دمشق تستبعد التغيير الحكومي في لبنان وصورة المستقبل تتبلور مطلع السنة الجديدة

مسؤول لبناني: الاعتراض على الدائرة الانتخابية الواحدة قد يزول

TT

لا ينفك مسؤول لبناني عن التأكيد لزواره في هذه الايام جدية طرح ملفي قانون الانتخاب الجديد لاعضاء مجلس النواب اللبناني وانشاء مجلس الشيوخ، شارحاً محاسنهما واهميتهما بالنسبة الى مستقبل لبنان والحياة السياسية والديمقراطية فيه غير آبه باعتراض المعترضين، ملمحاً الى ان هذا الاعتراض آيل الى الزوال عاجلاً ام اجلاً بعد ان يكتشف اصحابه «ايجابية» الملفين و«المكاسب» السياسية التي سيجنونها منهما.

واللافت ان هذا المسؤول لا ينبس ببنت شفة حول ما يطرح من تغيير حكومي يقال انه سيحصل بعد انتهاء اعمال قمة الدول الفرنكوفونية المقرر انعقادها في بيروت في 18 اكتوبر (تشرين الاول) الجاري، مؤثراً الحديث فقط عن الافكار المطروحة في شأن قانون الانتخاب لجهة اعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة وحول انشاء مجلس الشيوخ المنصوص عنه في المادة 22 من دستور الجمهورية اللبنانية وما يصدر من ردود فعل عليهما، خصوصاً في الوسط المسيحي عموماً والماروني تحديداً، لان الاخير غالباً ما عارض فكرة جعل لبنان دائرة انتخابية واحدة كلما طرحت، بل انه عارض ما نصت عليه وثيقة الوفاق الوطني المعروفة بـ«اتفاق الطائف» لجهة اعتماد الدوائر الانتخابية الكبرى اي اعتماد المحافظة دائرة انتخابية واحدة وتمسك باعتماد الدوائر الصغرى، اي القضاء دائرة واحدة، وهو ما كان معمولاً به منذ الستينات وحتى عام 1992 حيث جرت اول انتخابات نيابية بموجب «اتفاق الطائف».

وبالنسبة الى موضوع التغيير الحكومي، تشير كل الدلائل الى ان هذا الموضوع ليس مطروحاً بالجدية التي يوحي بها طرح لبنان الدائرة الانتخابية الواحدة وانشاء مجلس الشيوخ، رغم انه جرى التداول فيه في بعض الاوساط الرسمية وغير الرسمية خلال الصيف الماضي وتحديداً عندما احتدم الخلاف الرئاسي حول ملف تخصيص الهاتف الخليوي (الجوال).

ونقل زوار دمشق في هذا المجال انطباعات مفادها ان التغيير الحكومي في لبنان ليس مطروحاً، لان الشروط المطلوبة لاجرائه ليست متوافرة واولها حصول توافق رئاسي على التشكيلة الوزارية الجديدة فضلاً عن ان الظروف الاقليمية والدولية القائمة والوضع الداخلي اللبناني وما يشهده من نزاع بين الدولة والمعارضة لا تتيح امكانية فتح ملف من هذا النوع للوصول به الى النهاية المطلوبة.

ويقول زوار دمشق ان العاصمة السورية تعطي الاولوية للوضع الاقليمي الذي ينبغي ان يتنبه لبنان وسورية له ويستوعبا اي انعكاسات يمكن ان تنجم عنه لكي لا يكون لها اي تأثير على صلابة موقفهما في مواجهة التهديدات الاسرائيلية اليومية التي يتعرضان لها.

على ان مصادر نيابية لبنانية قالت لـ«الشرق الأوسط» ان الواقع السياسي الراهن لا يسمح بالدخول في بازارات استيزار لتشكيل حكومة جديدة، في ظل اقتناع بأن اي حكومة جديدة ستضم بين اعضائها غالبية اعضاء الحكومة الحالية سواء أكانت حكومة من 30 وزيراً او من 14 او 16 او حتى 20 وزيراً، علماً بأن الانغماس في التحضير للقمة الفرنكوفونية وكذلك لمؤتمر «باريس ـ 2» لا يسمح ابداً بطرح تغيير الحكومة التي تتصدى اصلاً لهذين الملفين هذا فضلاً عن الوضع الاقليمي الدقيق الراهن والذي سيزداد دقة وحراجة في حال تعرض العراق للضربة التي تحضر لها حالياً الولايات المتحدة الاميركية.

واكدت هذه المصادر ان الضربة الاميركية للعراق وحدها اذا حصلت كفيلة باستبعاد الدخول في اي تغيير حكومي لبناني لانه ستكون لهذه الضربة ارتداداتها على مجمل الاوضاع في المنطقة اقله حتى الصيف المقبل.

الى ذلك، قال مسؤول لبناني لـ«الشرق الأوسط» ان المعترضين على الدائرة الانتخابية الواحدة قد يكتشفون لاحقاً ان هذا المشروع مفيد لهم، مشيراً الى ان التنوع الطائفي القائم في غالبية المناطق اللبنانية كفيل بتبديد الهواجس حول «المحادل» و«البوسطات» و«القطارات» الانتخابية. وأشار المسؤول الى ان انشاء مجلس الشيوخ الذي سيكون من صلاحياته «بت القضايا المصيرية» سيكون هو الآخر المزيل للهواجس لانه لن يتخذ اي قرار في اي شأن مصيري الا بموافقة جميع العائلات الروحية المتمثلة فيه ويعترف المسؤول ان ثمة اشياء كثيرة في قانون لبنان الدائرة الانتخابية الواحدة ينبغي ان يتم توضيحها سواء لجهة اعداد اللوائح الانتخابية وشكلها او لجهة التشطيب او طريقة الاقتراع فضلاً عن تحديد الصيغة الملائمة للترشيح والتأهيل على اساس القضاء والنسبة المئوية من الاصوات التي ينبغي على المرشح ان ينالها حتى يحق له ان يترشح على اساس لبنان الدائرة الانتخابية الواحدة يبقى ان الاعتقاد السائد في غالبية الاوساط السياسية ايجاباً من هذه الملفات المطروحة لن يتم التأكد من جدية طرحه الا بعد مرور ثلاثة استحقاقات هي القمة الفرنكوفونية ومؤتمر «باريس ـ 2» والضربة المتوقعة للعراق. وكل هذه الاستحقاقات ستتم قبل نهاية السنة الجارية، بحيث تكون صورة المستقبل واضحة مطلع السنة الجديدة.