تقرير للاستخبارات الأميركية: لا تهديد كيماويا أو جرثوميا من صدام في المستقبل المنظور

«سي آي إيه» أشارت في تقرير قدمته للكونغرس إلى أن لديها أدلة تثبت علاقة بغداد بـ««القاعدة»»

TT

افادت وكالة الاستخبارات الاميركية (سي آي ايه) في تقرير سري وزعته على مجموعة مختارة من اعضاء مجلس الشيوخ، انه ليس من المرجح ان يشن الرئيس العراقي صدام حسين، في حالة عدم شن هجوم اميركي، هجوما بالاسلحة الكيماوية او البيولوجية ضد الولايات المتحدة في «المستقبل القريب». غير ان التقرير اضاف «انه في حالة اقتناع صدام حسين انه لا يمكن تجنب هجوم اميركي»، فربما يشن هجوما كيماويا ـ بيولوجيا مضادا. وربما يقرر الرئيس العراقي «ان الخطوة المتطرفة بمساعدة الارهابيين على شن هجوم بأسلحة الدمار الشامل ضد الولايات المتحدة، هي فرصته الاخيرة للانتقام بأخذ عدد كبير من الضحايا معه».

الجدير بالذكر ان هذه المعلومات ظهرت في تقييم سري للاستخبارات الوطنية قدم الى لجنة الشؤون الاستخبارية بمجلس الشيوخ الاسبوع الماضي. وبعدها بعدة ايام صدر «كتاب ابيض» عن العراق. وبناء على طلب من اللجنة التي يسيطر عليها الديمقراطيون، كشفت وكالة الاستخبارات المركزية عن اجزاء اخرى من تقريرها السري مساء اول من امس. وفي الوقت الذي سيصوت فيه اعضاء مجلسي الشيوخ والنواب هذا الاسبوع على قرار بمنح الرئيس بوش تفويضا لمهاجمة العراق، فإن التقرير الاستخباري الجديد يقدم معلومات لكل من مؤيدي ونقاد سياسة الادارة. ويبدو ان تقرير وكالة الاستخبارات المركزية يميل الى الاعتقاد بأن الهجوم على العراق يمكن ان يؤدي الى ما يحاول الرئيس الاميركي تجنبه، وهو استخدام صدام للاسلحة الكيماوية والبيولوجية.

من ناحية اخرى، نشرت وكالة الاستخبارات المركزية بعض عناصر تحليل يدعم تقييم الرئيس بوش بأن العراق لديه علاقات ناشطة مع «القاعدة»، وهو من العناصر المتزايدة لوجهة نظر الادارة بدراسة احتمال العمليات العسكرية. فمن بين تقديرات اجهزة الاستخبارات التي تربط العراق بـ «القاعدة»، «تقارير موثوقة» بأن قادة «القاعدة» «سعوا الى اقامة علاقات مع اشخاص في العراق يمكن ان يساعدوهم على الحصول على قدرات في مجال اسلحة الدمار الشامل»، طبقا لخطاب من جورج تينيت مدير وكالة الاستخبارات المركزية. واضاف تينيت «ان دعم العراق المتزايد للمتطرفين الفلسطينيين، بالاضافة الى الاشارات المتزايدة لوجود علاقة مع «القاعدة»، تشير الى ان علاقات بغداد بالارهابيين ستزيد، حتى في غياب العمل العسكري الاميركي».

ويلقي التقرير الضوء على المعركة التي تدور وراء الستار حول المعلومات الاستخبارية المتعلقة بالعراق. وذكر العديد من اعضاء مجلسي الشيوخ والنواب ان وجهة نظر وكالة الاستخبارات المركزية، غير المشذبة بخصوص التهديدات التي يمثلها العراق اساسية بخصوص طريقة تصويتهم حول هذا الموضوع. وبالرغم من ذلك فإن عددا متزايدا من المسؤولين في اجهزة الاستخبارات، بمن فيهم بعض المسؤولين السابقين والحاليين، يشعرون بالقلق من ان الوكالة تكيف موقفها العلني ليناسب وجهات نظر الادارة. والمعروف ان وكالة الاستبخارات المركزية تعمل لحساب الرئيس، ولكن دورها هو امداده بمعلومات لا تؤثر عليها وجهات النظر السياسية.

