الكونغرس الأميركي يناقش ضربة العراق

نائب: الحرب الوشيكة لا ينطبق عليها التعريف المسيحي للحرب العادلة * نائبة: لسنا ذاهبين إلى قتال.. بل للمساعدة على تحرير العراقيين من المسخ

TT

ناقش مجلس النواب الاميركي منذ ايام مشروع قرار يقترح تخويل الرئيس جورج بوش سلطة استخدام القوة لارغام العراق على نزع اسلحته. وقد اجاز المجلس المشروع الذي بدأ مجلس الشيوخ بمناقشته يوم الاثنين الماضي. وهنا نص المناقشات التي جرت في مجلس النواب:

النواب الذين تحدثوا هم: رون بول، الجمهوري من ولاية تكساس، ودانا رورباشر، الجمهورية من ولاية كاليفورنيا، وايدي بيرنيس جونسون، الديمقراطي من تكساس، وآيلين تاوشر الديمقراطية من كاليفورنيا، وتامي بولدوين الديمقراطي من ولاية وسكونسين.

* النائب رون بول: حرب لا تستوفي الشرط المسيحي

* هذا ليس قرارا بإعلان الحرب، نحن نعرف ذلك. انه قرار ذو هدف مختلف جدا. هذا قرار ينقل مسؤولية وسلطة وصلاحيات الكونغرس الى الرئيس ليتمكن من اعلان الحرب اذا اراد، ومتى أراد. ولم يشر الرئيس الى انه يريد ان يعلن الحرب، ولكنه هو الذي سيتخذ القرار وليس الكونغرس، ليس من خلال الشعب الذي يمثله الكونغرس.

ولكن القرار يعني شيئا آخر ايضا: نصف القرار ينقل السلطة الى الرئيس، ولكنه يوجهه ايضا لتنفيذ قرارات الامم المتحدة. اعتقد انني افضل الاستماع الى الرئيس عندما يتحدث عن العمل الانفرادي وعن المصالح الامنية القومية، على قبول هذه المسؤولية بالالتزام بكل قرارات وأوامر الامم المتحدة. وهذا هو ما يفضي اليه هذا القرار، انه يلزمه باتباع كل القرارات.

ولكن الجانب المهم من المبادئ الفلسفية التي نعتمدها والسياسة التي نقررها هنا هو الاعمال الاستباقية. هذا ليس من الاشياء التي يمكن المرور عليها ببساطة. وبالرغم من ان هذه السياسة اتبعت في الماضي، الا انها لم تكن بهذا الوضوح، ولم تتخذ صيغة القانون الذي ينص على ان من حقنا ان نسدد ضربات استباقية لدولة لم تعتد علينا. ومهما كانت الحجج فان هذه سياسة جديدة، وستكون لها آثار على مستقبلنا، وعلى مستقبل العالم، لأن الدول الاخرى ستتبنى هذه الفلسفة نفسها.

أود ايضا ان اذكر باختصار شديد شيئا لم يثر من قبل، وهو انه خلال اكثر من الف عام كان هناك تعريف مسيحي للحرب العادلة. واعتقد ان هذا الجهد وهذه الخطة لاعلان الحرب لا تستوفي شروط ذلك التعريف. ويقول التعريف انه يجب ان يكون هناك عمل عدواني، ولم يكن هناك عمل عدواني ضد الولايات المتحدة. انهم يبعدون 6000 ميل عن سواحلنا. ويشير كذلك الى ان كل وسائل التفاوض يجب ان تكون قد استنفدت، ولا اعتقد ان هذا حدث في هذه الحالة. واعتقد ان العدو يستجدينا لاجراء مزيد من المفاوضات.

ويقول التعريف المسيحي للحرب العادلة ايضا، ان الحرب يجب ان تعلنها السلطة المخولة قانونا بذلك. ولا أعتقد ان السلطة المعنية يمكن ان تخول للرئيس او للأمم المتحدة.

