القطب الإخواني المصري مختار نوح بعد الإفراج عنه: أدعو للتكامل مع الدولة وليس للتضاد ومنفذو هجمات 11 سبتمبر إرهابيون

TT

ظل مختار نوح النقابي الاخواني البارز شخصية محاطة بالأسرار والكواليس، حتى يوم خروجه من السجن قبل ان يكمل عقوبة السجن لمدة ثلاث سنوات بخمسة أيام فقط، وحتى يوم خروجه ظل أهله وأصدقاؤه ينتظرون أن يحضر من مقر وزارة الداخلية، لكنه فاجأ الجميع بأنه بمنزله، اتصل بصديقه المحامي ثروت الخرباوي الذي كان ينتظر أمام مقر وزارة الداخلية بلاظوغلي ليخبره انه في بيته، الغريب ان مختار نوح لم يكن في استقباله أي من القادة البارزين في الاخوان أو حتى زملاؤه المحامون الذين يشغلون حاليا مناصب أعضاء في نقابة المحامين، مما يثير الاستفهام عن امكانية وجود خلاف بين مختار وجماعته أو على الأقل المسؤولين عن ملف نقابة المحامين.

وقال نوح لـ«الشرق الأوسط» التي التقته بمنزله بعد ساعات من الافراج عنه على خلفية انهاء عقوبة الحبس ثلاث سنوات في قضية النقابيين، ان الرسائل الزائفة بين الحكومة المصرية والاخوان كانت سببا في تأزم العلاقة التي اصبحت تعاني انسدادا في قنوات الاتصال، مشيرا الى ان الحزب الحاكم لم يقدم رؤى جديدة في مؤتمره الاخير لكنه قدم روحا كافية لتحقيق الوفاق الوطني.

* بعد ساعات من خروجك من السجن بماذا تشعر، وكيف ترى هذه التجربة؟

ـ ليس هناك في الدنيا معنى أفضل من الحرية فالسجن من أسوأ الاشياء التي قد تقابلها في حياتك ولكن مع ذلك فانها تحمل تجربة مهمة تضيف للانسان الكثير، ويكفي ان اقول لك انني خرجت من سجني بعزيمة أقوى من التي دخلت بها ولدي افكار وطرح جديد لأمور كثيرة سأقوم بترتيب أولوياتها فيما بعد.

* كم مرة دخلت السجن؟

ـ ثلاث مرات، الأولى في اعتقالات سبتمبر عام 81 وهي ما كانت سبب لقائي بمرشد الاخوان عمر التلمساني، والثانية في عام 94 بعد حادث وفاة عبدالحارث مدني واستمرت لمدة شهرين، والثالثة كانت في قضية النقابيين.

* كيف ترى تجربتك الاخيرة في السجن؟

ـ هذه التجربة جاءت بعد بداية تطور فكري جديد قدمت خلاله مبادرة لتأسيس علاقة مع مؤسسات الدولة تقوم على التكامل وليس التضاد، وحركة الاخوان شجعتني في ذلك، وسط اعتقادات خاطئة بين الحكومة والجماعة حيث تعتبر الدولة ان الجماعة تعد نفسها كنظام بديل ومرجع ذلك بعض الظواهر التي تؤدي الى هذا الفهم على سبيل الخطأ، والجماعة تعتقد ان الدولة لا تسمح لها بأي حركة أو مشاركة، ولذلك طرحنا مبدأ المشاركة لا المغالبة وانهاء مسألة السيطرة على العمل النقابي والمهني، وجاء ذلك ردا على مبادرة قدمها محامي الحكومة رجائي عطية بعد ان اخبرنا بأنه حصل على موافقة من قبل مؤسسات الدولة فبدأنا التحرك لتفعيل هذا المفهوم الجديد، وأقول لك ان تجربة السجن انضجت هذا المشروع عندي أكثر من أي وقت مضى ولم أيأس من تحقيقه لكنه يحتاج الى ما يشبه العملية الفدائية في ظل ما يمكن تسميته بعملية الرسائل الزائفة بين الحكومة والاخوان بسبب الفهم الخاطئ لكلا الطرفين لبعضهما

* تواردت بعض المعلومات عن وجود أزمة بينك وبين الجماعة وعزمك الاستقالة من الاخوان؟

ـ أولا اؤكد انه لا توجد أزمة مع الجماعة بل على العكس هناك حالة تفاهم وما يثار في هذا الشأن هو محض اجتهادات صحافية، وللأمانة فانه لا يوجد أحد قاوم مشروعي داخل الاخوان وحركة الاخوان لا تعرف مصادرة الرأي، وهذا لا يمنع تنوع الرأي ولكن فقه المصادر غير موجود على الاطلاق وأنا تربطني بقادة الجماعة علاقة طيبة.

