دبلوماسي غربي: باريس سجلت نجاحات في الملف العراقي لكن عليها دفع ثمن الانفتاح الأميركي ـ البريطاني

TT

أفاد مصدر دبلوماسي غربي في العاصمة الفرنسية ان «حل العقدة التي عرقلت حتى الآن الوصول الى قرار جديد في مجلس الامن حول العراق موجود في باريس وليس في موسكو أو بكين». واعتبر المصدر الذي تحدث الى «الشرق الأوسط» ان باريس «فرضت نفسها طرفا رئيسيا في المعادلة» التي تتحكم بالملف العراقي، كما انها عرفت كيف تسجل عدة نقاط دبلوماسية في المساومة «المريرة» التي تدور في مجلس الامن الدولي وفي عواصم القرار.

وأبرز «النجاحات» الدبلوماسية، كما قال المصدر الدبلوماسي الغربي يتمثل في مقاومة «البلدوزر» الاميركي ـ البريطاني الذي يريد من مجلس الامن، عمليا، تفويضا مفتوحا يخوّله ضرب العراق واسقاط نظامه، من غير العودة الى المجلس، اذا تبيّن ان بغداد لا تتعاون تماما مع مفتشي الامم المتحدة. وهؤلاء سيعودون الى العراق مسلحين بقرار دولي جديد حازم وصارم يمنع العراق من التلاعب او التهرب ويفرض عليه روزنامة عمل وشروطا قاسية.

ويتمثل النجاح الدبلوماسي الفرنسي الثاني في حمل واشنطن (ولندن) في اظهار الليونة، في ما خص استصدار قرار وحيد من مجلس الامن يحدد ما هو مطلوب من العراق ويتيح في الوقت عينه، لأعضاء المجلس «استخدام كل الوسائل» اي اللجوء الى العمل العسكري، اذا تبين ان العراق يتهرب من مسؤولياته.

والسؤال المطروح اليوم على الاعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الامن، كما يقول المصدر الدبلوماسي الغربي، يتمثل في معرفة ما هو «الثمن» الذي ستقدمه باريس مقابل الليونة الاميركية ـ البريطانية، وهذه المسألة بالذات ستكون في جوهر المحادثات التي يجريها وزير الخارجية البريطاني جاك سترو غدا في باريس مع نظيره دومينيك دو فيلبان.

فضلا عن ذلك، فان وزير الخارجية الاميركي كولن باول قدم لباريس «هدية» اخرى عندما قال لشبكة التلفزيون الفرنسية الاولى ليل الجمعة ـ السبت انه اذا تخلى العراق بالكامل عن تخزين او تصنيع اسلحة الدمار الشامل فان ذلك سيعتبر «تغييرا في طبيعة النظام مهما كانت (هوية) القادة»، مما يعني قبولا اميركيا ببقاء صدام على رأس السلطة. وكانت فرنسا قد اعلنت منذ البداية ان الهدف هو نزع اسلحة الدمار الشامل العراقية وليس الاطاحة بنظام صدام.

يقول المصدر الدبلوماسي الغربي ان المساومة في مجلس الامن وفي العواصم المعنية تتناول الفقرة العاشرة (من الفقرات العاملة) في مشروع القرار الاميركي ـ البريطاني وتحديدا الجملة التي تقول ان «مثل هذا الانتهاك (من العراق) يخوّل الدول الاعضاء ان تستخدم كل الوسائل الضرورية لاستعادة السلام والامن الدوليين في المنطقة». ووفق المصدر، فان واشنطن ولندن يمكن ان تقبلا تعديلا في نص هذه الفقرة مقابل ان تقبل فرنسا (ومعها روسيا والصين) بنص متشدد جدا في الشروط التي يفرضها على بغداد وفي طبيعة عمل المفتشين الدوليين.