الجنرال أبو زيد يتولى أصعب مهمة في البنتاغون ومرشح لأعلى المناصب في الجيش الأميركي

TT

في وقت تتركز فيه الانظار في الجيش الاميركي على العراق، يعتبر الجنرال جون ابو زيد الرجل المناسب في المكان المناسب والوقت المناسب. فبوصفه مديرا لهيئة الاركان الاميركية المشتركة، يعمل ابو زيد، وهو من كبار الضباط في سلاح المشاة، على تنسيق الانشطة اليومية على اعلى المستويات للتأكيد على عمل القادة العسكريين الاقليميين والخدمات العسكرية وموظفي وزارة الدفاع وهيئة الاركان المشتركة على نحو يقود الى الوصول الى نفس الهدف. ربما يعتبر الجنرال ابو زيد الخبير الاعلى رتبة بالجيش الاميركي في الشؤون العربية. يتحدث الجنرال ابو زيد، المتحدر من اصل لبناني، اللغة العربية وهو حاصل على درجة الماجستير في دراسات الشرق الاوسط من جامعة هارفارد الاميركية، كما أقام في المنطقة وواصل دراسته بالجامعة الاردنية. سافر ابو زيد في السابق الى العراق خلال فترة إقامته في الاردن وعاد الى هناك عام 1991 عندما قاد كتيبة مشاة شاركت في عمليات الإغاثة في شمال العراق عقب حرب الخليج الثانية عام .1991 ويتحدث الجنرالات الآخرون حاليا حول احتمال ان يصبح زميلهم ابو زيد مستقبلا رئيسا للقيادة المركزية الاميركية، وربما قائدا للجيش الاميركي او هيئة الاركان المشتركة. ويعتقد الجنرال السابق جون شاليكاشفيلي ان وزير الدفاع الحالي دونالد رامسفيلد اذا لم يعين الجنرال ابو زيد قائدا للقيادات الاقليمية ثم رئيسا لهيئة اركان الجيش الاميركي او هيئة الاركان المشتركة، فإن ذلك سيكون من سوء طالع المؤسسة العسكرية الاميركية. يقول الكولونيل المتقاعد جوني بروكس، القائد السابق للواء تدريب المشاة في فورت بينينغ بولاية جورجيا الاميركية، ان هناك عوامل اخرى جعلت من ابو زيد الجنرال الاكثر تمتعا بالتقدير والاحترام في اوساط الجيش الاميركي وبين الضباط الاعلى منه رتبة ومرؤوسيه على السواء. فالجنرال ابو زيد صاحب كفاءة عالية بهرت نظراءه من خلال نجاحاته المتتالية في مجال القيادة بالجيش الميداني خصوصا مقدرته على التحرك بسهولة وسط مختلف الوحدات العسكرية مثل المظلات والمشاة والمدرعات. ويصف رفقاء السلاح السابقون الجنرال ابو زيد بأنه واحد من افضل القادة الذين عملوا معهم من ناحية الخبرة والحنكة والمهارة في مجال القيادة العسكرية. كما يعتبر الضابط الاميركي الوحيد الذي اشتق احد افلام هوليوود من حادثة خلال مهنته العسكرية وهو لا يزال في الخدمة، اذ لعب الممثل المعروف كلينت ايستوود دور ابو زيد لقيادة وحدة عسكرية مسلحة مكلفة بالطواف والحراسة خلال غزو غرينادا عام .1983 فقد امر ابو زيد خلال تلك العملية واحدا من جنوده بالصعود على جرافة وقيادتها كما لو انها دبابة باتجاه موقع كوبي فيما تقدم ابو زيد وبقية القوات خلفها. هذا المشهد جرى تمثيله في فيلم بعنوان «هارت بريك رايد» (Heartbreak Ride) عام .1986 نشأ ابو زيد في مدينة كولفيل (ولاية كاليفورنيا) على المنحدر الشرقي لسيرا نيفادا، حيث انتقل والده، الذي كان يعمل ميكانيكيا، من سان فرانسيسكو لأسباب صحية. كان ابو زيد صاحب اداء بارز حتى عندما كان في ويست بوينت، فقد كتب تعليق على صورة له يعود تاريخها لعام 1973 «العربي المجنون جاء من صحارى الغرب ليصبح نجما».

