المباحث الأميركية تكشف عن اعتقال 3 رجال وامرأة وهروب اثنين للقتال في صفوف طالبان و«القاعدة» ضد واشنطن

TT

وصف النائب العام الاميركي جون آشكروفت يوم اول من امس (الجمعة) بأنه «يوم حاسم» في حرب الولايات المتحدة ضد الارهاب، واعلن عن اعتقال السلطات الاميركية لأربعة اشخاص بسبب تهم تتعلق بإثارة الحرب ضد جنود اميركيين في افغانستان، وصدر ايضا حكم قضائي ضد جون ووكر ليند، او من اطلق عليه «الطالباني الاميركي»، كما اعترف ريتشارد ريد، صاحب «الحذاء المتفجر» بالذنب، مؤكدا محاولته نسف طائرة اميركية كانت في طريقها من باريس الى ميامي. والقى ضباط مكتب المباحث الفيدرالي (اف بي آي) القبض على رجلين وسيدة اثر سلسلة من عمليات المداهمة التي جرت قبل الفجر في بورتلاند بولاية اوريغون الى جانب اعتقال رجل خارج مدينة ديترويت. واعلنت السلطات الاميركية ان المعتقلين الاربعة اعضاء في خلية ارهابية، وانهم حاولوا السفر الى افغانستان عقب هجمات 11 سبتمبر (ايلول) 2001 للقتال الى جانب قوات حركة طالبان وتنظيم «القاعدة».

وكان قاض اتحادي قد وجه رسميا الى خمسة رجال وامرأة، يحمل خمسة منهم الجنسية الاميركية، تهما تتضمن التآمر للقتال ضد الولايات المتحدة والتآمر لتوفير موارد ودعم مادي لتنظيم «القاعدة»، وسيصدر ضد المتهمين الستة حكم بالسجن المؤبد اذا ادانتهم المحكمة. اثنان من الستة المذكورين لا يزالان هاربين حتى يوم اول من امس، ويعتقد انهما خارج اراضي الولايات المتحدة، فيما مثل الآخرون أمام محاكم في بورتلاند وديترويت، وامرت السلطات ببقائهم في الحبس وعدم الإفراج عن أي منهم بكفالة. واحد من المتهمين الستة يدعي جيفري ليون باتيل (32 عاما)، وهو جندي احتياط سابق بالجيش الاميركي، انضم الى الجيش لتلقي «تدريب التكتيك والاسلحة، على امل استغلال هذا التدرب في وقت لاحق عند القتال الى جانب القوات الاميركية»، حسبما ذكر في التهم الموجهة اليه. وقال آشكروفت خلال مؤتمر صحافي انعقد بمقر وزارة العدل الاميركية ان يوم الجمعة من الايام الحاسمة في حرب الولايات المتحدة ضد الارهاب. واضاف ان السلطات الاميركية ألقت القبض على خلية تعمل داخل الاراضي الاميركية، وأدانت انتحاريا، وحكمت بالسجن على اميركي القي عليه القبض وهو يشارك في «الجهاد»، في إشارة الى جون ووكر ليند. وفيما كان آشكروفت يتحدث في واشنطن، كان ليند يمثل امام محكمة اتحادية في أليكساندريا بولاية فيرجينيا وهو يستمع للحكم «المخفف» عليه، كجزء من اتفاق الاعتراف بالذنب الذي جرى التوصل اليه مسبقا مع الحكومة الاميركية. وانكر ليند احيانا امام المحكمة أي علاقة بأسامة بن لادن وشبكة «القاعدة» التي يتزعمها، مؤكدا انه ربما لن ينخرط في القتال في صفوف حركة طالبان اذا علم مسبقا انها كانت تؤوي «القاعدة». وإثر قبوله مسؤولية العمل كمقاتل في صفوف حركة طالبان، حكمت المحكمة علىه بالسجن عشرين عاما. وفي وقت سابق من نفس اليوم مثل البريطاني ريتشارد ريد (29 عاما) امام محكمة ببوسطن واعترف بالذنب في تهم التورط في الارهاب الموجهة اليه. الجدير بالذكر ان ريد كان قد القي القبض عليه في 22 ديسمبر (كانون الاول) الماضي لدى محاولته تفجير عبوة ناسفة كانت مخبأة في حذائه على متن رحلة كانت متجهة من باريس الى ميامي. وقال ريد امام المحكمة عقب إعلان ولائه لاسامة بن لادن وتنظيم «القاعدة»، انه «عدو للولايات المتحدة»، وفي بعض الاحيان كان يضحك على القاضي والمراقبين. ويواجه ريد الحكم بالسجن المؤبد بدون حق العفو إذا إدانته المحكمة. وفيما يتعلق بالاشخاص الذين جرى اعتقالهم ببورتلاند وبالقرب من ديترويت، قال آشكروفت ومسؤولون في السلطات الاميركية انهم ظلوا يحاولون على مدى اشهر نهاية العام الماضي دخول افغانستان بغرض القتال في صفوف قوات حركة طالبان وتنظيم «القاعدة». واضاف آشكروفت ان عدد الذين وجهت اليهم تهم في الولايات المتحدة بالتورط في الارهاب منذ 28 اغسطس (آب) الماضي بلغ 17 شخصا. وكانت السلطات الاميركية قد ألقت القبض في الآونة الاخيرة على عدد من الاشخاص في نيويورك وسياتل وديترويت بسبب تهم تتعلق بالتورط في الارهاب.