وعلى كل فهناك اسباب كثيرة تجعلني اثير تحفظات عديدة حول ما ننوي الاقدام عليه، ومنها ما يتعلق بالحروب التي خضناها ولم يكن النصر حليفنا فيها. وفي اللحظة التي نتخلى فيها عن مسؤولياتنا، كمجلس للنواب وكمجلس للشيوخ، فاننا سنكون خاضعين لقرارات الامم المتحدة، وهذا يعني اننا، كما اشار احد النواب، اصبحنا في حالة حرب منذ الآن. وهذا صحيح. اننا ما نزال متورطين في حرب الخليج الاولى، وقد ظللنا نقوم بأعمال القصف على مدى 12 عاما. والسبب الذي منع رئيسنا بوش الاب من الذهاب الى آخر الشوط هو ان الامم المتحدة، كما قال، لم تعطه الإذن ليفعل ذلك. وحجتي بالتالي هي انك عندما تشن الحرب من الباب الخلفي، فان الحروب تتطاول ولا يكون في مقدورنا ان نصل بها الى نتائجها النهائية، كما حدث في كوريا وفيتنام. وعلينا ان نفكر بعمق في كل ذلك.

قيل أيضا اننا نخطئ عندما نقول انه لم يكن هناك عمل عدواني، لان صدام قام بعمل عدواني ضدنا عندما اطلق النار على طائراتنا. ان حقيقة انه فشل في اصابة أي من طائراتنا خلال 12 عاما، على كثرة طلعاتها الجماعية، توضح مدى عجز عدونا، انها دولة بائسة من دول العالم الثالث لا تملك سلاحا للطيران، ولا مدفعية مضادة للطائرات ولا تملك اسطولا.

* النائبة رورباشر: ليست حربا.. وإنما مساعدة للعراقيين على تحرير أنفسهم من المسخ

* نحن لا نتحدث عن الحرب ضد العراق. هذا محض تضليل. اننا نتحدث عن مساعدة العراقيين على تحرير انفسهم من هذا المسخ، وبهذه الطريقة نكون قد تخلصنا من خطر حقيقي يستهدف امن وسعادة شعب الولايات المتحدة الاميركية. وليس هناك ما يوجب الاعتذار في محاولتنا مساعدة الشعب العراقي على التخلص من طاغية صار من اشهر الطغاة في عالم اليوم. اننا نتحدث عن مساعدة هذا الشعب، عن تحريره. انهم سيرقصون في الشوارع وسيرفعون الاعلام الاميركية، مثلما يشعر أبناء الشعب الافغاني حاليا بالامتنان لنا لأننا حررناهم وساعدناهم على تحرير انفسهم من الرعب الذي استمر عدة سنوات، والذي كانت تمثله طالبان وبن لادن.

وأود ان اذكر اولئك الذين يهمهم الامر، انه سيكون وسطنا دائما من يحاول لوي ايدينا. صدقوني، انه ستكون هناك اعمال يمكننا ان نقوم بها، وستجد التاييد، في ما بعد، من اولئك الذين يجدون الاعذار دائما للاحجام عن الفعل عندما يتطلب الامر الشجاعة والاقدام.

أقول لكم ان هذه المهمة في العراق ستكون أسهل مما كان عليه الامر في أفغانستان.

استغرقت وقتا طويلا وانا احاول الالمام بالوضع في افغانستان. انتم جميعا تعرفون ذلك. وربما كان 10% من سكان افغانستان يؤيدون طالبان، ربما يصل تأييدهم الى هذه النسبة. ولكن لا احد يؤيد صدام حسين في العراق. ان تأييده الشعبي يساوي صفرا تقريبا. انهم يخشونه حتى الموت. بل ان حرسه الجمهوري نفسه تعرض للتطهير والتشريد. وهو لا يضمن ولاءه حاليا. انهم ينتظروننا لمساعدتهم على تحرير انفسهم. هؤلاء اصدقاء للولايات المتحدة وسيبقون اصدقاء لها.

