لبنان ينفي الخضوع لضغوطات أميركية لحصر استخدامه للوزاني بمياه الشرب

بيضون: الأميركيون يعترفون بحق لبنان لكنهم يفتشون عن مخرج لتبريد الأجواء

TT

نفى لبنان امس خضوعه لضغوطات اميركية اجبرته على حصر استخداماته لمياه نهر الوزاني لاغراض الشرب فقط دون الري. وأكد قبلان قبلان المدير العام لمجلس الجنوب الذي يقوم بمشروع لبنان الثاني على نهر الوزاني لـ «الشرق الأوسط» ان الارقام المتداولة حول استفادة لبنان من مياه النهر تقديرية واقل من المعلن بكثير، كاشفاً «عن قدرات كبيرة للمضخات الموضوعة على النهر قادرة على سحب نحو 8 ملايين متر مكعب سنوياً مع ان لبنان سيكتفي حالياً بسحب نحو مليوني متر مكعب الى اربعة ملايين».

وقد جال مبعوث وزارة الخارجية الاميركية الخبير المائي ريتشارد لاوسن على المشروع اللبناني عند الوزاني، وفي خطوة لافتة، جال ايضاً على مجرى نهر الحاصباني الذي ينبع مع الوزاني من لبنان ويصبان في بحيرة طبريا.

ونفى قبلان لـ «الشرق الأوسط» ما ذكرته بعض الصحف اللبنانية امس من ان تعليمات اعطيت من اجل وقف تركيب القساطل المخصصة للري الزراعي والموجهة الى خزان بلدة الطيبة. وعزت هذه الصحف هذا الموقف الى ملاحظات اميركية ابرزها تقرير وضعه لاوسن يقول انه وفقاً لاتفاقات تنظيم مياه الانهر غير المخصصة لاغراض ملاحية، لا يجوز تجميع مياه نهرين في دولة واحدة في خزان او حوض واحد، ذلك ان مياه الري من نهر الليطاني تصب في خزان الطيبة. وقال: «هناك الكثير من الكلام، لكن الخلفية هي ان المشروع ينفذ وفقاً للتصميمات الاولية التي وضعت في اول الامر».

وقلل قبلان من دقة الارقام المطروحة لبنانياً حول استفادة لبنان من مياه الوزاني معتبراً انها «تقديرية» ولا تقتصر على الوزاني وحده بل تشمل الحاصباني والآبار الارتوازية، مشيراً الى ان لبنان ينفذ مشروعين فقط على الوزاني اولهما اقيم السنة الماضية ويسحب نحو 500 الف متر مكعب سنوياً لري بعض القرى المحيطة بالوزاني عبر انابيب قطرها اربع بوصات فقط والثاني هو الجاري تنفيذه الآن بقطر 16 بوصة والذي سيتم من خلاله ضخ مليوني متر مكعب الى اربعة ملايين سنوياً وفق الحاجة، كاشفاً عن ان المضخات الموضوعة على النهر قادرة على سحب نحو 8 ملايين متر مكعب.

واذ اشار الى غياب الارقام الدقيقة لبنانياً لكميات المياه المسحوبة من حوض الوزاني والحاصباني، قال قبلان: «ان لبنان يضخ المياه الى القرى، واذا احتاجها بعض السكان لري مزروعاتهم فلن امنعهم، لانني لا استطيع ان امنع الماء عن مزارع يريد زرع الملوخية في ارضه». واكد وزير الطاقة والمياه محمد عبد الحميد بيضون بدوره ان حق لبنان من مياه الحاصباني والوزاني «لن يتوقف عند مرحلة اولى او ثانية انما هناك حق كامل يجب ان نحصل عليه».

وقال في مؤتمر صحافي عقده في جنوب لبنان امس: «ان الاميركيين يعترفون بحق لبنان لكنهم يفتشون عن مخرج لتبريد الاجواء التي سببتها التهديدات الاسرائيلية والداعية الى وقف المشروع»، مشيراً الى ان حصة لبنان من مياه النبع 35 مليون متر مكعب بحسب تقرير جونسون عام 1955 (الخبير الاميركي الذي زار المنطقة في الخمسينات لبحث موضوع المياه)، مذكراً بأن عدد السكان ارتفع اضافة الى وجود 400 الف فلسطيني هجرتهم اسرائيل الى لبنان وهذا ما يزيد حاجته الى المياه داعياً الى الاحتكام الى القانون الدولي.

