100 ـ 150 ألف تقديرات عدد السجناء المفرج عنهم في العراق.. وبغداد تأمر سفاراتها بتسهيل عودة المنفيين

TT

للمرة الاولى منذ 23 عاما في حكم الرئيس العراقي صدام حسين، أخليت السجون العراقية بعد قرار الافراج عن السجناء السياسيين والمدانين بارتكاب جرائم الذي اصدره الرئيس صدام حسين اول من امس. وتقدر مصادر غير رسمية عدد المفرج عنهم ما بين 100 الى 150 الف سجين وموقوف.

وفيما وصف بانه اجراء يهدف الى «تطهير السجون»، قال منذر النقشبندي وزير العمل والشؤون الاجتماعية العراقي «لا يوجد بالعراق كله سجين او معتقل». واشار الى ان ابواب السجون اغلقت في كافة انحاء البلاد «وهي الان خالية تماما من النزلاء». واكد الوزير في مؤتمر صحافي ان الرئيس صدام امر ايضا باطلاق سراح الذين تتعلق قضاياهم بالقتل، شريطة ان يتم الصلح مع ذوي المجني عليه، واطلاق من بذممهم دين للدولة او للاشخاص شريطة تسوية الدين الذي بذممهم خلال شهر واحد. وقال الوزير ان القيادة العراقية بصدد دراسة اجراءات لتسهيل تسديد الاموال المرتبة بذمة المشمولين بالعفو. واهاب بذوي المجني عليهم الاستجابة لدعوة التسامح والعفو وازالة العثرات امام مسيرة هؤلاء. ويشمل قرار العفو ايضا الذي صدر بعد فوز صدام حسين بنسبة 100 في المائة في استفتاء تجديد ولايته، الهاربين من الخدمة العسكرية اضافة الى سجناء عرب بينهم كويتيون. لكن ليس من الواضح ما اذا كان هناك بين المفرج عنهم كويتيون من المفقودين في حرب الخليج عام .1991 وتطالب الكويت والامم المتحدة بغداد بتطبيق قرارات مجلس الامن بتحديد مصير ما يقرب من 600 مفقود كويتي، لكن العراق يقول انه لا يعرف مصيرهم. واوضح النقشبندي ان هناك لجانا شكلت لدراسة ملفات المحكومين العرب الذين شملوا بالعفو لاطلاق سراحهم في اقرب وقت. مؤكدا ان عددهم محدود جدا.

واستبعد المرسوم العراقي السجناء المدانين في قضايا تجسس لصالح اسرائيل او الولايات المتحدة. وقال المرسوم ان المدانين والمحكوم عليهم في قضايا القتل سيظلون خلف القضبان الى ان يعفو اقارب الضحايا عنهم. ولا توجد ارقام رسمية بشأن عدد السجناء الذين شملهم العفو. وافرغت السجون في ابو غريب والموصل والحلة وسجن النساء في بغداد، اضافة الى مراكز الشرطة والتسفيرات. وقال شهود ان سجن أبو غريب المعروف المحتجزة به غالبية السجناء السياسيين، اخلي فعليا بعد الافراج عن الاف السجناء، واضافوا ان من بين المفرج عنهم احد رجال الدين الشيعة الكبار من مدينة كربلاء.

وقللت الولايات المتحدة من اهمية عملية الافراج الشامل عن السجناء في العراق بمن فيهم السياسيون، وزعمت ان الكثيرين من الذين افرج عنهم حديثا سيعودون الى السجن قريبا. وقال كولن باول وزير الخارجية الاميركي في تصريح له بهذا الصدد «ان القرار العراقي ما هو الا لعبة سياسية اقدم عليها صدام حسين من اجل الفوز بدعم محلي ودولي». واضاف ان الكثير من معارضي الرئيس العراقي يمكن ان يعاد اعتقالهم في وقت قريب. وتساءل قائلا «هل لاحد ان يعتقد انه لو كان هؤلاء الاشخاص يشكلون خطرا على نظام الحكم يمكن ان يسمح لهم بالخروج والبقاء خارج السجن، أم انهم سيزج بهم ثانية في السجون في غضون ثلاثة ايام؟».

من جهة ثانية اعلنت بغداد انها امرت سفاراتها في الخارج بتسهيل عودة العراقيين في المنفى المحكوم عليهم او الملاحقين قضائيا، وذلك اثر العفو الذي اصدره الرئيس العراقي اول من امس. وقال رئيس الدائرة العربية في وزارة الخارجية طالب الدليمي ان «التعليمات صدرت الى جميع السفارات العراقية في الخارج لاتخاذ جميع الاجراءات اللازمة بشأن تقديم التسهيلات للعراقيين الراغبين في العودة الى الوطن». واضاف الدليمي في حديث مع تلفزيون الشباب الذي يشرف عليه عدي صدام حسين، النجل الاكبر للرئيس العراقي، مساء الاحد «ان السفارات العراقية هي بيوت للعراقيين جميعا، وان المسؤولين فيها يبذلون اقصى طاقاتهم لتذليل الصعوبات التي تواجه العراقيين في الخارج».

وكان معارضون عراقيون في المنفي تلقوا بارتياب نبأ العفو الصادر عن الرئيس العراقي بعد فوزه في استفتاء 15 اكتوبر (تشرين الاول) للتجديد له لولاية اخرى من سبع سنوات على رأس الدولة. واعلن تلفزيون العراق امس ان «العراق خال هذا اليوم من اي سجين او موقوف». وثبت التلفزيون هذه العبارة خلال عرضه لقطات مطولة عن عملية اطلاق سراح السجناء والموقوفين. من جانها كتبت صحيفة «نبض الشباب» الاسبوعية تحقيقا مصورا عن عملية اطلاق سراح السجناء تحت عنوان بارز يقول «وابيضت السجون». وقالت صحيفة «الجمهورية» الحكومية ان العفو «لا يدع مجالا لمن يذرف دموع التماسيح على حقوق الانسان من افراد جوقة النفاق التي تحاول تلبس مسوح الحملان الوديعة وهي تنطوي على قلوب اقسى من قلوب الذئاب وتقطر حقدا على العراق واهله». اما صحيفة «الثورة» الناطقة باسم حزب البعث، فكتبت تحت عنوان تصدر صفحتها الاولى «لا سجين في عراق الحر صدام حسين»، وقالت صحيفة القادسية «مكرمة كبرى من القائد الحبيب تفتح ابواب العفو والتوبة والبصيرة»، فيما اعتبرت صحيفة «بابل» ان العفو «ضربة قوية توجه الى جميع الاعداء».