نحن لا نعلن الحرب على العراق، بل نعلن ان صدام حسين يجب ان يذهب. ويجب ان يذهب صدام حسين لمصلحة الشعب العراقي ومن اجل امن وسلامة شعبنا. ودعوني اذكر هذه النقطة: ان اعادة بناء العراق ستكون اسهل بكثير من بناء افغانستان. فالعراق يملك موارد هائلة، صرفها صدام حسين لصنع الاسلحة الكمياوية والبيولوجية، ولصنع الاسلحة النووية. هذه البلايين من الدولارات يمكن ان تستخدم لبناء عراق افضل. وسيسبح الناس بحمدنا لمساعدتهم في تحقيق هذا الهدف. هذه اذن مهمة اسهل بكثير من المهمة التي باشرناها في افغانستان. ومع ذلك نجد بيننا المرجفين الذين يريدون ان يدفعونا في اتجاه آخر.

سمعنا مثل هذه الاصوات قبل 12 عاما. هذه النزعة لأن نكون حذرين اكثر مما يجب، هي التي ادت الى ما اسميه النتائج الكارثية لاحجامنا عن اتمام المهمة التي بدأناها قبل 12 عاما.

لا أريد ان اثير قضايا حزبية، لأنني ساتناول الجمهوريين بعد قليل، ولكن قبل 12 عاما صوتت الاغلبية من زملائنا على الجانب الآخر من المجلس من اجل حبس قواتنا في الصحراء من دون ان تتمكن من الهجوم. وكان ذلك كفيلا بتدمير قدرتنا على احراز النصر في ذلك النزاع.

ولكن ماذا كان سيحدث لو ان تلك القوات لزمت مواضعها في الصحراء واكتفت فقط بامتصاص الضربات؟ هذا ما صوتت له الاغلبية على الجانب الآخر من المجلس، وما صوتت له قيادتهم كلها. وكان ذلك خطأ. كان خطأ وكان يمكن ان يصيب بلادنا بضرر بالغ.

ودعوني اذكر كذلك شيئا آخر الحق ضررا بالغا ببلادنا. عندما تحركنا الى الامام رفض الرئيس الجمهوري وقتها، ان ينهي المهمة التي بدأها. عندما حققنا النصر تراجع ذلك الرئيس الجمهوري من النصر الذي تحقق وتركنا لنكمل الآن مهمة كان يمكن ان يمضي بها الى النهاية. ونجد انفسنا الآن في مواجهة عدو يمكن ان يحصل على الاسلحة النووية والكيماوية والبيولوجية ويمكن ان يقتل عن طريقها الملايين من شعبنا، لان الدكتاتور يكن الآن حقدا دمويا ضد الولايات المتحدة الاميركية.

الوقت الذي كان علينا ان ننهي فيه هذه المهمة مضى قبل زمن. ولكن لم يكن من الممكن قبل 11 سبتمبر الحصول على التأييد الشعبي لعمل عسكري يمكن ان يخلص شعب العراق، ويحمي شعب الولايات المتحدة، من هذا الخطر الوحشي الذي يهددهما معا.

هذا ليس دكتاتورا وحسب. هناك طغاة كثيرون في العالم. هذا دكتاتور يحمل حقدا دمويا ضدنا. دكتاتور له المقدرة، أو يحاول ان تكون له المقدرة، للحصول على تلك الاسلحة التي تمكنه من قتل ملايين الاميركيين. انه ليس دكتاتورا وحسب. انه دكتاتور يملك بلايين الدولارات النفطية التي يستخدمها في الحصول على اسلحة الدمار الشامل.

شهدنا في الاسابيع القليلة الماضية ما أعتبره من جانبي نقدا غير مشروع لرئيسنا. دعونا نتحدث بصراحة: طلب من الرئيس ان يذهب الى الامم المتحدة، فذهب الى الامم المتحدة. ثم طلب منه الذهاب الى الكونغرس، وها نحن اولاء نناقش الامر. وما نسمعه من الجانب الآخر هو اننا لا يمكن ان نؤيد هذا المشروع لأنه سيسمح لنا بتسديد ضربات استباقية. وهذا يعني ان علينا ان ننتظر حتى تسدد لنا الضربات، فنتصرف بعد ذلك. هذا هو بالضبط ما يعنيه هذا الموقف.

