مجلس الأمن يستأنف اليوم مناقشاته الرسمية للمشروع الأميركي حول العراق والجلسة الأولى عكست مواقف متعارضة بين الخمسة الكبار رغم التعديلات

TT

يستأنف مجلس الامن الدولي اليوم مناقشات رسمية بدأها اول من امس حول مشروع قرار لنزع اسلحة العراق قدمته الولايات المتحدة بدعم من بريطانيا.

وقال السفير الاميركي لدى الامم المتحدة جون نيغروبونتي ان «تعليقات اولية» صدرت في جلسة المجلس اول من امس على مشروع القرار الذي يقضي بتشديد نظام التفتيش المرتبط بازالة اسلحة العراق. ورفض التكهن في تصريحات للصحافيين بموعد طلبه تصويتا على مشروع القرار الذي صاغته بلاده ولا يحظى بتأييد الاغلبية المطلوبة. لكنه اضاف «اني موافق على ان الوقت يمر وان على مجلس الامن ان يعمل باقصى سرعة ممكنة» مضيفا ان مشاورات الجمعة «قد تستمر طيلة النهار».

اما السفير البريطاني جيريمي غرينستوك فتحدث من ناحيته عن «عملية قد تستمرعدة ايام». واوضح خصوصا ان المجلس يريد الاستماع الى هانز بليكس، رئيس المفتشين الدوليين لنزع الاسلحة العراقية والذي لن يكون في نيويورك قبل الاثنين المقبل.

وكشفت المناقشات التي جرت اول من امس في جلسة مغلقة واستمرت ثلاث ساعات واطلعت «الشرق الأوسط» عليها عن خلافات عميقة بين الاعضاء الخمسة دائمي العضوية في المجلس. ففي تقديمه مشروع القرار قال السفير الأميركي «لقد عقدنا اجتماعات قليلة مع الأعضاء الخمسة وحاولنا بقدر الامكان أن نتوصل إلى تفاهم في الرأي ثم طلبت منا الامانة العامة (للامم المتحدة) توزيع النص». واضاف «أن النص المقدم هو روقة عمل وليس مشروع قرار يقدم إلى التصويت».

واعتبر نيغروبونتي « ان انقسام مجلس الأمن سوف يوجه رسالة خاطئة إلى العراق والعالم وعلينا أن نعمل بأسرع ما يمكن لاعتماد القرار». أما السفير البريطاني فقال «إن المشروع يحذر العراق من أنه يقف على حافة الهاوية ويمنح فرصة أخيرة للعراق قبل أن يواجه العواقب الوخيمة وأن المشروع يتضمن عرضا صادقا إلى العراق». ورأى السفير الفرنسي جان ديفيد لفييت «ان بعض التقدم قد أحرز في مشروع القرار، لكنه لم يزل يتضمن بعض النقاط الغامضة التي تحتاج إلى الوضوح «وأضاف السفير الفرنسي» إن المشروع يوجه بندقيتين وليست واحدة. البندقية الاولى تنطلق من الفقرتين 11 و 12 وهناك بندقية أوتوماتيكية تكمن في الفقرة الأولى وإذا بقيت في النص فانها ستفتح النار لأنها اتوماتيكية وهي خطيرة». وشدد على أهمية إزالة الغموض من نص مشروع القرار وعلى أهمية أن تكون رسالة مجلس الأمن إلى بغداد واضحة وحازمة وقال « يجب أن تخلو من الصعوبة والإبهام الذي قد يقود إلى العمل العسكري وأن هذا الاجتماع هام لأنه يتعلق بمسألة الحرب والسلم»، وأشار إلى استعداد فرنسا إلى تقديم نص مشروع قرارها الذي لم تقدمه رسميا إلى مجلس الأمن. أما السفير الروسي سيرغي لافروف فسجل احتجاجه على مشروع القرار الأميركي قائلا « درسنا الموضوع بجدية ولن نوافق على الاستخدام التلقائي للقوة أو على المقترحات التي تفرض على المفتشين ظروفا أو شروطا غير مقبولة». ومضى قائلا «إن نص مشروع القرار لا تزال فيه أحكام توافق على استخدام اوتوماتيكي للقوة ونرى أن هناك صعوبة شديدة في العمل على أساس نص المشروع الأميركي البريطاني فالكثير من أحكام المشروع تشمل على عبارات من قبيل (الانتهاك المادي) دون وجود أدلة قاطعة عليه»، واعتبر ان التعديلات التي ادخلتها واشنطن على مشروع القرار لم تغير شيئا جوهريا.

وحدد السفير الروسي موقف موسكو قائلا « إن روسيا تعارض إصدار قرار جديد ولكننا على استعداد للتعامل مع الموقف على الأرض والنظر إلى قرارات جديدة تؤكد بشكل حازم على القرارات السابقة ذات الصلة وتعزز مهمة المفتشين». وأيد اقتراح فرنسا بتقديم مشروع قرارها المعدل الذي يستند أساسا إلى نص رسالة رئيس لجنة انموفيك هانز بليكس ومدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي إلى الحكومة العراقية. وشدد السفير الروسي على ضرورة حل المسألة العراقية بتسوية شاملة تتضمن رفع العقوبات المفروضة على العراق.

وتوزعت مواقف الأعضاء العشرة غير الدائمين في المجلس اثناء المناقشات بين المواقف الأميركية والفرنسية والروسية. فالتزمت المكسيك والنرويج وايرلندا جانب الموقف الفرنسي في الدعوة إلى التعامل مع الأزمة العراقية على مرحلتين. في حين سجلت دول أخرى مواقف غامضة تبدو أكثر ميلا إلى الموقف الأميركي والبريطاني، وانفردت سورية، العضو العربي الوحيد في المجلس، بالوقوف اإلى جانب روسيا. واكد السفير السوري ميخائيل وهبة معارضة سورية لأي قرار يأذن باستخدام القوة العسكرية بصورة اتوماتيكية وقال «لقد أعلنا في العديد من المرات إصرارنا وتأكيدنا على ضرورة حل جميع المسائل المتعلقة بتطبيق قرارات الأمم المتحدة في العراق في إطار الأمم المتحدة بالذات وفي الطرق السلمية». وأضاف «إن وفدنا يعيد التأكيد على أن القرارات الحالية المتوفرة بين يدي أعضاء المجلس والجوانب التي تم الاتفاق عليها بين انموفيك والوكالة الدولية من جهة والسلطات العراقية من جهة أخرى تكفي وتلبي حاجات القيام بتفتيش يتم من خلاله تنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بشأن العراق». واعتبر أن المشروع الأميركي يحتاج إلى إعادة النظر، خصوصا أن هناك فقرات فيه تنص على الاستخدام التلقائي للقوة العسكرية.