شقيق أحد المهاجمين: فوجئنا بالحدث.. وأنس تأثر بما يجري في فلسطين

خلاف بين المشيعين داخل المقبرة حول الصلاة على المهاجمين الكويتيين

TT

اجمع الكويتيون على ادانة حادث الاعتداء على الجنود الاميركيين المرابطين في الكويت، فيما واصل جهاز امن الدولة بملاحقة فلول الافراد الذين يعتقد بتعاطفهم مع تنظيم «القاعدة» لا سيما الذين يندرجون ضمن قائمة المشاركين في العمليات القتالية في افغانستان.

ونقل وزير الدولة للشؤون الخارجية الكويتي الشيخ محمد الصباح عن امير الكويت الشيخ جابر الاحمد الصباح اسفه الشديد «للاعتداء على القوات الصديقة التي جاءت لحماية امن الكويت والمشاركة مع الجنود الكويتيين في اجراء مناورات مشتركة». واعتبر الشيخ محمد الصباح ان الهجوم الذي نفذه المواطنان الكويتيان اول من امس «اعتداء على مصالح الكويت الوطنية، واعتداء ارهابي ندينه بأقوى العبارات». وكشف ان التحقيقات لا تزال جارية «وتعرفنا على المهاجمين، ونأخذ الخطوات المناسبة تجاه اولئك الذي نعتقد انهم قدموا دعما للارهابيين».

وعن عدد المعتقلين اشار الشيخ محمد الى ان «الاعتقالات شملت العديد من المشتبه فيهم، وبعض هؤلاء توجه اليهم اسئلة حول الحادث، وآخرون سيتم توقيفهم لوقت اطول الى ان نستجلي الامور، لذا فان رقم المحتجزين يتغير على مدار الدقيقة». واضاف ان «ثمة مجموعات من المشتبه فيهم احيلوا الى التحقيق، والمجموعة الاخرى نظن انها دعمت هؤلاء الارهابيين، وسنعمل على اتخاذ الاجراءات كافة لحماية مصالح الكويت». ونفى توقف اجراء المناورات المشتركة مع الجانب الاميركي، وقال ان «مناوراتنا مستمرة ووفقا للجدول المحدد لها». وحول علاقة منفذي الهجوم بمعتقلي غوانتانامو لم يعط الوزير الكويتي اجابة واضحة حول تلك العلاقة.

واكد نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع الكويتي الشيخ جابر المبارك الصباح ان الاعتداء الارهابي «لن يؤثر على العلاقات الدفاعية بين الكويت والولايات المتحدة، ولا تزال المناورات المشتركة ضمن برنامج ايغر ميس 3 بين وحدات المارينز الاميركية والقوات الكويتية مستمرة حسب الجدول المعد لها». وقال في تصريح صحافي عقب زيارته الجندي الاميركي الجريح ان «مزيدا من التدابير الاحترازية بين الجيش والقوات الصديقة اتخذ لتلافي تكرار ما حدث في جزيرة فيلكا». واعتبر ان «وجود القوات الصديقة على ارض الكويت ضمانة لاستقرارها واستقلالها». واستبعد مصدر قريب من التيارات الاسلامية ان يكون للعمل علاقة بتنظيم القاعدة «وارجح ان ما جرى جاء بدافع شخصي، لاسيما ان القتيلين تربطهما علاقات اجتماعية».

وشرح المصدر لـ «الشرق الاوسط» الظروف التي مر بها انس الكندري فذكر ان «انس شارك في عمليات داخل افغانستان، وعاد الى الكويت قبل شهر من احداث اا سبتمبر (ايلول) من العام الماضي، واوقفته اجهزة الامن الكويتية فترة غير بسيطة».

وقال ان «انس لا ينتمي الى اي تيارات دينية، لكنه شخص محافظ على التزامه الديني، وظل في الاشهر الماضية متقوقعا، ولم يكن يفضل الاختلاط بالاخرين».

وقال عبد الله (24 عاما) شقيق انس الكندري ان عائلته فوجئت بالحدث الذي اقترفه نجلهم «لكننا لاحظنا تأثر انس في الفترة الاخيرة بالاحداث التي يتعرض لها الفلسطينيون من جراء العمل الصهيوني، وكان آخرها احداث خان يونس».

وأكدت مصادر كويتية اخرى قريبة من أنس الكندرى (21 عاما) وابن خاله جاسم الهاجرى (28 عاما) انهما كانا يرفضان الوجود الأميركي في الكويت.