هل نريد فعلا ان ننتظر في هذا العالم حتى يهجم علينا امثال صدام حسين متى ما وضعوا ايديهم على اسلحة الدمار الشامل؟

بدلا عن 3000 قتلوا في 11 سبتمبر سيقتل منا هذه المرة الملايين، او على الاقل مئات الآلاف. هذا موقف لا عقلاني. يجب ان نتصرف الآن. لاننا اذا ترددنا اليوم، فاننا نرسل رسالة تدل على الجبن الى كل الطغاة والارهابيين في كل انحاء العالم. ان علينا ان نؤيد رئيسنا الذي خطا خطوات متقدمة للوصول الى الحلول الوسط التي تحرك آليات النظام الديمقراطي، والتي تمكن الشعب الاميركي من الحصول على مستوى الحماية التي يستحقها.

* النائب جونسون: لنعط فرصة للدبلوماسية.. ولنتجنب العمل الانفرادي

* أقف أمامكم اليوم، وأنا أشعر بدرجة كبيرة من القلق والمعاناة، ونحن نناقش القضية البالغة الاهمية، المتعلقة بتفويض الرئيس لارسال رجالنا ونسائنا من العسكريين في حرب ضد العراق. وأعتقد انني أتحدث باسم جميع اعضاء الكونغرس عندما اقول انني اشعر بالرهبة من ثقل المسؤولية الاخلاقية لهذا القرار. فنحن نعرف تماما ان أي عمل عسكري غالبا ما يقود الى ازهاق كثير من الارواح بصورة مباشرة، كما ستكون له ابعاد خطيرة على امن بلادنا وأمتنا لسنوات طويلة قادمة.

سيدتي الرئيسة:

لا أحد يرغب ان يقف في مواجهة رئيسنا في مثل هذه الظروف. ولكنني اعبر عن اسفي عندما اقول لك انني لا استطيع ان اؤيد هذا القرار في صورته الراهنة. واود ان اسجل في مضابط هذا المجلس البيان الذي صدر عن نواب الكونغرس من السود والذي نص على مبادئ محددة يجب الوفاء بها قبل الاقدام على أي عمل عسكري.

نحن نعارض اية ضربة استباقية من قبل الولايات المتحدة، في غياب خطر هجوم واضح ووشيك علينا. ونقول ان الكونغرس وحده يملك سلطة اعلان الحرب. كما ان أي جهد دبلوماسي ممكن يجب ان يستنفد اولا، وقبل كل شيء.

وقد يؤدي الهجوم الانفرادي إلى تقويض السلطة الأخلاقية للولايات المتحدة، وزعزعة منطقة الشرق الأوسط وإنهاء قدرة بلدنا على معالجة الاحتياجات الداخلية المهمة. إضافة إلى ذلك، ستكون أي خطة للمرحلة اللاحقة للهجوم تستهدف المحافظة على الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وسيكون هذا باهظ التكاليف ويتطلب التزاما طويل الأمد. أنا أعتقد أن الرئيس فشل في الأخذ بالاعتبار هذه المبادئ. ليس من شك أن نظام صدام حسين يشكل خطرا على الشعب العراقي وجيرانه في الشرق الأوسط، والولايات المتحدة، والعالم بشكل عام مع أسلحته البيولوجية والكيمياوية وبرنامجه النووي المستمر. لهذا السبب أنا لا أستطيع أن أقصي تماما احتمال القيام بعمل عسكري في المستقبل في وجه هذه التهديدات، ومع ذلك فأنا أؤمن بأن الطريقة الأكثر فعالة في محاربة هذا الخطر تتمثل بتعزيز دعم المجتمع الدولي والعمل ضمن رعاية الأمم المتحدة لا العمل بشكل انفرادي.

في فترة التسعينات استطعنا أن نحقق تقدما متميزا مع حلفائنا الدوليين من خلال برنامج الأمم المتحدة للتفتيش عن الأسلحة، إذ حقق ذلك البرنامج تدمير 40 ألف قطعة من السلاح الكيمياوي، ومائة ألف غالون من المواد الكيمياوية المستعملة لصنع الأسلحة، و48 صاروخ و30 رأس صاروخا وتسهيلات هائلة لإنتاج الأسلحة البيولوجية القادرة على توليد جراثيم الجمرة الخبيثة. عمليات التفتيش على الأسلحة هي أنشطة خالية من العنف ويدعمها المجتمع الدولي وأثبتت أنها قادرة على عرقلة العراق من الحصول على المواد والتكنولوجيا الضرورية لصناعة هذه الأسلحة.

