شارون يرفض تسوية قضية المحاصرين في المقاطعة ويصر على تسليمهم

TT

في الوقت الذي توقع فيه المراقبون ان يبادر رئيس الوزراء الاسرائيلي، ارييل شارون، الى اتخاذ سلسلة اجراءات حسن نوايا تجاه الفلسطينيين عشية لقائه مع الرئيس الاميركي، جورج بوش، في البيت الابيض، رفض شارون مطلبا فلسطينيا لتسوية قضية المطلوبين الموجودين في مقر الرئاسة الفلسطينية. وقال انه مصر على تسليمهم لاسرائيل فردا فردا ولا يرضى بأي حل وسط في الموضوع.

وكانت مصادر سياسية في اسرائيل قد ذكرت ان مسؤولا فلسطينيا توجه الى مكتب شارون مباشرة طالبا انهاء موضوع مقر الرئاسة، حيث ان اسرائيل تواصل فرض رقابة شديدة عليه من جميع الجهات، اذ احتلت بيوتا مطلة عليه من الجهات الاربع. وتزعم انها لا تضرب هذا الحصار بهدف المساس بالرئيس الفلسطيني، ياسر عرفات، بل أكدت ان عرفات يستطيع الخروج من المقر والتجول بحرية اينما يريد في الضفة الغربية وفي قطاع غزة. ولكن عرفات يرفض المغادرة، خوفا من ان تقتحم القوات الاسرائيلية مقره وتعتقل رفاقه المطلوبين، وبينهم شخصيات أمنية بارزة مثل مدير المخابرات العامة في الضفة الغربية، العميد توفيق الطيراوي، وقائد الحرس الرئاسي «القوة 17» ونائبه وغيرهم.

وحسب المصادر الاسرائيلية فان الفلسطينيين الذين يحافظون على الاتصالات مع شارون ومساعديه ارادوا اطلاق عرفات وفك الحصار عنه، فاقترحوا الدخول في مفاوضات حول موضوع المطلوبين، خصوصا ان اوساطاً اسرائيلية كانت قد لمحت الى انها مستعدة للتنازل عن الطيراوي وغيره من الشخصيات البارزة شرط ان يطرد بقية المطلوبين الى قطاع غزة او الى الخارج، وفي حينه رفض الفلسطينيون هذا الطرح، والآن يرفضه شارون، ويضيف ان يده ستطال في النهاية جميع المطلوبين وستعتقلهم. بيد ان الجهات التي سربت النبأ حول الطلب الفلسطيني الجديد، معدودة على القوى العقلانية في المؤسسة الحاكمة في اسرائيل المعنية بوقف التوتر والدخول في مفاوضات سلمية.

ويبدو ان شارون ينوي ابقاء الامور معلقة حتى يصل الى البيت الابيض، فاذا قدم اي تنازل هناك حول الموضوع الفلسطيني، يريد ان يقبض ثمنه من الرئيس بوش فورا، علما بأن بوش طلب شارون للتباحث معه في ثلاثة مواضيع اساسية هي:

ـ العراق: حيث يريد من اسرائيل ألا تشوش على الولايات المتحدة وحلفائها في الحرب على العراق، وألا تشارك في الحرب بأي حال من الاحوال، حتى لو تم قصفها بالصواريخ العراقية، ومقابل ذلك تتعهد الولايات المتحدة ببدء عملياتها في المناطق الغربية من العراق من اجل تدمير بطاريات الصواريخ التي يوجد احتمال ما انها موجودة وقادرة على الاطلاق، بهدف منعها من اصابة اسرائيل. كما ان الادارة الاميركية ستمنح اسرائيل المعلومات وستنسق معها الخطوات، في هذه الحرب، كما لو انها واحدة من دول حلف شمال الاطلسي (الناتو). وهي في الاصل تشركها في العمليات السرية التي تقوم بها قوات كوماندو أميركية داخل العراق، والتي قيل انها وصلت الى بغداد وبدأت تعمل وبين صفوفها عدد من رجال الوحدات القتالية السرية المختارة في الجيش الاسرائيلي.

ـ لبنان: يريد بوش ان يضمن ألا تقوم اسرائيل بفتح جبهة حرب اضافية في الجنوب اللبناني. ولهذا الغرض ارسل مبعوثا اميركيا خاصا الى المنطقة، هو ريتشارد لاوسن، الذي قام امس بجولة في نهر الوزاني للاطلاع عن كثب على مشكلة سحب المياه منه وتزويد القرى اللبنانية في المنطقة بها. وعلم ان هذه المشكلة لم تعد قائمة بحدة، اذ ان وزير الخارجية شيمعون بيريس ابلغ الادارة الاميركية، أمس، بأن اسرائيل توافق على تسوية هذا الموضوع بعيدا عن الاضواء.

ـ فلسطين: هنا يطلب بوش من اسرائيل اولا ألا تصعد من التوتر حاليا وثانيا ألا تستغل الحالة الحربية لتنفيذ اجراءات ذات طابع جذري (مثل اجتياح شامل لقطاع غزة او اعتقال عرفات او طرده او اقتحام المقاطعة او تنفيذ عمليات اغتيال لشخصيات بارزة وهكذا).

وقبل ان يصل شارون الى واشنطن، حرصت الادارة الاميركية الى ارسال انتقادات لسياسته في المسار الفلسطيني، واعربت عن تذمرها من الممارسات الاخيرة في قطاع غزة (مجزرة خان يونس مثلا) وطلبت من شارون «المزيد من ضبط النفس».

يذكر ان لقاء بوش ـ شارون سيعقد في البيت الابيض يوم الاربعاء المقبل. وعقد شارون لقاء تشاور، مساء امس، لوضع اللمسات الاخيرة على وثائقه واستعداداته للقاء.