المغرب ينتقد الطابع السوريالي للنقاش الدائر حول نزاع الصحراء في اللجنة الرابعة بالأمم المتحدة

TT

أكد محمد بنونة سفير المغرب لدى الأمم المتحدة اول من امس أن «سبيل تسوية ما يسمى بقضية الصحراء الغربية محدد المعالم ويكمن في تخويل صلاحيات واسعة لمؤسسات جهوية باتفاق مشترك وبشكل يمكن من تضميد الجراح وضمان استقرار منطقة المغرب العربي وتسريع وتيرة تنميتها». وأشار بنونة في معرض تدخله خلال مناقشة قضية الصحراء باللجنة الرابعة إلى أن «المغرب مستعد للانخراط في نفس هذا السبيل الذي أبان عن نجاعته»، معبرا عن الأمل في «أن تقتنع الجزائر من جانبها بأنه ليست لأي كان بالمغرب العربي مصلحة في تأجيج شرارة الانفصال على اعتبار أنه لن يكون أحد في منأى عن الاكتواء بنارها إذا ما اندلعت». وتساءل بنونة عن أسباب مواصلة اللجنة الرابعة للنقاش حول قضية الصحراء بعد كل هذه السنوات بل والعقود، مضيفا «إنني أتساءل كيف لم يتم حتى الآن الوقوف على الطابع السوريالي لهذا النقاش حول الأقاليم الجنوبية للمغرب التي توجه سكانها قبل أيام قليلة فقط بكل هدوء واطمئنان إلى صناديق الاقتراع لانتخاب ممثليهم في مجلس نواب البلاد؟ فهل من المعقول مناقشة هذه القضية داخل اللجنة الرابعة شهرين فقط بعد قرار مجلس الأمن رقم 1429 الذي أكد فيه أنه في ظل غياب أي تقدم في تسوية النزاع حول موضوع الصحراء فإنه من الضروري البحث عن حل سياسي للقضية». وفي معرض استحضاره للأسباب الكامنة وراء اندلاع هذا النزاع، أوضح بنونة أنه انطلاقا من سنة 1956 وبمجرد حصوله على استقلاله الجزئي بدأ المغرب نشاطا مشروعا لاستكمال وحدته الترابية عبر استرجاعه أولا لأقاليمه الجنوبية الأمر الذي عارضته الجزائر بدعوى «الدفاع عن مصالح استراتيجية» لا يعرف أحد كنهها وحقيقتها. وقال إن هذا النزاع كانت له عواقب إنسانية وخيمة. وذكر السفير المغربي أن «هناك لاجئين محتجزين في مخيمات قرب تندوف في الجزائر منذ نحو ثلاثين سنة معزولين عن العالم وخاضعين لعملية إعادة تكوين عقائدي جامح ومغلوط ومحرومين من أبسط حقوقهم في الحياة الكريمة لهم ولأولادهم، كما لا يزال 1260 أسيرا مغربيا، هم أقدم سجناء في العالم، محتجزين في مخيمات على التراب الجزائري من طرف سجانيهم من جبهة البوليساريو في خرق سافر للقانون الإنساني الدولي، وتجاهل صارخ للنداء الذي وجهه مجلس الأمن في قراره رقم 1429 الصادر في 30 يوليو (تموز) الماضي». وأوضح بنونة أنه «يتعين معالجة هذه القضايا الإنسانية على وجه السرعة لأن الأمر يهم كرامة آلاف الأشخاص وحقهم في الحرية والحياة». ودعا إلى الإفراج الفوري عن المحتجزين مؤكدا أنه «من العار استعمالهم كوسائل، كما يفعل ذلك (البوليساريو)، لأغراض سياسية تتجلى في أنه يقوم كل مرة بإطلاق سراح دفعة قليلة العدد قصد استغلال ظرف ما أو لنيل رضى هذا القائد أو ذاك». وأضاف بنونة أنه ينبغي أن يتمتع هؤلاء اللاجئون بحرية التنقل ليختاروا الإقامة أينما يحلوا لهم. وشدد على أن «الطابع الاستعجالي لتسوية الجانب الإنساني لهذا النزاع لا يجب أن ينسينا أهمية تسوية المشكلة سياسيا في أقرب الآجال» ملاحظا أن هذا النزاع وكما ورد في قرار مجلس الأمن رقم 1429 يعرقل التنمية الاقتصادية للمغرب العربي. وأكد أن «جمود المغرب العربي من شأنه أن يضر بمستقبل منطقة بأكملها توجد على مقربة من أوروبا»، ملاحظا أن «عرقلة بناء المغرب العربي تشكل إهدارا للإمكانيات الهامة التي يمكن أن يخلقها التبادل ضمن سوق واسعة وفي إطار اقتصاد أكثر استقطابا للاستثمار الوطني والأجنبي». وأثار بنونة الانتباه إلى أرضية التسوية السياسية التي كان قد اقترحها جيمس بيكر المبعوث الشخصي للامين العام للامم المتحدة في يونيو (حزيران) 2001، مذكرا باقتراح الاتفاق الإطار الذي «يتماشى مع حق المغرب المشروع في السيادة على ترابه ومع تطلعات سكان الصحراء باتجاه تدبير شؤونهم المحلية بكل مسؤولية». وشدد سفير المغرب على أن «مسلسل السلام هذا من شأنه أن يمكن الجزائر من تطبيع علاقاتها مع المغرب» مضيفا أن الجزائر و(البوليساريو) رفضا التفاوض حول التسوية السياسية للخلافات، ولتتويج هذا كله اقترح الطرفان على بيكر تقسيم التراب دون إيلاء أي اعتبار لحق تقرير المصير الذي يتبجحان به في الملتقيات الدولية وداخل هذه اللجنة كمبدأ مقدس». وأكد أن «المغرب الذي لا يرغب في محاكمة أحد، يعمل من أجل الدفع بتسوية الجوانب السياسية والإنسانية لخلاف طال أمده وبالتالي إحياء الأمل في منطقة المغرب العربي ككل». وقال بنونة إنه يتعين نسيان الماضي والتطلع إلى المستقبل بدون «حقد أو ضغينة». وأضاف أن «مجلس الأمن يمكننا من فرصة ثانية عبر إقرار الوساطة السياسية للأمين العام ومبعوثه الشخصي » مذكرا بأن المغرب يرغب بقوة في أن تشرع الأطراف بعزم في إجراء مفاوضات جدية مطبوعة بحسن النوايا، وموجهة أساسا لرسم معالم الخلاف الكامن بينها بغية استخراج عناصر الاتفاق والاختلاف بما من شأنه ان يؤهل لإرساء آليات التقارب».