وأكثر من ذلك، إن أغلبية الشعب الأميركي تريد منا أن نعطي المفتشين الفرصة كي يقوموا بعملهم قبل أن نتوجه للحرب.

* النائبة تاوشر: أؤيد الحرب إذا لم تعرقل مكافحة الإرهاب

* أنا أقف اليوم لتقديم دعمي القوي لهذا القرار لأنه يعيد بلدنا إلى المسار الصحيح المتمثل بالعمل مع الأمم المتحدة لنزع سلاح العراق. لكن المقاطع الموجودة في قرار الكونغرس والداعمة لنزع السلاح عن العراق لا تعطي الرئيس بوش سلطة صلاحية مفتوحة. بل ان العمل الصعب للكونغرس والرئيس قد بدأ الآن فقط.

فللولايات المتحدة مسؤولية انطلاقا من أنها القوة العظمى الوحيدة التي تستطيع أن تضع المعايير للتصرف على المستوى الدولي. لذلك علينا أن نأخذ بالاعتبار كل البدائل السلمية الأخرى وأن نفكر في كل حصيلة ممكنة قبل أن نتجه إلى القوة. ومع هذا القرار يكون الكونغرس قد طرح بشكل واضح أسبقيتنا الأولى والمتمثلة بالسعي إلى بناء ائتلاف من خلال الأمم المتحدة. وإذا قرر الرئيس أن الجهود الدبلوماسية قد فشلت، فعليه آنذاك أن يعلم الكونغرس لشرح أسبابه. وإذا دخلت الولايات المتحدة في عمل عسكري فان على الرئيس أن يستمر في تقديم معلومات متجددة إلى الكونغرس في ما يتعلق مسار الحرب.

كذلك على الرئيس أن يعلن عن أن أي عمل عسكري ضد العراق لن يعرقل جهودنا الحالية في الحرب ضد الإرهاب. وأنا أتوقع أيضا أن الرئيس سيزودنا بخطط واضحة عن العمليات العسكرية توضح استراتيجيتنا العسكرية: تفاصيل حول أين ستوضع قواتنا، وإبلاغ الكونغرس بشكل منتظم عن جهوده الهادفة للحصول على الدعم الدولي، وعلى حمايتنا من أي تهديدات متزامنة من أجزاء أخرى من العالم، وتحديد الخطط المتعلقة بالعراق بعد صدام.

وفي الوقت الذي أنا ملزمة فيه بشكل قوي بالعمل الدبلوماسي أولا وبالعمل العسكري إذا كان ضروريا، علينا أن نتجاهل ملف صدام حسين في احتقاره للقانون الدولي. فمع معرفتنا بكل ما يتعلق من متابعته لبرامج أسلحة الدمار الشامل فإنه سيكون موقفا لا مسؤولا إذا نحن لم نضع على الأقل الخطط عما يجب أن نقوم به لمواجهة التهديد الذي يطرحه.

وإذا التزم الرئيس بنيات الكونغرس وقام ببناء ائتلاف دولي ناجح لمواجهة مخاطر أسلحة الدمار الشامل في العراق، فإنه لن يحسّن فقط أمننا القومي وأمن حلفائنا بل إنه سيعطي معنى لإرادة المجتمع الدولي مثلما عبرت عنها قرارات الأمم المتحدة.

* النائب بالدوين: الخيار الأخير.. وليس الأول

* السؤال المطروح على العالم اليوم وعلى كونغرس الولايات المتحدة هو حول الخطوات المطلوب أن نتخذها كي نضمن أن العراق لن يستعمل أسلحته للدمار الشامل. الرئيس عبّر عن استعداده للعمل مع الأمم المتحدة لتجديد العمليات الدولية للتفتيش عن الأسلحة ونزعها. لذلك علينا أن نسمح لهذه العملية بالبدء وأن نقوم بكل شيء في حوزتنا لضمان نجاحها.

