خطة «خريطة الطريق» الأميركية تدعو لعقد مؤتمرين دوليين للسلام

TT

وصل وليام بيرنز مساعد وزير الخارجية الاميركي الى اسرائيل واراضي السلطة الفلسطينية اول من امس، في محاولة لاقناع القادة الاسرائيليين والفلسطينيين بقبول خطة «خريطة الطريق» الاميركية لتحقيق السلام واقامة دولة فلسطينية بحلول عام 2005. ويبدو ان هذه الوثيقة وهي في مرحلة المسودة، كما ذكر الاسرائيليون، هي اكثر الخطط التي صاغتها الادارة تفصيلا حتى الآن، لاعادة الطرفين الى طاولة المفاوضات.

وتدعو الخطة التي تتكون من ثلاث مراحل، القيادة الفلسطينية، ضمن اجراءات اخرى، الى تعيين رئيس وزراء «بصلاحيات واسعة»، وصياغة دستور، واعلان الوقف الفوري للانتفاضة المسلحة «وكل اشكال العنف ضد الاسرائيليين في كل مكان»، وكل ذلك في اطار المرحلة الاولى من الخطة.

وتطالب الاسرائيليين كذلك بتقديم تنازلات اثناء المرحلة الاولى، بما فيها تخفيف عمليات حظر التجول وغير ذلك من القيود المفروضة على الفلسطينيين، وايقاف «الهجمات على المناطق المدنية»، والانسحاب الى مواقع ما قبل 28 سبتمبر (ايلول) 2000، اي قبل بداية انتفاضة الاقصى واخيرا وقف عمليات الاستيطان الجديدة.

وترى الخطة اقامة دولة فلسطينية بحدود مؤقتة في نهاية العام المقبل، تتبعها محادثات حول الحدود النهائية.

وتعرضت هذه الوثيقة للنقد من كل الجهات. وصرح دبلوماسيون في اسرائيل انها دخلت منذ الآن في مرحلة التعديلات. ويطلب شركاء الولايات المتحدة في عملية السلام (اللجنة الرباعية)، وهم روسيا والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة، ادخال تعديلات تطالب اسرائيل بمنع المستوطنين من ارتكاب اعمال العنف ضد الفلسطينيين.

ومع ان مبادرات الادارة لتحقيق السلام ظلت على الدوام تستقبل بشكوك قوية، الا ان هذه الشكوك تصاعدت حاليا، اذ ينظر الجانبان الى جهود الرئيس الاميركي جورج بوش باعتبارها محاولة لتهدئة الاحوال في وقت تستعد فيه الادارة لشن الحرب ضد العراق.

وكان الرئيس بوش قد سلم نسخة من الخطة الى رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون اثناء اجتماعه به في البيت الابيض الاسبوع الماضي. ولكن شارون تعمد ان يقول لزواره خلال الايام الماضية انه لم يعبأ حتى بقراءتها. وقال رعنان غيسين، الناطق باسم شارون، ان الحكومة الاسرائيلية تعكف على اعداد مذكرة بالتغييرات التي ترى ادخالها على الخطة.

وأضاف «هناك بعض الاشياء التي ينبغي توضيحها. وقبل التحرك نحو المرحلة الثانية، او الاستجابة للجدول الزمني الثاني، يجب ان تكون هناك ضمانات بأن المرحلة الاولى نفذت بالفعل».

ويخشى المسؤولون الاسرائيليون ان يكون الرئيس بوش قد خفف المطالب التي عبر عنها في يوليو (حزيران) الماضي القاضية بأن يستبدل الفلسطينيون ياسر عرفات «بقادة لم يلطخ الارهاب سمعتهم». وان يقيموا نظاما ديمقراطيا قبل الرجوع الى طاولة المفاوضات.

من جانب آخر فان الادارة لم تزود القيادة الفلسطينية بنسخة من مقترحاتها مسبقا بل تسلمها خلال اجتماع صائب عريقات، كبير المفاوضين على رأس وفد كبير امس خلال اجتماعه مع بيرنز. وقال صائب عريقات «ان بعض الدبلوماسيين من ذوي النوايا الحسنة وضعوا بعض التصورات لانهاء النزاع. وان هذه التصورات ظلت خطوطا على الورق لانها تفتقر الى ثلاثة عوامل: اولا، آلية للتنفيذ، ثانيا، وضوح الجدول الزمني، وثالثا، وجود مراقبين على الارض».

ومع ان الخطة الاميركية تضع جدولا زمنيا عاما، الا انها غامضة حول مسألة المراقبين الدوليين لحماية الفلسطينيين. ويذكر ان شارون يعارض الجداول الزمنية في مثل هذه الاتفاقيات، مصراً على ان التقدم يجب ان يكون مرتبطا بالتطبيق والمسلك على الارض. ويقول المسؤولون الاسرائيليون ان المراقبين سيتحيزون ضد اسرائيل كأمر طبيعي، لأن مراقبة نقاط التفتيش الاسرائيلية اسهل من مراقبة مصانع القنابل الفلسطينية.

واتسمت الوثيقة بالغموض في ما يتعلق بقضايا اساسية مثل الترتيب الدقيق لبعض الخطوات. ولكن في المرحلة الاولى سيكون الفلسطينيون مطالبين بتعيين رئيس الوزراء قبل ان يجمد الاسرائيليون المستوطنات.

وفي خطاب القاه في مؤتمر حزبه الليكود، اول من امس، قال شارون انه مستعد لتقديم بعض التنازلات من اجل الوصول الى اتفاق. واضاف شارون وسط صيحات من الاستنكار «نحن نعرف ثمن السلام، وحزب الليكود على استعداد لدفع هذا الثمن».

ومع ان شارون وافق على مبدأ اقامة الدولة الفلسطينية، الا ان قيادة حزبه رفضت الفكرة. وقال شارون انه يدرس خطة السلام الجديدة، «ولكن عصابة الارهاب والقتل، (يقصد عرفات ومساعديه) اثبتت مرة اخرى، انهم لا يرغبون في الوصول الى حل وسط ولا يريدون السلام».

ويشار الى ان السلطة الفلسطينية قررت اجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في يناير (كانون الثاني) المقبل، لكن المسودة الاميركية تتحدث فقط عن انتخابات تشريعية في وقت ما من العام المقبل. وتخشى ادارة بوش ان يفوز عرفات بالرئاسة لدورة اخرى في حالة اجراء انتخابات رئاسية، مما يعرقل جهودها لتخطيه واهماله.

بعد اجراء الانتخابات الفلسطينية ستبدأ المرحلة الثانية التي ستستمر من يونيو (حزيران) الى ديسمبر (كانون الاول) من العام المقبل. وستنتهي هذه المرحلة «بإقامة الدولة الفلسطينية بحدودها المؤقتة». وسيعقد مؤتمر عالمي لدفع هذه العملية الى الامام.

وفي المرحلتين الثالثة والاخيرة، سيعقد مؤتمر عالمي ثان عام 2004 للشروع في مناقشة قضايا الحل النهائي من بينها القدس. وكجزء من التسوية النهائية تتوقع الخطة قبول الدول العربية باقامة علاقات طبيعية مع اسرائيل.

وقال يوسي بيلين من حزب العمل الاسرائيلي وأحد مهندسي اتفاقيات اوسلو، ان خطة بوش تشارك اتفاقيات اوسلو في نقطة ضعف محددة: «احدى نقاط ضعف اوسلو كانت الفترة الانتقالية. فقد اعطت هذه الفترة المعتوهين في الجانبين الفرصة لنسف الاتفاقيات. وهم يحاولون تطويل هذه الفترة الآن».