بليكس يخرج من محادثاته مع كبار مسؤولي الإدارة الأميركية «مقتنعا» بضرورة تبني قرار جديد قبل عودة مفتشيه إلى العراق

واشنطن ولندن لن تحصلا على الأكثرية المطلوبة في مجلس الأمن إذا طرح مشروع قرارهما الآن

TT

خرج رئيس فريق المفتشين الدوليين هانز بليكس من اجتماعاته مع كبار المسؤولين في الادارة الاميركية في واشنطن مساء اول من امس وهو «مقتنع» بضرورة ان تبني مجلس الامن قرارا جديدا حول نزع السلاح العراقي، لكنه لم يكشف ما اذا كان القرار سيتضمن احتمال اللجوء الى القوة. وقال بليكس الذي اجتمع هو ومدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي مع وزير الخارجية الاميركي كولن باول ومستشارة الامن القومي كوندوليزا رايس ان «مثل هذا القرار سيكون مفيدا، وان عددا متزايدا من اعضاء مجلس الامن يصلون الى هذا الاستنتاج». واضاف ان ذلك يمكن ان «يوضح» مهمته.

لكن بليكس كان متحفظا حول الشكل الذي يمكن ان يتخذه القرار الجديد ولم يدخل في النقاش الذي يقسم مجلس الامن لمعرفة ما اذا كان هذا القرار سيتضمن احتمال اللجوء الى القوة ضد العراق، او ما اذا كان هذا التدبير المثير للجدل سيرد في قرار لاحق. وقال «اترك لمجلس الامن مهمة الصياغة الدقيقة عبر قرار واحد او اثنين». الى ذلك، قال كوفي انان الامين العام للامم المتحدة انه سيكون «ملائما» لمفتشي الاسلحة التابعين للامم المتحدة انتظار اصدار مجلس الامن الدولي قرارا جديدا قبل استئناف عملهم في العراق بعد توقف دام اربع سنوات. وفي اعلانه ان بليكس قرر «الموقف الصحيح» قال انان للصحافيين «انه اجرى مناقشاته. وجهز رجاله. ولكن في الوقت الذي يناقش فيه المجلس مزيدا من الارشادات سيكون من الملائم له ان يعرف تلك الارشادات الاضافية قبل ان يستأنف عمله. اتعشم ان يحدث هذا قريبا». وكان بليكس توصل الثلاثاء الماضي في فيينا الى اتفاق مبدئي مع العراق حول ترتيبات عودة سريعة لمفتشي نزع السلاح في العراق على قاعدة قرارات الامم المتحدة. وقال بليكس السويدي الجنسية انه يأمل «الا يضطر الى الانتظار طويلا قبل صدور القرار الجديد». من جهته قال البرادعي «لقد كنا غائبين عن العراق طوال اربعة اعوام وعلينا ان نعود الى هناك بسرعة للتأكد ان هذا البلد لم يعد تحريك برنامجه للاسلحة النووية».

من جهته، اعرب باول عن «تفاؤله» حول امكانية التوصل الى اتفاق في مجلس الامن على قرار جديد في شأن نزع السلاح العراقي يفرض على بغداد «شروطا حازمة جدا». وذكر باول أن واشنطن تؤيد صياغة قرار واحد يحدد شروط عمليات التفتيش والمضاعفات التي يمكن ان تتعرض لها بغداد اذا ما قاومت القرار. لكنه اضاف ان المفاوضات في مجلس الامن «معقدة». وقال ان واشنطن تستمع ايضا الى وجهة نظر دول ترغب في التعاطي مع الموضوع العراقي على مرحلتين كفرنسا مثلا. وذكر باول أن واشنطن تشترط لعودة المفتشين ان يتبنى مجلس الامن قرارا جديدا. وقال ان «من المناسب ان ينتظر فريق المفتشين قرارا جديدا» قبل ان يستأنف مهامه.

الى ذلك، ذكرت مصادر دبلوماسية اميركية واخرى في الامم المتحدة ان الولايات المتحدة وبريطانيا لن تحصلا في الوقت الراهن على الاكثرية المطلوبة في مجلس الامن، خصوصا لدى الاعضاء غير الدائمين، اذا ما طرح للتصويت مشروع قرارهما حول العراق. وقد يحمل هذا الوضع واشنطن ولندن الى البحث عن تسوية على اساس الفكرة الفرنسية القاضية بوجود قرارين، الاول يتعلق بمهمة المفتشين مع الشروط المفروضة على بغداد، على ان يحدد الثاني في وقت لاحق المضاعفات التي ستلحق ببغداد اذا ما قاومت القرار. ويحتاج تبني مشروع قرار في الامم المتحدة الى موافقة تسعة على الاقل من اعضاء مجلس الامن الـ15 (خمسة دائمين و10 غير دائمين). وتكفي معارضة عضو دائم لسحب القرار.

ولا يحظى المشروع البريطاني ـ الاميركي في الوقت الراهن بدعم ثلاثة اعضاء دائمين اخرين في مجلس الامن ـ باريس وموسكو وبكين ـ الذين يتمتعون ايضا بحق النقض. وعلى رغم مرور اسبوع من الضغوط الدبلوماسية الكثيفة، لم تتمكن واشنطن ولندن من اقناع اكثرية من عشرة اعضاء غير دائمين في المجلس، منتخبين لسنتين. وذكر دبلوماسيون ان اربعة فقط من هؤلاء الاعضاء يؤيدون على ما يبدو الولايات المتحدة وبريطانيا، فقد اعلنت بلغاريا والنرويج صراحة انهما ستؤيدان مشروع القرار، وان كولومبيا وسنغافورة يمكن اقناعهما بسهولة. وقد اعرب الاعضاء الستة الاخرون المنتخبون (الكاميرون وغينيا وايرلندا وموريشيوس والمكسيك وسورية) عن معارضتهم، وبطريقة حازمة جدا كما عبرت عنها سورية وايرلندا والمكسيك.

وحيال هذا الوضع، قد تشدد واشنطن موقفها. وقال مسؤول اميركي طلب عدم الكشف عن هويتي «ثمة مناقشات حول جميع انواع الخيارات، وثمة مرونة»، مشيرا الى ان حلا على اساس قرارين غير مستبعد رسميا حتى لو لم يكن مرغوبا فيه. لكن بعض المسؤولين الاميركيين يتخوفون من ان تضعف مقاربة على اساس قرارين مهمة الامم المتحدة في العراق. وذكرت وزارة الخارجية الاميركية اول من امس بأن واشنطن تتمسك حتى الان بقرار واحد يتضمن شروط المجموعة الدولية والمضاعفات التي ستلحق بالعراق اذا ما رفضه. واكد المتحدث باسمها ريتشارد باوتشر ان «عددا لا بأس به من الدول» يؤيد صدور قرار جديد لكنه لم يقدم مزيدا من التفاصيل ووصف المحادثات بأنها «كثيفة ومعقدة».