تعيين إدريس جطو رئيسا لوزراء المغرب يوقف عملية لي الذراع بين «الاتحاد الاشتراكي» و«الاستقلال»

TT

جاء تعيين العاهل المغربي الملك محمد السادس امس لادريس جطو وزيرا اول خلفا لعبد الرحمن اليوسفي، ليضع حدا لعملية لي الذراع التي اندلعت منذ الاعلان عن نتائج الانتخابات التشريعية الاخيرة، بين حزبي الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والاستقلال من أجل تشكيل غالبية تخول لكل منهما قيادة الحكومة المغربية الجديدة. فبعد صدور بيان مشترك بين الاتحاد الاشتراكي والتجمع الوطني للاحرار يوم الاحد الماضي، عقب اجتماع ضم عبد الرحمن اليوسفي واحمد عصمان، وهو البيان الذي اعتبره المراقبون صفعة قوية وجهها الحزبان لحزب الاستقلال، جاء الاجتماع الرباعي الذي التأم أول من امس في الرباط، وضم أحزاب: الاستقلال، وحزب العدالة والتنمية الأصولي، والحركة الشعبية، والحركة الوطنية الشعبية، وصدر عنه بيان مشترك، بمثابة رسالة من الاحزاب الاربعة الى حزب الاتحاد الاشتراكي والتجمع الوطني للاحرار مفادها «انكما لستما وحدكما القادرين على تشكيل الغالبية».

وقال البيان الرباعي الذي تلقت «الشرق الاوسط» نسخة منه «إنه في إطار المشاورات التي تشهدها الساحة السياسية بعد انتخابات 27 سبتمبر (ايلول) الماضي، اجتمعت يوم الثلاثاء اول من شعبان 1423هـ الموافق 8 اكتوبر 2002 قيادات حزب الاستقلال، وحزب العدالة والتنمية، والحركة الشعبية، والحركة الوطنية الشعبية، لدراسة الخيارات المتاحة».

واضاف البيان، الذي وقعه كل من عباس الفاسي، الامين العام لحزب الاستقلال، وسعد الدين العثماني، نائب الامين العام لحزب العدالة والتنمية الاصولي، ومحند العنصر، الامين العام لحزب الحركة الشعبية، والمحجوبي أحرضان، الامين العام لحزب الحركة الوطنية الشعبية، «انه بعد تقييم الوضعية الراهنة في بلادنا ومآلاتها اتفقت الاطراف المجتمعة على ان بلادنا تتطلب حكومة قوية وفاعلة تتمتع بثقة جلالة الملك وسند الشعب المغربي، وقادرة على تجاوز الازمة الراهنة وتوفير شروط تنمية عادلة ومستدامة». واعتبر المراقبون الاجتماع الرباعي بمثابة اعادة الروح الى حزب الاستقلال الذي بدا وكأنه انزوى وتراجع عن المطالبة بقيادة الحكومة المقبلة، خاصة بعد صدور بيان مقتضب عنه اول من امس يقول فيه، انه دعا قبل الانتخابات التشريعية ليوم 27 سبتمبر (ايلول) الماضي «حلفاءه التقليديين من الاحزاب الوطنية والديمقراطية الى بناء تحالفات قبل الاقتراع احتراما للهيئة الناخبة التي تصوت لفائدة الغالبية المرتقبة».

واضاف البيان انه بعد الاعلان عن نتائج الانتخابات قرر الحزب عدم الخوض في التحالفات المحتملة في انتظار قرار الملك محمد السادس بتعيين وزير اول.