وفي غياب وجود تهديد قريب على الولايات المتحدة ـ حيث أن الرئيس بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة لديه الصلاحية القانونية للرد عليه ـ يكون عليه أن يعمل مع حلفائنا وبلدان أخرى لمعالجة هذا التهديد، إذ أن ذلك هو الطريق المناسب الذي يلزم اتباعه.

كذلك فان الشكوك التي تثيرها الحكومة حول قبول العراق بالسماح لمفتشي الأسلحة بدون شروط مفهومة. مع ذلك، علينا أن نمنح لعمليات تفتيش السلاح فرصة الاختبار قبل الوصول إلى استنتاج مسبق بفشلها. فالمجتمع الدولي معنا في المطالبة بإجراء التفتيش عن الأسلحة ونزعها. إذ يمكن تحقيق عملية تفتيش كاملة ودقيقة وشاملة لكن ذلك سيتطلب توفر المصادر ويتطلب عزيمتنا. إضافة إلى ضرورة توفر التعاون الفعال لحلفائنا والمجتمع الدولي.

يجب ألا تكون الحرب ضد العراق خيارنا الأول، بل بالأحرى أن تكون آخر ما نلجأ إليه. فالولايات المتحدة لديها الوسائل الكثيرة التي تمكنها من مواجهة التهديدات التي تطرحها أسلحة الدمار الشامل. فبغض النظر عن كون هذه التهديدات وشيكة أو بعيدة، علينا أن نستغل كل الوسائل الأخرى قبل أن نلجأ إلى آلة القتل والدمار.

وهناك بدائل بين عدم القيام بأي شيء وبين إعلان الحرب. إنها مسؤوليتنا أن نعالج التهديد لسلامة الأميركيين وحلفائنا من العراق. فليس هناك قلق لدى أي عضو في الكونغرس من صحة وسلامة مواطنينا. وقد يكون القيام بهجوم عسكري مباشر الآن بدون دعملس اجتمع الدولي له، أكثر خطورة على مواطنينا من استخدام وسائل أخرى غير الحرب. فقد تزيد الحرب ضد العراق من عدم استقرار الوضع في الشرق الأوسط. وقد تزيد الحرب ضد العراق من احتمال استخدام أسلحة الدمار الشامل ضد مدنيينا. وقد تعرض الحرب ضد العراق حلفاءنا في المنطقة إلى الخطر. وقد تعزز الحرب ضد الحرب التطرف المعادي لأميركا والعمليات الإرهابية. إنه لأمر أساسي بشكل مطلق أن يتم إجراء تفحص دقيق لهذه التكاليف الناجمة عن الحرب أيضا.

ركزت مجاججة الرئيس لصالح الحرب على مخاطر العراق الكامنة، بينما هو قلل من شأن المخاطر الناجمة عن أي عمل عسكري يهدف إلى تحقيق تغيير للنظام العراقي. فالحرب لا يمكن أن تكون خالية تماما من المخاطر، وقد تكون خيارا أكثر خطورة على الأمن الأميركي. فالعراق المدفوع إلى الزاوية سيقاتل ولن يستسلم. وإذا لم يكن أمام صدام حسين أي خيار آخر فان احتمال استخدامه لأسلحة الدمار الشامل سيكون أكبر بكثير من احتمال استخدامه لها تحت سياستنا الحالية المستندة إلى مبدأ الاحتواء. إذ بإمكانه أن يستخدمها ضد القوات الأميركية، وبإمكانه أن يستخدمها ضد إسرائيل، وبإمكانه أن يستخدمها ضد الأكراد في شمال العراق. بل هو قد يقرر من منطلق أنه لن يخسر أي شيء، لماذا لا يعطيها للإرهابيين المعادين للولايات المتحدة؟

لذلك علينا أن نكون جد مدركين بأن جيران العراق لا يصرخون بنا مطالبين بمهاجمة العراق. إنهم يعرفون جيدا المخاطر التي تحملها الحرب ضد العراق.

* خدمة «نيو يورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»