البوسنيون اقترعوا في الانتخابات العامة لتغييير الحكومة وتحسين أوضاعهم الاقتصادية

TT

توجه آلاف الناخبين البوسنيين لصناديق الاقتراع امس لاختيار أعضاء جدد لثلاثة مجالس برلمان، هي البرلمان المركزي الذي يمثل الطوائف الثلاث (الصرب والكروات والبوشناق) وعدد اعضائه 42 عضوا، والبرلمان الفيدرالي الذي يجمع بين البوشناق والكروات، ويبلغ عدد اعضائه 98 عضوا، والبرلمان الصربي الذي يضم هو الآخر ممثلين عن الطوائف الاخرى وعدد اعضائه 82 عضوا.

كما صوت الناخبون لاختيار اعضاء جدد لمجلس الرئاسة، وقد لوحظ توافد اعداد كبيرة من الناخبين على مكاتب الاقتراع في المناطق الريفية صباحا بينما كانت الحركة بطيئة في المدن، وقد زاد عدد الناخبين بعد امس في مختلف انحاء البوسنة والهرسك. حيث يتوقع ان تزيد نسبة المشاركة في الانتخابات على 50 في المائة. وتعلق الاحزاب القومية آمالا عريضة على هذه الانتخابات التي تعد مصيرية لكافة الاحزاب والشعب البوسني بمختلف طوائفه، حيث تسعى الاحزاب التي توصف بأنها قومية للعودة بفعالية للحكم بعد اخفاق من يسمون «بالاصلاحيين» في تحقيق الوعود التي قطعوها لناخبيهم قبل سنتين. وتعد الانتخابات التي تمت بالامس، الاولى منذ توقيع اتفاقية دايتون في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1995 التي تحظى بهذا القدر من الاهمية، حيث وصفت بأنها اكثر الانتخابات اهمية واثارة على المستويات الحزبية والشعبية والدولية.

وتلوم بعض الاحزاب البوسنية المجتمع الدولي على سياسة ما تسميه «المساواة بين المجرم والضحية» حيث «خاضت الاحزاب البوشناقية التي توصف بالقومية حربا تحريرية ودفاعية»، لكنها توصف بأنها احد الاحزاب «التي قادت البلاد الى الحرب قبل عشرة اعوام». كما تلوم الاحزاب المؤيدة للغرب بأنها فشلت في تحقيق الرفاه الاقتصادي وجلب الاستثمارات الغربية التي وعدت بها قبل وصولها للسلطة. وتقول احزاب المعارضة ان «الحكومة الاصلاحية فشلت، ليس في المجال الاقتصادي وتوفير فرص عمل للمواطنين فحسب، بل في اقناع الصرب والكروات بالتخلي عن تطلعاتهم الانفصالىة. ففي عهد حكومة «الاصلاحيين» طالب الكروات باقامة كيان ثالث، وتوجه الصرب اكثر نحو بلغراد، وارتكبت مجزرة في بنيالوكا اثر وضع حجر الاساس لمسجد تاريخي هدمه الصرب سنة 1993. كما شهدت البلاد تراجعا كبيرا في مجال حقوق الانسان، والممارسات الديمقراطية حيث تم اعتقال كثير من الاشخاص، واقتحام وتفتيش منازل الخصوم السياسيين، كما سجلت تجاوزات لأحكام قضائية، مما جعل منظمات الدفاع عن حقوق الانسان توجه نقدا لاذعا للحكومة البوسنية.

ورغم الصبغة غير الطائفية لبعض الاحزاب التي تقود الائتلاف الحاكم في البوسنة، فان الصرب والكروات تشبثوا اكثر بمواقفهم القديمة، رغم الدعوات التي يطلقها المسؤولون الدوليون في البوسنة، ومنهم رئيس الادارة الدولية بادي آشداون، الذي ذكر اخيرا ان «كل صوت هو حجر صغير في حائط مستقبل الشعب البوسني». واضاف: «الشعب هو ادوات البناء واذا لم يخرج للانتخابات فان البناء سيتعطل»، كما دعا البوسنيين الى الابتعاد عن الاحزاب القومية.

ورغم ذلك فان الدعوات الدولية لا تتركز ولا تؤثر الا في طائفة واحدة هي الاغلبية البوشناقية المسلمة في البوسنة.

وفي جولة لــ«الشرق الأوسط» على مكاتب الاقتراع قال عدد كبير من الناخبين انهم خرحوا للانتخابات من اجل مستقبل افضل، وقال عدد من كبار السن انهم خرجوا للتصويت من اجل ضمان وصول مخصصات التقاعد التي يتلقونها بشكل متقطع في الفترة الماضية. ويمثل كبار السن ممن تجاوزوا الخامسة والستين 12 في المائة من عدد سكان البوسنة البالغ اربعة ملايين ونصف المليون نسمة.

وقال آخرون انهم شاركوا في الانتخابات «من اجل بلد ديمقراطي يتمتع فيه السكان على مختلف اعراقهم بالحرية والكرامة»، وذكر آخرون انهم يأملون من خلال اقتراعهم «في توفر فرص عمل جديدة وازدهار الحياة الاقتصادية في البوسنة». وقال آخرون انهم ادلوا بأصواتهم «لترجيح كفة الموازين داخل البوسنة والهرسك، حيث لا يحصل البوشناق على حقوقهم كاملة».

وضربت احدى الناخبات المسلمات مثلا فقالت «التلفزيون الفيدرالي لم يعد فيدراليا بل هو كرواتي، وتعتمد فيه اللهجة الكرواتية بدل البوشناقية، ونحن مليونان ونصف مليون وهم نصف مليون».

ويركز الناخبون في اجاباتهم عن سؤالين هما: لماذا خرجوا للانتخابات؟ وماذا ينتظرون؟ على الوضع الاقتصادي والعمل ومخصصات التقاعد والشأن الثقافي، وقالت عجوز في الستين من عمرها: «انتخب حتى تزيد منحة التقاعد من 75 ماركا (33 يورو)». وقالت اخرى «حتى يتمكن احفادي من الذهاب للمدرسة، لأنه بدون عمل لوالدهم لن يجدوا ثمن الكتب». وقال البعض صراحة انهم ادلوا بأصواتهم «لتغيير الحكومة».

وكانت بعض اماكن الاقتراع قد فتحت متأخرة عن التوقيت المحدد وهو الساعة السابعة صباحا بالتوقيت المحلي، وقد مرت العملية الانتخابية بهدوء ولم يعكر صفوها أي طارئ، كما سجل امس غياب القوات الدولية والشرطة التابعة للأمم المتحدة عن اماكن الاقتراع على غير المتوقع. وقال ناطق باسم الشر طة الدولىة التابعة للأمم المتحدة ان المؤسسات الدولية في البوسنة تثق في الشرطة البوسنية ونضج الناخبين البوسنيين، ولذلك لم يكن هناك داع لوجود الشرطة الدولية في مراكز الاقتراع.