لكن حزب الاستقلال، الذي يشبهه بعض المراقبين المغاربة بـ«طائر الفينيق» الذي يبعث من رماده، سرعان ما تجاوز بيانه المقتضب، ليسجل هدفا في شباك الاتحاد الاشتراكي. لكن نشوة تسجيل الهدف تبخرت مع تعيين جطو وزيرا اول. وكانت مصادر قيادية في حزب الاستقلال قد ابلغت «الشرق الاوسط» ان الحزب يمكنه بسهولة تشكيل غالبية حكومية، مشيرة الى ان الغالبية المقبلة يمكن ان تعتمد على اربعة احزاب هي الاستقلال، والعدالة والتنمية، والحركة الشعبية، والحركة الوطنية، نظرا لكون الاحزاب الاربعة تضم في صفوفها 143 نائبا من مجموع 325، وبالتالي لا تفصلها عن الغالبية سوى 21 نائبا. هذا من دون نسيان ان الحركة الديمقراطية الاجتماعية دعت نوابها السبعة (نائب واحد انضم الى الاستقلال) الى الانضمام للفريق النيابي الموحد للحركة الشعبية والحركة الوطنية الشعبية. وعلمت «الشرق الاوسط» أن حزب الاستقلال ارتفع عدد اعضائه في مجلس النواب الى 50 نائبا ليصبح متساويا مع حزب الاتحاد الاشتراكي، وذلك بعد انضمام النائب محمد البرنيشي (جهة تازة)، الذي فاز في الانتخابات الاخيرة باسم جبهة القوى الديمقراطية، التي يتزعمها التهامي الخياري، وزير الصحة الحالي، والنائب محمد الاحسايني (جهة القنيطرة) الذي فاز باسم الحركة الديمقراطية الاجتماعية التي يتزعمها محمود عرشان.

وقال مصدر استقلالي مطلع لـ«الشرق الاوسط» ان النائبين عادا الى ربعهما الحزبي، بعدما ترشحا تحت عباءة حزبين اخرين نظرا لعدم حصولهما على تزكية انتخابية من حزبهما الاصلي (الاستقلال). واضاف المصدر ذاته ان حزبه يتوقع ان يرتفع عدد اعضائه في المجلس بيد انه لم يوضح كيف سيتم ذلك.

وقال المصدر انه بينما يفصل الاحزاب الاربعة عن تشكيل الغالبية 21 نائبا فقط، فإن حزب الاتحاد الاشتراكي سيضطر الى التحالف مع اكثر من ستة احزاب حتى يتمكن من تشكيل الغالبية. ذلك ان التحالفات التي اقامها الاتحاد الاشتراكي (50 نائبا) حتى الان مع احزاب: التجمع الوطني للاحرار (41 نائبا)، التحالف الاشتراكي ويضم ثلاثة احزاب هي: «التقدم والاشتراكية (11 نائبا)،الاشتراكي الديمقراطي (ستة نواب)، العهد (خمسة نواب)»، والاتحاد الديمقراطي (10 نواب)، وجبهة القوى الديمقراطية (12 نائبا)، مع التذكير بأن نائبا واحدا التحق بصفوف حزب الاستقلال.

ومن خلال عملية حسابية فان التحالف الذي اقامه الاتحاد الاشتراكي حتى الان يتكون من 135 نائبا، ويتطلب توفره على 29 نائبا لتشكيل الغالبية، من دون نسيان ان نائبا من جبهة القوى الديمقراطية التحق بصفوف «الاستقلال».

وفي سياق ذلك، قال محند العنصر، الامين العام للحركة الشعبية، ان اللقاء الرباعي يدخل في اطار المشاورات العامة في انتظار تعيين الوزير الاول من طرف العاهل المغربي، مثلما كان للحركتين «الشعبية» و«الوطنية» في الاونة الاخيرة مشاورات مع التجمع الوطني للاحرار وبعض الشخصيات في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.

وردا على سؤال حول ما اذا كان اللقاء الرباعي، والتوقيع على بيان مشترك هو بداية تحالف طويل الامد مع الاحزاب الاربعة، قال العنصر ان البيان لا يتحدث عن اي تحالف. مشيرا الى ضرورة انتظار ان يعين الملك محمد السادس وزيرا اول.

وحول ما اذا كان الهدف من مشاركة حركته وحركة احرضان في الاجتماع الرباعي وتوقيعهما على بيان مشترك، هو اعادة التوازن للخارطة السياسية الناتجة عن اقتراع 27 سبتمبر الماضي، قال العنصر: «اعتقد ان البيان المشترك اذا اردنا قراءته قراءة خارجة عن مضمونه، يشير الى ان هناك احتمالات اخرى لتشكيل الغالبية».

واضاف: «لا يوجد تصور واحد، هناك ثلاثة سيناريوهات، وبالتالي لا يجب اغلاق الباب من خلال الحديث عن سيناريو واحد».

ومن جهته، قال المحجوبي أحرضان الامين العام للحركة الوطنية الشعبية، ان الاجتماع الرباعي ليس تحالفا بل مشاورات. وأوضح أحرضان، الذي كان يتحدث امس في اتصال هاتفي مع «الشرق الاوسط» إن لقاء اول من أمس هو عملية «اعادة توازن» الى الخارطة السياسية الحالية.