واوضح مسؤولون سابقون في الاستخبارات على علاقة بتحليلات ومعلومات وكالة الاستخبارات المركزية حول العراق، ان موظفي الوكالة، والى حد ما تينيت نفسه، محاصرون في عملية «شد حبل» حول المعلومات الاستخبارية بخصوص العراق. وافاد فينس كانيسترارو الرئيس السابق لمكافحة الارهاب في وكالة الاستخبارات «توجد ضغوط هائلة على الوكالة لاقامة الدليل على مواقف تبنتها الادارة». وكان تينيت قد اصدر بيانا مساء اول من امس يهدف الى القضاء على التصورات بأن التقرير يحتوي على معلومات جديدة ستؤدي الى اضعاف وجهة النظر التي عرضها بوش في كلمة له للامة مساء الاثنين الماضي. واشار البيان الى عدم وجود تناقضات بين وجهة نظره بخصوص التهديدات المتزايدة لصدام حسين ووجهة النظر التي عبر عنها الرئيس في خطابه، «وبالرغم من اننا نعتقد ان فرص شن صدام حسين لهجوم بأسلحة الدمار الشاملة في هذا الوقت ضعيفة ـ لاسباب من بينها انها ستمثل اعترافا بأنه يملك اسلحة دمار شامل ـ لا يوجد اي شك من احتمالات استخدام صدام لاسلحة الدمار الشامل ضد الولايات المتحدة او ضد حلفائنا في المنطقة من اجل الابتزار والردع، او زيادة حجم ترسانته».

وفي الاسبوع الماضي اصدرت وكالة الاستخبارات المركزية تقريرا غير سري اعد من تقديرات الاستخبارات الوطنية، يتضمن تحليلات وآراء بخصوص كل وكالات الاستخبارات الاميركية المتعلقة بهذا الموضوع. وشرح البيان لماذا لم يتم الافراج عن المواد التي يحتويها التقرير قبل ذلك، وقال تينيت انه لا يريد ان يقدم لصدام «مخططا عن قدراتنا الاستخبارية ونقاط الضعف، او نظرة بخصوص توقعاتنا عن الطريقة التي سيتصرف او لا يتصرف بها». وأشار، واضعا في الاعتبار مشاعر القلق تلك، الى ان الوكالة يمكنها الكشف عن مزيد من المعلومات السرية التي لم يكشف عنها من قبل. ويتضمن الخطاب بعض المعلومات عما دار في اجتماع مغلق عقد في 2 اكتوبر (تشرين الاول) الحالي. ومن بين هذه المعلومات سؤال من السناتور كارل ليفن لمسؤول في الاستخبارات لم يذكر اسمه عما «اذا كان من المرجح ان صدام سيبدأ هجوما باستخدام اسلحة الدمار الشامل؟»، ورد المسؤول «دعونا نضع حدا زمنيا، في المستقبل المنظور، في اطار الظروف التي فهمناها الان، اعتقد ان الترجيحات ستكون ضعيفة». وسأل ليفن «اذا هاجمنا (العراق) وشعر (صدام) بانه في وضع سيئ، فما هي الترجيحات بخصوص استخدام اسلحة الدمار الشامل؟»، وكانت الاجابة «من وجهة نظري، عالية للغاية».

ورد تينيت في خطابه على اسئلة من اعضاء مجلس الشيوخ بخصوص علاقات العراق بـ«القاعدة». قائلا «لدينا معلومات مؤكدة بوجود اتصالات على مستويات عالية بين العراق و«القاعدة» تعود الى عقد من الزمان». واضاف ان «معلومات موثوق بها» تشير ايضا الى ان العراق و«القاعدة» «ناقشا موضوع الملاذات الامنة وعدم الاعتداء المتبادل».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»