* وماذا عن الأزمة بين الحرس القديم وجيل الوسط في الجماعة؟

ـ أولا ان نرفض مسمى الحرس القديم واذا كان البعض يعتقد ان جيل الوسط هم الاكثر مرونة فهذا خطأ لان بين افراد الجيل القديم من هم انضج من الجديد وسبق عصره بسنوات كثيرة أمثال المستشار مأمون الهضيبي والأمر كله ينحصر في خلاف حول الافكار لتنوعها وليس خلاف حول الاجيال.

* هناك ايضا من تحدث عن عزمك اعتزال العمل السياسي والتنظيمي؟

ـ هذا الاجراء لا يحدث إلا عندما يصل الانسان لمرحلة اليأس وأنا عموما لم أصل الى هذه المرحلة، وعموما فان العمل السياسي والفكري عندي هو عبادة والتفريط فيه ليس أمرا سهلا.

* وماذا عن الأزمة الحالية بين كتلة الاخوان والنقيب الناصري سامح عاشور داخل نقابة المحامين؟

ـ عندما كنا في المجلس السابق كانت العلاقة جيدة مع النقيب الخواجة واذا اراد سامح عاشور انهاء الأزمة فعليه ان يقلد الخواجة، وعموما أنا لم ادرس ابعاد الأزمة ولم يشركني فيها أحد ولكن ظاهر الأمر غير مرضي وغير مطمئن.

* وسط اعتقالات ومحاكمات يتعرض لها أعضاء الجماعة كيف ترى علاقة الاخوان بالدولة في مصر؟

ـ اعتقد ان هناك انسداداً في قنوات الاتصال والحوار مما أدى الى ما يسمى اصطلاحا بالرسائل الزائفة التي تحمل بين الجانبين عن وسطاء غير مؤهلين أو أميين، وما علينا الآن كأصحاب فكر ان نفتح هذه القنوات لإعادة الحوار.

* كيف يكون ذلك؟

ـ يكون عبر اربعة مراحل، الأولى بوضع المفاهيم الحقيقية للمصطلحات، والثانية بالاتفاق على معنى ونوع الوسيط، والثالثة بملاءمة اسلوب الاتصال لطبيعة العصر، والأخير بالانطلاق من مفهوم علاقة المواطن بالدولة وليس من مفهوم علاقة الدولة بالدولة، سواء كان ذلك من جهة الحكومة أو الاخوان ولكن بوضع العلاقة في اطارها بما يضمن حقوق الدولة، وكذلك وضع الجماعة في ظل محاولات افساد هذه العلاقة

* أنت تحدثت عن مشروع لتحسين العلاقة مع مؤسسات الدولة هل من الممكن ان يصل بالعلاقة بين الحكومة والاخوان لمرحلة هادئة؟

ـ اعتقد انه قد يصل بها لحالة تفاهم واذا ما حدث ذلك سنكتشف انه كان هناك خلاف عمدي أم هناك من يشعله ليدعم وجوده، وأقول ان رغبة الاخوان في التفاهم والمسالمة قوية جدا وأثق اني سأجد في الادارة من يهتم بتلك الرؤية، وعموما أنا مطمئن بالمستقبل.

* هل تعتقد ان نجاح الاخوان في دخول البرلمان عبر 17 مقعداً في الانتخابات الأخيرة زاد من أزمة الصدام بين الجماعة والدولة؟

ـ طبعا هو من أبرز الأزمات بين الحكومة والجماعة وأنا لمست ذلك عندما خضت الانتخابات عام 95، وكان أمراً غير مرغوب فيه من قبل الدولة، وهذه عقبة في تحسين العلاقة، وموقف الدولة غير مفهوم، فهي لم ترسل للجماعة رؤيتها في موقف الجماعة من الترشيح أو حتى تحدد لها عددا من الاعضاء، وهذا موقف شائك يجب حله.

* تشهد الساحة السياسية هذه الأيام موجة من المراجعات الفكرية كان أقواها تأثيرا مراجعات الجماعة الاسلامية، هل ترى ان الاخوان في حاجة الى مراجعات؟

ـ حركة الاخوان لا تحتاج لمراجعات الآن الكل يعود لفهم الاخوان الوسطي المعتدل بدليل انهم استندوا لكتاب الاخوان «دعاة لا قضاة» و«ظاهرة الغلو في التكفير» وهذا رجوع الى الوسطية يطمئن على سلامة فكر الاخوان، مشكلة الاخوان ليست اجراء مراجعات ولكن العقبات التي تصادفهم في التحرك وما عليهم هو تطوير أساليبهم لمواجهة العقبات.