وقال آشكروفت معلقا: «اليوم (الجمعة) يوم العدالة للمواطنين والجنود وضباط الاجهزة الامنية الذين يدافعون عن الشعب الاميركي وقيمه كل يوم». واضاف آشكروفت، الذي ظهر مع العديد من كبار مساعديه الى جانب مدير «اف بي آي»، روبرت موللر، ان ذلك اليوم هو «يوم النصر وصدق العزيمة بفضل مهمة جرى اداؤها على افضل وجه، وبفضل التصميم على اداء المهام المقبلة بكل صدق وتفان».

وكانت السلطات واجهزة الامن الاخرى في الخارج تبحث يوم اول من امس عن احمد بلال (24 عاما) وحابس عبد الله الصعوب (36 عاما)، المعروف ايضا بـ«ابو طارق»، اثر إصدار السلطات تهما بحقهما. وتجدر الاشارة الى ان عبد الله الصعوب هو الوحيد الذي لا يحمل الجنسية الاميركية من بين الاشخاص الذين وجهت اليهم تهم التورط في الارهاب. وقالت السلطات ان الصعوب مواطن اردني لكنه يحمل اذنا بالإقامة الدائمة في الولايات المتحدة. ولم تذكر السلطات ما اذا كانت تعرف مكان احمد بلال او الصعوب. وطبقا لما اعلنته السلطات الاميركية، فإن الاربعة الآخرين هم باتريس لوممبا فورد (31 عاما)، ويعرف ايضا باسم لوممبا، وشقيق بلال، محمد ابراهيم بلال (22 عاما)، واكتوبر مارتينيك لويس (25 عاما)، وتعرف ايضا باسم خديجة، وهي زوجة سابقة لجيفري ليون باتيل، ويعرف باتيل ايضا باسم «احمد علي» و«ابو عيسى»، طبقا للمعلومات الواردة في الاتهام. ووفقا لمعلومات ادلى بها مسؤولون، فإن فورد عمل متدربا مع عمدتين ببورتلاند. ويخضع محمد بلال للحبس بدون حق الإفراج بكفالة، عقب مثوله امام محكمة في ديترويت يوم اول من امس، فيما انكر فورد التهم الموجهة اليه امام المحكمة الفيدرالية ببورتلاند، وجرى إرجاء ظهور الشخصين الآخرين امام المحكمة الى يوم غد الاثنين. وكشفت السلطات في واشنطن وبورتلاند وديترويت عن أن تحقيقاتها لا تزال مستمرة حول اشخاص آخرين يشتبه في ان يكونوا اعضاء في «مجموعة بورتلاند»، وعلى وجه الخصوص شخص لم تعلن السلطات عن هويته ارسل تحويلات مالية الى المتهمين عندما كانوا يحاولون دخول افغانستان. وقالت السلطات كذلك انها تواصل بحثها للعثور عل ادلة تشير الى ما اذا كان المتهمون بصدد التخطيط لشن هجمات داخل الاراضي الاميركية وما اذا كان آخرون قد سافروا الى خارج الولايات المتحدة بغرض القتال الى جانب قوات طالبان. وتجدر الاشارة الى ان كل الذين القي القبض عليهم يقيمون ببورتلاند، بمن في ذلك محمد بلال الذي كان يقيم في الآونة الاخيرة مع قريب له في ديربورن بولاية ميشيغان حيث اعتقل يوم الجمعة. وعلق المسؤول عن مكتب «اف بي آي» في بورتلاند: «الاعداء يجندون اتباعهم في الولايات المتحدة، ويدربونهم في الولايات المتحدة ويخططون في الولايات المتحدة».