وقال الداعية الإسلامي محمد العوضي لـ«الشرق الأوسط» وهو من المقربيين للشابين القتيلين انهما كانا يعتقدان أن ما يحدث في فلسطين «شيء مذل» وأن قتل الجندي الأميركي «عبادة»، مشيرا الى أن أنس الهاجري كان يؤكد له أن الوجود الأميركي في الكويت «ليس للحماية بل استعمار». وأضاف أنه لا يعتقد أن العملية التي قام بها الكندري والهاجري منظمة من قبل تنظيم القاعدة الذي كانا على علاقة به أثناء وجودهما في أفغانستان قبل 11 سبتمبر قبل الماضي وانما هو «عمل فردي» يهدف للانتقام مما يحدث للفلسطينيين على يد الإسرائيليين بمساعدة أميركية حسب اعتقادهما والذي يعتبرانه أمرا «مذلا».

وأشار العوضي الى أن أنس عاش في أفغانستان لمدة عام ونصف وأنه «اختار طريق أسامة بن لادن»، مؤكدا أنه كان في «الجبهات الأمامية لحركة طالبان»، وأن ابن خاله الهاجري لحق به قبل ستة أشهر من عودتهما الى الكويت وذلك قبل أيام من ضرب مركز التجارة العالمي في نيويورك.. وحسب العوضي فإن الكندري كان قد قضى آخر ليلة في مسجد الرميثية الذي كان يؤم فيه سليمان أبو غيث قبل وقفه من قبل وزارة الأوقاف، مشيرا الى أنه كتب رسائل لأهله أكد فيها أنه «شهيد ويريد أن يدفن بدمائه».

في الوقت ذاته، أكد مصدر موثوق قريب من الشابين وأسرتيهما أنهما كانا يعتنقان فكر قلب الدين حكمتيار وأنهما لم يكونا من تنظيم القاعدة ولكن «ربما كانا على علاقة به بحكم وجودهما في أفغانستان».

وقال المصدر الذي رفض ذكر اسمه ان الهاجري أوصى كتابة قبل يومين من موته بأن تتبرع أسرته بكل ما لديه لصالح الأعمال الجهادية، مشيرا الى أنه كان يعتبر أن ما يقوم به الاسرائيليون ضد الفلسطينيين هو بمساعدة أميركية، مشيرا الى أنه هدد بأنه سيذبح الأميركيين «واحدا واحدا» أثناء مشاهدته لاحدى نشرات الأخبار الأخيرة. وأضاف أنه يعتقد أن ما قام به الشابان لم يكن مخططا له منذ فترة بعيدة حتى أن أحدهما اشترى قبل شهر واحد فقط سيارة بورشه بقيمة 26 الف دينار كويتي.

وقبل مواراة المواطنين الكويتيين الثرى وقع جدل بين المشيعين (الذين قدر عددهم بالمئات) الذين اختلفوا على غسلهم والصلاة عليهم ومدى اعتبارهم شهيدين وليسا قتيلين. وخطب ثلاثة اشخاص من بينهم الناشط الاسلامي جابر الجلاهمة في الناس الذين باركوا لاهلهما بالشهادة «فهما شهيدان يجب ان نحتفي بهما، وعملهما بطولي، وعلينا الا نلتفت الى الاعلام العميل والمأجور الذي يشكك في استشهادهما ونسأل الله لهما الجنة». وحسم المواطنون الكويتيون الامر فقرروا اداء صلاة الميت عليهما، فيما رأت مجموعة من الحضور (لا سيما المتشددين الاسلاميين) عدم الصلاة عليهما.

وادان رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الامة النائب محمد الصقر «العمل الارهابي المشين الذي استهدف القوات الاميركية الصديقة». ووصف الصقر في تصريح صحافي هذا العمل بانه «جريمة ارهابية قام بها اشخاص مضللون لا يعبرون عن المجتمع الكويتي المتسامح وعلاقاته المميزة مع الولايات المتحدة». واكد ان «هذا الحادث الفردي لن يؤثر على العلاقات الكويتية ـ الاميركية المتينة والراسخة التي تخدم مصالح البلدين الحليفين ويدعمها الشعب الكويتي بغالبيته الساحقة والتي تجلت صورته خلال حرب التحرير واستمر في التطور بعد ذلك حيث كان البلدان الصديقان يعالجان اي تباين في الرؤى بواسطة حوار صادق وحضاري».

واكد على اهمية التصدي ومحاسبة المسؤولين عن هذه الاعمال الاجرامية ومحاربة الفكر المتطرف. وقال ان الكويت برغم هذا الحادث الاستثنائي ستظل ترحب باصدقائها وحلفائها على ارضها وتحافظ على سلامتهم بكافة السبل على المستويين الشعبي والرسمي.