المستوطنون يضغطون على شارون لاجتياح غزة في محاولات لإفشال جولة جديدة من المحادثات الفلسطينية ـ الإسرائيلية

TT

في الوقت الذي تستعد فيه طواقم المحادثات الإسرائيلية ـ الفلسطينية إلى استئناف الحوار بينهما في غضون أيام قليلة، حظيت قوى الحرب الإسرائيلية المتغلغلة في الجيش والحكومة بتشجيع إضافي لتصعيد التوتر الحربي وذلك من طرف المستوطنين في قطاع غزة. فقد كشفت مصادر إعلامية ذات اطلاع على الشؤون العسكرية أن المستوطنين يضغطون على الجيش والحكومة من أجل القيام بعملية اجتياح واسعة للقطاع ومخيماته، مثل العملية الحربية التي قامت بها إسرائيل في الضفة الغربية في أبريل (نيسان) الماضي، وما زالت مستمرة حتى اليوم.

وكما قال مسؤول سياسي كبير في الحكومة الإسرائيلية ممن يعارضون هذا الاجتياح، فإن المستوطنين في القطاع يستندون إلى حجة واهية في مطلبهم وهي: إطلاق القذائف الصاروخية البدائية على مستوطناتهم من طرف «حماس»، والتي لم تؤد حتى الآن إلى أية أضرار جدية فيها ولم تصب أي مستوطن بأذى. وأكد في حديث لصحيفة «هآرتس» العبرية، أمس، أنهم معنيون بالحرب بهدف إبعاد «شبح السلام» عنهم، «فهم يجرون أقدامنا إلى حرب لا نريدها».

وكانت «الشرق الأوسط» قد أشارت في عدد سابق إلى أن هناك قوى عديدة متنفذة في الجيش وبقية أجهزة الأمن الإسرائيلية، فضلا عن وزراء اليمين في الحكومة، يدفعون باتجاه التصعيد. وحسب مصادر من داخل مكتب رئيس الوزراء، ارييل شارون، فإن الإدارة الأميركية لم تعترض على خطة الاجتياح الشامل.

ونقل عن أحد العسكريين الكبار الإسرائيليين إن اجتياح غزة هو «أمر ملح وضروري للحفاظ على هيبة الجيش الإسرائيلي». وفسر ذلك بقوله: «الفلسطينيون يستمعون جيدا إلى النقاش الإسرائيلي الداخلي حول هذا الموضوع. وقد بلغهم أن بعض القوى في الجيش والحكومة تتحفظ إزاء اجتياح القطاع بدافع الخوف من المقاومة الفلسطينية المسلحة والخسائر البشرية التي قد تسفر عنها. وعلينا أن نرد هذا الخوف ونبدده ونفهم الفلسطينيين أنهم لن يستطيعوا إحراز أية مكاسب في أية معركة عسكرية معنا. وهناك دلائل كثيرة على قدراتنا في هذا المضمار. فقد سبق أن سمعنا نفس التفوهات قبيل اقتحامنا نابلس في أبريل (نيسان) الماضي. وعندما احتللنا حي العقبة هناك، الذي يعتبر أهم معقل لحركة «حماس»، واحتللنا مخيم بلاطة، وهو أقوى معقل لحركة «فتح»، أثبتنا أن الفلسطينيين هم الذين خافوا وانطووا ولم يقاوموا».

تجدر الإشارة إلى أن وزير الخارجية شيمعون بيريس، أحد المعارضين لاجتياح غزة، سيلتقي بعد عودته من باريس وفدا فلسطينيا برئاسة صائب عريقات، وزير الحكم المحلي في الحكومة المستقيلة ورئيس لجنة توجيه المفاوضات. والهدف من اللقاء بحث إمكانية التوصل إلى اتفاق لإطلاق النار على قاعدة لجم التنظيمات الفلسطينية المسلحة وتفكيكها، علما بأن قوى الإصلاح في حركة «فتح» كانت قد طالبت صراحة بذلك ودعت إلى تحويل هذه التنظيمات إلى أحزاب سياسية.

ويلاحظ أن قوى الحرب في إسرائيل تدفع باتجاه تخريب اللقاء بين بيريس وعريقات، بواسطة تهديداتها. وليس من المستبعد أن يكون إبراز الأحاديث عن اجتياح غزة جزءا من الضغط الإسرائيلي على السلطة الفلسطينية لتقبل شروط شارون لتهدئة الأوضاع.

من جهة ثانية، نشب خلاف بين وزير الدفاع الإسرائيلي، بنيامين بن اليعزر، وبين قيادة المستوطنين في الضفة الغربية والقطاع وذلك على خلفية قراره إخلاء 24 نقطة استيطانية جديدة (من مجموع 109 نقاط استيطان أقيمت خلال السنوات الخمس الأخيرة من دون قرار حكومي، مما يجعلها غير شرعية رسميا). فقد اعتبروا القرار اعتداء عليهم وخرقا لسياسة «الأمر الواقع» التي اتفقوا عليها مع شارون. واتهموا بن اليعزر بأنه أقدم على هذا القرار فقط لكي يحل مشاكله عشية الانتخابات الداخلية في حزب العمل. ولمح رئيس مجلس المستوطنات، بنحاس فاليرشتاين، إلى أن بن اليعزر كان قد اتفق معه على إبقاء الوضع القائم والامتناع عن إزالة المستوطنات. وقال: «لكنه تبين لي أنه رجل مخادع وليس صاحب كلمة». وتوجه إلى شارون ليضغط عليه «حتى يوقف إجراءات الإخلاء».