وكان الخبير الاميركي ريتشارد لاوسن صباح امس في منطقة نبع الوزاني في جولة هي الثانية لمسؤول اميركي بعد زيارة الخبير جيم فرنكوفيتش في 16 سبتمبر (ايلول) الماضي. ورافقه في جولته هذه نائب الممثل الشخصي للامين العام للأمم المتحدة في لبنان عمران رزق وعدد من الخبراء الدبلوماسيين في الاتحاد الاوروبي فيما غاب عنها اي مسؤول رسمي لبناني، عكس الزيارة الاولى التي ضمت مسؤولين في مجلس الانماء والاعمار ومجلس الجنوب ورئاسة الحكومة.

ووصل الخبير لاوسن والوفد المرافق له قرابة التاسعة والنصف صباحاً الى منطقة نبع الوزاني وتفقد ضفاف النبع فيما كان العمال اللبنانيون يضعون اللمسات الاخيرة على اعمال انجاز غرفة المضخات وصيانة قساطل الضخ.

وراقب لاوسن مجرى النبع دون ان يتقدم الى مكان وجود المضخة الاسرائيلية وكان يحمل خرائط في يده، وحال الطوق الامني التي فرض حوله دون تنقله قرب النبع ولوحظ انه كان ينظر الى علم لـ «حزب الله» رفع قرب المضخة وعندما هم بالدخول الى الغرفة التي وضعت فيها مضختا المياه، وجد بابها مقفلا فعاد ادراجه مكتفياً بمراقبة بلدة الغجر السورية المحتلة والمقسمة بين لبنان واسرائيل والتي غاب عنها امس اي تحرك عسكري اسرائيلي.

بعد ذلك انتقل لاوسن والوفد المرافق الى موقع اقامة الخزان المركزي لتجميع المياه عند المدخل الغربي لبلدة الوزاني حيث تقوم ورشة كبيرة بانجاز الاعمال في غرفة توزيع المياه التي وضعت فيها 5 مضخات وبمحاذاتها المكان الذي سيقام فيه احتفال تدشين المشروع في 16 الحالي. ودخل لاوسن الى غرفة الضخ حيث الخزان المركزي، ومكث فيها قرابة الخمس دقائق قبل ان يقترب من الخزان المركزي ويراقب الاعمال التي تنجز فيه.

ورفض لاوسن الرد على اسئلة الصحافيين حول الهدف من زيارته، ليغادر المنطقة بعد عشر دقائق من وجوده عند الخزان المركزي، متوجهاً الى منطقة نهر الحاصباني، حيث تفقد نبع الحاصباني ومحطة ضخ المياه التي تغذي حاصبيا بمياه الشفة. كما راقب النبع مستعيناً بخريطة كانت في حوزته غادر بعدها في اتجاه بيروت دون الادلاء بأي تصريح. وتواصلت الاشغال على نبع الوزاني من قبل ورش مجلس الجنوب، تمهيداً لانجاز المشروع وتدشينه يوم الاربعاء المقبل كما تواصلت الاعمال في حوض النبع ومحيط الخزان المركزي.

وقد اكد «حزب الله» امس دعمه لورشة العمل المستمرة في مياه الوزاني، مؤكداً انه جاهز للدفاع بكل قوة عن هذا المشروع او غيره. وقال رئيس المجلس السياسي للحزب، الشيخ هاشم صفي الدين في احتفال للحزب في البقاع اللبناني امس: «ان الهدف من التحرك الاميركي تخفيف كمية المياه وعندما رأى الاميركي اننا موحدون وقد قمنا بالتجربة تنازل عندما رأى اننا اقوياء. وهو يحاول اليوم اقناع اللبنانيين بالاستفادة بكمية قليلة من المياه». واضاف: «نحن نقول ان الخلاف هو على النبع وليس على المياه الجوفية وليس صحيحاً احتساب المياه الجوفية على انها من الوزاني فهي حق بكل الاعراف الدولية ولن تستطيع اي جهة ان تمنع اللبنانيين من الافادة من حقهم في المياه سطحية كانت ام جوفية وهناك كمية كبيرة من المياه الجوفية تحت الوزاني والحاصباني هي من حق اللبنانيين ولم نصل الى 10 في المائة بعد من حقنا». مشيراً الى آبار «حفرها الصهاينة على الحدود اللبنانية السورية هي من حقنا وهو احد انماط سرقة المياه».