* ما رأيك في مراجعات الجماعة الاسلامية؟

ـ المراجعات هي ابرز وأنجح انجازات وزارة الداخلية ليست لانها شاركت فيها أو أملتها على الجماعة ولكن لانها وفرت مناخا جيدا لذلك، وهذه المراجعات هي عودة للحق والأمن والسلامة وهو خطوة إيجابية تحتاج لاستكمال لانها جزء من تطور فكري عاقل وخطوة على طريق التصحيح، ولكني كنت أرى ان اطلاقها من داخل السجن قد يقلل من سرعة تأثيرها في سوق الانجازات.

* شنت الجماعة الاسلامية هجوما عنيفا ضد الاخوان في ظل تجاوبها مع الدولة البعض يعتقد انها والدولة يسعيان لطرحها بديلا سياسيا للاخوان، مارأيك؟

ـ ثبت فشل نظرية طرح البدائل على المستوى المصري وعليك ان تؤكد ما عليك بجهودك وفكرك وليس على اكتاف الآخرين، ولا أعرف ان كانت الجماعة الاسلامية تريد ذلك أم لا واعتقد انها اعقل من استخدام النظريات الفاشلة، واستخدام مبادرتها شيء رائع لتكوين وضع افضل يقوم على الانسجام مع مؤسسات الدولة واعادة طرح صورة جديدة على سائر الفصائل الاسلامية، وأنا أتمنى أن اقنع اعضاء تنظيم الجهاد باجراء مراجعات فكرية مماثلة لمراجعات الجماعة الاسلامية.

* هل تعتقد ان المؤتمر العام الأخير للحزب الوطني الحاكم قدم طرحا سياسيا مقبولا للمرحلة الجديدة؟

ـ الحزب لم يقدم أي رؤى خلال هذا المؤتمر ولكن هناك روحاً جديدة اعلنها جمال مبارك وصفوت الشريف وفيها نصوص رائعة لو صحت وتم البدء في تفعيلها وانزالها على أرض الواقع ستكون أروع مبادرة لتحقيق الوفاق الوطني في ظل ما أعلنه الحزب عن فتح صدره لكافة الآراء والاحزاب والقوى والقيادات السياسية.

* ماذا كان انطباعك وأنت داخل السجن بأحداث 11 سبتمبر؟

ـ أنا شعوري يتشابه مع أغلب المسلمين والعرب بالاضافة الى ان هذا الحدث اعطاني صورة ان اميركا دولة هشة مع احتفاظي بحزني على الأبرياء الذين ابيدوا بدون ذنب، ولكن الحدث اسقط وهم كبير ان اميركا دولة لن تسقط، خاصة ان هذا الحدث كشف عن هشاشة السياسة الخارجية الاميركية التي سعت الى حرب في افغانستان اؤكد انها بلا نهاية، ولذلك سعت الادارة الاميركية حتى تغطي على فشلها في افغانستان الى ان تضرب العراق، وهو توريط أكبر. سياسة اميركا حاليا تشبه سياسة المانيا في الحرب العالمية الثانية، عندما كانت تخوض حرباً وتفشل فيها تفتح جبهة أخرى حتى تغطي على الأولى، وهكذا حتى وجدت نفسها تفتح جبهات عديدة وسقطت نتيجة ذلك بعد ان اصبحت محاطة في كل مكان بالاعداء.

* معنى كلامك ان الذين قاموا بعملية 11 سبتمبر كانوا على صواب؟

ـ لا يمكن ان اصف اي حدث إرهابي بأنه صواب، في الحقيقة من قاموا بالعملية بغض النظر عن جنسيتهم وطبيعتهم هم إرهابيون، ولكنهم يواجهون إرهاب اميركا، ولا يمكن ان اصف اي حدث إرهابي بأنه ناجح.

* هل تعتقد ان اسامة بن لادن وأيمن الظواهري وراء أحداث 11 سبتمبر؟

ـ لا يهمني من وراء العملية لكنه صراع الإرهاب الذي يحكم مناطق كثيرة في العالم الآن.

* هل عرفت ايمن الظواهري؟

ـ كنت أحد محاميه في قضية الجهاد واعتقد انه عقلية ساهمت الهجرة والهروب في كثير من وجهات نظره وتشكيل نفسيته التي اصبحت علي ما هو عليه الآن ولكنه لم يكن ذلك قبل ذلك، واحيانا يجد الانسان نفسه في وضع تملى عليه الافكار وهو وضع يجعل صاحبه في خانة ضيقة الى حد كبير.