذي يتمناه ايضاً، هو البدء بمساع حثيثة (بهدف تحقيق السلام). وبريطانيا ستلعب دورها في هذه العملية، كما سيقوم توني بلير بدور قيادي فيها. وسنرى اذا كان بوسعنا التحرك في أقرب وقت ممكن باتجاه مؤتمر سلام يعالج القضايا المتصلة بتسوية نهائية. ربما لن ننجح في ذلك (التحرك) لكننا عازمون على القيام بجهود كبيرة لتحقيق هذا الهدف.

* ثمة معلومات ترددت في كواليس المؤتمر وخارجها بأنكم ستدعون قريباً الى مؤتمر سلام يعقد في لندن برئاسة بلير؟

ـ اعتقد ان علينا اولاً ان نجري مزيداً من المحادثات للتحقق من ان هذا (المؤتمر اللندني برئاسة بلير) يحظى بموافقة الأطراف المعنية. وقد أوضح رئيس الوزراء اننا سنفعل كل ما بوسعنا للمساعدة على احلال السلام في الشرق الأوسط. واذا كان ذلك يستدعي اقامة مؤتمر سلام هنا، فنحن مستعدون تماماً لبحث ذلك، بيد ان علينا ان نناقش اصدقاءنا وحلفاءنا في البداية للتأكد من امكانية ذلك.

* الأرجح ان بلير ناقش «مبادرته» هذه قبل الاعلان عنها في خطابه الأخير، فهل تبارك واشنطن هذا التحرك الجديد؟

ـ نحن نتداول مع الأميركيين باستمرار حول القضية (السلام في الشرق الأوسط) بصورة مكثفة، هم كانوا على علم مسبق بما قلناه (في خطاب بلير). ومن الواضح انهم سيواصلون اتباع سياستهم كما اننا سنطبق سياستنا. وتعرف كما أعرف من الكلمة التي ألقاها (الرئيس الأميركي) جورج بوش انه موافق على قراري الأمم المتحدة 242 و338، وأن الأميركيين يريدون تطبيق حل الدولتين. ولذا فالأمر يتعلق حالياً بكيفية لانتقال مما نحن فيه الى نقطة البدء بعملية السلام.

* بالنسبة الى العراق، نُقل عن وزير الخارجية جاك سترو قوله ان القيام بعمل عسكري ضد بغداد ليس مشروطاً باستصدار قرار جديد للأمم المتحدة، فهل يعبر هذا التصريح عن الخط الرسمي الحقيقي حيال الأزمة العراقية؟

ـ لا. نحن نرغب باستصدار قرار صارم للأمم المتحدة. والسبب في ذلك، هو انه بقدر ما يكون القرار صارماً بقدر ما تكون الرسالة التي سيبلغها لصدام قوية حول ضرورة السماح للمفتشين باستئناف مهماتهم بحرية تامة. والتخلي عن اسلحة التدمير الشامل والالتزام بالقانون الدولي والكف عن تحدي قرارات الأمم المتحدة. لقد جرت مباحثات بين هانز بليكس والعراقيين، والأرجح ان مشرع قرار سيطرح على مجلس الأمن في الوقت المناسب. وبعد علينا ان ندفع العملية الى الأمام، فنحن حريصون على عودة المفتشين على تجريده من أسلحة التدمير الشامل. يجب ان نبلغه رسالة واضحة بأنه اذا لم يفعل ذلك، فان نتائج سريعة ستترتب على رفضه.

* لكن العراق يتعاون بصورة جيدة مع مفتشي الأمم المتحدة الذين أكدوا ذلك بنهاية مباحثات فيينا قبل أيام، فلماذا تصرون على التصعيد الذي لا مبرر له؟

ـ نحن نشك بالنوايا الحقيقية للعراقيين. لقد قالوا في مناسبات سابقة انهم سيستقبلون المفتشين بلا شروط، ثم لم يلتزموا بتعهداتهم تلك. وان كنت تسألني عما اذا كنا نصدق كلام صدام، فسأقول ان احداً في الشرق الأوسط لا يثق بصدام، وبالتأكيد ليس هناك من يصدقه في الغرب. القضية في الحقيقة تتعلق بصدام وبقدرته على اثبات استعداده للسماح للمفتشين بالعمل بحرية مطلقة، وللتخلي عن أسلحته.