الجدير بالذكر ان السلطات الامنية لم تعثر حتى الآن على ما يشير الى ان المتهمين الستة كانوا يخططون لشن هجمات داخل الولايات المتحدة، بيد ان مصادر امنية اكدت ان الرجال الخمسة اشتروا اسلحة بعد بضعة ايام من هجمات 11 سبتمبر (ايلول) عام 2001 ثم تلقوا تدريبا قبل ان يسافروا عبر الهند واندونيسيا وبنغلاديش سعيا للانخراط للقتال في صفوف حركة طالبان لمواجهة القوات الاميركية. وكشفت السلطات ان الاسلحة التي حصل عليها المتهمون هي بنادق عالية الفعالية، مزودة بمناظير، وبنادق هجومية صينية من طراز «اس كي اس»، وعدد من المسدسات نصف الاوتوماتيكية. وطبقا للمعلومات التي وردت في سياق التهم التي يواجهها الاشخاص الستة، فإن جهودهم في الانضمام الى قوات طالبان باءت بالفشل، كما ان ثلاثة من الرجال الذين القي القبض عليهم يوم اول من امس عادوا الى بورتلاند في اواخر العام الماضي ومطلع العام الجاري. الجدير بالذكر ان شخصا آخر يدعى خالد علي ستيتي شارك في التآمر مع افراد المجموعة ولم توجه له تهم بعد، اذ ادين في الآونة الاخيرة بالاحتيال وتهم اخرى تتعلق بحيازة السلاح وهو في السجن حاليا. ولم تعلق السلطات على السبب في تحديد هيئة المحلفين ستيتي شريكا في التآمر مع المتهمين في حين لم توجه له تهمة. كما انها لم تعلق على كيفية التوصل الى ان المتهمين كانوا يعتزمون القتال في صفوف حركة طالبان و«القاعدة»، اذ رفض آشكروفت ومسؤولون آخرون التعليق حول هذا الشأن. وطبقا لما ورد في سياق التهم، فإن الصعوب عندما غادر بورتلاند الى الصين ترك وثيقة بعنوان «وصية شهيد». كما اشير في سياق التهم الى ان باتيل عندما كان موجودا خارج الولايات المتحدة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بعث بعدة رسائل بريد الكتروني لزوجته السابقة، اكتوبر مارتينيك لويس، كتب في احداها ان «ثلاثة من الاخوة كان من المفترض ان يكونوا قد نجحوا»، في إشارة الى الدخول الى افغانستان بهدف الانضمام الى قوات طالبان و«القاعدة». أما لويس فقد ردت من جانبها وابلغت باتيل بأن «الاميركيين القوا القبض على ثلاثة اميركيين يقاتلون في صفوف جانب تعرفونه»، كما ابلغته كذلك بأن «200 من مشاة البحرية الاميركية هناك».

وطبقا لمجموعة التهم الموجهة للاشخاص الستة، فإن خمسة منهم حصلوا على اسلحة نارية خلال الايام التي تلت هجمات 11 سبتمبر على مركز التجارة العالمي والبنتاغون، كما تلقوا، طبقا لوثيقة الاتهام، تدريبا على السلاح وتدريبا بدنيا «تحضيرا للجهاد».

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»