تواصل الاداء المتميز لأبو زيد عندما كان ضابطا برتبة صغيرة خلال فترة ما بعد حرب فيتنام. ويقول الجنرال لوسون ماغرودر، الذي عاصر ابو زيد خلال تلك الفترة، انه «كان نجما وسط عدة نجوم». واضاف ماغرودر ان 19 من الضباط الشبان الذين عملوا في الفرقة الثانية للطواف والحراسة خلال فترة السبعينات اصبحوا فيما بعد جنرالات في الجيش الاميركي. بيد ان مسيرة ابو زيد سلكت طريقا آخر. ففيما كان يستعد الكثير من زملائه للعمل في قيادة الفرقة، ترك ابو زيد العمل فيها لدراسة اللغة العربية والتحق بالجامعة الاردنية في عمان، اذ ان الاضطراب الذي ساد الاسواق خلال حقبة السبعينات ركز اهتمام صناع السياسة الاميركيين على منطقة الشرق الاوسط وقرر ابو زيد تبعا لذلك تحصيل المزيد في هذا المجال. ويقول الكولونيل ريتشارد دان، الزميل السابق لأبو زيد، انه قرر المجازفة بمهنته في سبيل توسيع مداركه. لكنه عندما وصل الى عمان كانت الجامعة الاردنية تعاني من عدم انتظام الدراسة والإغلاق المتكرر، لذا اتجه الى قضاء معظم الوقت في التدريب مع وحدات القوات الاردنية الخاصة، كما سافر الى مختلف مناطق الشرق الاوسط بما في ذلك العراق. عاد ابو زيد بعد بضع سنوات الى المنطقة كضابط عمليات بمجموعة المراقبة التابعة لمنظمة الامم المتحدة بلبنان. وعمل ابو زيد خلال حرب الخليج الثانية عام 1991 كقائد لقوة عمل جنوب اوروبا، وهي وحدة مشاة خفيفة كانت متمركزة في ايطاليا، وفي وقت لاحق ارسل لقيادة عملية اغاثة في شمال العراق عقب إخماد الجيش العراقي انتفاضة الاكراد غداة انتهاء حرب الخليج مما تسبب في نزوح آلاف اللاجئين الاكراد الى مناطق الجبال المغطاة بالثلوج. وتطلبت تلك العملية مجموعة من القدرات والمهارات غير العادية، فقد كان مطلوبا من الفرقة التي يقودها ابو زيد ان تكون مسؤولة أمام كولونيل يدعي جيمس جونز يقود حاليا مشاة البحرية الاميركية واوشك ان يصبح قائدا للقوات الاميركية باوروبا. ويقول الجنرال انتوني زيني ان «فريقا عظيما كان يعمل مع جونز وابو زيد وانهم حققوا انجازات مدهشة». زيني نفسه كان يعمل في ذلك الوقت رئيسا لهيئة اركان العمليات وتدرج في الرتب الى ان جرى تعيينه رئيسا للقيادة المركزية، وهي القيادة الاميركية الاقليمية لمنطقة الشرق الاوسط. كتب ابو زيد عام 1993 مقالا في «آرميز ميليتاري ريفيو» حول الصعوبات غير المتوقعة في العمل بشمال العراق. وتركزت مهمة ابو زيد في البداية في دفع الجيش العراقي لإقامة مناطق آمنة للاجئين الاكراد، وفي وقت لاحق تحولت المشكلة، حسبما كتب في مقاله، «من المواجهة مع الجيش العراقي الى الفصل بين القوات العراقية والمجموعات المسلحة الكردية والحيلولة دون حدوث احتكاك بين المجموعات الكردية». وسرعان ما انتقل ابو زيد للعمل بعد ذلك في عدد من المواقع البارزة في الجيش الاميركي. فقد عمل قائدا لكتيبة المشاة المظليين ثم اصبح مساعدا للجنرال شاليكاشفيلي في هيئة الاركان المشتركة، كما حاولت ادارة الرئيس السابق بيل كلينتون إلحاقه بالعمل في مجلس الامن القومي، إلا ان الجنرال ابو زيد ابدى عدم رغبته في ذلك ليصبح بدلا من ذلك قائدا لأكاديمية ويست بوينت، حيث يتذكر الكثيرون محاولته جعل الاكاديمية اكثر ارتباطا بانضباط الجيش. وعمل الجنرال ابو زيد بعد ذلك قائدا للفرقة الاولى للمشاة التابعة للجيش الاميركي، حيث حل محل الجنرال البارز ديفيد غرينج. ومكافأة له على مجهوداته وادائه المتميز، اوكلت للجنرال ابو زيد مهمة ادارة هيئة الاركان المشتركة، التي يصفها الرئيس السابق للجيش الاميركي دينيس ريمر بأنها «اصعب مهمة داخل البنتاغون لأنها دائما ما تكون في وسط الاحداث الجارية». ويصف احد الذين سبقوا ابو زيد في هذا الموقع انه يتطلب حنكة وقدرات قيادية متميزة. ورفض ابو زيد اجراء لقاء معه وقال انه لا يرغب في ان يكتب حوله وادلى فقط بمعلومات حول نفسه واسرته. ويقول اصدقاؤه ان تحفظه حقيقي وخال من التكلف. والى جانب الانجليزية والعربية يتحدث الالمانية بطلاقة ويتكلم ايضا الايطالية.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»